recent
أخبار ساخنة

إيقاع الحياة بين الماضي الهادئ وحاضر السرعة الصاخبة

Site Administration
الصفحة الرئيسية

✨ إيقاع الحياة بين الماضي الهادئ وحاضر السرعة الصاخبة

✍️ بقلم: الدكتور يوسف كرم سليمان • 🕰️ 

إيقاع الحياة يرقص على إيقاعات متغيرة، بين ماضٍ هادئ وحاضرٍ صاخب. هل تساءلت يومًا كيف تغيرت وتيرة حياتنا؟ من الهدوء الذي كان يلفّ أيامنا، إلى السرعة التي تحكم كل تفصيلة في حاضرنا. في هذا المقال، سنستكشف رحلة إيقاع الحياة بين الماضي الهادئ وحاضر السرعة الصاخبة، ونغوص في تفاصيل هذه التغيرات التي طالت كل جانب من جوانب وجودنا، من العلاقات الاجتماعية إلى العمل وحتى أوقات الراحة.

إيقاع الحياة بين الماضي الهادئ وحاضر السرعة الصاخبة
إيقاع الحياة بين الماضي الهادئ وحاضر السرعة الصاخبة

إيقاع الحياة يرتبط كلٌ منا بالزمن او (الوقت). البعض منا  يملك الكثير منه والبعض الآخر لايملك إلاّ القليل, ولعل الكثير منا يعلم ان الزمن نسبي لدى كل واحد منا (اي كلٌ حسب معطياته. إلاّ إن الاغلبية متفقة على أن الزمن لم يعد كذلك. فأصبح اسرع.. بل هو سريع المضي عند الكل. والكل يشكو.... 😒 (ماعندي وقت).

⏳ الزمن بين النسبية والواقع الجديد

الزمن كفكرة نسبية: يتأثر بالسرعة والجاذبية، كما أوضح ألبرت أينشتاين في نظرية النسبية. هذا يعني أن الزمن ليس ثابتًا أو مطلقًا، بل يتمدد وينكمش حسب الظروف. وريما يعود سبب هذا التسارع (في رأينا المتواضع) ... إلى اننا في سبعينات القرن الماضي مثلاً لم نكن نسمع او نشاهد هذا الكم الهائل من المعلومات والتغييرات.

حيث كان المجتمع والعائلة... ضمن حدود واضحة الأطراف والأفكار.فكنا ندرك متغيرات مجتمعنا.. ببساطة الأحداث وتواليها البطئ. فاثرت على النمو العقلي والفكري وحتى الجسدي فبانت علينا هدوء النفس وراحة البال وفسحة الوقت. لذا أصبحت أرواحنا مرحة ووجوهنا فرحة نتيجة تأثير وتأثر بما يصلنا من ثقافات العالم ونتاجاتها الفكرية التي كانت عصارة جهود جبارة لأناس محدودي العدد والعدة.

🕊️البيئة الجغرافية وأثرها على التفكير

قد خلقنا الله سبحانه في بيئة معينة ذات أبعاد جغرافية محددة...وان سعي الإنسان طلبا للرزق والعلم او العمل بالقدمين سيراً او عدواَ  وإلى أهداف خارج جغرافية الموطن الأصلي لاتمنحه مسافات بعيدة..و متغيرات كثيرة. 

لذا أصبح لزاماَ علينا التفكير ضمن جغرافيتنا التي ننتمي إليها، وفي حدود رؤىٰ منطقية نعلم بنيتها الأساسية وعوامل وجودها، وتتحدث ادمغتتا على وفق تحليل هذه المسميات.  لأنها معروفة سلفا لدى عقولنا واستندت عليها وثبتت مقومات ومزايانا الشخصية.

من خلال نمو ذات مسار تدريجي و تراكمي. حيث لايوجد تشظي او تشتت للافكار فهي تحت سيطرة معقولية بيئة الدماغ..وجودة تحليله العقلاني.

📱 سيل المعلومات وتشتت الدماغ

اما مايحدث الان... فهو مغاير فالعالم أصبح عبارة عن مليارات بل ترليونات من الأخبار والأحداث والأفكار والاسرار والجرائم والممنوعات والصور والاتجاهات والفيديوهات  والمحاكاة والذكاء الاصطناعي الذي( زاد الطين بلة) وسالَ على وجوهنا وبلل عقولنا..الجامدة. 

ان ماسبق ذكره أصبح يلتهم الزمن التهاماَ ناهيك عن استهلاك خلايا الدماغ وزرع اللامعقول واللامنطق واللاعلمي، بدلاً عن كل ما يعتمد علية العقل من التفكير المنطقي والسليم والواقعي. فالكم الهائل من المعلومات التي تدخل وتخرج من الدماغ في أقل من  جزء  الثانية! لاتسمح للدماغ من تكوين فكرة او تحليل حالة او اصدار حكم. 

