يهود مدينة شهربان تحقيق وكتابة البروفسورإبن شهربان.
تحقيق وكتابة هذا المقال عن يهود مدينة شهربان من قبل البروفسور إبن شهربان ~ حنين لا ينقطع الى شهربان واهلها. سلسلة مقالات تتحدث عن شهربان الزمن الجميل تبين أحداثها وتأريخها والاقوام التي سكنت فيها بقلم جميل.
سأبدأ منشوري هذا من مناجاة المقداد بن صهيون الشهرباني! وهو ابن الطبيب اليهودي الذي كان يعالج أهل شهربان بكل طوائفهم في مستشفى شهربان في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي ... هو ابن محلة النجاجير .الطبيب صهيون الشهرباني والذي كان يزور مرضاهم في بيوتهم. سابدأ من رسالته التي لم يكتبها بلغته العبرية انما كتبها باللغه العربيه.
السيد المقداد بن صهيون الشهرباني يعيش حاليا في مدينة بتاح تكفا فى (اسرائيل). ~ ساضع مناجاة المقداد ابن صهيون الشهرباني هنا كما هي بدون تحوير الا من صيغة وضع اسم (اسرائيل) داخل اقواس كوني مهتم بيهود شهربان وليس في الصهيونيه. - احبتي واصدقائي أهل شهربان ادعوكم ان تقرؤا رسالة المقداد بتاني ... كي تعرفوا حجم الالم عند هذا اليهودي الشهرباني الذي لا يستطيع ان ينساها.
صابئة شهربان اين هم؟نص رسالة السيد مقداد بن صهيون.
هو يقول: ... عائدون إليك شهربان رغم الفراق .. فنحن عراقيون شهربانيون اولا ثم يهود عرب واخيرا (اسرائيليون). تحية الى كل ذرة فى تراب شهربان التي لم أرها في حياتي ووعد لشهربان ولأبي ان أعيد دفنه في شهربان الحبيبة. ولا اعرف لماذا فأنا محروم منها ولم أرها فى حياتي ... لكن ... والدى مات وهو يحِنُ ان يرى مدينته الحبيبة. التي ولد وعاش طفولته فيها قبل ان يتم تهجيرنا البغيض منها. وهو يوميا يردد شهربان شهربان وحتى اسمي المقداد تيمناً بالمقدادية ... نحن لم نختر الذهاب الى (اسرائيل) وطننا الحالي الذي احتضننا يوم الشدائد ... حيث تم طردنا من العراق فقط لاننا يهود ... الكل يعرف أننا خدمنا بلدنا الحبيب العراق .. الكل يعرف كيف أدار اليهود بحكمتهم اقتصاد العراق ولكن نحن نعرف ايضا ان قلة من الاوغاد المحسوبين على الإسلام قد قاموا بالفرهود ... وأما باقي احبائنا المسلمون العراقيون والصابئة والمسيحيين واليزيديين فهم اخوتنا .
المقال يتناول يهود شهربان بالخصوص.
منشوري هذا ليس بخصوص يهود العالم او يهود (اسرائيل) ولا حتى بخصوص يهود العراق. منشوري هذا هو بخصوص يهود شهربان حصراً. فهم كانوا جزء من مجتمعها لقرنين من السنين وهجروا منها غدراً، أثر مؤامرة دولية.
منشوري هذا ليس عن (اسرائيل) او الصهيونيه~ بل هو عن يهود شهربان. الذين ولدوا فيها جيلا بعد جيل وخدموها واحبوها وهاجروا منها قسراً بعد أن تعرضوا هم وباقي يهود العراق الى مؤامرة دولية قادتها (اسرائيل). وشاركتها فيها بعض الدول الغربية وساعدتهم فيها الحكومة العراقية في العهد الملكي. وكي تتضح صورتهم أكثر ساوضح باختصار شديد مكانتهم في تاريخ يهود العراق.
دخل اليهود العراق منذُ قديم الزمان~ ومنهم من يقول بانه بدأ مع حملات السبي التي تعرضوا لها من قبل الآشوريين ثم البابليين. والتاريخ يحدثنا عن ثلاث موجات سبي حصلت لهم هي:-
- الاول - يسمى سبي سامريا (٧٢١ - قبل الميلاد ) ~ حيث سبى الآشوريون اليهود وعلى رأسهم الأسباط العشرة.
- الثاني- يسمى سبي يهواخن او يهوياكين ( ٥٩٧ - قبل الميلاد) حيث سبى نبوخذ نصر ١٠ آلاف يهودي من أورشليم إلى بابل.
