هل أمريكا وإيران في حرب باردة أم تواجه المنطقة تغيرات قادمة؟
بقلم الكاتب الدكتور راسم العكيدي.
تتزايد التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، وهل نحن أمام حرب باردة جديدة أم تغييرات جذرية تلوح في أفق المنطقة؟ لفهم المشهد الراهن، علينا العودة إلى التاريخ وتحليل الأحداث التي شكلت استراتيجيات القوى الكبرى في الشرق الأوسط.
![]() |
هل أمريكا وإيران في حرب باردة أم تواجه المنطقة تغيرات قادمة؟ |
هل امريكا في حرب جديدة باردة بينها وبين ايران، أم هل تصل الامور في نهايات وتغيرات تنتظرنا وتغيرات قادمة الى المنطقة. من يراجع التاريخ واحداثه يصل الى قناعة بان الاستراتيجية الامريكية والسياسة الايرانية متوافقة لتحقيق اهدافها في المنطقة والادلة عديدة. حركة السفير البريطاني في العراق نار يستهويه اهل الدين.
الاستراتيجية الأمريكية والإيرانية: شراكة ضمنية أم مواجهة مستمرة؟
على مر العقود، بدت العلاقات بين أمريكا وإيران وكأنها تجمع بين التوافق الخفي والمواجهة المعلنة. بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، ظهرت مؤشرات تشير إلى أن الولايات المتحدة تبنت استراتيجية لصناعة أزمات في المنطقة من خلال دفع العراق إلى مغامرات غير محسوبة، أبرزها غزو الكويت.
بعد الحرب العراقية الايرانية وصلت الاستراتيجية الامريكية الى مرحلة صناعة وحش جديد يخلخل الاوضاع في العراق ويدفع صدام حسين لمغامرة تهز الشرق الاوسط وتغير قواعد اللعبة.
كانت أزمة الكويت نقطة تحول كبرى أنهت الحرب الباردة وأسقطت الاتحاد السوفيتي، لتبدأ مرحلة جديدة بعالم أحادي القطب بقيادة أمريكا. ولكن هذا التفوق لم يدم طويلاً، حيث أدركت واشنطن حاجتها إلى خلق توازن جديد عبر حروب باردة أخرى، وهذه المرة مع قوى غير تقليدية مثل إيران وتنظيم القاعدة.
فكانت ازمة الكويت التي عجلت تفكك الاتحاد السوفيتي وانهت الحرب الباردة وصنعت عالم بقطب اوحد هو امريكا التي اكتشفت ان وجودها كقطب اوحد لا ينقلها لمرحلة الامبراطورية فبحثت عن قطب اخر وحرب باردة اخرى فكانت القاعدة التي وفرت تداعيات صناعتها مجالات للتدخل الامريكي المباشر في المنطقة.
إيران: صعود قوة إقليمية مستندة إلى استراتيجية "الحرب بالوكالة"
مع نهاية الحرب العراقية الإيرانية، وضعت إيران بقيادة قاسم سليماني أسس استراتيجية توسعية تعتمد على الحرب بالوكالة. استغلت إيران ضعف العراق بعد إسقاط صدام حسين لتأسيس نفوذ قوي في بغداد، وامتدت هيمنتها إلى سوريا، لبنان، اليمن، وحتى دول مثل البحرين وتونس.
برزت ايران باستراتيجية وضع لمساتها الاخيرة سليماني حيث كانت الحرب العراقية الايرانية على مشارف نهايتها وكانت استراتيجية الحرب بالنيابة وادراك عمق العراق العسكري والامني والاقتصادي.
لقد تركت الإدارة الأمريكية العراق مفتوحاً أمام النفوذ الإيراني، مما سمح لإيران بتعزيز موقعها الإقليمي. ورغم محاولات طهران لبسط نفوذها في دول أخرى، ركزت بشكل أساسي على الهلال الشيعي، حيث وجدت فيه منصة قوية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
موافقة امريكا لتأسيس حكومة إسلأمية مستنسحة من تجربة ايران.
امريكا التي كانت خائفة من انتصار ايران في حربها مع العراق وتاسيس حكومة اسلامية مستنسخة من تجربة ايران الاسلامية تبدل خوفها الى قناعة بتاسيس تجربة عراقية مستنسخة من تجربة ايران فخلعت صدام وتركت العراق بلا قوة ودولة لكي تطبق ايران استراتيجية سليماني.
تمكنت ايران من الهيمنة على العراق بعد مغادرة بريمر الذي ترك ايران كحاكم فعلي للعراق وعبرت ايران نحو سوريا ولبنان واليمن وحاولت في مصر وتونس والبحرين والجزائرلكنها وجدت في هلالها افضل موقع للتاثير وتمسكت به وهيمنت بكامل قوتها.
التناغم الامريكي الايراني والغزل البريطاني الايراني وصل اعلى درجاته لبداية عصر فوضى المنطقة العربية وهرع انظمتها الى امريكا طلباً للحماية وصفقات السلاح وتنفيذ شروط الاذعان الامريكية.
