صراع القوى
وحصانة الزعماء
بقلم الاستاذ راسم العكيدي
لكي يكون لاي زعيم عصابة حصانة لابد ان يكون قوياً ثرياً قاسياً منفذاً، لكن الحصانة تسحقها الوحشية في صراع القوى؟
ولكي تكتمل الصورة لابد ان يكون للزعيم نظام لا يخترق ولا يصيبه خلل ومن يخترقه يدفع الثمن، ولابد ان تكون قواعد اللعبة من يخل بها يخسر كل شئ.
هذا النظام له ركائز وشروط تبدأ بغطاء سياسي وراية دينية وامتدادات خارجية وهنا يكون النظام شبكة مافيا لن تسقط، لأنها تتمتع بأواصر قوية مع المال والسلاح والمخدرات، وهذه تصنع القوة والنفوذ والعلاقات المخابراتية الدولية تمتد عبر الحدود والبحار والمحيطات والموانئ والمطارات.
تأثير وتأثر بقضايا دولية وإقليمية دينية وسياسية تؤثر في المشاعر بدوافع وطنية وتؤثر بالضمير بضرورات دينية ومذهبية بدقة وتركيز.
صراع القوى والحرب الباردة:
هذا النظام فرضه النظام الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية بأردية عديدة، وحرب باردة وحروب ساخنة صغيرة متناثرة لتكون مقياس صمود وتماسك النظام الدولي.
هذا النظام له حدود لتقاسم النفوذ والمصالح وتكون دولة لا تقبل القسمة، تكون قاسم مشترك لا تخضع لأي طرف تكون الحد الفاصل تديرها مافيات تمنع سقوط نظامها وتمنع اختلال توازن قوى المتقاسمين.
فكانت ايطاليا ارض الخوف بمافايات أسستها أمريكا بموافقة الاتحاد السوفيتي، تكون كحد فاصل بين أوروبا الشرقية كنفوذ للاتحاد السوفيتي، وأوروبا الغربية كنفوذ لأمريكا.
كلما حاول طرف الإخلال بتوازن القوى والتقسيم خلق الطرف الآخر مشاكل في فنائه الخلفي لإعادة توازن القوى.
فكانت ازمات في امريكا اللاتينية والمكسيك خلقها السوفيت حين اقتربت أمريكا من نفوذهم في آسيا والقوقاز والبلطيق وكذلك أمريكا تخلق للسوفيت أزمات ان اقترب من المياه الدافئة في الخليج واخل بتوازن النفوذ في الشرق الاوسط.
بعد حرب ايران وازمة الكويت دخل العراق في حدود النظام الدولي الجديد كمؤشر لتقاسم النفوذ، ثم دولة فاصلة بين قوى النظام الدولي وكان لابد من نظام سياسي تديره قوى سياسية مشتتة يصعب عليها إدارة البلد من الداخل، ويسهل حكمه من الخارج.
صراع القوى واللعبة الدولية:
يقابل النظام السياسي تنظيمات مسلحة عابرة للحدود تتحرك وفق قواعد اللعبة الدولية والاقليمية تكبح جماح النظام السياسي ان صدق، انه سلطة دولة وتكبح قوة التنظيمات المسلحة التي تنفذ لجهة دون اخرى، وتصدق انها قوة منفردة فكانت مافيا الفساد والمال والمخدرات والنفط والتهريب والسلاح له شرعية سياسية وقدسية دينية تكون حصانة لها مفاتيح بيد الكبار.
هكذا اصبح العراق ارض الخوف لمافيات نظام، لا يخترق لنظامه السياسي أمن ثابت ولمجتمعه أمن متغير وهذا تذبذب يمنع بناء دولة ويبقي عجينة النظام لينة رخوة، لكن له قدسية دين بقضية تسمح للمقدس ان يفعل كل شئ من اجل قضية الضرورات تبيح المحظورات.
حصانة الزعماء وخيوط اللعبة:
لكي لا تتاح للمجتمع فرصة للتعمق وكشف خيوط اللعبة لابد من ازمات تدفع نحو التزام الخنادق وايادي تغطي الرؤوس والعيون من رصاص السيناريوهات وافلام الاكشن وهذه السيناريوهات لها بداية مقررة ونهاية مقررة.
فيها ابطال اقوياء وشهداء مضحون ينقسم المشاهدون حول أحقيتهم كخير وشر، والقانون كما يحمي الخير وينفذ له فانه يحمي الباطل ويخدمه، وزعماء المافيات باطلهم قانون وشرهم له هيبة دولة وقدسية مذهب يتصارع معهم الساسة بصراع مرسوم له حلقات.
يصعد فيها السياسي بضمير ويصعد زعيم المافيا بقدسية قضية، ولكل بطل مشجعين ومصفقين وجمهور ونقاد وادوات تحرك اللعبة بلهيب المشاعر وبحكمة عقل كلما رفع الناس رؤوسهم ونسوا تفاصيل الفيلم.
كان فيلم اخر وازمة اخرى تاخذ وقتها وفي الخارج خيوط تحرك وفي الداخل أدوار تُرسم وتستمر اللعبة ونحن جمهور نتفاعل ونصفق ونصدق الأهداف والضربات والحركات العنيفة مع ان هناك دوبلير يتلقى الضربات الخطرة ويقوم بالحركات الخطيرة بدل البطل.
ماذا جرى" لامة من خير الامم؟