recent
أخبار ساخنة

الواقع الخفي لفصائل السلاح في العراق: خدعة المصطلحات ومعركة البقاء

Site Administration
الصفحة الرئيسية

الواقع الخفي لفصائل السلاح في العراق: خدعة المصطلحات ومعركة البقاء

العراق بين الحقيقة والخيال الإعلامي: يبدو أن العراق لا يزال يعيش في حالة من الغموض الإعلامي والسياسي، حيث يتم التلاعب بالمصطلحات وتزييف الحقائق لتبرير بقاء جماعات مسلحة خارجة عن القانون تحت عباءة "الحشد الشعبي" أو ما يُسمى "الفصائل المسلحة". 

التقرير الأخير لوكالة "رويترز" أثار موجة من الجدل، بعد أن زعم وجود تمايز بين "فصائل مسلحة" و"الحشد الشعبي"، وكأنّ هناك كيانين منفصلين، بينما الحقيقة على الأرض تؤكد أن الجميع تحت راية واحدة وسلاح واحد، يمارس السلطة من خلف الستار وبأجندات تتقاطع كثيرًا مع مصالح خارجية، وتحديدًا الإيرانية.

الواقع الخفي لفصائل السلاح في العراق: خدعة المصطلحات ومعركة البقاء
الواقع الخفي لفصائل السلاح في العراق: خدعة المصطلحات ومعركة البقاء

هذا التمييز المصطنع بين "الفصائل" و"الحشد" ليس مجرد خطأ صحفي، بل لعبة سياسية واضحة المعالم. هي محاولة لتجميل صورة ميليشيات متورطة بجرائم اختطاف وقتل وتهجير، ولمنحها شرعية تُبقيها في المشهد السياسي بقوة السلاح والمال والنفوذ. والمفارقة أن من يروّج لتلك المصطلحات يعرف جيدًا أنه يخدم مشروعًا إقليميًا لا علاقة له بمصلحة العراق أو شعبه.

هل هناك فرق بين "الفصائل المسلحة" و"الحشد الشعبي"؟ خدعة المصطلحات

يرى كثير من العراقيين أن الحديث عن "فصائل مسلحة" منفصلة عن "الحشد الشعبي" هو مجرد كذبة مكشوفة. يقول رعد هاشم الزوبعي، وهو أحد المتابعين للشأن العراقي، إن هذا المصطلح ليس سوى خدعة إعلامية، يراد بها خلق وهمٍ لدى العراقيين والعالم أن هذه الفصائل يمكن إخضاعها أو فصلها لاحقًا. بينما الواقع يقول إن كل تلك الفصائل تتبع هيكليًا وإداريًا وتمويليًا لهيئة الحشد الشعبي، وتستخدم سلاح الدولة تحت غطاء الشرعية.

فميليشيات مثل "النجباء"، و"كتائب حزب الله"، و"سيد الشهداء"، و"الخراساني"، و"كتائب الإمام علي"، ليست سوى ألوية داخل الحشد. لكل واحدة رقم لواء ضمن الهيئة الرسمية، لكنها في الحقيقة تعمل باستقلال شبه تام عن الدولة العراقية، وتوجهها قيادات مرتبطة مباشرة بالحرس الثوري الإيراني. هل يعقل أن يكون لواء 46 أو 47 تابعًا للحشد، ولكن "كتائب حزب الله" المنضوية فيه تُعتبر "فصيلًا مستقلًا"؟ هذه هي المعادلة المضحكة المبكية التي يحاول البعض تمريرها.

كتائب حزب الله.. اليد الطويلة لإيران في العراق

تُعتبر كتائب حزب الله من أبرز الفصائل المسلحة التي ترفض نزع سلاحها، وتصر على البقاء كقوة فوق الدولة. هذه الميليشيا تحديدًا لها دور معروف في تهريب الأسلحة، وشن هجمات على القواعد الأمريكية، والتورط في أعمال عنف ضد المتظاهرين العراقيين. تقارير متعددة، بينها وثائق أمريكية، أكدت أن الكتائب تلقت تمويلًا وتدريبًا مباشرًا من فيلق القدس الإيراني، وأنها تعمل وفق أجندة خارجية لا علاقة لها بمصلحة العراق.

