recent
أخبار ساخنة

من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

Site Administration
الصفحة الرئيسية
من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973


من مذكرات  الطيارأسامة المهداوي 

حرب تشرين 1973

من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

بقلم/ العميد الطيار 
 اسامة المهداوي

 من مذكرات اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973.  لا يمكن نسيان تلك الاحداث بل لا يمكن نسيان تفاصيلها الدقيقة رغم قصر مدتها الزمنية.  

تلك الاحداث أثرت بشكل كبير في حياتي. أنها أمنية يتشرف بها كل شاب وانسان عربي مسلم غيور على دينه وقوميته العربية ولتاريخها المجيد ولمجدها التليد.

أنا الطيار اسامة محمود المهداوي قد كان لي شرف المشاركة وأن أكون أحد المشاركين بهذه الحرب. وواحد من ابطالها بمواجهة العدو وجهاً لوجه. نقاتل العدو ببسالة. 

أختلطت على تلك الارض العربية دمائنا. فقدنا في اتون الحرب رجالاً مترجلين من طائراتهم. روت دمائهم الطاهرة اديم الارض لتختلط الدماء بإسم الاسلام والعروبة. 

بعد مضي ما يقارب أكثر من اربعة عقود على تلك الحرب قررت أن أكتب مذكراتي انا اسامة المهداوي. أروي لكم عن نفسي وعن إخوة لي في السلاح حينما كنت برتبة ملازم طيار بخبرة لا تتجاوز الخمسمائة ساعة طيران وعمر لا يتجاوز 22 عاماً.

أكتب لكم ذكريات طيار مقاتل عراقي. اكتب لكم ما لم يتم تدوينه من تلك الايام. ذكريات خاصة لم تدون تلك الاحاديث والكلمات. ستظل شاهدة على التاريخ من خلال توثيقها وتعتبر وثيقة مهمة من التاريخ لايمكن التقليل من شأنها.

لقد مضت حرب تشرين المجيدة. التي أعادت للعرب شعورهم بالعزة والكرامة والاقتدار. محت آثار الهزيمة العسكرية والنفسية التي سببتها نكسة حزيران في عام 1967.

كيف تمت مشاركة العراق بحرب تشرين 1973.

لقد زج العراق معظم قواته الجوية والبرية في المعركة عند سماعه اخبار الهجوم على الجولان من وسائل الاعلام وسرت فرحة غامرة بين صفوف المقاتلين بمختلف صنوفهم للمشاركة في هذه المعركة. 

رغم انعدام التنسيق والتخطيط المسبق، وبهذا الفعل صمدت دمشق، وبقيت عصية على الاعداء؛ لقد تحقق هذا الانتصار بدماء الشهداء وعرق المقاتلين من العراقيين والسوريين على حد سواء . 

احيي في هذه الذكرى كل من شارك في تحقيق هذا النصر في الجبهتين السورية والمصرية... التي كان لاسراب الهنتر العراقية القصب المعلى في الضربة الجوية الاولى في سيناء. 

وأود التنويه الى أنني ساسطر اخبار مجموعة الطيارين العاملين في مطار الضمير من خلال التجربة الشخصية فقط لعدم إمكانية الإحاطة بجميع الفعاليات في القواعد الاخرى. 

في أمسية جميلة من أمسيات شهر تشرين وفي صالة السينما الصيفي التي تم تدشينها في قاعدة ابي عبيدة الجوية لاول مرة. 

اثناء عرض فلم فكاهي مصري قديم؛ حضر بعض الضباط الى السينما وطلبوا من السيد آمر القاعدة المرحوم المقدم الطيار"محمد جسام حنش الجبوري" الاجابة على الاتصال الوارد من حركات القيادة.

ما هي إلا لحظات حتى تم إنارة صالة السينما وايقاف عرض الفيلم؟ 

كانت عمليات حرب الاستنزاف مستمرة على طول خط المواجهة مع القوات الاسرائيلية لمدة طويلة. انتشرت أخبار عن حرب دائرة شرق قناة السويس. يبدو أن الحرب قد تجاوزت كونها عمليات حرب الاستنزاف. 

من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

المعنويات كما يصفها اسامة المهداوي.

معنويات الطيارين كما يصفها أسامة المهداوي في "من مذكرات اسامة المهداوي في حرب تشرين 1973. قائلاً ... هنا تسربت إلينا معلومات مفادها:

أن حركات القيادة قد طلبت من أمر القاعدة تهيئة السرب الاول المسلح بطائرات السوخوي SU-7 والاستعداد للحركة الى سوريا والمشاركة بالحرب القائمة التي بدأت لتوها في يوم الجمعة 6 تشرين عام 73.

هنا يجب ان اشير الى ان طياري السرب الاول ابتداءا من آمر السرب النقيب الطيار "خلدون خطاب" الى اصغر طيار في السرب الأول. كانوا يستبشرون خيراً وفرحين لانهم سوف يشاركون بهذه الحرب. 

لان هذه الحرب تعد حرب مقدسة ضد عدو غاصب هو العدو الصهيوني المحتل لأرض فلسطين والكيان اللقيط. وقد غمرتهم الفرحة وجاءتهم فرصة تحقيق ما كانوا يحلمون به ويتمنونه.

استحضارات لتنفيذ أوامر الحركة والمشاركة في حرب تشرين1973.

