تاريخ العراق بين الأمس والحاضر: دروس من الماضي وآمال المستقبل.
العراق، البلد الذي حمل أعباء التاريخ والجغرافيا منذ آلاف السنين، يمثل محوراً مهماً في معادلة الحضارات القديمة والحديثة. فمن بابل إلى يومنا هذا، تشكلت الأحداث التي رسمت ملامح هذا البلد، وجعلته دائماً محط أنظار القوى الكبرى والإقليمية. وللكاتب ايضاً هل أمريكا وإيران في حرب باردة أم تواجه المنطقة تغيرات قادمة؟
تاريخ العراق بين الأمس والحاضر: دروس من الماضي وآمال المستقبل. |
الامس والحاضر من تاريخ العراق الإمبراطوريات القديمة عادت بمسميات جديدة لتعيد فصول التاريخ المتدفق بسبب يقظة التاريخ وغبن الجغرافية وظلم الطبيعة للعراق.
الإمبراطوريات القديمة ودورها في تاريخ العراق.
في العصور القديمة، كانت بابل تمثل قلب الحضارة التي أجبرت العالم على احترامها. استطاعت هذه الإمبراطورية مواجهة تحديات الطبيعة والجغرافيا لتنتج حضارة لا تزال آثارها باقية حتى يومنا هذا. في ذلك الوقت، كانت الإمبراطورية الفارسية في الشرق تراقب بابل وتحاول زعزعة استقرارها عبر القوة والتحالفات، مثل تحالفها مع دولة يهودا في أورشليم.
الإمبراطوريات القديمة كانت بابل تتسيد الجغرافية وتتحكم بها بكفاح ضد الطبيعة لتنتج أعظم حضارة، فأجبرت عيون التاريخ أن تبقى يقظة لتكتب التاريخ وكانت إمبراطورية الفرس في الشرق تتربص بالسهل المنخفض والحضارة المستفيضة المتطورة، التي تستفزها بالقوة والمنعة والرخاء وتماسك مجتمع متين ورصين، وكانت في الغرب دولة يهودا في أورشليم تحيك المكائد وتتحالف مع الفرس وتمدهم بمقومات التحدي وتدفعهم بمكر ودهاء للانقضاض على بابل.
وعادت الإمبراطوريات القديمة تحمل تاريخ متيقظ لم ينم فكانت اسرائيل وايران والعراق ولكن فوق كل هذا امبراطوريات معاصرة قديمة وجديدة، وريثة الروم ومقدونيا وبيزنطة متمثلة بانكلترا وفرنسا وايطاليا وأمريكا ذلك الخليط الهجين من كل أولئك.
العراق بين الماضي والحاضر: صراع دائم.
لا يوجد شعب يشعر بمثل الخطر الذي يشعر به العراقيون. هذا الإحساس ليس جديداً، بل هو نتيجة تراكمات تاريخية تمتد لأكثر من 6000 سنة. الغزو المغولي في عام 1258م كان أحد أبرز الأحداث التي دمرت بغداد وأشعلت نيران الصراعات التي لا تزال آثارها باقية.
لا يوجد شعب على وجه الأرض يشعر أنه معرض للخطر ومحاط بالأعداء مثل شعب العراق، الذي تتشكل عند أبنائه مشاعر خوف جماعية من وجود من يعمل على فنائهم. وهي مشاعر تبرق في عيون التاريخ والدهر ومشاعر متأتية من إرث متراكم عمره ستة آلاف سنة، وتعزز مشاعر أخرى تولدت في العصر الحديث الذي نشأ على أنقاض بغداد المدمرة سنة 1258 م ،عندما استباحها الغزو المغولي.
ولم ينم التاريخ وظل يقظاً يتدفق من نفس الاتجاهات بخطر وشر يتطاير نحو السهل ليعود التاريخ بزيارته الجديدة، لتكرار أحداثه بدول وإمبراطوريات وبمسميات أخرى وبأجيال من محاربين جدد لكن بنفس ذلك البريق المتيقظ من تاريخ لم ينسى. فكانت إيران ثم أمريكا والعراق في لحظة المواجهة بين قانون التصدي وقواعد الخضوع لقانون الاحتواء وهي القبول بعلاقة الذئب والحمل فكان ضرب العراق ثم ضرب العراق ثم حرب كونية عليه.
وغزوة ومرة أخرى يتعزز الشعور لدى العراقيين في عصر جديد اخر بدمار بلادهم وكسر إرادتهم ومحو دولتهم وهويتهم وتقطيع اوصال نسيج مجتمعهم لإنهاء التماسك ولكي يموت الشعور بوجود عدو خارجي وخطر بوجود من يريد فنائهم وتحويل هواجسهم نحو الداخل وبينهم.
العراق وجيرانه: علاقة الذئب والحمل.
العلاقة بين العراق وجيرانه غالباً ما تتسم بالتوتر. العراق، الذي يعد مقاتلاً بارعاً عبر التاريخ، يمتلك موقعاً استراتيجياً وثروات طبيعية جعلته مطمعاً للأطماع الإقليمية. ومع ذلك، لا يمكن تفسير سلوك الشعب العراقي فقط من منظور ردود الفعل اللحظية، بل يعتمد هذا السلوك على إرث متراكم من الخبرات والمواقف.