هذه الميليشيا هي الوجه العراقي لحزب الله اللبناني، تُدار بنفس العقلية وتستخدم نفس الأدوات: العمل العسكري، والتغلغل في مؤسسات الدولة، وبناء اقتصاد موازٍ عبر التهريب والسيطرة على المنافذ الحدودية. ومع كل مرة تطرح فيها فكرة نزع السلاح، تقف كتائب حزب الله بالمرصاد، بحجج واهية مثل "مقاومة الاحتلال الأمريكي" أو "حماية المقدسات". لكن الحقيقة أنها تسعى للحفاظ على نفوذها وسطوتها، حتى لو أدى ذلك إلى تقسيم العراق أو إشعال حرب أهلية.

جرف الصخر والعوجة والسجون السرية: الجرائم المستورة

أين اختفى آلاف المدنيين الذين تم اختطافهم من مناطق مثل جرف الصخر والعوجة بعد التحرير من داعش؟ لماذا لا تزال هذه المناطق مغلقة أمام سكانها حتى اليوم؟ من يسيطر على الأرض؟ ومن يدير السجون السرية في العراق؟ الإجابة ببساطة: نفس تلك "الفصائل المسلحة" التي تتحدث عن استعدادها لنزع السلاح.

يرى كثير من العراقيين أن نزع السلاح يجب أن يبدأ بإجراءات عملية، مثل إعادة جرف الصخر لأهلها، والكشف عن مصير المختطفين، وتفكيك السجون التي تديرها المليشيات خارج سلطة الدولة. إذا كانت تلك الفصائل صادقة في نيتها، فلماذا لا تبدأ بتسليم هذه المناطق للسلطة الرسمية؟ لماذا لا تعلن قائمة بأسماء المختطفين؟ لماذا لا يتم التحقيق في جرائم القتل التي طالت ناشطي تشرين، والتي تورطت فيها شخصيات معروفة من هذه الجماعات؟

ضحايا تشرين والمختطفة إليزابيث تسوركوف.. شواهد دامغة

حين نتحدث عن الجرائم التي ارتكبتها هذه الفصائل، لا يمكننا تجاهل ملف ضحايا تظاهرات تشرين. هؤلاء الشباب الذين خرجوا للمطالبة بوطن، قوبلوا بالرصاص الحي والخطف والاغتيالات. عشرات القصص المأساوية، من صفاء السراي إلى هشام الهاشمي، تفضح من يقف وراء آلة القمع.

ولعل واحدة من أبرز الشواهد على جرائم هذه الجماعات هي قضية الباحثة "إليزابيث تسوركوف"، التي اختُطفت في بغداد بينما كانت تجري أبحاثًا ميدانية. رغم معرفة الجهات الأمنية بهوية الخاطفين، لا أحد يجرؤ على اتخاذ أي خطوة، لأن الجهة التي تقف خلف الجريمة تمتلك سلاحًا ونفوذًا فوق الدولة.

كيف أصبحت الفصائل المسلحة دولة داخل الدولة؟

ما يحدث في العراق اليوم يشبه إلى حد كبير قصص الأنظمة الفاشلة، حيث لا تملك الدولة القرار الكامل، ولا تحتكر استخدام السلاح. الفصائل المسلحة، أو ما يُعرف بـ"الميليشيات"، تحولت بمرور السنوات إلى كيان مستقل داخل الدولة. لها اقتصادها الخاص، إعلامها، محاكمها أحيانًا، وسجونها، بل وحتى علاقاتها الخارجية. تمتلك هذه الفصائل القدرة على تعطيل أي مشروع حكومي، أو فرض وزراء، أو حتى إسقاط حكومات.

