recent
أخبار ساخنة

الكتاتيب أيام زمان/ خوام الزرفي

Site Administration

الكتاتيب والملالي

الكتاتيب كان لها الدور الاول في التعلم قبل أن تكون هناك مدارس

"الف تو زبرلن"(الزبره فتحه)،"الزيره" (كسره الألف)، "تو زيرلن" (الف تحتها كسرتان)
ملا سلمان الحديدي! قرية بروانه(الصغيرة وأختها الكبيرة) تحتضن نهر ديالى العظيم على مر الدهور والعصور والازمنة. 
                                وكل شجاعة في المرء تفنى
                                                      ولا مثل الشجاعة في حكيم
"من علمني حرفا ملَكنِّي عبداً"هكذا تعلمناها ومشينا خطى متعبه فيها!!
قيل ! وكأن للذكريات قلبا لاينبض الا في الليل! واصعب منها الذكريات التي لا تموت تميت !!!! وهكذا لانقدر التخلص من هذه الذكريات متعزين، من حفظ الماضي في صدره اضاف عمرا الى عمره، وسنبقى نعيش في ذكريات ماض مقدس!!
فتحت مدرسه في بروانه في نهاية الثلاثينات !!تبعد عنا القريه مسافه 3كم ولكنه طريق شائك باشجار متشابكه اضافه الى امطار وطرقات موحله وفيضانات وتلاميذ شبة عراة لايكسوا اجسادهم سوى طمر باليه! في بروانه ملة اسمه (ملا سلمان) وقد عرف عنه لايتوانى في فعل الخير وخاصه إنتفت الحاجه لعمله في بروانه وهو يعمل في قرى متناثره!
اصبح الاتجاه اليه لتعليم الاطفال القران الكريم !! أتفق معهم على بناء غرفه (خرابه من الطين قطرها 3م) خارج القريه وهكذا كان ! هذا الرجل قصير حد القصر ولكن من يمشي كان رجلاه الصغيرتان لاتصلان به الارض ! وسمعت انه لم يركب سياره قط في حياته يطوي الارض طيا! افتتح الصف وقد شاهدت اخر يومان في صفه عن بعد هيبه ووقار! أحترموه اهل القريه وكان ابناءهم عنده يعاقب ويحاسب بقسوه متناهيه شاهدت ان احدهم لم يقوم بواجباته فنادى على التلاميذ ان يشدوا رجليه وقام بضربه على باطن رجليه بعصا يحملها تشبه ((العوجيه)) يسير وسط حلقه شبه دائريه وكانه يستعرض قظعات من الجيش! مغرم بالعمل الذي يقوم به لا يعمل للحياة بقدر ما ينتظر جزاءه في الاخره على عمله!
اسعد ايامه عندما يختم احد تلامذته القران ! يكون هناك استعراض في شارع القريه الرئيسي الذي يبلغ طوله 100م، يلبس المتخرج البيرمه الملونه"مأزر" وهو يسير وسط زملاؤه والهلاهل من ذوي التلميذ مع نثر الحلويات(الملبس) والصلوات على النبي واله هناك ترى "ملا سلمان" في ابهج لحظاته يستعرض الناس الواقفه يمينا وشمالا ويتبختر في مشيته لانه اعطى لله عملا لاينسى أجره عند حفظ القران، يقوى عود الطفل ليذهب للمدرسه في بروانه يقبل احيانا في الصف الثاني او الثالث على مقدار مهارته!  
دائما يقال أن الاماكن القديمه هي عبارة عن قصص بلا لسان تذكر من عاش فيها! بقيت "خرابة" ملا سلمان نصف قرن، الا ان وزعت الاراضي المجاوره لها (قطع اراضي)! قيل في هذه الخرابه ما لا يصدق احدهم اقسم انه شاهد فيها نورا رغم انها بلا سقف واخر حلف انه سمع منها اصوات تصدر وهكذا قيلت حكايات حولها واساطير كثيره! كنا نمر منها ليلا للذهاب الى المقهى وحال الوصول بالقرب منها نبتعد بحدود 30م خوفا ورهبه ! بقى هذا الملا في عقول من درسهم ولم يبقى منهم الان أحداً، الكل رحل ولكن تمر السنين والايام ويمض كل الزمان ولكن تبقى ذكرى من نور عقول الناس واعطاءهم البصر والبصيره!!! 

العلم مميت الجهل كما يقول الامام علي (ع)!! لم يكتف هذا الرجل بما قدمه من تعليم القران الكريم مثلما كتبنا كان لايركب السياره وينطلق بساقيه الصغيرتين تحملها الرياح ! احترامه وهيبته طغت على مختلف طبقات المجتمع صغيرهم وكبيرهم، وقد علمت من ابن اخيه (ياسين حفظه الله) إنه كان يتكلم عدة لغات التركيه، والالمانيه، والانكليزيه، والكرديه !! حفظ كتاب الله لايحمل معه القران! كان له فضل في قرى متعدده اضافه لقرية (بروانه) في تعليم الناس اصول التلاوه والتجويد وحفظ اجزاء من القران الكريم ! اهم مافي شخصيه هذا الخالد هي ايمان الناس به في حالة المرض يشهد الكثير عنه يملك كرامه وهذا متاتي من ايمان الاخرين به ويعالج عرق النسا والانزلاق والحسد والمعيون وغيرها !! كان عبارة عن معرفه وعلم متحرك يبدي خدمه للاخرين اكثرها مجانيه!!

بعد كل ذلك اليس من حقنا ان نعيش ذكرى لابد ان نذكر الناس بها من باب رد الجميل لرجل حارب ظلام الجهل والاميه! تمنيت مرور الايام ونسيت ان هذه الايام هي من عمري وهذه بديهيه الحياة ! رحم الله ملا سلمان ايقونه العمل الدائم وحروف كتبها في حياة كل من عاش وسمع به ! كان الطريق الذي سلكه طريق الخيرين والحكماء واقول لو توفرت له امكانيات ما نملك الان لسمعنا ان في قرية بروانه سقراط وسارتر ومولير والعقاد !ىولكنه خلق من العدم شيئا اسمه ملا سلمان بقى على كل لسان!
                            على قدر اهل العزم تاتي العزائم
                                                      وتاتي على قدر الكرام المكارم
لم يعد النسيان ممكنا من الذكريات لانها لازالت مكدسه وتابى ان تغادر !! الطيبون كثار نتذكرهم لان ما اسدوا للاخرين من معروف كثير!! رحم الله ملا سلمان الحياة التي استمرت بالعطاء حتى بعد رحيله لانه زرع العلم والخير!!!
بقلم الاستاذ
خوام مهدي صالح الزرفي



google-playkhamsatmostaqltradent