  • بدأنا بتهيئة امتعتنا الضرورية والبسيطة. بعد اقل من ساعة تم تبليغنا بان الحركة قد تم تأجيلها الى صباح اليوم التالي لتفادي مخاطر حركة السرب بالطيران الليلي. لقد كان سبباً وجيهاً لهذا التأجيل، ما ان انقضت ساعات الليل حتى بدأت استعدادات الطيران وتوزيع الطيارين على التشكيلات وايجاز المهمة.
  • في الصباح الباكر وما هي الا ساعات حتى أقلعت تشكيلات السرب الأول بكل طائراته وهبطت بكامل قوتها وطياريها في قاعدة الوليد الجويةH3. 
  • هبطت طائرة النقل التي كانت تحمل معها ضباط السرب من المهندسين والمسيطرين والفنيين والمراتب، وجزء من المعدات وقد كانت القاعدة مزدحمة بالطائرات والطيارين من الاسراب الاخرى.
  •  لقد تجمعت الاسراب مع السرب الأول في نفس اليوم لغرض المشاركة في الحرب القائمة فكان السرب الخامس والسرب الثامن، المسلح بطائرات السوخوي SU-7 وكذلك تواجد معنا في القاعدة ما تبقى من أسراب الطائرات المتصدية، المسلحة بطائراتMIG-21. 
  • كان السرب التاسع والحادي عشر قد سبقنا بالالتحاق الى سوريا، كذلك شارك في المعركة السرب السابع والمسلح بطائرات MIG-17 (وكان عددها 8 طائرات) . 
  • حتى بدت قاعدة الوليد الجوية كخلية نحل، لقد أمضينا الليلة نتبادل الاخبار التي تصلنا من زملاءنا. 
  • في صباح اليوم التالي تحرك السرب الاول بكل طائراته ومعداته الى سوريا وهبط الجميع في مطار (بلي) وهو مطار متقدم يقع الى الجنوب من دمشق. 
  • هنا يجب ان نذكر بان جميع طياري السوخوي من غير المنتسبين للسرب الأول والخامس ممن كانوا في مناصب او دورات او مهمات قد تم الحاقهم الى الأسراب، مما تسبب في نقص عدد الطائرات الجاهزة حربيا، نسبة لعدد الطيارين.
  • لذلك فقد كلفنا انا والمرحوم الرائد الطيار جودت النقيب بالتوجه الى كركوك بطائرة نقل صغيرة الدوف (Dove) لجلب طائرتين سوخوي 7 من هناك.
  • فعلا طرنا بها من كركوك الى الوليد، كان بانتظارنا الملازم الأول الطيارعصام جانكير، والملازم الطيار اسماعيل احمد، ليكتمل آخر تشكيل رباعي يتوجه الى مطار بلي السوري.
من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

النزول في قاعدة بلي الجوية السورية حرب تشرين 1973.

بعد الهبوط في مطار بلي السوري وضعت طائراتنا في الملاجئ والتقينا بأخوة لنا لم نلتقيهم من الطيارين العراقيين منذ زمن وبالطيارين السوريين.

قبيل غروب الشمس دقت صافرة الانذار لوجود طيران معادي، يستهدف المطار ودخل الجميع بملجأ كونكريتي اسطواني الشكل، استوعبنا جميعا بوضعية الوقوف. ما هي الا لحظات حتى وصلت الطائرات الاسرائيلية فوق المطار. 

ألقت قنابلها على مواقع المدفعية المضادة للطائرات وعلى ملاجئ الطائرات، مما أدى الى إصابة طائرتين بأضرار بسبب عدم احكام غلق البوابات الحديدية.

في الساعة العاشرة مساء ابلغنا المرحوم المقدم صباح صالح بوجوب مغادرة آخر تشكيل رباعي وصل المطار (الى قاعدة الضمير). 

لاسناد السرب السوري الذي قدم خسائر كبيرة في المعركة ولم يتبقى له الا أربعة طيارين فعالين، كذلك تخفيف التكدس في الطائرات والطيارين في مطار بلي.

هكذا وبعد تناول افطار سريع. اقلع التشكيل بقيادة الرائد الطيار"جودت النقيب"، الملازم الطيار "أسامة المهداوي" N-2 الملازم الأول الطيار "عصام جانكير" N-3، الملازم الطيار اسماعيل احمد N-4. 

الطيران الى قاعدة الضميرالجوية السورية. 

تم توجيه تشكيلنا بواسطة قاطع الدفاع الجوي الى مطار الضمير. نزلنا على ارض المطار وتوجهنا مباشرة الى الملاجئ الكونكريتية. 

استقبلنا بحرارة بالغة من قبل آمر سرب السوخوي 7 السوري الرائد الطيار "هشام ومعاونه النقيب الطيار "احمد بدر، وبقية الطيارين.

من هؤلاء الطيارين من كان منهم فعال وجاهز للطيران. ومنهم من كان مصاباً بعد عمليات قذف من الطائرة. ومنهم من لم يكن جاهزا بسبب عدم اكتمال تدريبه.

بعد انتهاء فترة التعارف والمجاملات والترحيب توجهنا برفقة الرائد الطيار "هشام آمر السرب السوري الى غرفة الحركات لكي يطلعنا على خرائط المنطقة ومسرح العمليات التي سوف ننفذ فيها الواجبات. ومناطق تواجد العدو الصهيوني واسلوب التوجه الى الاهداف والعودة من خلال الممرات الآمنة وتحت سيطرة قاطع الدفاع الجوي. 

لكن المشكلة الاولى التي سنواجهها هي لغة الاتصالات ومصطلحات الطيران حيث كان السوريون يستخدمون اللغة العربية والمصطلحات العربية وباللهجة الشامية... 

