recent
أخبار ساخنة

قصيدة "وصيّة إلى كل ابن: برّ أبيك قبل أن تفقده

Site Administration
الصفحة الرئيسية

قصيدة "وصيّة إلى كل ابن: برّ أبيك قبل أن تفقده

في زمنٍ تتزاحم فيه المسؤوليات وتبهت فيه بعض القيم، يطلّ علينا الشاعر زيد خلف العكيدي بهذه القصيدة كجرس إنذار يعيد إلى الأذهان مكانة الأب العظيمة في حياة أبنائه.

يذكّرنا الشاعر أن الأب ليس مجرد ظلّ في البيت، بل هو الجذر الذي اشتدّت به أغصاننا، والسند الذي حملنا حتى اشتد عودنا.

قصيدة "وصيّة إلى كل ابن: برّ أبيك قبل أن تفقده
قصيدة "وصيّة إلى كل ابن: برّ أبيك قبل أن تفقده

هذه الأبيات ليست مجرّد شعر، بل وصيّة وعهد لكل ابن أن يحفظ والده، ويرفق بشيبته، ويخفض جناحه أمامه، ويخدمه بلا ضجر، فالأب كنز لا يتكرر، وإذا غاب لا يُعوّض.

وفي ختامها دعوة صادقة لرفع اليدين بالدعاء للأب امتثالاً لأمر الله وبرّاً به في حياته وبعد وفاته.

إليكم القصيدة:

اِحْفَظْ أَبَاكَ لَوْ اِبْيَضَّتْ ذَوَائِبُهُ               
                   فَلَنْ تُعَوِّضَهُ يَوْمًا إِذَا ذَهَبَا

مَا اِشْتَدَّ عُودُكَ إِلَّا بِاِنْحِنَائِتِهِ                 
                فَكُنْ لَهُ سَنَدًا إِنْ مَالَ وَاِنْحَدَبَا

وَاِرْفَقْ بِشَيْبَتِهِ وَالْزَمْ مَجَالِسَهُ               
             وَاِسْمَعْ نَصِيحَتَهُ وَاِخْشَعْ لَهُ أَدَبَا

وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ يَا هَذَا بِحَضْرَتِهِ          
           لَا تُعْلِ صَوْتَكَ أَوْ تُظْهِرْ لَهُ عَتَبَا

لَا تَشْكُ مِنْ تَعَبٍ إِنْ رُحْتَ تَخْدُمُهُ         
      وَهُوَ الَّذِي كَمْ هَوَى مِنْ أَجْلِكَ التَّعَبَا

أَبُوكَ ذُخْرٌ فَاحْذَرْ أَنْ تُضَيِّعَهُ             
         وَاذْكُرْ كَلَامِي إِذَا يَوْمًا تَصِيرُ أَبَا

وَاِرْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى مَوْلَاكَ وَاِدْعُ لَهُ        
            فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ لِلْآبَاءِ قَدْ وَجَبَا



عنوان القصيدة:
"وصيّة إلى كل ابن: برّ أبيك قبل أن تفقده"

تحليل القصيدة (للشاعر زيد خلف العكيدي)

1. المعنى العام:

القصيدة وصيّة صادقة ومؤثرة تدعو الأبناء إلى برّ آبائهم ورعايتهم خصوصاً في كبرهم، لأن الأب هو السند الذي لا يتكرر، وهو السبب في قوة الأبناء ونضجهم.

2. الأفكار الرئيسية:

الدعوة لحفظ مكانة الأب:

> "احفظ اباك لو ابيضت ذوائبه ××× فلن تعوضه يوما اذا ذهبا"

يوضح الشاعر أنّ فقدان الأب خسارة لا تعوّض، مهما طال العمر.

الاعتراف بفضل الأب:

> "ما اشتد عودك إلا بنحناءته ××× فكن له سندا إن مال وانحدبا"

يشبّه تضحية الأب بانحناء الأغصان حتى يكبر الابن، ويحثّه على ردّ الجميل.

الرفق واللين في التعامل معه:

> "وارفق بشيبته والزم مجالسه ××× واسمع نصيحته، واخضع له أدبا"

دعوة صريحة للجلوس مع الأب والاستماع لنصائحه والتأدب معه.

خفض الجناح والتواضع:

> "واخفض جناحك ياهذا بحضرته ××× لا تعل صوتك أو تظهر له عتبا"

ينبه الشاعر لعدم رفع الصوت أمام الأب أو معاتبته بطريقة تجرح مشاعره.

الصبر على خدمته:

> "لا تشك من تعب إن رحت تخدمه ××× وهو الذي كم هوى من أجلك التعبا"

يشير إلى أن الأب قد عانى الكثير لأجل راحة أبنائه، ومن الوفاء خدمته بلا تذمّر.

الأب ذخيرة في الحياة:

> "ابوك ذخر فأحذر أن تضيعه ××× واذكر كلامي إذا يوما تصير أبا"

يذكّر القارئ أن الأب كنز، وسيعرف قيمة ما قيل عندما يصبح هو أباً.

الدعاء للأب:

> "وارفع يديك إلى مولاك وادع له ××× فرض من الله للآباء قد وجبا"

ختم الشاعر بالدعوة للوالدين امتثالاً لأمر الله ببرّهم والدعاء لهم.

3. الصور الفنية:

كناية وتشبيه:

"ما اشتد عودك إلا بنحناءته" → صورة جميلة للأب الذي يضحّي ويحنو حتى يكبر الابن.

طباق:

(مال – انحدب) و (رفع – خفض) أعطت القصيدة جمالية لفظية ومعنوية.

إيقاع البحر الكامل:

أعطى النص موسيقى قوية متناسقة تعكس صدق العاطفة وقوة الوصية.

القصيدة مكتوبة على البحر الكامل:

🔹 وزنها:

متفاعلن متفاعلن متفاعلن ××× متفاعلن متفاعلن متفاعلن

🔹 مثال من أول بيت:

احفظ اباك لو ابيضت، ذوائبه

(متفاعلن متفاعلن متفاعلن)

4. الأسلوب:

  • أسلوب وصيّة: الشاعر يتحدث بنبرة أبوية حانية وتحذيرية في نفس الوقت.
  • مباشر وصادق: يخاطب القارئ بضمير المخاطب ليجعله جزءاً من النص.
  • لغة سلسة: خالية من التعقيد، قريبة من القلب، وهذا يزيد تأثيرها.

5. القيمة الأخلاقية:

القصيدة تذكير عملي ببرّ الوالدين، وتعتبر درساً أخلاقياً عميقاً يربّي الأجيال على الوفاء والاحترام، ويعيد الاعتبار لقيمة الأب في حياة الإنسان.

ختاماً، تبقى هذه الأبيات صرخة وفاء وجرس تذكير لكل من أنعم الله عليه بوجود والده حيّاً. فبرّ الأب ليس مجرّد واجب اجتماعي، بل فريضة ربّانية وسبب للبركة في العمر والرزق.

حافظ على أبيك ما دام بين يديك، قبّل رأسه، ورافقه بحبّك، فحين يرحل ستدرك أنّك فقدت أعظم سند في حياتك. واجعل من دعائك له عادة يومية، فهو الدين الذي ترده اليوم وسيُردّ لك غداً عندما تصبح أباً.

google-playkhamsatmostaqltradent