من خلال سيطرتها على المناطق المحررة من داعش، ومنافذ التهريب، وعقود الاستثمار، صارت تلك الجماعات أغنى من بعض الوزارات. بل إن بعض التقارير أشارت إلى أن هناك فصائل تمتلك ميزانيات تفوق ميزانية وزارة الدفاع نفسها. المشكلة أن هذا النمو لم يكن تطورًا طبيعيًا، بل تغولًا على حساب الدولة، وبمباركة قوى إقليمية ترغب في إبقاء العراق ضعيفًا ومقسمًا.

أضف إلى ذلك دور تلك المليشيات في الانتخابات، حيث تُستخدم القوة لترهيب المنافسين أو لتوجيه أصوات الناخبين. وهذا ليس غريبًا، فالفصائل تعرف أن البقاء في السلطة يحتاج أدوات تتجاوز الصندوق، تبدأ بالرصاص ولا تنتهي بالفساد.

التوسل بالبقاء عبر خطاب "نزع السلاح المشروط"

عبارة "نحن مستعدون لنزع السلاح... ولكن" أصبحت لازمة مكررة لدى قادة المليشيات. الشرطية التي تُضاف إلى جملة النزع تُظهر بوضوح أنهم لا ينوون التخلي عن سلاحهم أبدًا، بل يستخدمون هذا الخطاب للتفاوض فقط. في الحقيقة، نزع السلاح بالنسبة لهم هو تهديد مباشر لوجودهم، لأنهم يعرفون أنهم حين يفقدون سلاحهم، سيخسرون المال والنفوذ وحتى الحصانة من الجرائم السابقة.

يرى المراقبون أن خطاب نزع السلاح ليس إلا غطاء لابتزاز سياسي: "إبقونا في السلطة، وسترون حسن النية". لكنه في الواقع وسيلة للبقاء في اللعبة، وضمان استمرار تدفق الأموال والعقود. هذا التوسل لا يعكس رغبة في بناء دولة، بل هو اعتراف غير مباشر بأن الدولة الحقيقية بيد من يحمل البندقية، لا من يحمل الدستور.

بل إن بعض القادة يتحدثون عن "نزع السلاح بعد خروج الاحتلال"، وهو شرط مطاطي يمكن تمديده لعقود، خاصة وأن تعريف الاحتلال لديهم يتغير حسب المرحلة. فمرة هو الأمريكي، ومرة هو التركي، وأخرى هو الخليجي، وهكذا يبقى السلاح في قبضتهم إلى أجل غير مسمى.

الولاء لغير العراق: حين يصبح الوطن ثانويًا

الولاء الوطني هو أساس بناء الدولة، لكن ما نراه في سلوك كثير من الفصائل المسلحة يُظهر عكس ذلك تمامًا. الولاء في هذه الجماعات يكون دائمًا للمرشد الأعلى، أو لقاسم سليماني (سابقًا)، أو لإيران كدولة راعية لما يسمونه بـ"محور المقاومة". وهنا تبدأ الكارثة، لأن الجماعة التي لا ترى في العراق وطنًا يستحق الولاء الكامل، لن تتردد في التخريب والتدمير إذا تعارضت مصالحها مع مصلحة البلد.

في الأدبيات الداخلية لتلك الجماعات، لا يُذكر العراق كمركز أو كأولوية، بل كأداة لخدمة مشروع أكبر، يتجاوز الحدود. من لبنان إلى اليمن، ومن سوريا إلى غزة، يُنظر إلى العراق كصندوق تمويل ومعبر دعم، لا كدولة ذات سيادة يجب احترامها.

وهذا التبعية لا تُخفيها حتى التصريحات العلنية. فكم من مرة خرج قادة الفصائل ليؤكدوا أنهم "جنود في معسكر الولي الفقيه"، أو أن "العراق جزء من محور المقاومة"، وكأن الهوية العراقية لا تعني لهم شيئًا. هذه التصريحات بحد ذاتها تكشف حجم الخطر، وتضع علامة استفهام كبيرة حول مستقبل الدولة إذا استمر هذا النهج.