هذه مشكلة ليست بسيطة كما تظهر للوهلة الاولى ان لغة التفاهم بين الطيارين في الجو مع سيطرة الدفاع الجوي تحدد نجاح المهمة وسلامة الطيارين على حد سواء. 

نعود الى الايجاز وبعد انتهاء آمر السرب السوري انبرى له قائد التشكيل العراقي الرائد الطيار "جودت النقيب" قال له بان تنفيذ الواجبات القادمة ستقع على عاتقه وعلى عاتق الملازم الأول الطيار "عصام جانكير" كونهم الاكثر خبرة!!! 

هنا لم أتمالك نفسي وتجاوزت الحدود وقلت له ونحن هل جئنا هنا لنلعب الكرة؟ 

فلم يرد علي الرائد الطيار جودت صاحب الخلق العالي لمعرفته اندفاعنا وحرصنا على المشاركة بالقتال.

انصرفنا الى مقر السرب التعبوي والذي كان هو عبارة عن ملجأ كونكريتي تحت الارض.

امضينا بقية النهار تحت ظل شجرة ظليلة قرب مدخل الملجأ. نتبادل الحديث مع الطيارين السوريين. 

وهنا يجب ان ننوه بان تشكيلنا المكون من اربعة طيارين والذي تنسب ان يعمل من مطار الضمير لم يرافقنا أحد من الضباط الفنيين العراقيين او المراتب . 
من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

تنفيذ الواجب الاول حرب تشرين 1973.

من مذكرات اسامة المهداوي في حرب تشرين 1973" الأربعاء 11 تشرين أول 1973 بداية تنفيذ الضربات الجوية على القطعات الاسرائيلية.

في حوالي الساعة السابعة صباحا رن جرس هاتف الماكنيت المربوط مع غرفة الحركات فأجاب آمر السرب السوري الرائد الطيار هشام على المتصل الذي سأل عن عدد الطيارين الجاهزين للطيران الفوري؟ 

فأجاب آمر السرب بان اربعة من الطيارين السوريين وأربعة من الطيارين العراقيين جاهزين.

فأمره بان يطير الجميع فورا لاسناد الدبابات السورية المشتبكة مع الدبابات الاسرائيلية واعطاه الاحداثيات،أغلق الهاتف!... 

قام بايجازنا ببضعة جمل (سوف نطير تشكيلين رباعيين "اقلاع فوري"- الحمولة اربعة قنابل "R.B.K 250" وسوف يقود التشكيلات السوريين أنفسهم ). 

هنا طلب الرائد الطيار جودت ان يطير N.2 مع قائد التشكيل الاول الرائد الطيار هشام لكي يتعرف على المنطقة والسياقات وانا اصبحت N.4 وقائدي النقيب الطيار احمد بدر معاون آمر السرب. 

قائد التشكيل الرباعي الثاني آمر رف سوري نسيت اسمه برتبة ملازم اول طيار، معه الملازم الأول الطيار عصام جانكيرN.2 والملازم الأول الطيار سوري N.3 والملازم الطيار اسماعيل احمد N.4. 

بعد تشغيل الطائرات درجنا فورا الى المدرجة ولاول مرة نسمع مصطلح؛ (توضع) يعني Line up معناها دخول المدرج لغرض الإقلاع~ ومصطلح؛ (حارق أعظمي) يعني After burner بمعنى تشغيل الحارق الخلفي لمحرك الطائرة. 

قبل ان نقوم بالاقلاع سمعنا الملازم الاول الطيار عصام جانكير وهو N.2 بالتشكيل الثاني يقول: بان أحد إطارات عجلة طائرته قد انفجرت وخرجت طائرته جزئيا من طريق الدرج، لكنه أعاق مرور طائرتي رقم(3,4) من التشكيل الثاني. 

هكذا اقلعنا خمسة طائرات وبارتفاع حوالي العشرين متر، اخذنا تشكيل وضعية الصحراء Desert formation وبقي قائد التشكيل الثاني يطير بمفرده بين الزوج الايسر (قائد التشكيل وجودت النقيب) وبين الزوج الايمن (رقم 3 احمد بدر ورقم 4 ملازم طيار "أسامة المهداوي)". 

هنا شاهدت عجلات طائرة جودت النقيب الرئيسية غير مكتملة الصعود! اخبرته بالراديو ويبدو انه لم يفلح برفعها، طلبت منه العودة لكنه رفض وأخذ يؤشر بيده للامام اي استمر.

ما هي الا دقائق حتى اصدر قائد التشكيل آمراً بالتهيؤ للقصف؟ 

بعد فترة قصيرة ظهرت امامنا بالافق كتل الدخان الكثيفة السوداء والبيضاء، بعد تقربنا أكثر أصبحنا فوق دباباتنا شاهدناها تطلق مدافعها نحو الدبابات الإسرائيلية غير عابئة بنا وكان ارتفاعنا عشرين متراً.

بعد لحظات أصبحنا بمواجهة الدبابات الاسرائيلية والتي كانت على شكل ثلاثة خطوط (زكزاك" Zak zik")، أصدر قائد التشكيل آمر الرمي بوضعية"TOSS BOMBING". 

وهو التكتيك الذي يستخدم في رمي القنابر العنقودية R.B.K ضد الدروع لمعالجتها من الارتفاعات الواطئه، كل طيار على الدبابات التي امامه، بعد اطلاق القنابل... 

