حرب تشرين 1973" من مذكرات النقيب الطيار خلدون بكر خطاب".
الجزء الثالث والأخير.
٢٣.مع أنّ محاولات قوات العدو المستميتة الاستمرار في تقدمها على المحور شديد
الْخَطَر: ((القنيطرة, خان أرنبة, سعسع , دمشق)) وبإسناد جوي مستمر وكثيف من
قبل سلاحه الجوي وتحقيقها نجاحات مؤثرة على القوات السورية.
إلا أن هذا التقدم بدأ يواجه صعوبات جدية وذلك بسبب صمود القوات السورية
المدرعة والألية الباسلة على هذا المحور ووصول طلائع القوات العراقية المتمثلة
بكتائب دبابات اللواء المدرع 12 مع جزء من لواء المشاة الآلي الثامن إلى
المنطقة ومباشرته الهجوم يوم 12تشرين1 على مجموعة ألوية (لانر) المدرعة بمعركة
(تصادفية) لم يكن يتوقعها العدو في المنطقة ولم يكن قد تحسب لها، الأمر الذي
شكل مفاجأة للقيادة الميدانية الإسرائيلية وأشعرها بأن قطعاتها باتت مهددة
من الأجناب مما تطلب فرز قطعات لمواجهة التهديد الجديد على هذا المحور.
٢٤.وان المعضلة المهمة الأخرى التي واجهتها القطعات الاسرائيلة المتقدمة
باتجاه دمشق هي اقترابها من شبكة صواريخ ارض- جو السورية المكلفة بحماية
العاصمة دمشق والمناطق المحيطة بها.
ولمدى عمل مؤثر لغاية ( 40كم ) عن العاصمة مما حدد من فاعلية الطيران
الإسرائيلي لإسناد عمليات قواته كلما اقتربت هذه القوات من حدود شبكة
الصواريخ المذكورة.
هذا بالإضافةً إلى أن تعقيد التضاريس الأرضية ووعورتها النسبية تجعلها غير
ملائمة لحركة قوات مدرعة بكتل كبيرة.
٢٥.وإزاء هذا الموقف فان مساهمات أسراب الهجوم الأرضي العربية السورية
والعراقية في إسناد القوات البرية استمر بكثافة للتأثير على محاولات دروع
العدو للاندفاع شرقا وجنوب شرق هذا المحور بالغ الحساسية.
وان أهم المناطق التي تمت مهاجمة قطعات العدو فيها من قبل أسراب الهجوم
الأرضي العراقية والسورية هي المناطق الساخنة جداً في :
( الخشنية , القنيطرة , تل الشعار, تل عنتر ، خان أرنبة ، وتل الحارة).
كما استمرت عمليات استهداف القطعات المعادية المتمركزة على سفوح جبل الشيخ
والمناطق المحيطة "بمزرعة بيت جن" وجنوبها في "كفر ناسج" وعقربا" وغيرها من
المناطق التي تواجدت فيها قوات العدو وكبدتها خسائر مؤثرة في الدروع
والآليات والأشخاص.
وساهم الطيران العربي العراقي/السوري في معارك "كفر ناسج و"تل عنتر" حينما
حاولت قوات العدو بعد إنهاء استحضارها يوم 16 تشرين1 الاندفاع من "كفر ناسج"و
"تل المال" في القاطع الأوسط من الجبهة تمهيداً للاندفاع باتجاه الطريق الحيوي
الرابط مناطق شمال الجبهة بجنوبها (طريق دمشق – شيخ مسكين ).
٢٦.في حدود الساعة 1730 من مساء يوم ٢١ت١وقبل تنفيذ قرار وقف اطلق النار بيوم
تم تنفيذ مهمة اسناد جوي ارضي بقيادتي وبقوة اربعة طائرات سوخوي7 محملة بقنابر
عنقودية مضادة للدروع على الهدف التعبوي المهم جداً والحاكم لى المنطقة "تل
الحارة، التي كانت قد احتلته خلال هجماتها المقابلة قبل ايام وكان للقوات
العراقية دور مؤثر جداً في هذه المعارك حيث هاجمت قوات العدو وأحبطت محاولاتها
الخطيرة للوصول إلى الطريق المذكور بعد تكبيدها خسائر فادحة ...
٢٦.لغرض تخفيف الضغط الكبير الذي أبداه العدو في الجبهة السورية طيلة الأيام
السابقة , ولخطورة الموقف علمنا أن القوات المصرية وبالتنسيق مع القيادة
السوري ، باشرت واعتبارا من يوم 14تشرين1 بالضغط على القوات الإسرائيلية على
جبهة سيناء. ودارت معارك عنيفة بالدبابات على الضفة الشرقية لقناة السويس
الأمر الذي اجبر العدو على تركيز ثقل جهده الجوي على الجبهة المصرية والتخفيف
على جبهة سوريا.