- الثالث- يسمى سبي صدقيا ( ٥٨٦ - قبل الميلاد) في العصر البابلي وكان بداية النهاية لمملكة يهوذا وتدمير أورشليم ومعبد سليمان الأول.
والتي سبَىَّ خلالها ابن الملك البابلي نبوخذ نصر نحو ٤٠ ألف يهودي وجلبهم إلى بابل وحرم عليهم العودة إلى موطنهم. واستمر هذا المنع لحين سيطرة الأخمينيين على البلاد ~ حيث سمح لهم بالعودة إلى موطنهم. فعاد بعضهم في حين فضل الكثير منهم البقاء حتى مطلع القرن العشرين ميلادي.
الغالبية العظمى من اليهود يسكنون المدن.
في تاريخ العراق المعاصر كانت الغالبية العظمى من يهود العراق تسكن المدن، ولكن فئة قليلة منهم كانت تسكن الريف خصوصا ريف شمال العراق .
لقد سكن اليهود بشكل أساسي في المدن الرئيسية مثل بغداد والبصرة والموصل وكركوك. لكن كان لهم وجود رئيسي في العديد من المدن الأخرى. مثل السليمانية والحلة والناصرية والعمارة والديوانية والعزير والكفل وأربيل وتكريت. وحتى في النجف بنسب أقل في مدن اخرى منها مدينة شهربان.
كانت لهم أحياء ومحلات عُرفت بأسمائهم او خاصه بهم ~ مثل حي البتاوين في بغداد - عكد اليهود في النجف - ومحلة التورات في شهربان وهكذا.
مهنتهم الأساسية كانت كما هم عليه منذٌ القِدَمْ هي التجارة والمال والاقتصاد. لذلك فهم دائما ميسوري الحال او اغنياء كون أساس مهنتهم هو التعامل مع الدينار والفضه والذهب.
يهود العراق نبغوا في الموسيقى والفن وتحديداً السينما - وقد ساهم هؤلاء في بناء العراق الحديث قبل ان تستحدث (اسرائيل) حيث كان أول وزير مالية في الحكومة العراقية عام ١٩٢٠ يهودياً، ويدعى ساسون حسقيل.
منه وصلتنا المفردة (حسقِلها) عندما يحاول البعض الحصول على شئ من شخص بخيل او شخص صعب ... يقولون حَسقِلها يا حسقيل ... وذلك لصعوبة اقتناعه بتبذير المال العام في خزينة الدولة العراقية من قبل موظفي الدولة العراقية آنذاك! فقد كان وزير مالية العراق حسقيل ساسون صعب جدا في الصرف خصوصا التبذير على المشاريع غير المجدية.
شخصيات يهودية عراقية سياسية واقتصادية وفنية متميزة.
حين هاجروا يهود العراق الى (اسرائيل) ظهرت منهم كفاءات وقيادات ومنهم عوفاديا يوسف (مواليد مدينة البصرة في ١٩٢٠) ... وهو حاخام اليهود الشرقيين في (إسرائيل) والزعيم الروحي لحزب شاس لليهود الارثودكس.
بنيامين بن إليعازر وهو وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق .... إسحاق موردخاي وهو وزير دفاع اسرائيلي سابق . مناحيم دانيا كان عضوا في مجلس الأعيان في العهد الملكي وفي العراق توفي عام ١٩٤٠ وتبعه أبنه عزرا مناحيم عضوا في مجلس الأعيان.
الأستاذ مير بصري وهو عالم في الاقتصاد ومؤلف لعدة كتب منها كتاب مباحث في الاقتصاد والمجتمع العراقي! وكذلك الكاتب نعيم جلعادي وهو معادي للصهيونية- وأنور شاؤول أديب وشاعر وعدد آخر من الكفائات من يهود العراق.
كذلك فإن اليهود العراقيون تميزوا في الموسيقى والسينما كثيرا ... ومنهم الفنانة سليمة مراد أو سليمة باشا وهي أول امرأة تحصل على لقب باشا.
الموسيقار صالح يعقوب عزرا (صالح الكويتي) وهو من كبار الموسيقيين العراقيين، الموسيقار داود يعقوب عزرا (داود الكويتي) وهو من كبار الموسيقيين العراقيين .. عزوري العواد - عازف على آلة العود .... وموسيقي مشهور محترف هو السيد ساسون الكمنجاتي توفي في وسط الأربعينيات ..
يوسف زعرور الكبير - عازف القانون ... يوسف زعرور الصغير ابن عم يوسف زعرور الكبير .... حوكي بتو - عازف السنطور الذي توفي في بداية الثلاثينات ... يهودا شماش - عازف ايقاع ... سليم شبث - قارئ المقام العراقي ... يوسف حوريش - قارئ المقام العراقي .... حسقيل قصاب - قارئ مقام .... سليم النور - ملحن ...