آصدر آمراً "شد باتجاه العودة" المقصود منها أي - دوران شديد باتجاه العودة للمطار- فاستدار الجميع الى اليسار وبما اني كنت N.4 في التشكيل فقد اصبحت آخر واحد، في التشكيل وهنا بدأت المفارقات؟

من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

العودة بعد انتهاء الواجب وما رافقها من أحداث.

  • المفارقة الأولى :: مع بدء الدوران بزاوية 90 درجة واجهت على يساري قنبلة طائرة بنفس الارتفاع مما اجبرني على الغاء الدوران للحظات لتفادي الاصطدام بها... تلك كانت من قنابل طائرة N.5 الذي كان يطير في منتصف المسافة بين الزوجين ومتراجع بضعة مئات من الأمتار ومما أدى الى أن تقاطع محرك إطلاق القنابل مع طائرتي . 
  • المفارقة الثانية :: بعد ان وجدت نفسي وحيداً، متأخراً عن التشكيل فتحت الحارق الخلفي وقمت بدوران حاد باتجاه العودة، هنا بدأت الطائرة تفقد ارتفاعها وتغطس وسط ذهولي مما يحدث، أدركت إني إذا استمريت بالدوران الحاد سوف أصطدم بالأرض. 
  • بسرعة ألغيت الدوران وعدلت وضعية الطائرة الى الوضع الافقي، وانا اسحب عصا القيادة بقوة الى الخلف لتفادي الاصطدام بالأرض، مع "الشهقة" التي أطلقتها عندما تراوت لي الاحجار وهي من حولي. إنطلق الحارق الخلفي بالعمل وعادت الطائرة تحت السيطرة بعد ان غطست طائرتي الى ارتفاع ثلاثة امتار تقريبا، بعدها تمالكت نفسي واكملت الدوران باتجاه العودة. 
  • المفارقة الثالثة :: افزعني صوت قائد التشكيل وهو يأمرني بقوة بالقذف وترك الطائرة (ازرق اربعة! اقذف! اقذف! طائرتك مصابة وتحترق) تلفت يمنة ويسرة وتاكدت من العدادات؟ ... فلم أجد شيئا.  فأخبرته!... بان لا مشكلة عندي وطائرتي سليمة؛. فكرر النداء دون تعيين رمز الطيار، حيث ادرك بان المصاب كان "جودت النقيب" والذي صمد في الطائرة محاولاً الخروج من الاراضي المعادية ثم قذف من الطائرة ولم نستطيع تحديد مكان سقوطه. 
  • المفارقة الرابعة :: بعد ان تمكنت باللحاق بالتشكيل وكنا نطير بارتفاع حوالي العشرين متر تفادياً لمنظومة "صواريخ هوك" والتي لا تتمكن من اصابة الاهداف دون الخمسين متر. صدر آمر من (مارد) وهو رمز مسيطر رادار الدفاع الجوي؛ بالتسلق وبسرعة الى ارتفاع 3000 متر، لنكون طعماً لطائرات الميراج الإسرائيلية التي كانت تطاردنا!واغرائها بالتسلق خلفنا حتى يتمكن "مارد" من إسقاطها وهكذا كان.

لكن الله سلم فقد كنت متاخراً عن التشكيل للاسباب السابقة، لم يكن I.F.F جهاز تمييز العدو من الصديق يعمل، لعدم معرفتي برمز الذبذبة، وذلك بسبب سرعة الاقلاع وضعف الاستحضارات قبل الطيران. 

بهذا أثبت مارد بانه ذكي ولم يطلق على طائرتي صاروخ ربما بسبب قربي من التشكيل، وإلا لكنت ضحية لجهاز I.F.F الذي يميز العدو من الصديق.

المفارقة الأخيرة :: هي اشتعال اشارة قلة الوقود (550) لتر ونحن بارتفاع 3000 متر و(مارد) رمز مسيطر رادار الدفاع الجوي السوري يناور بنا... 

فأخبرت قائد التشكيل فسمح لي بترك التشكيل والعودة للقاعدة وبعد النزول بسلام ظهر بان الخزانات الاضافية فارغة ولم تملأ بالوقود. 

بعد دقائق من هبوط طائرتي على أرض المطار عاد التشكيل الى القاعدة وهبط الجميع باستثناء "الرائد جودت" الذي فقدناه في منطقة لم يستطيع قائد التشكيل تحديدها بالضبط .

من مذكرات" الطيار اسامة المهداوي" حرب تشرين 1973

تنفيذ الواجب الثاني حرب تشرين 1973.

بعد قرابة النصف ساعة من تنفيذ الواجب الاول، صدر الأمر بطيران تشكيل من اربعة طائرات بواجب اسناد جوي قريب، قائد التشكيل طيارسوري وN.2 الملازم الطيار "إسماعيل احمد" N.3 طيار سوري وN.4 الملازم الأول "عصام جانكير" .

طار التشكيل وبعد تنفيذ الواجب عاد التشكيل بثلاثة طائرات فقط، بعد نزولهم تبين  لنا إستشهاد الملازم الأول عصام جانكير... 

حيث اصيبت طائرته فوق الهدف ولم يستطع مغادرتها، لقد كان يوما حافلاً بالأحداث لقد فقدنا فيه أمرنا جودت النقيب، وعصام جانكير، فبقينا انا وملازم اسماعيل احمد بامرة السوريين . 

الخميس 12 اكتوبر حرب تشرين 1973 

يبدو ان ضرباتنا ضد الاسرائيليين كانت موجعة وساهمت في ترجيح الكفة لصالحنا في معركة الدبابات. 

