مقهى رحمن سفر" شابندر شهربان الزمن الجميل
بقلم ... ابن شهربان Ibn sahahrban
مقهى رحمن سفر" شابندر شهربان الزمن الجميل. كما خلدت والى اليوم المقهى البرازيلية في شارع الرشيد. مقهى السيدة أم كلثوم في شارع الجمهورية قرب ساحة الميدان.
ومقهى الشابندر في شارع المتنبي في ذاكرة وقلوب أهل بغداد والمدن المجاورة فان مقهى رحمن سفر قد خلدت في قلوبنا وفي ذاكرتنا نحن أهل شهربان والقرى المجاورة.
- فهم نفس النوع من الزبائن والرواد. رواد مقهى رحمن سفر هم خليط غير متجانس. منهم بشر يحب الجلوس منفرداً صامت في وسط ضوضاء.
- الى بشر عاشق يحب الكيف والطرب ويستمتع بالجلوس طويلاً لسماع أغاني طويله، مثل أغاني السيدة أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ .
- الى بشر مدمن على لعب الدومينو والطاولة والشطرنج.
- الى بشر حزين أو مهموم أو معزول أو مفارق عزيز
- الى شيوخ ورجال عشائر متخاصمه تجتمع لحل مشاكل الثأر والصيحة والنهوة والفصل العشائري .
آه يا أيام .......
رواد مقهى رحمن سفر بشر متنوع من كل شرائح المجتمع؟
يا لهم من بشر متنوع من كل شرائح المجتمع ولم تكن تخلوا أيامهم من الطرائف والفكاهة... ولن أنسى ما حييت ما حصل أمامي في تلك اللحظات التي صادف وجودي هناك كطفل فضولي وكان بطلها المشاغب ستار حيفه...
ففي غمرة صياح وعراك رجال العشائر(العرب) لفض نزاع عشائري. اقترب ستار حيفة زحفاً بمكر الى خلف إحدى القنفات التي يجلس عليها هؤلاء المتخاصمين. وهم في ذروة نزاعهم وصياحهم.
ربط حيفه ستار أذيال اشمغتهم المتدلية على ظهورهم ببعضها ثم ابتعد ليجلس هناك وكأنه حمل وديع....
وما أن اشتد عراكهم نهضوا للانصراف فامتلأت الأرض بالعٌقلْ ( مفردها اعكال) في مشهد فكاهي طريف ما زلت اضحك كلما تذكرته. منظرهم يجمعون عقلهم والغضب يتطاير من عيونهم لصعوبة معرفة الفاعل؟
لو حدث ذلك الآن فكم فصل عشائري سيحصل ؟ .
في أمسيات شهربان الخلابة ينسحب أهل القرى والأرياف ليصبح الرواد من أهل المدينة تجمعهم الدومينو والطاولي وضحكاتهم التي تصل الى الفلكة الوسطانية...
العامل المشترك بين جميع رواد مقهى رحمن سفر المختلفون هي ابتسامة رحمن سفر ومحياه الحميم واستكان الـچـاي (شاي) الطوخ من يد الـچـايـچـي المشهور جدوع ابن محلتي.
أرتباط مقهى رحمن سفر في مخيلة ذاكرة شهربان.
مقهى رحمن سفر ارتبطت في مخيلة معظم سكان شهربان والقرى المحيطة بها وتسمرت في عقلي أنا ولم تغادره ربما لقدمها او موقعها او نوعية روادها او جمال روح مالكها.
لا أدري فاني حين ارتادها اشعر بذات الإحساس وأنا احتسي استكان الچاي في مقهى إم كلثوم قرب ساحة الميدان او في مقهى الشابندر شارع المتنبي او في المقهى البرازيلية في شارع الرشيد في بغداد ....
لإنك عشقت المكان تتحول تفاصيله الى غرام وترى كل شيء فيها مختلف ويلفت انتباه. رنين الاستكانات وورورت الأقداح تحتها وايقاعها حين يضعها الچايچي الماهر جدوع بخفه أمامك على الميز ...