٢٧.لقد كان من نتائج الصمود المشرف من قبل كافة التشكيلات والوحدات المقاتلة
العربية على مختلف محاور جبهة القتال في ارض الجولان وعلى الجبهة المصرية هو
فشل قوات العدو من تطوير هجماتها على محاور التقدم التي أشرت إليها بهدف
تهديد العاصمة العربية السورية دمشق ولما أبداه المقاتلون العرب الأبطال من
استعداد منقطع النظير للتضحية بدمائهم وأرواحهم في سبيل قضية العرب العادلة
لتحرير أرضهم المحتلة من دنس العدو الصهيوني الغاصب...
٢٨.بعد تكامل تدفق القوات العراقية والعربية إلى الجبهة السورية (التي يجب
ذكرها للتأريخ وللأجيال العربية المقبلة وبعد إعادة تجميع القوات المقاتلة
السورية قد قررت القيادة السورية العليا شن هجوم شامل ضد جيوب قوات العدو التي
كانت تحاول ترسيخ مواقعها في الجبهةخلال المرحلة العملياتية الأولى وتحرير
كامل ارض الجولان في المرحلة الثانية ووفقا لتطورات الموقف باستخدام القوات
السورية والعربية التالية :-
أ. فرقتين مدرعتين سوريتين غير كاملتين.
ب. ثلاث فرق مشاة آلية سورية.
ﺟ. ثلاث ألوية سورية من ضمنها لواء مستقل.
د. فرقتين مدرعة عراقية (ناقص) لواء.
ه. ثلاثة ألوية عراقية واحدة منها ( مشاة ) والأخر (جبلي ) و(الثالث ) قوات
خاصة.
و. لواءين مدرعين أردنيين.
وهناك وحدات مقاتلة مغربية وسعودية ومن جيش التحرير الفلسطيني ( قوات حطين
والقادسية ).
٢٩.في الوقت الذي كانت تدور فيه معارك طاحنة قرب (سعسع) السورية على مسافة
حوالي ٣٠ كم غرب العاصمة دمشق مع تمكن قوات العدو من إحداث خرق على الجبهة
المصرية (ثغرة الدفرسوار) ، باشرت القيادة السورية العليا بإعداد خطة للهجوم
المقابل الإستراتيجي على أن تنفذ يوم 23 تشرين1 حيث تم تحديد المهام
العملياتية لهذا التعرض الشامل بهدف طرد القوات الاسرئلية المحتلة وتحرير كامل
ارض الجولان ! وكان سربنا وباقي الأسراب جاهزة للمشاركة في هذه المهمة المقدسة
...
1. نتيجة لتطورات الموقف العسكري والسياسي على الطرف المصري الشريك في الحرب
وقبول مصر بقرار مجلس الأمن الرقم (338) القاضي بوقف إطلاق النار يوم 22ت1
1973 وموافقة القيادة السورية على القرار لم يتم تنفيذعملية الهجوم المقابل على
الجبهة السورية المشار اليها ...
## مجمل الطلعات الجوية القتالية المنفذة وخسائر القوة الجوية
العراقية.
٣٠.بلغت عدد الطلعات القتالية التي نفذها الطيارين العراقيين خلال فترة
اشتراكهم في هذه الحرب على الجبهتين السورية والمصرية باكثر من 600 طلعة تصدي
للطائرات الاسرائيلية وطلعات القصف (اسناد جوي) للاهداف الاسرائيلية وكان من
نتائجها اسقاط اعداد من طائرات العدو المقاتلة وتكبيد قطعاته الارضية خسائر
مؤثرة في الياته ودروعه والاشخاص في ميدان المعركة.
٣١.بلغت مجمل خسائر القوة الجوية العراقية خلال العمليات على الجبهتين
المصرية والسورية ( 26 ) طائرة قتال منها 8 طائرات على الجبهة المصرية و15
طيار مقاتل بين شهيد واسير ومفقود...
٣٢. كان جهد اسراب النقل الجوي العراقية في عمليات اسناد رائعا ، حيث تمكنت
هذه الاسراب من تنفيذ اكثر من 200 طلعة اسناد بالنقل الجوي لاسناد تنقل الاسراب
المقاتلة ونقل 1800 مقاتل من القوات الخاصة الى الجبهة السورية وبلغت مجموع
الحمولات الاضافية الاخرى المنقولة جوا اكثر من670 طن.