لذلك قام اليهود بتعطيل مطارنا يوماً كاملاً، حيث تعرض المطار لغارة جوية معادية من قبل اربعة طائرات فانتوم، تحميها طائرتين ميراج.

ألقت حمولتها من القنابل ذات الانفجار المزدوج المخصصة لكي تخرق المدارج والمساحات الكونكريتيه وتدميرها، حين أصيب المدرج وطريق الدرج الرئيسي بأضرار تعيق عمل الطيران وحدث هذا في تمام السابعة صباحاً.

باشرت قوات الهندسة في تحويط مواقع القنابل الغير منفلقة بسواتر ترابية، قامت بتفجير تلك القنابل الموقوتة في الحفر وبدأوا بتنظيف المدرج وطريق الدرج من مخلفات الانفجارات والتفجيرات، أتموا العمل بحدود الساعة الثانية عشرة ظهرا من ذلك اليوم.

هنا وكأن اليهود يعلمون بالوقت المستغرق لإعادة تأهيل المطار ولاجل تعطيل المطار لمرة ثانية~ قاموا بالاغارة على المطار وبنفس الأسلوب السابق. 

في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً وبذلك فقد أمن العدو تعطيلنا طيلة هذا اليوم وتحييد فعالية مطارنا. 

الجمعة 13 اكتوبر حرب تشرين 1973.

بعد اتمام تصليح المدرجة للمرة الثانية وتنظيفه، كنا على استعداد كامل لتنفيذ الواجبات!. في تمام الساعة الواحدة ظهراً، طلب آمر السرب من مجموعة الطيارين، طيار سوري وطيار عراقي، لتنفيذ واجب إسناد قريب بطائرتين.

تم تنسيب ملازم أول طيار سوري لقيادة التشكيل، سألنا من يود الطيران فلم يجيب الملازم الطيار "إسماعيل احمد" لانه كان يشعر بوعكة صحية، فسارعت أنا وقلت لآمر السرب انا جاهز.

خلال دقائق معدود بعد أن حملنا معدات الطيران ذهبنا الى الطائرات وقمنا بالتشغيل والدرج والاقلاع بأقصى سرعة، وخلال دقائق كنا في الجو محلقين ومتجهين بأتجاه الهدف.

كانت المنطقة جبلية وكنت اطير قريباً من قائد التشكيل، حسب الاتفاق لإطلاق القنابل بنفس التوقيت وعلى نفس الهدف، والذي كان تجمعا لآليات العدو وكرفانات، عند وصولنا الى الهدف قمنا بإلقاء القنابل نحو الهدف المذكور وقد تم الامر بنجاح .  

بعد القاء القنابل على الهدف إستدار قائد التشكيل وبقوة فوق الهدف ولم اتابعه لان هذا التكتيك بالنسبة لنا خاطئ، فقد تعلمنا بان نستمر لمدة ثلاثين ثانية قبل الدوران والعودة لتجنب النيران المعادية.

بعد استمراري بالطيران في العمق "رزقني الله" بهدف دسم وسهل، فقد كنت في هذه اللحظة فوق حافة هضبة وشاهدت أمامي في المنطقة المنخفضة رتل من المدرعات والآليات بمسافات متقاربة جداً بينهم وعلى خط واحد... 

فما كان مني إلا ان عمرت المدافع الرشاشة (أي قمت بتعشيق أو سحب أقسام المدفع الرشاش وهو عبارة عن زر كهربائي switch-on-off يقوم بهذا العمل). 

وضعت الاهداف بمسددة الرمي وصوبت مدافع الطائرة نحو اول آلية، فتحت النار وبصلية مستمرة على طول الرتل، لم اقطع الرمي إلا بارتفاع منخفض، خوفي من الدخول في شضايا الهدف!"... (بعد العودة الى القاعدة شاهد المهندسين السوريين فيلم السارب وأحصوا عدد الاطلاقات الباقية، فكانت عشرين اطلاقة لكل مدفع وهذا يعني باني اطلقت مائتي اطلاقة عيار 30ملم").

بعد ان خرجت من الهجوم استدرت الى اليسار فرأيت في الافق وبمسافة بعيدة طائرتين ذات جناح دلتا تقومان بدوران حاد الى اليسار ايضا فاعطيت نداء بالراديو (طائرات ميراج). 

هنا صاح قائد التشكيل (مشتبك معاهم) وانقطع الصوت وفقدت الاتصال البصري معهم لانشغالي بتجنب المرتفعات وطيراني في وادي متعرج. 

هنا سألني مركز توجيه الدفاع الجوي (مارد) هل تستطيع رؤية ازرق واحد؟ 

أي (قائد تشكيلي)!!! فأجبته بالنفي فاعطاني اتجاه للعودة، وقال: ورائك تشكيل معادي"... إستمر، ففتحت الحارق الخلفي After burner وقمت بالطيران المنخفض جداً، الذي أخاف ان أنحدر دونه مع المناورة المستمرة بين التضاريس والمرتفعات، متخيلا بانهم سيسددون علي صواريخهم، ولتفويت الفرصة عليهم. 

بعد دقائق انتهت التضاريس الوعرة واصبحت اطير فوق أرض منبسطة بسرعة 1200كم/ساعة مؤشرة تقريباً بسرعة الصوت (super sonic)عندما اصبحت جنوب دمشق تقريبا. 

ظهر امامي هدف يطير بنفس الاتجاه أعلى مني قليلاً، سرعته كانت أبطأ من سرعتي، فقلت في نفسي إذا كانت هذه طائرة العدو سوف تسقطني إن تجاوزتها بسهولة، فقررت ان افتح عليه نار المدافع!!! 

