هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي| الجزء الأول.
الأزمة السياسية الحالية التي يمر بها العراق تدفعنا للتساؤل عن العمر التشغيلي والافتراضي للنظام السياسي الحالي واليكم الجزء الأول. وعن الظروف التي جرى تأسيسه به؟ وهذا ما سوف أتناوله بسلسلة من المقالات عن ما جرى في العراق منذ عقدين تقريبا. وادعوا الأصدقاء المتابعين من الذين يملكون معلومات أن يضيفوا في تعقيباتهم على هذه السلسة من المقالات المهمة.
في28 نيسان 2003 بعد إسقاط النظام السابق عقد في بغداد مؤتمر للشخصيات العراقية المعارضة من داخل العراق؟ وكنت احد الحاضرين رغم أني كنت قد تعرضت للإصابة بطلقات نارية. بسبب تصدي لعصابة من الذين يزعمون انهم من المعارضة حاولت سرقة بنك في مدينة الحلة حيث أصبت بثلاثة إطلاقات نارية في البطن. وأصيب احد أولادي كذلك.
عقد المؤتمر في قاعة المؤتمرات في بغداد برعاية الجنرال جي كارنر الحاكم العسكري للعراق في حينه؟ حضر المؤتمر طاقم كبير من الضباط الفنيين الأمريكان المكلفين بواجب الإعمار من فيلق المهندسين الأمريكي.
وكان لي حديث طويل مع الجنرال المهندس المكلف بملف الكهرباء. الذي اخبرني ان وضع الكهرباء سيء ويحتاج الى 8 مليار للوصول به الى منظومة رصينة. للنهوض بكل متطلبات العراق بمختلف نشاطاته.
كانت لديه فكرة واسعة عن حاجة المواطن وقطاع الصناعة للكهرباء؟
حضرت شخصيات من كل محافظات العراق مع غياب واضح لمعظم القادمين مع المحتل من الخارج؟ راس المؤتمر الجنرال كارنر, وممثل الرئيس الأمريكي السيد سلمان خليل زادة. والسيد وزير الشؤون الخارجية البريطاني وعدد من سفراء جيوش الاحتلال المدنيين؟
عنوان المؤتمر الأول مع الجنرال جي كارنر هو أستطلاع أراء العراقيين؟
كان موضوع المؤتمر هو استطلاع أراء الحضور حول شكل النظام السياسي الذي يريده العراقيون؟ في حينها كانت الآراء تتوزع بين قلة تنادي بعودة الملكية! وغالبية توزعت بين نظام رئاسي! ونظام مختلط وارجحية من الحاضرين كانت مع النظام المختلط.
كان من الواضح ان الأكثر فاعلية في المؤتمر هو وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني. وعندما سألني عن سبب انحيازي الى النظام المختلط. أخبرته أن هذا النظام لم يكن جديدا على العراق. فقد مورس طوال حكم عبد الكريم قاسم الذي كان رئيس للوزراء، ولعدد من المرات في حكم العارفين، وحكم البعث؟
وهو مانع للتغول الذي يمكن أن يؤدي لدكتاتورية جديدة؟ وان طبيعة تكوين وتاريخ, ودين الإسلام يجعل من النظام الرئاسي ممرا لعودة الديكتاتورية. حيث أن ثقافة الحاكم المطلق المفوض من الله سائدة تاريخيا وفي وعي المسلم.
خصوصا في المجتمعات القبلية, والنظام البرلماني صعب التداول, ويحتاج الى دولة مدنية علمانية تؤمن بالليبرالية. وهو ما لا يتوفر بالساسة العراقيين الحاليين, ومن السهولة الالتفاف عليه وتحويله الى نظام مكونات وأثارة الطائفية، والعرقية من خلاله، وتكييف مفاهيمه لخدمة أفكار معينة، وكما يحصل حاليا, وسوف يضيع لحمة الشعب العراقي التي كانت هاجس حكام العراق بمختلف توجهاتهم منذ تأسيس دولة العراق؟
القليل الذي حظر في المؤتمر من القادمين مع الاحتلال لم يقدموا انطباعا جيدا, وبدوا ممسوخين. وهو ما دفع زلماي خليل زادة لتنبيه الحضور اليهم كمقاومين لنظام صدام الذي اجمع كل الحاضرين ان هذا الشرف يستحقه العراقيون أولاً؟ وبلقاء جانبي بعد الغداء مع الجنرال كارنر الذي كان جنرال في القوة الجوية الأمريكية جرى بيننا حديث حول الأمن المنفلت في بغداد.
طلبت منه أعادة الجيش لضبط الأمن، وكان من الذين معي في هذا الحديث كما أتذكر السيدة رند عبد الرحيم؟ وقد اخبرني انه اصدر الأمر فعلا بإعادة الجيش السابق لحفظ الأمن.
وهو ما سوف يتم خلال أسبوعين، وانه يأمل في تعاون ضباط الجيش العراقي في حينها. كنت مصابا بإطلاقات نارية اطلقها علي بعض من الذين يزعمون انهم معارضة عندما منعتهم من سرقة احد البنوك في الحلة.
أخبرته أن الجيش العراقي في تربيته جيش، وطني، وان افتراض كونه جيش تابع لحزب البعث هو خطأ كبير يجب أن يتغير. وان من السهولة أعادة ترسيخ الوطنية بين منتسبيه. انتهى المؤتمر. على أمل الانعقاد في موعد جديد لاستمرار بالتداول حول شكل نظام الحكم وهذا لم يحصل حيث استبدل الجنرال كارنر بالسيد بريمر في شبه انقلاب؟
أدى الى ما وصلنا إليه وهو ما سوف نتناوله في الحلقات القادمة.
يتبع.
بقلم ... رياض البياتي.