الإعلام الموالي للفصائل: منبر التزييف والتخوين

ليس السلاح وحده ما تملكه تلك الجماعات، بل أيضًا إمبراطورية إعلامية ضخمة، تعمل ليل نهار على تلميع صورتهم، وتشويه خصومهم. قنوات فضائية، مواقع إلكترونية، صفحات مدفوعة على فيسبوك وتويتر، كلها أدوات في يدهم لصناعة الرأي العام، أو بالأصح لتزويره.

يتم استخدام الإعلام لتبرير الجرائم، ولفبركة "انتصارات" وهمية، ولاتهام كل من ينتقدهم بأنه "عميل" أو "بعثي" أو "متآمر". كما تُستخدم هذه المنصات لشيطنة المتظاهرين، ولتمرير مصطلحات مثل "الفصائل المقاومة"، أو "الرد على الاعتداءات"، بينما الحقيقة تكون عملية اغتيال لشاب خرج يطالب بمستشفى أو خدمة كهرباء.

هذا الإعلام يلعب دورًا لا يقل خطرًا عن السلاح، لأنه يغسل العقول ويخلق جدارًا من الكراهية والخوف، يجعل من الصعب بناء مجتمع متسامح أو دولة مدنية. وهنا يجب أن يُسأل السؤال الحقيقي: هل يمكن الحديث عن إصلاح سياسي في ظل آلة إعلامية تتغذى على الكذب والتحريض؟

الحشد الشعبي: المؤسسة التي خُطفت من أهلها

الحشد الشعبي، حين تأسس بعد فتوى السيستاني في 2014، كان عنوانًا للوطنية والتضحية، وضم آلاف الشبان الذين لبوا نداء الوطن. لكنه اليوم لم يعد ما كان عليه. سيطرت عليه جماعات لا علاقة لها بالفتوى، بل دخلت الحشد لتشرعن وجودها، وتحصل على رواتب، وتستخدم اسمه في تمرير أجندات إيرانية.

المؤسسة التي كانت أملًا للعراقيين تحولت إلى مظلة قانونية لميليشيات منفلتة. أصبح من الصعب التمييز بين المخلصين في صفوف الحشد، وبين الانتهازيين الذين تسللوا إليه لتحقيق مكاسب خاصة. والأخطر أن الحديث عن هيكلة الحشد أو إصلاحه يُقابل دائمًا بالهجوم والتخوين، كأن المؤسسة فوق النقد، وفوق القانون.

الضحية الحقيقية هنا ليست الدولة فقط، بل أيضًا آلاف الشباب الشرفاء الذين التحقوا بالحشد دفاعًا عن وطنهم، ليجدوا أنفسهم اليوم محسوبين على جماعات تمارس القتل والخطف وتسرق باسم المقاومة.

لماذا تخشى الفصائل من تسليم السلاح؟

الخوف من تسليم السلاح لدى المليشيات المسلحة في العراق ليس له علاقة بالدفاع عن الوطن أو التصدي للمؤامرات، كما يدّعون، بل هو خوف من فقدان الامتيازات، والعودة إلى الهامش بعد أن تعودوا على مركز السلطة. السلاح في يد هذه الفصائل ليس أداة للدفاع، بل هو مصدر قوة سياسية واقتصادية، يستخدمونه لفرض الإرادة، وتعطيل القرارات، وابتزاز الخصوم.

عندما تمتلك جماعة ما سلاحًا خارج إطار الدولة، تصبح فوق القانون، ولا يمكن محاسبتها على أي جريمة. ولهذا ترى هذه الجماعات أن تسليم السلاح يعني الدخول في قفص المساءلة. من سيحميهم حين يُفتح ملف جرف الصخر؟ من سيدافع عنهم حين يُكشف مصير المختطفين؟ من سيوقف العدالة حين تبدأ في التحقيق بملفات الاغتيالات والفساد؟

السلاح يمنح هذه الجماعات حصانة، ويمنحها دورًا محوريًا في أي مفاوضات سياسية. ولهذا فإن التمسك به لا علاقة له بـ"المقاومة"، بل بكل شيء له علاقة بالنفوذ والبقاء في المشهد السياسي، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار العراق ومستقبله.