سلمان موشي - الخبير بالمقام العراقي ... يعقوب العماري عازف ناي وقارئ مقام .. نجاة سالم العراقية - مطربه توفيت في (إسرائيل) عام ١٩٨٩ ... فلفل كرجي (صديقي ... مازال قاريء مقام) ... البير الياس - عازف على آلة الناي موسيقي معروف.. ميلو حمامه مطرب - مواويل عراقيه ... صبري خلف - مطرب.
اسباب هجرة اليهود العراقيين وتعامل الحكومات مع من بقي منهم.
تعرض اليهود في العراق إلى عملية قتل ونهب للمتلكات، وعرفت هذه العمليات باسم ~ الفرهود~ حيث قتل فيها العديد من اليهود ونهبت ممتلكاتهم في بداية الأربعينيات … بعد قيام دولة (إسرائيل) عام ١٩٤٨م زادت الحكومة ضغوطها باتجاه اليهود العراقيين ...
في البداية لم تكن الهجرة خياراً واضحاً في عموم يهود العراق، حيث كان التيار السائد بينهم هو تيار لا يوافق الصهيونية، تعرضت عدة دور عبادة يهودية في بغداد للتفجير، مما أثار حالة من الهلع بين أبناء الطائفة والتي اتهم بها لاحقاً ناشطون صهاينة لتشجيع الهجرة من العراق ...
في البداية لم تسمح الحكومة العراقية لليهود بالسفر ... لكنها لاحقاً أصدرت آنذاك قراراً يسمح لليهود بالسفر بشرط إسقاط الجنسية العراقية عن المهاجرين منهم ... وقد هاجرت غالبية الطائفة من العراق خلال عامي ١٩٤٩-١٩٥٠ في عملية سميت عملية عزرا ونحمية ...
إلى أن تم إغلاق باب الهجرة أمامهم في بداية الخمسينيات~ حيث بقى بحدود ١٥ الفاً منهم في مدن العراق المختلفة من اصل ٤٥٠ الف نسمة قبل العام ١٩٤٨.. عند وصول عبد الكريم قاسم للسلطة رفع القيود الموضوعة على اليهود المتبقين في العراق وقد بدأت وضعيتهم تتحسن وأخذت الأمور تعود إلى طبيعتها.
في عام ١٩٦٩جرى اعدام عددا من التجار معظمهم من اليهود بتهمة التجسس لصالح أسرائيل مما أدى إلى تسارع حملة الهجرة في البقية الباقية منهم والتي شهدت ذروتها في بداية السبعينيات. عشية الاجتياح الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ كان مجموع اليهود المتبقين في العراق أقل من ١٠٠ شخص معظمهم في بغداد وغالبيتهم من كبار السن والعجزة ... التوزيع الحالي ليهود العراق في العالم هو : ٤٠٤ ألف في إسرائيل - ١٥ ألف في أمريكا - ٦,٥ الف في بريطانيا.
وثائق نادرة من تاريخ الرحالة بكنغهام ويهود شهربان.
حسب كتاب الرحالة الانكليزي جيمس بكنغهام (James Silk Buckingham). والذي توجه من بغداد مرورا في شهربان الى بومباي في الهند عام ١٨٣٠ ~ فإن شهربان كانت عباره عن قريه صغيره. وان عدد سكانها هم بحدود ٢٥٠٠ من المسلمين السنه والشيعة ولم يشر الى قومياتهم. ~ لكنه اكد عدم وجود أي عائله مسيحيه او يهوديه في شهربان في العام ١٨٣٠ م .
هذا المصدر وهو ربما من الوثائق النادرة عن تاريخ مدينة شهربان. هو مصدر أصيل وموثق في المكتبه والمتحف البريطانيين. حسب هذه الوثيقة فإن اليهود لم يسكنوا شهربان منذ قديم الزمان. إنما جاءوا اليها قبل أقل من قرنين من الزمن ~ وربما من دفعهم إليها هي مهنتهم التجاره في الملابس والسلع لاتخاذ قرية شهربان الزراعية آنذاك كسوق لتصريف بضاعتهم ..
وبذلك يعني أيضا بان تل اليهود في شهربان هو أقدم بكثير من تاريخ وصولهم الى شهربان فهو من العصر الاكدي تحديدا منذ ٢٥٠٠ سنة ~ يبدو ان يهود شهربان اتخذوا اطرافه وسفحه لدفن موتاهم عبر أكثر من مائة عام لتواجدهم في شهربان، ومع الزمن سمي بتل اليهود وهنا يبرز الخطأ الجسيم في إزالته من على سطح الأرض ضنا من السياسيين المحليين في شهربان او غيرهم بأنه ملك تابع ليهود شهربان.