إصبعي كان على الزناد ولكن الله تعالى جعلني أطلق نداء في الراديو غريب وغير مسبوق {الطائرة التي امامي اذا كنت صديق هز اجنحتك} فصرخ ؛"مارد" صديق ... صديق .

بعد لحظات اصبحت على يساره وبمسافة خمسون مترا تقريبا فاذا بها ميغ 21 فهززت اجنحتي له وتجاوزته فحمدت الله... 

أن (مارد) تدخل في الوقت المناسب، بعد وصولي فوق المطار... عملت مناورة حادة لتنظيم نفسي للنزول فقمت بإنزال العجلات والقلابات في مرحلة الـ(Base lag) بعد النزول على المدرج وإخلائه. 

توجهت الى الملجأ المخصص. استقبلني الفنيين يحمدون الله على سلامتي وهم منفعلين عندها فهمت أنهم شاهدوا طائرتين ميراج. ثم طائرة الميغ "الصديق الذي لم أسقطه" وقد أطلقت أحدى طائرات الميراج الاسرائيلية صاروخين باتجاه طائرتي؟ 

لكنها قد أخطأت طائرتي وانفجرت بالقرب من البيكن الداخلي، ولقد شاهدت الدخان والغبار الذي خلفته تلك الصورايخ على الارض. 

لم أفهم هل طائرة الميراج هي التي أطلقت الصاروخين ولم تصبني أم أن طائرة الميغ 21 هي التي أطلقت صواريخها على طائرتي الميراج ولم تصبهم وارتطمت بالأرض، لكنه أجبرهم على الفرار دون ان يحققوا هدفهم. 

لم نكترث بما حدث كثيرا لان الساعات كانت حبلى بالأحداث والحوادث وهذه الطلعة بالذات كانت زاخرة بالمفاجآت والأحداث واستشهد فيها زميلي الطيار السوري. 

لقاء غير متوقع مع طيار عراقي؟

من مذكرات اسامة المهداوي في حرب تشرين 1973" في حوالي الساعة الرابعة مساء وصلت سيارة مدنية بسائق ونزل منها مقدم طيار عراقي لم التقي به سابقاً، لكني شبهته بالرائد جودت النقيب. 

فبادرته بالسؤال هل أنت شقيق جودت (فامسكته العبرة) وعانقني وطلب مني أي معلومات عن شقيقه فطمأنته واخرجت له خارطة واشرت له على منطقة داخل أراضينا وقلت له هنا قذف رائد جودت (ولم اكن صادقا معه) ولكن فقط لابعاد الحزن عنه. 

بعد ان اطمأن وتمالك نفسه بدأ بالسؤال عن عددنا ومن بقي منا وكيف تم ارسالنا بدون طواقم أرضية وقال اكتب لي اسمك واسم من معك وسأعود الى دمشق وسوف نصدر امر بأن نسحبكم الى حيث تتواجد الاسراب العراقية فودعنا وغادر الى الشام. 

تنفيذ أخر واجب، المهمة الاخيرة حرب تشرين 1973 

سئل أحد الصقور اليافعين، هل ينتابك الخوف؟ وانت في وسط نيران أسلحة الدفاع الجوي المعادية الموجهة وغير الموجهة! ومطاردة طائرات العدو أثناء قيامك بقصف الأهداف المعادية؟ 

فأجاب: لم افكر بالخوف!!! لكي اخاف! هكذا كان لسان حال صقور الجو الميامين الذين سطروا اروع الملاحم في سوح الوغى. 

كانت هذه آخر ليلة لنا نبيت في "قاعدة الضمير" حيث خصص لنا مبيت في دار البلدية ونحن نتبادل القصص والاحاديث مع الاشقاء السوريين. 

في وقت الفجر إستقلينا الحافلة التي نقلتنا الى مقر السرب التعبوي، حيث اكملنا نومنا في الملجأ بانتظار شروق الشمس. 

بعد أن تناولنا الافطار السفري رن جرس هاتف الحركات وصدر لنا الامربتنفيذ واجب بتشكيل رباعي بحمولة قنابل لقصف هدف محدد. 

إستقلينا الحافلة الصغيرة باتجاه ملاجئ الطائرات، في الطريق أوجزنا قائد التشكيل النقيب الطيار أحمد بدر بالواجب. 

هو قصف تجمع لقطعات العدو الإسرائيلي بقنابل انفجار عالي. أختارني أنا أسامة المهداوي ان أكون (N.2) في التشكل و(N.3) طيار سوري و(N.4) الملازم الطيار اسماعيل احمد. 

هنا همس ملازم اسماعيل بأذني قائلا بانه لا يرغب بالطيران ك(N.4) مع هذا الطيار السوري، فقلت له لا يهم وأخبرت قائد التشكيل باننا سنتبادل المواقع بيننا أنا ساكون (N.4) واسماعيل سيكون (N.2) فقال لي كما لكم الامر كما تودون.

إفترقنا وكل واحد منا ذهب الى طائرته، أكملنا التشغيل والدرج "توضعنا على المدرج " كانت المحركات تأز بهدير محركاتها... 

فنادى قائد التشكيل (حارق أعظمي) ومن ثم إنطلقت طائرة قائد التشكيل وبجانبه طائرة ملازم اسماعيل احمد، فاثارت محركاتها أطنان من الغبار المتبقي من تفجيرات الهندسة وقنابل القصف المعادي على المدرج. 

