أسهل طريق للفتنة
إشعال حريق في حقل متيبس.
بقلم/ راسم العكيدي
ليس صعباً ان تشعل حريق في حقل متيبس وتوقظ فتنة تعيش في عقول الناس منذ سقيفة بني ساعدة ولكن الكل يتمظهر بالوطنية والاعتدال والمعروف والحق والخير ولا يسعى لها بل يهرع سريعاً خلف الفتنة **
صعب ان تبني فذلك يحتاج جهد ووقت ومال وسهل ان تهدم بحدث لا يحتاج امكانات وتوخي الدقة والتستر والاختفاء ولا يحتاج سوى بضع دقائق حتى يتصدر نشرات الاخبار من فضائيات الشؤم واعلاميي السوء وافواه تتناول النفايات حتى دون ان تطرد الذباب عنها ولا تحتاج الا حفنة من دولارات لمأجورين محميين لا يحاسبوا حتى لو كشفوا ولا يعاقبوا حتى لو القي القبض عليهم **
الاغلبية الساحقة تعرف الباطن والمخفي والاسرار كلها معلنة والكل يدعي التحليل والحكمة والدراية ويدرك المؤامرة ومن خطط لها ومن المنفذ ومن الداعم ومن يحرك ويغطي ومن المستفيد ومن اصحاب الاغراض ولكن عند الحدث الكل يتحرك بالاتجاه المطلوب الذي ارادوه من الحدث وينسى او يتناسى ويستغبي وهو الغبي بان الحدث معلوم **
الحقائق
لا تنفع الحقائق في مجتمع الفضائح ولا ينفع كشف الاسرار في مجتمع يعشق الوهم ويتبع اعوان مسليمة الكذاب ويصدق كذبهم ويراه يقين مقدس ولا ينفع المعلومة الموثقة بالصوت والصورة لصم بكم عمي **
الحقيقة يدعي الجميع معرفتها ويعرفون الفتنة ومن اين تاتي وكيف تاتي ومن تستهدف ولماذا لكنهم يتبعوها ويتمسكوا باطراف ثيابها وينفذوا اغراضها ويتبنون مواقف تعظمها وتنشرها حتى تكون كارثة **
لم تتعب معنا الدول ولن تتعب ولن يتعب الساسة والمخططون وايلمنفذون فالمهمة سهلة منذ الازل وتبقى سهلة الى يوم الفناء في بلد مثل العراق بني على ان يكون موطن الفتن وجاذب للحروب ومقاد لقادة الطائفية وزعماء الصراعات **
ومن يتعب هو من يحاول نشر الوعي الايجابي وثقافة التعايش ويبني دولة المواطنة والتخطيط للتنمية وتوفير دخل وتحسين مستوى معيشة ويتعب اكثر من يحاول كشف الحقائق وتاسيس زمن اليقين ودفع الناس للرجوع عن مطاردة السراب **
مع انه زمن الانكشاف والتقنيات الحديثة الذي لا يمكن فيه تغطية الحقائق وتمرير الوهم الا ان العراقيين مصرين على الايمان بالوهم وتقديسه **
فالنزيه نزيه في نظرهم حتى لو نهب ثرواتهم ووجودوا مقتنياتهم الخاصة لديه كمسروقات ويتهموا من ضبطها بانه ظالم ومحتال ومدفوع لتسقيط رموز وطنية **
والشريف عندهم شريف حتى لو كذب وسرق وخدع بل حتى لو حول الوطن الى مبغى **
واضحة هي الحقيقة فالسياسة كلما تضايقت استنجدت بالطائفية فهي اسهل واقصر واسرع الطرق لتعبئة الشعب خلف زعماء الطائفية واقطاب الفتن ورموز الارهاب المتبادل بمهمة مزدوجة **
والساسة لا تعبوا فقط في التخطيط للنهب والفساد طيلة فترتهم الانتخابية ويقاطعوا الشعب ويتركوه لازمات يخلقوها وحين تقترب الانتخابات وتحاصرهم الهزيمة يستدعون حفنة من اتباعهم الماجورين لتمثيل فيلم حقيقي وبالذخيرة الحية يذهب ضحيته ابرياء حتى لو كانوا من اتباعهم لكي تكتمل مصداقية مشاهد الفيلم ثم يظهروا كابطال واولياء الدم الذي لن يذهب سدى مع ان انهار من الدم امتصتها رمال العراق المتحركة نحو مستنقع الطائفية **
عاد المجهول ليقتل ويلوذ بالفرار ويتكرر المشهد مرات مع انه تكرر مئات المرات والتكرار يعلم لكنه يسقط الصدفة ويسقط مفهوم ان في العراق اجهزة امنية واستخباراتية وجيش وحشد لكن الاوامر ان اتركوا الامور للسياسة ولا تتابعوا وتجمعوا المعلومة وتكشفوا فالاوضاع لن تكون الا بهذه الطريقة ولا طريقة غيرها حتى تكون انتخابات بلا تغيير واصلاحات بلا نتائج ويبقى الوضع على ما رسم له وخطط له والتنفيذ بامتياز وتصرف **
فشعار دمائنا ليست رخيصة يملأ صناديق الاقتراع.