يهود شهربان والمهن وأهم الشخصيات اليهودية.
اليهود في شهربان كانوا إناس مسالمين جدا وهم بحدود اربعين عائلة ولكنهم تركوا شهربان مرغمين سنة ١٩٤٩-١٩٥٠.مهنتهم الرئيسية في سوق شهربان هي البزازة اي بيع الاقمشه واغلب دكاكين البزازين كانت لهم وكانوا يسكنون محلة التوراة وايضا لهم دور أخرى على الشاخه.
لهم دار عبادة/ معبد (سنجق) يتعبدون فيه كل يوم سبت في زمن كان الناس يتحملون معتقدات الآخرين (لكم دينكم ولي دين) ومازالت اثار معبدهم ماثلة الى اليوم في محلة التورات .... لكن معظمها مطمور تحت البناء الحديث الذي شيد لاحقا فوق أنقاضه ...
واهل شهربان القدماء جميعهم وليس فقط يهودهم يتذكرون بئر الماء الموجود في باحة المعبد حيث كانوا يدلون ويستسقون الماء منه كلما انقطع ماء نهر الشاخه، وذلك قبل انجاز مشروع ماء المقدادية.
من الاسماء المعروفة من يهود مدينة شهربان:
- العطار الضرير خضوري (ابو البيض) الذي كان يجوب محلات وقرى شهربان لشراء البيض وبيعه مقابل بيع السكر والشاي والقهوة وغيرها من الحوائج التي يحتاجها سكان قرى شهربان واريافها.
- دَاوُدَ بسه وزوجته السيدة كروج ... وهو تاجر بضائع لديه لوري يأتي بها من بغداد ويبيعها في شهربان.
- والطبيب اليهودي صهيون الشهرباني ... وقد تعود اهل شهربان الثلاثينات والاربعينات ان يروه وبشكل دائم، يرتدي بدلته الأنيقة وسدارة العراقيين السوداء المميزة آنذاك ويحمل حقيبته ويزور الناس في بيوتهم لعلاج مرضاهم، احيانا بدون أجور من فقرائهم. كان بيته في محلة النجاجير وابنه المقداد صاحب المناجاة "أعلاه. وربما يتذكرون سيارته الأنيقة النظيفة يوم كان عدد السيارات في مدينة شهربان لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.
- ومن يهود شهربان ايضا علياهو ويعقوب.
اكبر اثر تركه يهود شهربان خلفهم هو مقبرتهم على تل اليهود.
موقعها كما تعرفون هي الفسحة بجانب جامع السيد خضير النجم والذي كان يأمُه الراحل حسيب النعيمي والتي تحولت حاليا الى ساحة متروكة يلعب فيها أطفال حي المعلمين ... تل اليهود هو تل اثري ومعلم تاريخي يعود الى العصر الاكدي تحديدا منذ ٢٥٠٠ سنة ~ علما بان العرب جاءوا الى العراق قبل ١٤٠٠ سنة هكذا يقول التاريخ ... وقد استخدمه يهود شهربان مقبرة لموتاهم واتمنى اعرف لماذا هم اختاروه مكان لدفن موتاهم على مر عصور التاريخ ..
أجيال شهربان السبعينات نزولا ربما يتذكرون تل اليهود ... حيث كان يقع عند المدخل الغربي لمدينة شهربان - عندما تأتي الى شهربان من جهة بعقوبة سالكا الطريق القديم .... تل مرتفع منفرد عال على يمين الطريق على مشارف شهربان تحيط به مستنقعات واراضي زراعيه - ويمر الطريق من جانبه تماما.
قد تذكرون ايضا عندما تم البدء بالبناء في حي المعلمين في منتصف السبعينات كان التل على حاله وبقى كذلك بعد توسع حي المعلمين توسع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات الى ان اندلعت الحرب العراقية الايرانية في أيلول عام ١٩٨٠.
في منتصف سنين الثمانينات فوجئ أهل شهربان بقيام بلدية القضاء او ربما جهة اعلى منها بازالة ملايين الامتار المكعبة من التربه تدريجيا الى ان سوي مع الأرض - وهو حاليا ارض مستويه محاطة باشجار الكالبتوس بجانب المسجد - فان مررتم على هذه الفسحة تذكروا أنها مشبعة باديم يهود شهربان.