## نظرة عامة على استخدام سلاح الجو الإسرائيلي في حرب 6 تشرين197.
٣٣.كما هو معلوم بان نظرية الأمن إسرائيلي تعتمد أساسا على مبدأ السبق (
المبادأة ) في شن الحرب ونقل المعركة بأسرع وقت داخل أجواء وأراضي الخصم
وان سلاح الطيران والدروع يعتبران الأداة الرئيسية لتطبيق هذه النظرية ، كما
ان الطيران يحقق لهذا العدو السرعة في رد الفعل تجاه الهجمات المباغتة والمرونة
في مواجهة أكثر من تهديد في آن واحد ومن اتجاهات مختلفة كما حصل في الحروب
العربية الإسرائيلية 1956 و1967 و1973 مع الاختلاف في من بدأ الحرب في هذه
الحروب ، إلا إن المبدأ في الاستخدام الإستراتيجي والعملياتي والتعبوي
المعمول به لدى الاسرائليين هو واحد.
# السيطرة على الجو
٢٤.لقد أدرك قادة الكيان الصهيوني منذ تأسيس كيانهم بأن تحقيق ذلك يتطلب
بداية (وجوب التفوق في عناصر القدرة الجوية على القوات الجوية العربية كما
ونوعاً، تسليحاً وتجهيز وتدريباً وتأهيلاً للطيارين والكوادر الفنية
والإدارية، وتأسيساً للمنظومات اللوجستية الساندة للقوات الجوية، وتطويرا
لمنظومات القيادة والسيطرة) ، لذلك لاحظنا أن الطيران الإسرائيلي ومنذ
الدقائق الأولى لهجمات القوات العربية في 6 تشرين 1973 على جبهتي الجولان
وسيناء ، باشر في التعرض على القوات العربية المقتحمة لدفاعات العدو الحصينة
فيهما ولقد استهدف هذا الطيران ضمن أولوياته. الدروع السورية والمعابر على
قناة السويس والقطعات المعقبة والدفاعات الجوية بضمنها مواقع الرادارات وصواريخ
ارض- جو (سام) مستخدما مختلف واحدث إنتاج للترسانة الحربية الأمريكية
والإسرائيلية من ضمنها قذائف ضد الدروع والتحصينات نوع مافرك) - والقنابل
الفسفورية والحارقة والخارقة مع تركيزه على القنابل العنقودية بمختلف أنواعها
منها ضد الدروع والأشخاص ولقد تكبد العدو الجوي خلال هذه العمليات على
الجبهتين خسائر كبيرة في الطائرات وتم اسر أعداد من طياري ، وان الطائرات
المقاتلة الرئيسية التي استخدمها العدو في هذه المهام هي طائرات :
** طائرات سكاي هوك لغرض اسناد قطعاته الارضية،
** طائرات الفانتوم F-4 الامريكية المنشا لمهام التجريد العميق والتعرض على
القواعد والمطارات العربية لدول المواجهة،
** طائرات الميراج٣ لاغراض الدفاع الجوي والحماية المرافقة لتشكيلات الضربات
الجوية ، بهدف الحد من نشاط الطيران العربي السوري المصري الذي كان فعالا على
الجبهتين الغربية والشرقية.
٢٥.استمر العدو في تعرضه الجوي على القواعد الجوية والمطارات ومراكز القيادة
والسيطرة في عمق أراضي القطرين العربيين وكانت ترافق هذه الهجمات طائرات
حماية لتشكيلات الضربة مؤلفة من طائرات (الميراج سي3 ) لغرض سحب طائراتنا
المتصدية والاشتباك معها حينما تشكل مقاتلات الدفاع الجوي المتصديةالعربية
تهديدا لطائرات الضربة المعادية ! حيث دارت اشتباكات جوية ضارية طيلة ايام
الحرب بين الطيارين العرب البواسل والطيارين الصهاينة في الأجواء العربية
السورية وتم إسقاط العديد من طائرات العدو مما حدد من فعالية طيران العدو في
عمق الأراضي العربية الذي كان يستهدف في نفس الوقت المناطق الحيوية فيها
كمصافي النفط ومناطق تجمع القطعات أو تحشدها ومراكز القيادة الخلفية الدفاعات
الجوية القطرية.
٢٦.لقد استخدم طيران العدو خلال هجماته على الهداف السورية مختلف انواع
الاسلحة ،منها الأسلحة الموجهة جو- ارض ضد رادارات الكشف والتوجيه نوع (شرايك)
كما استخدم العدو الجوي الشراك الطائرة لغرض خداع وإشباع وإرباك الدفاعات
الجوية العربية تمهيدا لضربها.
٢٧.تكبد الطيران الصهيوني خلال حرب تشرين1973 خسائر لم يتوقعها قادة هذا
السلاح وان مرجع ذلك هو فعالية الدفاعات الجوية العربية والاندفاع الرائع
لطياري المقاتلات المتصدية ، اضافة لاصرار قيادة هذا السلاح في اتباع نفس
الاساليب التي كانت متبعة في حروبهم السابقة في مواجهة القوات العربية وهي
اساليب سبق وان اختبرتها القيادات العسكرية العربية وهيأت مستلزمات مواجهتها
بنجاح كما اثبتتها وقائع هذه الحرب .....
## انتهت