من يملك القرار داخل الفصائل؟

من المثير أن هذه الفصائل لا تتحرك بناءً على قرار عراقي داخلي. في كثير من الأحيان، القرار يُصنع خارج العراق، وتحديدًا في طهران، ثم يُنقل عبر قنوات خاصة إلى بغداد أو النجف أو مناطق نفوذ الفصائل. هناك تراتبية عسكرية وسياسية داخل هذه الجماعات، تبدأ من القادة المحليين، لكن تنتهي دائمًا عند مستشارين أو قيادات في الحرس الثوري الإيراني.

حتى في مواقفهم السياسية، تجد أن خطابهم لا يخرج عن الخط الإيراني. من رفض التطبيع، إلى مهاجمة الخليج، إلى دعم الحوثي، كلها مواقف تُكتب هناك وتُقرأ هنا. والأسوأ أن بعض قادتهم يفتخرون علنًا بأنهم "جنود ولاية الفقيه"، وليسوا ممثلين للعراق.

هذا التبعية تطرح سؤالًا مصيريًا: كيف يمكن لدولة أن تنهض إذا كانت القوى المسلحة فيها تأخذ تعليماتها من الخارج؟ كيف يمكن للحكومة أن تبسط سيادتها إذا كان هناك من يُقسم بالولاء لدولة أجنبية؟ الإجابة عن هذه الأسئلة هي المفتاح لفهم الأزمة العراقية اليوم.

ملفات الاغتيالات والاختفاء القسري: من يحاسب من؟

إذا أردنا أن نبني دولة حقيقية، فلا بد أن نفتح الملفات السوداء، وعلى رأسها ملف الاغتيالات السياسية والاختفاء القسري. منذ انطلاق تظاهرات تشرين وحتى اليوم، قُتل العشرات من النشطاء والصحفيين والأكاديميين، واختفى المئات من الشباب، دون أن يُقدم أحد للمحاكمة.

الجميع يعرف من الفاعل، والجميع يتحدث عن الجهات نفسها، لكن لا أحد يملك الشجاعة لمواجهتهم. لماذا؟ لأن السلاح خارج الدولة، ولأن القضاء لا يستطيع التحرك دون غطاء سياسي، ولأن من يملك القوة في العراق اليوم هو من يحرك الملفات ويغلقها حسب المزاج.

حتى مجلس النواب، الذي يُفترض أنه الممثل الشرعي للشعب، لا يستطيع مساءلة تلك الجماعات. فهل يعقل أن تكون دولة تملك كل هذا العدد من القتلى والمختفين، ولا تفتح تحقيقًا جادًا واحدًا؟ هذا هو واقع العراق اليوم، دولة تُدار بالترهيب، ويُصمت فيها الصوت الحر بالرصاص.

هل يمكن نزع سلاح الفصائل فعلًا؟

نزع السلاح في العراق ليس مهمة مستحيلة، لكنه يحتاج إرادة سياسية حقيقية، ودعمًا شعبيًا واسعًا، وتحالفًا دوليًا داعمًا لسيادة الدولة. المشكلة أن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تملك الشجاعة الكافية، بل بعضها تحالف مع الفصائل لأسباب انتخابية أو طائفية.

لكن الشعب العراقي، كما أثبت في تظاهرات تشرين، مستعد لتحمل الكثير في سبيل إنهاء هذا الوضع الشاذ. كما أن المجتمع الدولي بدأ يدرك أن استمرار هذه الجماعات يُهدد استقرار المنطقة، ويجعل من العراق ساحة صراع دائم.