الغزل الأمريكي الإيراني واللعبة النووية.
في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات حول برنامج إيران النووي، يبدو أن هناك توافقاً ضمنياً بين القوى الكبرى وإيران. الهدف الأساسي هو أن تصبح إيران قوة نووية سلمية مقابل إطلاق يدها كقوة إقليمية.
هذا السيناريو يتيح لإيران تهديد دول المنطقة ودفعها لطلب الحماية من الولايات المتحدة، التي بدورها تتقن لعبة تجارة الحماية وخلق أعداء وهميين. الاستراتيجية الايرانية على مشارف مراحلها الاخيرة ببناء ايران كقوة فوق الاقليمية من خلال وضع خيارات وهمية بالملف النووي.
الذي هو توافق ضرورة تتفق عليه القوى الدولية مع ايران بان تكون ايران دولة نووية سلمية مقابل اطلاق يدها كقوة فوق الاقليمية في المنطقة. تهدد دول المنطقة وترعبها وتدفعها نحو احضان امريكا التي تتقن فن صناعة التهديد وتجارة الحماية واستبدال العدو بين اسرائيل وايران.
إسرائيل: لاعب أساسي في معادلة الحرب الباردة الجديدة.
تتخوف إسرائيل من أن يأخذ النفوذ الإيراني مكانتها كحليف رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة. هذا القلق يدفعها للعب دور مؤثر في تصعيد التوترات بين أمريكا وإيران. تسعى إسرائيل لزيادة الضغط على طهران وكشف نواياها، وهو ما يعقد المشهد الإقليمي بشكل أكبر.
هي الحرب الباردة كبديل لتلك التي انتهت منذ عقود وبها تتغير خرائط المنطقة وتزول دول وتتقسم دول ويتغير لون دول. لكن الناتج العرضي للحرب الباردة هي اسرائيل التي تخشى من ان تاخذ ايران دورها وتضعف علاقاتها مع امريكا والغرب.
فانبرت اسرائيل كفاعل مؤثر في صراعات المنطقة وحربها البادرة بين امريكا وايران لزيادة سخونة الحرب واحراج امريكا ودفع ايران لتبني موقف مكشوف.
نهاية الحرب الباردة الجديدة: تغييرات كبرى في الأفق.
على عكس الحرب الباردة السابقة التي استمرت لعقود، فإن تداعيات الحرب الباردة الجديدة تشير إلى أنها قد تصل إلى نهايتها بسرعة نسبية. المنطقة تعيش حالة انكشاف كامل، والسياسات أصبحت أكثر وضوحاً.
التوقعات تشير إلى أن هذه الحرب الباردة ستنتهي بتغيرات جذرية في خرائط المنطقة، وربما بتفكيك إيران كقوة إقليمية. ومع ذلك، فإن هذه النهاية قد تمهد لبداية مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، حيث يظهر "وحش" جديد وتستمر الدوامة في الشرق الأوسط.
الحرب الباردة الجديدة لن تاخذ وقت طويل كما سابقتها فتداعيات كثيرة تدفعها نحو مراحلها الاخيرة فالعالم والمنطقة والعراق في حالة انكشاف كامل للمواقف والسياسات. وهذا سيدفع لحرب شاملة تصل بالحرب الباردة لاهدافها فاسرائيل متضايقة وكلما تضايق اليهود احدثوا حرب عالمية.
المنطقة مقبلة على متغيرات نهائية هي اهداف عصر الفوضى ونتائج حرب باردة وبها ترسم امريكا واوربا كحلفاء خرائط المنطقة وتفكك ايران لتبدأ مرحلة اخرى بوحش جديد وحرب باردة اخرى لمنطقة لا تستقر.
الخلاصة: الصراع الأمريكي الإيراني ليس مجرد مواجهة عابرة، بل هو جزء من استراتيجية كبرى تهدف إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة. سواء كانت حرباً باردة أم تغييرات قادمة، فإن الشرق الأوسط يبدو مقبلاً على مرحلة جديدة تحمل معها تحولات كبرى ستؤثر على مستقبل دوله وشعوبه.
الأسئلة الشائعة:
1. هل الحرب الباردة بين أمريكا وإيران تختلف عن الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي؟
نعم، الحرب الباردة الجديدة تعتمد على التلاعب بالتهديدات الإقليمية مثل النفوذ الإيراني وبرنامجه النووي، وليس على مواجهات أيديولوجية مباشرة.
2. كيف يمكن أن تنتهي الحرب الباردة بين أمريكا وإيران؟
قد تنتهي بتغيرات جذرية في خريطة الشرق الأوسط، مثل تفكيك إيران أو إعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي.
3. ما دور إسرائيل في هذه الحرب؟
تلعب إسرائيل دوراً محورياً من خلال الضغط على إيران وتصعيد التوترات لضمان مصالحها الإقليمية وحمايتها كشريك أساسي للولايات المتحدة.