(شاي على الوشتج)!!
من رجالات ضباب!!!!
كان نهر خريسان بارا للقريه يروي ويسقي الانسان والحيوان والشجر!!! تتوسد القريه على اكتافه!! وفجر احلام الفتيات للخروج اليه او احيانا البستان المتنفس الوحيد لهن!! وشلال عواطف بريئه للشباب للتسكع على ضفافه ليروا من اشتاقت لهم الافئده والجوارح هكذا كان كل حياة الناس!! بالمقابل اخت خريسان ديالى تحمل الموت والشقاء والفقر!! شتان بين صيفها الجميل وشتاءها المخيف!! لم تكن هناك سدود ياتي الفيضان وكانه بطون حيات او قمم من الجبال المتحركه لتاخذ كل شي محاصيل تخريب جدران عشرات البساتين مثل جنات عدن في يوم وليله تحولت الى قاع النهر وغابت عن الانظار الالاف من اشجار النخيل وعشرات الالاف من الحمضيات لتجد عائله وعوائل تحولت من الغنى الى الفقر المدقع!!! حاولت الدوله ان تضع موانع من الحجر ينقل من الرمادي (على شكل جدار يتعامد مع قوة الماء ليحول دون جرف البساتين ولكن القدر وقع!!!
أبو نزار |
اتجه الشباب للبحث عن مصدر للعيش ولم يكن سوى الجيش!! لقلة الوظائف في حينها!! غلقت الدوايين فتحت مقهى هنا وهناك لم تعمر طويلا!! الا ان قام (ابو نزار) فتح مقهى اثاثها من سعف النخيل!! يجتمع بها افراد القريه وكانهم عائله واحده وكما قال الامام علي (ع) الشدائد تذهب الاحقاد!! حتى كبار السن يقتلون وقتهم بالدومنه ( والورق) والكاغد والطاولي!! ليل طويل اناخ على ناس كان الفرح يملاء نفوسهم!! ديالى كاد يصل للبيوت بجبروت طاغ قل نظيره! امواجه شدقة موت ياكل اجنحه رخاء وطيب حياة هادئه!! تجد الرجل من ينسحب الماء يمشي في حوض النهر ويقول هذه بستاني وهنا وهنا شجرتي العزيزه و و!!! فهو في مقبرة ذكرى هنا نخلة السكري وهنا برتقاله وهنا الليمون الحلو والحامض!!
الهروب للمقهى بلسم ودواء لان المحنه واحده والمصيبه وقعت على الكل!! يجلس كبار السن والعيون تحكي لان الصمت ينام في قلوبهم!!والثرثرة متقطعه مكلومه!! عوض الناس همومهم بصاحب المقهى !!عفوي فجر ندى ابيض في لقائه!!! الضحكه مرسومه قبل الكلام!! ليلا الضوء ((اللوكس)) زيته قناديل محبه تحلق حوله ناس عواطفهم التعاون وينتشرون كطيور تعود مساء الى اعشاشها! الوصول للمقهى هروب من عيون تهوم من نعاس مضجر!! صاحب المقهى قفشاته ماء بارد في هجير صحراء جرداء!!ونسمات دفئ في شتاء بارد!! يعرف كيف يضحك هذا او يكلم ذاك او يسكت الاخر!! الكهول ادمنت الورق اسقاطا لمراره في الحلق او دفن ذكرى في وادي سحيق!!
مثل الذهب وقت الحاجه هكذا يفتقده الاخرون!! الاكثريه تخرج منسله بهدوء بعد الخساره بالورق وشرب الشاي وكلها بالدين وكما يقول هو (على الوشتج) يعني بالدين ولحد الان لا اعرف معنى هذه الكلمه (على الوشتج) ومن اين جاء اشتقاقها!! يكون الدفع سنوي والكثير من الطلاب اصبحوا ضباط ومعلمين وفي الجيش وهم في ذمتهم دين (الشاي) قسم سدد وقسم بقت على الوشتج!!!
كل ذلك خطر لي وانا امر من مقبرة المقداد لارى قبره كالاسد الرابض!!!!!! يا من سقيت الناس شايا وخلقا وابتسامه دائمه يعوضك الله عنها اجرا ورحمه!! هنيئا للتراب الذي ضمك-لطهاره روحك وعفه نفسك!!
كان من ياتي شايب وهو مقطب الجبين (وهم دائما كذلك) داعبه (يمكن ام فلان ضاربتك دفره) وهكذا ازال الغيوم من وجه!! احبه الشباب من مشجعي الرياضه لان مقهاه تحمع لهم!! قبل الكهرباء كان عنده (مكينه) يشغلها فقط (للطوبه) واثناء التشغيل احيانا تعطل !! الكل تهرب من نظرة التشفي او الحسره!!! او خوفا من عتب خفي بالعيون لانه يتحمل تصليحها وهو لايستلم نقدا ثمن الشاي!!
وكم كان للشباب معه مزاح جميل!! كان التلفزيون خارج نطاق البث الصوره غير واضحه اخبره احدهم ان السبب (شجرة الكالبتوس ) في يوم ما قطعها وهي التي تظل المقهى في فصل الصيف الحارق!!! ليتحسن البث وبقى مثلما كان وذهبت شجرة الكالبتوس في بئر النسيان تحمل معها الكثير من احلام بريئه وقت خروج الفتيات لجلب الماء!! كان للمقهى دور اجتماعي كبير في جمع الصف وحل المشاكل حتى في حينها بدايه الستينات ومن وصلت التقاطعات السياسيه التي فرقت الاخ مع اخيه لم تكن واضحه لدينا!! يلعب القدر في وضع اشخاص على طريق كله عثرات وشقاء ليوشحوا الحياة سعادة ويزيلوا ضباب دموع من عيون وصدى محبه وتبتل في محراب التسامح!!!
رحمك الله يا اسطورة التفاؤل والمحبه كم رفعت هموم والالام بعذوبه لقياك وتلقائيه كلامك يا ايه التسامح والصفاء !!
سوف يذكرك الوفاء من اهل الوفاء وتبقى الضحكه في محراب زمنك تبحث عنك وعن اناس مثلك ومن خلالهم تنزع الكراهيه عباءتها ويخلع الحقد ثوبه لتعريه نقاء النفوس وبهجتها!! يبقى زمان يطرق ذاكرة رغم صدا العاديات ابت ان تنسى لتنثر للطيبين حنانا فقدناه واخوه اتعبتها سنابك الايام ولا زال بئر النسيان لم يرد !!!
هل اوفيت لك حقك (ابو نزار) اختم مثل ما قال زرداشت لانك تستحقه (((فيا ايها الانسان الاعلى تعلم كيف تضحك))) لانك علمت الكثير الابتسام وقت تساقط الدموع !!!!!!!!!
بقلم الاستاذ
خوام الزرفي