الثنائية القطبية " الخطر القريب؟ قراءة في محاولات بوتين العودة لنظام عالمي جديد. الجزء الرابع
كتبنا في المقال السابق في الجزء الثالث حول النظام الليبرالي وما علاقة الثنائية القطبية مع الخطر القريب. الذي يتهدد العالم والتمنيات من البعض في عودة الثنائية القطبية. شراكة بلا حدود " بيان بكين في شباط 2022.
يتصور البعض من المحللين العرب والإسلاميين. ان هناك مؤشرات ترفع من سقف التمنيات ان يعاد نظام القطبية المتعددة, وتكون روسيا جزء منه؟ ويشيرون إلى تدخل روسيا في سوريا. و ضم القرم وغزو اوكرانيا مؤشر على هذه الرؤية؟
الواقع الجيوسياسي في العالم اكثر تشابكا وتعقيدا من هذه النظرة ؟
فالصراع الحالي هو بين الولايات المتحدة والصين التي اطلقت مبادرتها ( الحزام والطريق) منذ العام 2014. وهذا المشروع بظاهره التجاري يخفي مشروع امني جيوسياسي خطير على الدول الهشة. في سنة 2014 ضمت روسيا اوكرانيا وتعرض بها العراق إلى غزوا داعش؟
إدارة بادين أصدرت في أذار من العام 2022. وثيقة حول المخاطر والتحديات التي تواجه الولايات المتحدة سمتها " التوجيه الاستراتيجي المؤقت لاستراتيجية الأمن القومي". هذه الوثيقة لم تشر إلى روسيا ألا مرتين. ولكنها أشارت إلى الصين 15 مرة. وأكدت على ضرورة التأهب لمواجهة تهديداتها؟
لابد ان الولايات المتحدة التي تتربع على قمة الاقتصاديات العالمية. ولديها اكبر جيش واكثر انفاق عسكري وتهيمن على مفاصل التكنلوجيا العسكرية والمدنية المهمة؟ تقدر من هو الأكثر خطورة عليها.
الرئيس الصيني تشي جي بينغ! قاد الصين منذ عقد من الزمن. بدأ في التحرك في المجالات الخطرة في التكنلوجيا والأنفاق العسكري؟ وهو ما لفت انتباه مصممي الاستراتيجيات في الولايات المتحدة إلى هذا الخطر. وهو ما سوف نعود اليه في مناسبة أخرى؟
روسيا دولة فقيرة متوسطة القوة في التسليح التقليدي؟
يعتمد اقتصاد روسيا كما هي الدول الخليجية على تصدير الطاقة من غاز ونفط ومواد خام أخرى. ولا تملك من الصناعات ألا صناعات عسكرية ورثتها من الدولة السوفيتية. وتشكل جزء مهم من صادراتها إلى دول العالم الثالث. بسبب رخص ثمنها رغم تخلفها تكنلوجيا.
تغلغل الفساد في مفاصل الإنتاج والتعاقد الروسي. كما حدث في الصفقة العراقية التي شابها الكثير من الفساد المالي وكذلك تخلف المواصفات. الأداء السيئ لبعض من المعدات الروسية في حرب اوكرانيا. سوف تكون له تداعيات خطيرة على موثوقية هذه الأسلحة؟
ورغم ضخامة قطاع الطاقة لكن روسيا تحتل بقائمة البنك الدولي التسلل 12 بين اقتصاديات العالم. تسبقها دول صغيرة مثل كوريا الجنوبية؟ الناتج الإجمالي لروسيا الاتحادية والذي يبلغ 1.5 ترليون دولار. من المتوقع ان ينخفض بسبب غزو اوكرانيا بنسبة 25% من الناتج الوطني.
أوضاع مثل هذه لا تشجع ان تكون روسيا قطب منافس للولايات المتحدة التي يبلغ ناتجها الوطني 23 ترليون تقريبا. وما تملكه من مفاصل مؤثرة في لي ذراع العالم هو صادراتها من الطاقة. وقد استغلت روسيا توجهات الولايات المتحدة لمواجهة الصين.
غزو أوكرانيا في محاولة لفرض قطبية تكون طرفا بها؟
هل الخطر قريب في عودة الثنائية القطبية من جديد من خلال غزو روسيا لأكروانيا. لكن موقف الصين الحذر من الخطوة الروسية. القت ضلال من الشك حول المدى الذي تتحرك به الصين للقبول بهذا المشروع. ربما ترى أنها المنافس للولايات المتحدة. وبدون الحاجة لقطب ثالث ( انقر على صورة الرئيس الصيني )؟
ربما تتمكن روسيا بتسوية مع أوكرانيا أن تحفظ ماء وجهها بمنع أوكرانيا من الانضمام مستقبلا لحلف الناتو. وتسهيلات في دونباس والقرم؟ ولكن أن تصبح روسيا جزء من نظام الثنائية القطبية أو أقطاب ثلاثية اصبح صعب التحقيق لان يبدو الخطر القريب.
ان اقصى ما تغشاه الولايات المتحدة ان تتحالف روسيا مع الصين في الصراع القادم بينهما. أو ان تنحدر روسيا إلى حالة من الاضطراب التي قد تهدد وجودها. وخصوصا ان المشروع الروسي يرتبط بشخص الرئيس بوتين؟ وهو ما سوف ينعكس على الدول الأوربية المجاورة لها .
في الحلقة القادمة سوف نتناول كيفية إدارة سلاح صادرات الطاقة الروسية في أزمة أوكرانيا.
بقلم... رياض البياتي.