عندها أصبحت الرؤيا صفر... اعطاني (N.3) إشارة الدرج. ما أن تحركنا غاب عن نظري (N.3) والرؤيا اصبحت رسميا (صفر) لا ارى اي شيء باستثناء شبح حافة المدرج اليمنى بمسافة مترين الى ثلاثة امتار، فتمسكت بها لحين بلوغ سرعة الاقلاع...

بعد لحظات انكشفت أمامي الدنيا فلحقت (N.3) كان طيراننا بارتفاع 20 متر بتشكيل صحراء "DESERT FORMATION"وقد كانت لحظات الترقب للوصول الى الهدف بعد عبورنا خط القصف "BOMB LINE" أطلق قائد التشكيل نداء استعداد للقصف.

أخذنا نترقب ظهور الهدف أمامنا فجأة! سمعنا قائد التشكيل ينادي تشكيل فانتوم عبر أمامنا من اليمين لليسار، سوف يهاجمهم؟ 

ثم اصدر قائد التشكيل آمراً بإلقاء القنابل ورميها، بعدها قام بالدوران مع التسلق الى اليسار هو و(N.2) الملازم الطيار "إسماعيل احمد" ثم فقد الاتصال البصري مع (N.1) و(N.2) ورميت أنا القنابل مع (N.3) في التشكيل دون ان اعرف اين سقطت تلك القنابل.

صرخ قائد التشكيل بأعلى صوت "أصبتها ... أصبتها"!!! بعد لحظة أعطى (N.3) نداء لقد اسقطوا (N.2)  لقد هوت الى الارض طائرة زميلي الملازم الطيار اسماعيل أحمد وأستشهد ولم يتمكن من مغادرة الطائرة. 

لازال الخطر لم ينتهي بعد والامر لايخلو من المفاجأت التي نتعرض لها بتلك الدقائق والثواني التي تمر!. 

جاء نداء (N.3) هنالك طائرات ميراج معادية تهاجمنا "شد باتجاه العودة"... بعد ان اخذنا اتجاه الشرق عائدين الى اراضينا شغلنا الحارق الخلفي ونزلنا الى ارتفاع واطئ جداً. 

في هذه اللحظة ورغم الصوت العالي الذي يصدر من المحرك مع الحارق الخلفي افزعني صوت انفجار قوي الى اليمين والخلف من المقصورة ولكن لم يحدث شيء للطائرة.

عدنا انا و(N.3) الطيار السوري ونزلنا في المطار بعد ان فقدنا قائد التشكيل و(N.2) الملازم اسماعيل احمد، بعد أن وصلنا الى مكان وقوف الطائرات سالمين وبعد فحص طائرتي من قبل الطاقم الفني. 

وجد الفنيون عدة ثقوب في مجموعة ذيل طائرتي سببتها شظايا  صغيرة من الصورايخ التي إطلقت على طائرتي من قبل الطائرات المعادية. 

هكذا بقيت الطيار العراقي الوحيد في قاعدة الضمير بعد ان فقد الرائد جودت النقيب، ثم استشهد ملازم اول عصام جانكير، ثم استشهد ملازم اسماعيل احمد... 

لذلك بدأ الرائد هشام آمر السرب بالتودد والتحدث معي بإمور خاصة بالطيارين وآمور القيادة السورية وكيف تم التخطيط والتنفيذ لحرب الـ 73 سوف انشرها لاحقا لاهميتها تاريخيا والتي ستفاجئ الكثير.

عودة قائد تشكيلنا السوري أحمد بدر والاخبار السارة التي حملها.

في الساعة الثالثة؛ بعد الظهر وصلت سيارة عسكرية صالون ونزل منها قائد التشكيل النقيب الطيار أحمد بدر~ الذي اعتبرناه مفقوداً! ولقد فرحنا بنجاته وبعودته سالماً مع بعض الرضوض التي أصابته بسبب قذفه من الطائرة.

قص علينا ما حدث وما لم نكن نعرفه، أخبرنا قائد التشكيل بأنه شاهد طائرتي فانتوم ولم يشأ ان يتركها لذلك اعطى آمراً بالتخلص من حمولة القنابل، وتابع تشكيل الفانتوم وكان على يساره طائرة اسماعيل احمد. 

عندما تمكن من التسديد على طائرة الفانتوم (N.2) المعادية~ أطلق مدافعه الرشاشة واصابها اصابة مباشرة؟ 

بعد لحظات شاهد طائرة اسماعيل أحمد (N.2) مصابة وتهوي الى الأرض، ومن ثم اصيبت طائرته "أي طائرة قائد التشكيل" أيضاً فقذف ونزل بالمظلة. 

تبين أن العدو لدية في منطقة الهدف طائرتين ميراج كانت تحمي طائرتي الفانتوم، هي التي اسقطت طائرة قائد التشكيل وطائرة (N.2) اسماعيل احمد من تشكيلنا. مقابل فقدانهم طائرة فانتوم واحدة! ولحسن حظه فقد هبط قرب قطعاتنا وتم نقله الى مستشفى حرستا العسكري.

هناك كانت المفاجأة السارة التي ابلغنا بها؛ فقد وجد الرائد الطيار "جودت النقيب" في المستشفى وهو مصاب بكسر في ساقه بسبب هبوطه في المظلة ولم يكن احد يعلم به لولا ان صادف النقيب الطيار احمد بدر هناك. 

كتاب مغادرة قاعدة الضمير وانتهاء المهمة.