منظر قواري الشاي المقلمة في الموقد على نار الحطب والبخار ينفث من فوهتها مثل دخان قطارات أيام زمان وريحة الهيل والدارسين والحامض.
طرق بيادق الدومنة وزارات الطاولي وصوت طرقة الفائز (نزل عشرة چـايات على حساب فلان) وضحك الجالسين.
أنين المراوح السقفية المتآكلة وبحة الزنجار الحنينة في ريشها حين تدور. فمن أين أبدأ؟
هنا ناس يعاتبون ... وهناك ناس يفضون خصام ... وأخرين هناك يتسامرون ... وذاك شخص صامت محملق في سقف الكهوة... واخر شارد الذهن ... واخر ... واخر.
بانوراما لا توصف ... اجمل شئ ... حين تركن في زاوية وتعطي نفسك العنان وتبحر في حلم نهار طويل ~ يالها من أيام ~ ويإ روعة الناس …
مقهى رحمن سفر وكرة القدم وابن المدينة هشام عطا عجاج.
بدأ أهل شهربان وخصوصا شبابهم الدخول لمقهى رحمن سفر مع بداية دخول التلفزيون الى شهربان وذلك لمشاهدة مباريات كرة القدم.
الهتاف لابن مدينة شهربان الجناح الطائر اللاعب الموهوب هشام عطا عجاج في مباريات كرة القدم لفريق القوة الجوية او منتخب العراق وفي المساء للعب الدومينو والطاولي...
رواد هذه المقهى الجميلة ربما يتذكرون بان هناك مناضد (ميز) مميزه في المقهى والجميع يعرف مكانها وكانها محجوزه لزبائن مدمنين يتواجدون هنا عند كل مساء.
- وأولهم الراحل سيد فائق واخر الراحل سيد جبار طاهر ( سأتكلم عنه بمنشور مفصل ) واخر للسيد جبار شقيق السيد فاضل البنچـرچي.
- واخر للأستاذ زكي كامل واخر تقريبا محجوز للعب الطاولي من قبل الأخوين السيد غالب (أبو قيس ) والسيد شوكت (أبو أستاذ سامي).
- وآخر يتواجد عليه باستمرار وإدمان عجيب يوميا ودون انقطاع السيد غني جميل...
رواد هذه المقهى ربما يتذكرون أيضا كيف كان سيد فائق يستفز السيد جبار أثناء اللعب وينهال عليه الأخير بأنواع الكلمات النابية والجارحة وكان سيد فائق يضحك ولا يزعل.
المهم استفزازه وإثارته وإذا خطأ سيد جبار طاهر كان زكي كامل يؤنبه ويقول له:
(انت كلشي متعرف تلعب) ليرد عليه سيد جبار: (إي مو انت مخترع الجاجيك).
فكاهه تتكرر كل يوم ~ ضجيج وصياح بينهم وتحريض من الجالسين حولهم على القنفات والحضور تتفرج وتضحك بدون حقد أو ضغينة. مرح وفرح فقط ...
كان الشاي يخدر على نار حطب البساتين والشاي الذي يقدمه جدوع لا مثيل له كأنه الدبس أو العسل من ثخن قوامه ولونه الأسود الداكن وطعمه لا يصدق ... اعرف بانها تفاصيل صغيرة في عمر الزمن ~ لكنها لمحات مضيئة من زمن شهربان الجميل ...
وفي صباحات أيام الجمع كانت هناك قنفات وكأنها مخصصة لوجهاء مدينة شهربان وهم:
- السيد عبدالوهاب غائب الوجيه الشهرباني المعروف.
- والسيد عبد الجليل أمين مدير الأمن العام في حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم.
- السيد المربي الجليل عبد المجيد محمود واحد من أقدم معلمي مدينة شهربان.
وهؤلاء السادة أصدقاء منذ زمن الطفولة وأيام الدراسة في عشرينيات القرن الماضي (صورة مرفقة ) ...
عبد المجيد جليل ـ عبدالوهاب غائب ـ عبدالقادر حسن - حسين عيدان ـ عبد المجيد محمود ـ حكمت مهدي إخذت الصوره لطلاب السادس والخامس أبتدائي مع قائمقام عامر محمود بك |
مقهى رحمن سفر وثورة تموز 1958.