وعلى الرغم من أن الدماغ يستطيع أن يستوعب ويستقبل خلال الدقيقة الواحدة مايقرب من الفي من المؤثرات الخارجية.. فان هذا الوارد العظيم من المعلومات المتنوعة والمختلطة. والتي تاني من شمال الكرة الأرضية ومن جنوبها ومن شرقها إلى غربها.. لاتشترك في شيء.... إلاّ في انها تدخل من خلال شاشة (جوالك) الصغير إلى عينيك. 

أما لتبهرك او تحزنك او تقلقك او تسيئ إليك او تتلاعب بمشاعرك او تغير من معتقدك الذي سهرت الليالي تطالع كتبها وافنيت سنينا من عمرك في الوصول إلى نتائجها او تسرق زمنك دون أن تشعر. وإذا بفيديو قصير لايتجاوز الخمس عشرة ثانية  يقلب افكارك ويجعلك بين الشك واليقين وبين الصح والخطأ. 

(.وهنا أيضا تمت سرقة راحة دماغك التي انت في امس الحاجه إليها.... ) . وقد يكون ناشره لايعلم محتواه وليس بمتعلم او قارئ اصلاَ؟

🧠 خطورة التشتت وفقدان التركيز

وأمام كل مايحدث في العالم 🌏 🌏$&@#  لم يعد الزمن نسبياً كما تعلمنا... بل أصبح  مطلقا دون أن يضع في الاعتبار فروقات القدرات العقلية لكل واحد منا  وكيف انه يختلف من شخص إلى آخر. فقد انتهى زمن (الانتباه)  و(التركيز) و(التعرف) و(الاكتساب) و(الحفظ) و(التذكر بأنواعه) ومن ثم (الاستدعاء) للحكم والمقارنة فأصبحت العمليات العقلية مشلولة لدى البعض.

من هذا العدد الكبير من المعلومات التكنولوجية المتسارعة في التغير وغير قابلة للاستيعاب. (تمويه العقل) . وعليه فان المرحلة القادمة من حياة البشر.. عبارة عن أمراض دماغية وعقلية  فكرية تنهك الجنس البشري وتسلكه طريق الهاوية. 

فالخروج عن المألوف  والعيش بدون معنى والانتظار على الهامش وانتشار التفاهة  التأقلم مع (السطحية) و الاعتقاد بكل ما منشور والسعي وراء مقاصد الناس واتباع الحشود وارتكاب الفواحش بكاميرة رب الأسرة..! ونشرها على الملأ من أجل حفنة من  الدولار الأخضر. 

كلها ستفرغ الفكر الإنساني من محتواه النبيل والسامي و نعيش في قذارة زمن لاليل فيه ولاسكون ولاقمر يسهر مع المحبين او يرشد العشاق .. فهو نهار دائم يسلينا هدوء النفس وراحة البال وينشر بيننا الرذيلة التباهي بالفستق على شاشات الجوال وكاميرات الشوارع

🧭 مستقبل البشرية بين الوعي والهاوية

بين هاوية التشويش وطريق النجاة تقف بوصلتنا الداخلية.

  • تقنين التعرض للمحتوى وتحديد أوقات بدون شاشات 📵.
  • إحياء العادات العميقة: القراءة، التأمل، الكتابة اليدوية 📚🖊️.
  • تعلّم الانتباه المُوجَّه والعمل بجلَسات مركّزة  🍅.
  • تنويع الخبرات الحسية: مشي، رياضة، تواصل وجاهي 🚶‍♂️🤝.
  • اختبار مصادر المعرفة قبل تبنّيها، والتمييز بين الرأي والمعلومة ✅.

في نهاية هذه الرحلة، يتضح أن إيقاع الحياة قد تبدل تمامًا، من هدوء الماضي إلى صخب الحاضر. لقد أثرت علينا سرعة الزمن التي فرضها الواقع الجديد بشكل عميق، فسرقت منا أوقات الراحة وسلامة العقل. لم يعد الزمن نسبيًا كما كان في الماضي، بل أصبح مطلقًا ومُتَسلِّطًا، يُشَتِّت أدمغتنا ويُهدِّد قدرتنا على التركيز والتفكير السليم.

لكن أمام هذا الطوفان الرقمي، لا تزال هناك فسحة للأمل. إن مستقبل البشرية مرهون بوعينا وإدراكنا لهذه المخاطر. فبدلًا من أن نُسَلِّم أنفسنا لدوامة السرعة والتشتت، يجب علينا أن نُعيد الاعتبار للعادات التي تمنحنا السلام الداخلي والتركيز. 

إن العودة إلى القراءة، والتأمل، والتواصل الحقيقي، وتحديد أوقات للابتعاد عن الشاشات، كلها خطوات ضرورية لإنقاذ عقولنا وأرواحنا من الهاوية. فالنضال الحقيقي اليوم ليس ضد الزمن، بل هو من أجل استعادة السيطرة على حياتنا، واسترجاع ذلك الهدوء المفقود الذي كان يميزنا.

google-playkhamsatmostaqltradent