في الساعة الرابعة تقريبا وصلت سيارة مدنية من دمشق قدم سائقها ورقة فيها طلب ارسال الملازم الطيار اسامة المهداوي والملازم الطيار اسماعيل احمد وايصالهم الى القيادة الجوية ولكن للاسف فقد استشهد اسماعيل قبل وصول هذا الأمر.

هكذا أنتهت المهمة" قمت بتوديع رفاق السلاح من السوريين الذين اجهل أسماء معظمهم؟

ركبت العجلة وتوجه بي السائق الى مقر قيادة القوة الجوية في دمشق! ومنها الى حيث التقيت بالمقدم الطيار الركن نجدت النقيب الذي حرص على اعادتنا الى أسرابنا.

فلما رأيته قلت له مهنئاً ولقد سبقها التحية والسلام! فقال على ماذا تهنئني؟ فقلت له ان جودت حي وهو في مستشفى حرستا! كانت تلك المفاجئة الغير متوقعة! 

طار فرحاً وقام  بأحتضاني ودموع الفرح تنهمر منه، كما احتضنني في الضمير ودموع الحزن انهمرت منه على اثر فقدان شقيقه،  لقد كانت مفارقة جميلة ولن أنسى تلك اللحظات والمواقف. 

بعد ذلك دعاني لتناول الغداء مع المقدم الطيار "محمد جسام الجبوري" آمر قاعدة أبو عبيدة، بعدها ذهبنا سوياً الى المستشفى لرؤية الرائد الطيار جودت النقيب،  فرأيناه بإحسن حال تحيط به الممرضات من كل صوب وجانب، يلبون طلباته لكونه ضيفاً عندهم!  

لقد قضينا فترة من الزمن تبادلنا الاخبار، ثم ودعناه وعدنا الى النادي العسكري للمبيت.

وتشاء الصدف أن ألتقي بأعز أصدقائي هو الملازم الطيار قيس باقر(وتوت) أخبرته باخباري وهو اخبرني باسماء اصدقائنا الذين فقدناهم وهم يدافعون في أقدس مهمة، أستشهدوا وبذلوا الدماء رخيصة قرباناً للامة العربية والاسلامية.

قائمة بأسماء الطياريين الشهداء في 6 تشرين 1973 

من مذكرات اسامة المهداوي في حرب تشرين 1973،الكي تحيا ذكراهم في كل 6 تشرين 

قائمة شهداء طياري الهجوم الارضي SU-7 السيخوي:

  1. الشهيد الملازم الأول الطيار سلام ايوب. 
  2. الشهيد الملازم الأول الطيار رضا جميل.
  3. الشهيد الملازم الطيار ابراهيم كاظم الخفاجي.
  4. الشهيد الملازم الأول الطيار عصام جانكير.
  5. الشهيد الملازم الأول الطيار احمد صالح.
  6. الشهيد الملازم الطيار اسماعيل احمد.
  • الرائد الطيار جودت النقيب" قذف وهبط بالمظلة في الاراضي السورية بعد أن فقدنا وتصورنا أخباره قد قطعت. 
  • الملازم الأول طيار سعد الاعظمي" أصيبت طائرته وقذف داخل أراضي العدو وتم أسرة وثم عاد بعد تبادل الاسرى، أستشهد فيما بعد في بداية الحرب العراقية الايرانية. 

قائمة شهداء طياري المتصديات MIG-21:

  1. الشهيد النقيب الطيار كامل سلطان.
  2. الشهيد الرائد الطيار نامق سعد الله.
  3. الشهيد الملازم الطيار متعب الزوبعي.

  • النقيب الطيار حسين علي MIG-17 أصيبت طائرته فقذف منها وعاد سالماً. 
  • الرائد الطيار سمير زينل الذي كان مقيما في الشام استشهد ودفن في الشام . 
لقد انتهت الحرب ولكن الذكريات لم تنتهي بعد، لقد وافقت مصر وسوريا على وقف إطلاق النار، لكن رافقتها مفارقات الحرب حين انتقلنا للوهلة الاولى، ونحن نشارك في الجبهة السورية لقد اختلطت طائراتنا مع طائرات الاسراب السورية، مثلما اختلطت دماؤنا.

عندما يتم تكليفنا بواجب نرتقي الى أي طائرة جاهزه لم ننظر على أنها طائرة عراقية أم سورية وبسبب عدم تمكن الفنيين العراقيين اللحاق بنا في القواعد لم تكن هناك سجلات الطائرات موجودة معنا لذلك بعد نهاية الحرب فقدت طائرة عراقية وبحثنا عنها في الملاجئ ولم نجدها لربما سقطت في ساحات المعركة. 

وفي النهاية أود أن إقدم تحياتي واحترامي وتقديري للصقور القادة الذين تتلمذنا على ايديهم وتعلمنا منهم آداب العسكرية وفنونها وأخص بالذكر منهم الاحياء واترحم على الراحلين! 
  1. الصقر القائد خلدون خطاب بكر.              
  2. الصقر القائد علوان العبوسي.              
  3. الصقر القائد نجدت النقيب.              
  4. الصقر القائد المرحوم محمد جسام الجبوري.              
  5. الصقر القائد المرحوم سالم سلطان البصو.              
والقائمة تطول واستميح الآخرين العذر. 

تمت كتابة هذه المذكرات في يوم 6 تشرين الاول سنة 2016

 لزيادة المعلومات عن حرب 1973 من هنا 
        موضوع عن حرب 1967   من هنا
google-playkhamsatmostaqltradent