العراق وجيرانه علاقة ذئب وحمل وايهما الحمل ؟ العراق المقاتل ام الجيران الطامعون في سهل العراق وموارده الطبيعية والموقع الذي استفزهم ونموذج المحارب العراقي على مدى ستة آلاف سنة ؟ وليس من الصواب تفسير السلوك العراقي تحت وطأة أحداث التاريخ المشحون بالأخطار والإحساس بها.
والمتغيرات السياسية وتفاعلات الأحداث والظروف والمواقف وليس من الصواب الحكم على الشعوب العريقة والتعامل معها على أساس ردة الفعل المحتمل, إزاء حدث اني فمثل هذه الشعوب تتصرف على أساس ما تستمده من إرث متراكم وعقد قديمة وحسابات ثقيلة.
لا يمكن أن تستجد من حاضر متداعي بل البحث عن الذات الوطنية والقومية من خلال الإحساس بأنها وريثة امس كبير وعظيم فالأعداء في التاريخ هم الأعداء في الحاضر بمسميات جديدة وقدرات حديثة وهي تستمد دوافعها من ذلك الأمس.
من جهة أخرى، فإن إيران، إسرائيل، والقوى الغربية تستخدم استراتيجيات معقدة للتأثير على الوضع العراقي، مستغلةً العقد التاريخية مثل هزيمة الفرس على يد العرب، وحصار اليهود في بابل، وغيرها من الأحداث التي شكلت ذهنية الأطراف المتصارعة.
التحديات الحديثة ومستقبل العراق.
اليوم، يجد العراق نفسه في مواجهة تحديات جديدة، تتراوح بين التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية. القوى الدولية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل تعمل بالتنسيق مع جهات محلية وإقليمية لتقويض استقرار العراق، بينما تعتمد إيران على أدواتها السياسية والعسكرية لتحقيق أهدافها.
رغم ذلك، فإن الشعب العراقي يمتلك القدرة على التصدي لهذه التحديات، مستمداً قوته من تاريخه العريق وهويته الوطنية. الأمل في المستقبل يكمن في تجاوز هذه الصراعات والعمل على بناء دولة قوية تعتمد على إرثها الحضاري وثرواتها.
واحداثه المؤثرة فيها وبنفس الحسابات الثقيلة والعقد القديمة وتستمد منها هويتها وهذا هو ما تسعى له يهودا الامس واسرائيل اليوم وامبراطورية الفرس في التاريخ وايران الحاضر وفرنجة الماضي والغرب القادم للمنطقة من جديد.
عقدة بابل واسر اليهود واقتيادهم لبابل وعقدة كسرى وانهيار الامبراطورية الفارسية على يد العرب والعراقيين وعقدة بلاط الشهداء وهي اخر معركة بين العرب والفرنجة في جنوب فرنسا. حيث نشأ على انقاضها خوف دائم من النزوع العربي المحتمل لغزو اوربا وهو الامر الذي ايقظ مشاعر العداء ضد العرب المسلمين والمهاجرين.
الذي لم تحسمه المعارك في الحروب الصليبية بين القائد الاورربي ريتشاد قلب الاسد والقائد العراقي صلاح الدين الايوبي لذلك فان التصدي واستهداف العراق من قبل الغرب واسرائيل وايران مبني على عقد تاريخية متراكمة لدى كل اطراف التصادم بين توجس عراقي ومشاعر خوف من محيط اعداء.
يتطلب اليقظة حتى في التاريخ وامبراطوريات تعود كلما خبت نارها لتعيد اشعالها وتجد في العراق رقبة للمنطقة وسهل يغري اشعال النيران فيه لرؤية المنطقة والاهداف فيها.
العراق بين استراتيجيات امريكا واوربا وتخطيطها.
العراق بين استراتيجيات امريكا واوربا وتخطيطها للازمات وادارتها وبما هو متراكم لديها من منجزات العلم والتطور والسلاح والتكنولوجيا, وبين دهاء اليهود في امريكا بلوبيات الضغط والدفع والتخطيط ويهود اسرائيل بالتمهيد والاعداد عبر وكلاء وعملاء, وبين الدهاء والمكر العميق في ايران.
عبر اذرع وادوات على الارض ومنفذين سياسيين وتاريخ يعود ولكن هذه المرة قد تختلف الاحداث في شكلها وحراكها لكنها لن تخرج عن تصادم حضارات يكون ميدانها وادواتها العراقيين والعرب.
حتى لو كان الاستفزاز بين اسرائيل وامريكا والغرب من جهة وعلى الجهة الاخرى ايران فالدهاء العميق متبادل بين اسرائيل وايران فكلاهما يحسن بدهاء توظيف المنفذين واختيار الوكلاء بسياسة التوريط لتكون بابل التي لا تهب عاصفة ترابية الا منها.
