الملا عثمان الموصلي
نابغة الانشاد الدينى
طـــارق ناجــــــــي
منذ فتره وانا اتسقط اخبار هذا الداعي الإسلامي والمنشد الديني الكبير الملا عثمان الموصلي وكنت اطالع بين الحين والحين نتف من أخباره مبعثره هنا وهناك حتى تجمعت لدي حصيله ليست بالقليلة.
وددت ان اسلط الضوء على هذه الشخصيه الفذه لتعريف الاخرين به وبالدور الريادي الذي قام به في دعم عمليه الانشاد الدينى والفني والموسيقي واجادته التامه والمامه في اداء القراءات السبع ثم العشر من ترتيل وتجويد للقرآن الكريم.
كما يعود الفضل اليه في كثير من الالحان التي مازالت الى يومنا هذا ترددها وسائل الاعلام السمعيه والمرئيه.
الذي اريد ان اوضحه ان بدايه هذه الالحان كانت في اساسها هي اناشيد والحان دينيه صرفه كانت الحان تتغنى بحب الرسول(ص) والأولياء الصالحين والتي وضع الجزء الاعظم منها الملا عثمان.
ولادته ونشأته:-
ولد الملا عثمان الموصلي في الموصل عام ١٨٥٤ في الجنوب الغربي لمدينه الموصل وكان والده سقاءا ورجلا مغمورا لا يعرفه الا القليل من الناس.
اما نسبه فهو الملا عثمان ابن الحاج عبدالله ابن محمد ابن جرجيس من عشيره البو علوان الدليميه.
لقد توفى والده وهو مايزال طفلا لم يبلغ السابعه من عمره، ثم لم يلبث أن اصيب هذا الطفل بمرض الجدري والذي افقده بصره، ثم شاءت العنايه الالهيه ان سخرت له جاره الوجيه الموصلي محمود افندي العمري، حيث اخذه إلى بيته وجعله موضع عنايته.
ثم عين له معلما لتحفيضه القرأن الكريم وكان هذا الطفل ضرير يعيد في الليل ما حفظه في النهار من دروس في القرآن ويكرره بصوت مرتفع رخيم وذو حلاوه في غرفته.
كان محمود افندي يصغي اليه ويأنس به ويعتريه الطرب والنشوه مما دفعه لتخصيص معلم اخر لتعليمه الموسيقى والالحان فنبغ فيها وحفظ الكثير من الأشعار والقصائد.
ومن ثم عكف على تعلم علوم اللغه من صرف ونحو وبيان كما افاد من علماء عصره مثل "الشيخ عمر الاربيلي و"الشيخ صالح الخطيب و"الشيخ عبدالله فيض الخضري وهكذا.
وقد وصف ذلك الاستاذ "محمد بهجة الاثري في مجله لغه العرب في عام ١٩٢٦.
بعد ذلك توجه لاداء فريضه الحج ثم عاد إلى الموصل وملازمته لعلمائها مثل "الشيخ محمد جرجيس النوري حيث اخذ عنه الطريقه القادريه الصوفيه.
ومن ثم شد الرحال إلى مصر حيث تعرف على الكثير من علمائها وادبائها امثال "الشيخ علي محمود و"الشيخ ابراهيم المغربي و"الموسيقار كامل الحلفي و"الشيخ سلامه حجازي و"المغني عبده الحامولي و"سيد درويش.
ثم قفل راجعا الى بغداد حيث تعرف على "الشيخ محمود شكري الآلوسي ودرس على يده علوم اللغه العربيه.
كما ادى ادوار مصريه وقدود حلبيه وموشحات اندلسيه ومقامات عراقيه كلها في جلسه واحده مما حدى بالشيخ سلامه ان قام وقبله بحراره.
الملا عثمان مما ينم عن الاعتراف العظيم بفنه الديني، اما من تلامذه الملا عثمان الموصلي في العراق منهم الشيخ ملا مهدي والملا عبد الفتاح معروف واحمد زيدان، وفي كركوك منهم الحاج نعمان رضوان زاده والملا صابر عبد القادر، وفي الموصل المطرب احمد عبد القادر الموصلي ومقرء المقام شلتاغ.
لقد كان الملا عثمان ذا قريحه جياشه وطاقه هائله في عالم الزجل حيث كانت المعاني تنساب على لسانه كالسيل المنهمر عذبه جميله وكانت ازجاله هي موشحات دينيه يدور جلها في مدح الرسول (ص) وال بيته الاطهار.
منها على سبيل المثال موشح (ياغزال بالفلا مااجملك ) وهنالك العديد من موشحات الملا عثمان الموصلي لا يسع المجال لذكرها بأسهاب وتفصيل.
ثم اقيمت حفله تأبينيه تكريما له شارك فيها العديد من رجالات بغداد من اباء وعلماء وقراء قرآن لقد تناول جمله من الكتاب حياة هذا الرجل الذي لن يجود الزمان بمثله، منهم الدكتور عادل البكري والاستاذ المحامي محمود العبطه والاستاذ محمد كامل واحمد عزت المصرف وفضيله الشيخ جلال الحنفي.