" السينما ما بين الماضي والحاضر" |
" السينما ما بين الماضي والحاضر"
بقلم/ الاستاذ طارق الزبيدي
المجتمع العراقي في الفتره المنصرمة
شهدت دور عرض السينما العراقية في بغداد وبقية المحافظات، اذ بان حقبة الخمسينيات والستينات من القرن المنصرم، التي شهدت عصرا ذهبيا! تمثل ذلك بزيادة في عدد دور عرض تلك الأفلام العربية والاجنبية، والتي تجري متابعتها بشغف من قبل أفراد المجتمع العراقي في ذلك الزمان، هم يتسقطون الأخبار في حالة دخول فلم جديد، اجنبياً كان أم عربياً، وفي آية سينما سيجري عرضه، شغوفين ليتابعوه ويحضوا بمشاهدته! وهذا يعد بحد ذاته المتنفس والنافذة الوحيدة التي يطل المجتمع العراقي منها على العالم المتحضر.
وكانت هناك دور عرض متخصصة مثل سينما غرناطة (صاله الافلام الجيدة ) وهذا هو عنوانها أو سينما الخيام الرائعة المكيفة شتاءاً وصيفاً أو سينمات شارع السعدون مثل سينما أطلس أو سينما النصر التي تعرض الافلام المصرية والهندية ولها عشاقها وروادها من قبل كافة افراد المجتمع ذكورا كانوا أم اناثاً.
من خلال تلك المتابعة التي ولدت أعلاناً لظهور نجوم وأبطال تلك الحقبة الزمنية فهم على معرفة تامه بأبطال الفن العالمي في هوليود مثل "انطوني كوين" أو "بيرث لانكستر" أو "جوليانو جيما" أو "كلوديا كاردنالي" أو "صوفيا لورين" أو "برجيت بادروا"! أو أبطال السينما العربية مثل "فريد شوقي" أو "أحمد رمزي" أو "شكري سرحان" أو "كمال الشناوي" أو "أحمد مظهر" أو "محمود المليجي" أو "فاتن حمامة" أو "زبيدة ثروت" أو "شاديه"!
لم يكن النشاط الفني في ذلك الزمان مقتصرا على فن السينما بل تعدى إلى مجالات أخرى مثل الكازينوهات ومحلات اللهو والطرب العفوي مثل شارع ابي نؤاس الذي تشدو به أم كلثوم طيلة الليل من خلال أسطوانات قبل ظهور مسجلات الكاسيت أو مقاهي متخصصة بسماع المقام العراقي وله متابعيه ومحبيه أن الحياة الاجتماعية في تلك الفترة كانت متجانسة وتسودها الطمأنينة والمحبة وتضلها روح التالف والأخوة الصادقه والثقة المتبادلة.
فقد كانت بغداد بوتقة جميله تجد فيها العربي والكردي والتركماني والمسيحي والصابئي وهم على اختلاف مشاربهم وانتمأتهم كانو أخوه متحابين، كانت مقاهي بغداد هي الأخرى تعج بالناس مثل مقهى "البرلمان وهو ملتقى السياسيين" أو "مقهى حسن عجمي "والزهاوي "والخشالي" أو "مقهى البرازيلي الهادئة" وهي ملتقى الادباء والمثقفين أو "مقهى شط العرب" التي تعج بالطلاب ورواد العلم أو "مقهى البيروتي" في صوب الكرخ كل هذه المقاهي في طريقها نحو الانحسار أما دور العرض السينمائي فقد أصبحت أثرا بعد عين وانحسرت معظم وسائل الترفيه واللهو إلى درجة كبيرة وخيم على المجتمع البغدادي شيئا من القنوط والانغلاق واليأس وخيبة الأمل واصابته كبوه ثبطت من همته وعزيمته في مواصلة التطور والازدهار وهذا هو نتيجة طبيعة لما مر به هذا البلد من حروب أودت ببناه التحتية واضعفت روح المواطنة لدى قسم كبير من أبناءه مما تمخض عنه خسارة فادحة في فقدان الخبرات وهجرة الكفاءات مثل الأطباء والعلماء وأساتذة الجامعات.
*****
بقلم الاستاذ
طارق ناجي الزبيدي