كما روجت لها فارس ويهودا ورددها العراقيين في عملية الباس بابل والعراق لباس الفتن ودروع الحروب حتى لو نأت بنفسها فهي السهل وسط هضاب وشعبها بهواجس ومشاعر الخوف لا يتمكن من النأي بنفسه بل يتعاطف منفذ كادوات واذرع بولائات تتعدد في الفرد الواحد والزمن الواحد .
صلاح الدين الايوبي ذلك القائد العراقي الذي قال لريتشارد قلب الاسد ملك اوربا ( ان عدتم عدنا ) وعادوا ولم نعد يا صلاح الدين …
العراق: دروس الماضي ورؤية المستقبل.
العراق اليوم يقف على مفترق طرق. فهو بلد يجمع بين تراثه العريق وتحدياته الحديثة، مما يجعل مستقبل العراق مرهوناً بقدرة أبنائه على قراءة الدروس المستفادة من الماضي والعمل على تجاوز أخطاء الحاضر.
الإرث التاريخي للعراق: مصدر قوة وتحدٍّ.
الإرث التاريخي للعراق ليس مجرد عبء، بل هو أيضاً مصدر إلهام. فكلما اشتدت التحديات، أثبت الشعب العراقي أنه قادر على النهوض من جديد. لقد نجح العراقيون في الحفاظ على هويتهم رغم المحاولات المستمرة لمحوها أو تحريفها.
من بابل التي قادت الحضارة البشرية في مجالات القانون والهندسة، إلى بغداد التي كانت منارة العلم والثقافة خلال العصر الذهبي الإسلامي، يظل تاريخ العراق محفزاً للعمل والابتكار في الحاضر والمستقبل.
الصراعات الحديثة وتأثيرها على العراق.
لا يمكن إنكار أن الصراعات التي خاضها العراق في العصر الحديث كانت لها آثار مدمرة على بنيته التحتية ومجتمعه. الغزو الأمريكي في 2003 كان أحد أكثر الأحداث تأثيراً، حيث أدى إلى انهيار الدولة العراقية وفتح المجال لتنامي الطائفية والانقسامات الداخلية.
إيران، من جانبها، استغلت هذا الفراغ لتعزيز نفوذها عبر وكلاء محليين وأدوات سياسية، في حين استمرت إسرائيل والقوى الغربية في استهداف العراق عبر استراتيجيات تهدف إلى تقسيمه وإضعافه.
الفرص الكامنة: العراق كمحور إقليمي.
رغم كل هذه التحديات، يمتلك العراق إمكانيات هائلة يمكن أن تجعله مركزاً إقليمياً مهماً. موقعه الجغرافي، موارده الطبيعية، وتاريخه الغني عوامل يمكن أن تكون حجر الأساس لبناء مستقبل مشرق.
لتجاوز العقبات الحالية، يحتاج العراق إلى:
- إعادة بناء الهوية الوطنية: يجب التركيز على توحيد الشعب العراقي بمختلف أطيافه حول أهداف مشتركة، بعيداً عن الطائفية والانقسامات.
- الاستفادة من الموارد الطبيعية: العراق يمتلك احتياطيات نفطية كبيرة يمكن أن تكون رافعة اقتصادية إذا ما أُديرت بحكمة وبعيداً عن الفساد.
- تحقيق الاستقلال السياسي: تقليل التدخلات الأجنبية وتعزيز سيادة القرار الوطني أمر ضروري لاستقرار العراق.
دروس المستقبل: بين الصمود والنهوض
العراق أثبت عبر التاريخ أنه قادر على الصمود أمام أصعب التحديات. ومع ذلك، فإن بناء المستقبل يتطلب جهداً مشتركاً بين الحكومة والشعب، مع التركيز على التعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الاستفادة من الدروس التاريخية يمكن أن تساعد العراق على مواجهة أعدائه التقليديين والجدد بنفس الروح التي واجه بها أعداءه عبر العصور. العراق ليس مجرد ساحة للصراعات، بل هو كيان حضاري يمتلك القدرة على إعادة تعريف دوره في المنطقة والعالم.
خاتمة:
يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع العراق تحويل هذه التحديات إلى فرص؟ الإجابة تعتمد على إرادة الشعب العراقي وقيادته. الماضي مليء بالدروس، والحاضر مليء بالتحديات، لكن المستقبل مفتوح على احتمالات لا حدود لها. العراق يمكن أن يكون نموذجاً للصمود والنهوض إذا ما أُحسن استثمار موارده وقدراته.
العراق بلد الحضارات القديمة، ورغم عثراته، يظل شعاع الأمل قائماً بأنه سيعود ليأخذ مكانه الطبيعي في قيادة المنطقة وصناعة المستقبل. العراق بلد لا يموت. رغم كل الأزمات التي مر بها، يظل العراق حياً بفضل شعبه وتاريخه الغني. إن فهم هذا البلد يتطلب قراءة عميقة لتاريخه وحاضره، مع إدراك أن ما يجري اليوم ليس إلا فصل جديد في كتاب طويل لا تنتهي فصوله.