في سنين ثورة تموز وما بعدها كانت هذه المقهى مكان لقاء الشيوعيين من أهل شهربان… في حين اختار القوميين العرب والبعثيين مقهى السيد أبو غصوب.
والغريب أن المستقلين والوطنيين والمعجبين بالزعيم عبد الكريم وثورة ١٤ تموز اختاروا مقهى السيد جاسم يبه...
وأنا اصل الى نهاية هذه المنشور تركت الحاسوب لكي احتسي كوب قهوة ساخن يتصاعد منه البخار وضعته لي زوجتي أمامي فأخذني تفكيري المجنون الى تلك الأيام تحديداً الى أيام شتاء مدينة شهربان وأمسياتها ماطرة.
أخذني إلى مقهى رحمن سفر وازدحام الزبائن وضحكهم العالي ومنظر بخار قواري الشاي المقلمة التي تتهدر على نار الحطب في الموقد لترفع من درجة الحرارة.
ليكتسي زجاج المقهى وشبابيكها المطلة على الرصيف بالضباب نتيجة فرق الحرارة بين الداخل والخارج ...
لكن ضباب زجاج واجهة مقهى رحمن سفر لم يكن يحجب أبداً رؤية عربانة الشلغم لصاحبها فليح أبو قنبوره ( المعذرة بان اكتب كنيته هنا فقط ليتذكر الناس ~ إذ لم يكن العوق عيبا فكل شئ من عند الله ).
وعربانه الحليب لصاحبها مجيد كبيره. وعربانه اللبلبي لصاحبها إبراهيم. وهن واقفات خارج القهوة ... وحين ينادي الزبائن.
كانه اليوم وليس قبل أربع عقود عشت مع منظر صحون الشلغم او كاسات اللبلبي او أِكواب ( كوب ) تدخل الى داخل القهوة والأبخرة تنبعث منها وقبلها تدخل روائح توابلها المشهية ...
بائع الحليب مجيد كبيره كان مولعا بشراء بطاقات اليانصيب ... وفي إحدى المرات فاز بالجائزة الأولى فقام بسكب قدر الحليب على الأرض أمام الناس من شدة الفرح ! …
أخذني خيالي المجنح المجنون الى هناك ~ الى شارع السوق الرئيس وظهاري شهربان وحلة طالبات ثانوية البنات ومنظر طوابير مستعرضة لأيائل وزرافات وطواويس وغزلان ثانوية المقدادية للبنات.
حين يتحول شارع السوق هذا الى لوحة خلابة لا توصف من أين يأتون ( وين چانوا ) هؤلاء البشر عندما تمر طوابير اميرات مدينة شهربان نهاية الدوام .
بحر من الشباب يتلاطم بدون مقدمات في هذا الشارع هم يتقاطرون من كل اتجاه ... لكن (اشحده ) الذي يسيء الأدب او يتجرأ على التجريح ( التصجيم … بلغة أهل شهربان !!).
النظر من بعيد ( مو مشكله ) ... الله خلق الجمال والنظر الى جمال مخلوقاته حلال... وحين يتوارون الملائكة من هذا الشارع الساحر ينسحب البحر فتظهر الأرصفة والممرات ولا تعرف وين راحوا !! ...
ولو كان هناك محرار لنبضات القلوب لتم سماعها من بعيد مثل عزف الطبول ...........
شيرجعك يا زمن ؟ وبعد أحبتي ...
اللــــي مضيع ذهــب
بسوك الــذهب يلكاه
واللـــي امفارك محب
يمكــن ســنه وينساه
بس اللي مضيع وطن
ويـــن الـــــوطن يلكاه
الله يــــا هــلـوطـــــن
شمسوي بــــــــيه الله
نـيــــرانـه مــثل الجمر
تــچـوي واگول إششاه
شكر وتقدير الى الأخوان الأعزاء الذين زودونا بالمعلومات ...
- اللواء أحمد غائب الحساني …
- السيد ارشد عبد الحميد سلطان...
- حمودي التويجري...