نزع السلاح يبدأ بتجفيف منابع التمويل، وفرض السيطرة على الحدود، وتطهير المؤسسات من العناصر الموالية للفصائل. ثم يأتي الدور القانوني، بمحاسبة المتورطين، وإعادة هيكلة الحشد الشعبي بما يضمن دمجه الكامل ضمن المؤسسة العسكرية.

الأمر ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلاً. والتاريخ مليء بتجارب دول نجحت في إعادة بناء جيوشها ومؤسساتها بعد سنوات من الفوضى.

نحو عراق بلا ميليشيات: الحلم الممكن

الحلم بعراق خالٍ من المليشيات ليس ضربًا من الخيال، بل هو هدف يجب أن يسعى إليه كل عراقي يحب بلده. لا يمكن بناء اقتصاد، أو تحسين التعليم، أو تطوير الصحة، في ظل وجود كيانات مسلحة تتصرف وكأنها دول داخل الدولة.

العراق يحتاج إلى مشروع وطني جامع، يتجاوز الطائفية، ويضع سلاح الدولة فقط في يد الجيش والشرطة. هذا الحلم يبدأ بالتوعية، بفضح الجرائم، بخلق رأي عام لا يقبل التبرير ولا يرضى بالسكوت.

نحو عراق بلا ميليشيات، هو شعار يجب أن يتحول إلى حملة وطنية، تبدأ من المدارس والجامعات، وتمتد إلى البرلمان والحكومة، وتنتهي بشوارع آمنة لا يخاف فيها المواطن من رجل مسلح لا يحمل شارة الدولة.

الخاتمة: لا وطن مع البنادق المنفلتة؟ العراق لا ينقصه الرجال الشجعان، ولا العقول النيرة، ولا الموارد الطبيعية. ما ينقصه فعلًا هو قرار شجاع بنزع سلاح الميليشيات، وإعادة الدولة إلى سكة السيادة الحقيقية. لقد تحولت تلك الفصائل من حركات مقاومة إلى أدوات قمع واستغلال، وأصبح السلاح الذي رُفع يومًا ضد داعش يُرفع اليوم ضد الشباب العُزّل، وضد الحريات، وضد مستقبل العراق نفسه.

المعركة اليوم ليست فقط سياسية، بل هي معركة وعي أيضًا. المواطن عليه دور، والإعلام الحر عليه مسؤولية، والمجتمع الدولي عليه أن يحدد موقفه: إما أن يدعم عراقًا حرًا مستقلًا، أو يقف متفرجًا على بلد يُسرق كل يوم تحت أعين الجميع.

لا بد من تفكيك هذه الكيانات، وإعادة الاعتبار للمؤسسات الرسمية. لا بد من إعادة جرف الصخر لأهلها، وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، ومحاسبة من اغتال نشطاء تشرين. لأن الوطن ليس فقط خريطة، بل هو كرامة وحق وعدالة.

فقط عندما ينتهي زمن البنادق الخارجة عن القانون، يمكن أن يبدأ زمن الوطن.


الأسئلة الشائعة (FAQs)

لأن السلاح يضمن لها النفوذ السياسي، ويحميها من المساءلة القانونية، ويُبقيها جزءًا من معادلة الحكم والاقتصاد.

. ".

لا، الغالبية العظمى من الفصائل المسلحة مندمجة في الحشد الشعبي شكليًا، لكنها تعمل بأجندة مستقلة تمامًا، وغالبًا خارج القانون.

غياب الإرادة السياسية، وخوف بعض الأطراف من الصدام مع الفصائل، إضافة إلى النفوذ الإيراني الذي يُعقّد أي خطوة بهذا الاتجاه.

المجتمع الدولي يملك أدوات ضغط دبلوماسي واقتصادي، لكنه حتى الآن متردد، أو لا يرى خطورة الوضع كما يراها العراقيون.. .

نعم، الأمل دائمًا موجود. التجارب أثبتت أن الشعوب عندما تتوحد وتصر على التغيير، لا سلاح يمكنه الوقوف في طريقها. .

google-playkhamsatmostaqltradent