تل اليهود علق في ذاكرة أطفال شهربان الأحياء من أجيال الاربعينات الى نهاية السبعينات كَمَعْلَمْ مرتفع منفرد في سهل شهربان. كم مشينا او امتطينا عجلاتنا للعب حول وفوق هذا التل - تل اليهود كالطود الشامخ. كم حلمت بتسلقه طفلا ويوم فعلت وقفت على قمته مع صديقي الراحل مازن عبد الكريم بدي اطالع شهربان. شعرت وقتها وكاني وقفت على قمة جبل افرست ~ لعدم وجود جبل قريب محاذي او مجاور لهذا الحد من شهربان. فان تل اليهود يبدو عالي والصعود الى قمة متعة لطفل مبهور مثلي.
ظاهرة ازالة المعالم الاثرية الخاطئة.
دائما اقول ومازلت ما هي الاهمية السياسية من إزالة هذا المعلم التاريخي، ان كانت السياسة هي السبب - ربما تعرفون بان روسيا التي قتل هتلر عشرات الملايين من سكانها في الحرب العالمية الثانية.
عندما دخلت جيوشها برلين اخذت معها مقتنيات هتلر وترفض تسليمها لالمانيا الان، هي مستعدة لدخول حرب من أجل الاحتفاظ بها - لماذا تفعل روسيا هكذا؟ هل هو حب لهتلر ام لحفظ حلقة من حلقات تاريخها - ومثل روسيا الكثير - التاريخ حلقات احداث - هي وأدواتها ليس ملك احد.
بعيدا عن السياسه وأجندتها - ليس من حق أحد ان يحذف معلم تاريخي في البلد - كما حصل لتل اليهود في شهربان - انا اعرف بان مقبرة اليهود في بغداد محمية في جميع مراحل الحكم في العراق وهذه أعراف وتقاليد الأمم على مر الزمن - وهي تعكس أخلاق الشعوب المتحضرة.
هجرة اليهود كانت مؤامرة مضطلعة فيها مخابرات دولية.
ان معظم يهود العراق لم يغادروا عن رغبة او خيانة وطن - كانت مؤامره كبيره مضطلعة فيها مخابرات دولية من أجل تخويفهم وتفريغ العراق منهم وإلحاقهم في (اسرائيل) وهذا ما حصل تماما - في عام ١٩٤٧.
كان اليهود يشكلون ٢,٦ من سكان العراق ويزيد عددهم عن ربع مليون نسمة وعددهم اليوم يقال بأنه ٣٦ فرد فقط - أي خسارة هذه وكيف تعوض - لن تعوض - لا اقول ان جميع يهود العراق مخلصين للعراق لكني مقتنع بان معظمهم هو كذلك -
فعلى مر التاريخ عاش اليهود بجوار المسلمين - وعلينا ان نفرق بين اليهودي وبين الصهيوني ونستخدم نفس المقياس مع يهود العراق تحديداً - وديننا الإسلامي الحنيف اسمه الإسلام ونهجه السلام والتسامح.
يهود العراق ويهود شهربان مازالوا محافظين تماما على هويتهم العراقية رغم مرور السنين .... تراثهم وعاداتهم مازالت عراقيه ومازالت قلوبهم متعلقه في العراق .. مازال لبسهم غناهم طعامهم حنينهم عراقي وعندهم نواديهم وجمعياتهم الخاصة بهم في (إسرائيل) ...
فهؤلاء موجودين في العراق منذٌ عهد نبوخذ نصر ولم يأتوا اليه عبر الحدود من عشرة او مائة سنة فكيف تمسح وجودهم من الأساس ؟؟
هم مثلي يحلمون برؤية مدينة شهربان و اهلها و درابينها وبساتينها وشاختها ... من شرب من ماء دجلة والفرات ونهر ديالى ونهر الشاخه الخالد .. لن ينسى العراق ~ وحتما لن ينسى شهربان.
خاتمة المقال عن يهود مدينة شهربان.
احبتي واصدقائي أهل شهربان ... احاول ان ادون تاريخ وتراث شهربان وامامي طريقتين ... هما الطريقة الاكاديميه المجردة التي قد تفيد ذوي الاختصاص ... وطريقة الحب الآدمي التي تصل الى أهلي في شهربان على اختلاف درجات ثقافاتهم .
ان اصيغ البوح بلغة البحث العلمي أم اصوغه بلغة البوح الإنساني .. ان اعجن الكلام بقواعد اللغة أم اعجنه بمشاعر الحب~ فانا اجيد كلاهما لكني اخترت لغة الحب ~ اخترت ان اغمِس كل كلمه تمرون عليها بمنهل الحب الآدمي وأرصفها بأسلوب حبي الشهرباني.
البروفسور أبن شهربان.