هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الثاني
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الثاني.
في هذا المقال نواصل مناقشة سؤال مثير للجدل: هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ في الجزء الأول، أشرنا إلى المؤتمر الذي عُقد في بغداد برعاية التحالف الذي أسقط نظام الحكم في العراق، والذي حمل معه رؤى متباينة حول مستقبل البلاد.
في سلسلة مقالات حول هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي| وهذا هو الجزء الثاني من المقال كما جاء في الجزء الأول تحدثنا عن المؤتمر الذي عقد في بغداد برعاية التحالف الذي اسقط نظام الحكم في بغداد.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الثاني |
المؤتمر لم يتحدث مطلقا عن نظام فدرالي؟؟؟ الجميع كان متمسكا بوحدة العراق أرضاً وشعباً والاتجاه العام كان مع نظام مختلط شبه رئاسي، وانتخابات ديمقراطية، ودستور جديد عند توفر شروط النجاح لهما.
مؤتمر بغداد: رؤى وتحديات.
خلال المؤتمر، لم يتم التطرق إلى النظام الفدرالي، حيث كان الجميع متمسكًا بوحدة العراق أرضًا وشعبًا. الاتجاه السائد كان نحو إقامة نظام مختلط شبه رئاسي، مع التركيز على انتخابات ديمقراطية وصياغة دستور جديد إذا توافرت الظروف المناسبة لتحقيق ذلك.
الأولويات في ذلك الوقت كانت واضحة:
- وقف الفوضى المنتشرة في أنحاء البلاد.
- إنهاء تدمير البنية التحتية الذي كان يحدث أمام أعين القوات الأمريكية.
- إطلاق حملة إعمار شاملة تشمل الكهرباء والخدمات الأساسية.
- حماية وحدة العراق الجغرافية والسياسية.
التغييرات داخل التحالف: مرحلة بريمر.
ما حدث لاحقا كان تغيير يرقى إلى انقلاب داخل صف التحالف. حيث نحي كارنر ممثل وزارة الدفاع الأمريكية، وحاكم العراق ، والذي يمارس واجباته باعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة. عليها ان تلتزم بواجبات المحتل. التي يفرضها القانون الدولي.
ما حدث لاحقًا يمكن وصفه بانقلاب داخلي في صفوف التحالف. تم تنحية كارنر، الذي كان يُمثل وزارة الدفاع الأمريكية، ليتم تعيين بول بريمر كحاكم مدني. كان هذا التحرك محاولة لتجميل صورة الاحتلال أمام العالم، لكنه جاء بنتائج مثيرة للجدل.
قرارات أثارت الجدل:
- حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية.
- تطبيق سياسة الاجتثاث التي وُصفت بأنها فاشية.
- دمج الميليشيات في مؤسسات الدولة.
- توزيع الأموال بطريقة عززت الولاءات السياسية والطائفية.
دور لندن وطهران: أدوار متشابكة.
يبدو أن بريمر سلم مفاتيح القرار لكل من لندن وطهران. قراراته، بدءًا من حل الجيش وصولًا إلى تشكيل الدولة، كانت انعكاسًا لضغوط هاتين العاصمتين. القوى الإسلامية القادمة من لندن، والتي يهيمن عليها حزب الدعوة، استغلت التحالف مع الاحتلال للوصول إلى السلطة والمال، متناسية شعاراتها السابقة.
التحالف يحتاج الى حلفاء يعتمد عليهم، وبالتشاور مع ( ايران ). اتخذ من مجموعة اورپا التي تصدرها مجموعة قادمة من لندن، وهي إسلامية يهيمن عليها حزب الدعوة حليف له. التحالف مع المحتل رحبت به هذه القوى السياسية، وأدركت أن تشكيل دولة بأسرع، وقت هو أسهل الطرق للوصول للسلطة، والمال.
تناست برغماتية عالية شعارات الشياطين، واحتضنت الكفرة ، وتشاركت معهم موائد الفسنجون. مع سكوت ضمني من النجف التي تفهم السياسات البريطانية اكثر من الأمريكية... دفع العراق الى مشروع حكم غيبي سلفي؟ يبدوا ان السيد بريمر سلم الزمام للندن وطهران؟
وجلس يوقع على ما يملون عليه. كما حصل مع قرارات حل الجيش، والاجهزة الأمنية. وقرار الاجتثاث الفاشي، ودمج المليشيات، وتوزيع الأموال عليها. والكثير من القرارات التي أسست للجماعات السياسية المسلحة. التي بدأت بالتوالد للوصول للمال العام.
تكوين سلطة جديدة: تشظٍ سياسي واضح.
فاصبح حزب الدعوة ثلاثة أحزاب، والمجلس الاعلى اكثر من سبعة تنظيمات؟ وهلم جرى من الواضح ان المملكة المتحدة التي كانت دائما ملجأ للأخوان المسلمين السنة ،والشيعة؛ وجدت في العراق أرض.
التغيرات السياسية أفرزت مشهدًا جديدًا في العراق:
- تحول حزب الدعوة إلى ثلاثة أحزاب.
- انقسام المجلس الأعلى إلى سبعة تنظيمات على الأقل.
- ظهور جماعات سياسية مسلحة تتصارع للسيطرة على المال العام.
هذه التغيرات وضعت العراق في مسار معقد، حيث تداخلت المصالح المحلية مع الأجندات الإقليمية. يمكن أن يشكلوا به دولة لهم. وكان البعض من الشخصيات المدنية القادمون من لندن بخلفية قومية. ومنبت برجوازي يحمل حقد تاريخي مشاركاً لهذه القوى، وقد استخدمتهم القوى الإسلامية. واجه مؤقتة لخداع العراقيين . يمكن التخلص منها لاحقا بعد استلام زمام السلاح والمال في الدولة العراقية.
هكذا بدأ هذا التحالف المعوق حكم العراق ؟؟؟ الذي استغرق من الزمن لحد الآن اكثر من المنطق التاريخي،واستمر اكثر من أشباهه في مصر وتونس . لأسباب معروفة منها محلية واخرى إقليمية .
هل يمكن إصلاح النظام؟
النظام الحالي يعاني من عيوب بنيوية، ويبدو أن الأسباب المحلية والإقليمية لعبت دورًا في استمراره لفترة أطول مما هو منطقي. التحديات التي تواجه العراق اليوم تتطلب إرادة سياسية حقيقية لإعادة بناء الدولة على أسس قوية.
يتبع...
بقلم الكاتب رياض البياتي.