البلد الذي يتحول الى ساحة لصراع دولتين هو بلد فيه من المصالح للقوتين يمكن حين استهدافها انزال خسائر متبادلة بالقوتين لكنها خسائر سياسية وليست عسكرية في الارواح والمعدات.
العراق لن يبتعد ولن تستطيع السلطات السياسية وطبقتها الحاكمة ابعاده عن الصراع فهذا يحتاج الى قرار يمتلك القوة المقتدرة التي تستطيع لجم اذرع مسلحة لاحزاب تاسست على نهج الولاء ووجودها من بقاء مصالح خارجية واستمرار الصراع .
قرار ابعاد العراق عن ساحة الصراع لا تملكه الحكومة ولا تستطيع تطبيقه لانه بيد وكلاء معتمدين بيدهم القرار السياسي وتحت تصرفهم مقدرات البلد واقتصاده.
بل هم السلطة الحقيقية التي تتحكم بالموقف عسكرياً بالسلاح وسياسياً بالقرار واقتصادياً بالسياسة المالية والنقدية وتلك عوامل حاسمة مطلقة تملكها الاذرع المسلحة المتجذرة في العراق واغصانها وثمرها خارجه.
صراع امريكا وايران صراع بلا تكاليف باهضة وبادنى الخسائر فما يخسره الطرفان مصالح ونفوذ يتبخر ويعاد تكثيفه ليعود اما خسائر العراق فمن امنه واقتصاده واستقراره وسيادته ووجوده كبلد وشعب.
ما الذي فعلته امريكا وما الذي حققته ايران هو نتاج مرحلة على ارض العراق وجسد شعبه وقد وصلت المرحلة لنقطة اللا عودة وعند هذه النقطة ستبدأ سيناريوهات الى الامام وسط متغيرات في امريكا بمجئ ادارة جديدة وتصعيد ايراني ليس على ارض ايران.
هي حالة شد وارخاء لاحداث خلخلة هي ليست استقرار بل اختيار نقطة لبناء اسس تفاهمات الضرورة لمراجعة ما انتجته المرحلة السابقة وتقييمها وبداية المرحلة اللاحقة .
المرحلة القادمة تمر في فراغ قلق ممتلئ ببارود ان اقتربت منه شرارة انفجر ولذلك تسعى ايران على منع الانفجار وتعمل امريكا على ردع ما ينتج عن الانفجار.
الجانبان في حالة يقين ان المرحلة القادمة هي مزيج من حقيقتين
الحقيقة الاولى استخلاص الدروس من سياسة اوباما التي كشفت حجم المازق الذي وقعت فيه امريكا المنهكة.
الحقيقة الثانية ما كشفته ادارة ترامب لبواطن السياسة الامريكية التي تمتلك القوة الكاسحة ولكنها لا تريد حرب شاملة تدفع لحرب عالمية ثالثة، وهي تستعرض القوة وتمارس التهديد وتجارة الحماية ولكن الحماية تجارتها كسدت بوجود اذرع على الارض تخرج بعد الضربة لتمنع النفوذ وتضرب المصالح.
امريكا قيمت تجاربها في فيتنام والصومال وافغانستان والعراق وسوريا وتدرك ان ما بعد الضربة الكاسحة السريعة لابد من النزول على الارض وذلك يحتاج لوكلاء اقوياء لا تتوفر قوتهم في المرحلة الراهنة.
الفخ الذي وقعت فيه امريكا من صنعها وهو ذات المصيدة التي سقطت فيها ايران، وهو ما حققته تحت تصور ان ايران فهمت نقاط الضعف لامريكا واستغلته في مسك ارض الصراع.
لكنها اغفلت ان الضربات من الجو والبحر والبر وباسلحة متطورة ستدمر القلب وتترك الاذرع سائبة بلا اوردة ولا شرايين ولا يصلها ايعاز من العقل الذي يتوقف بتوقف القلب.
ايام عدة من ثنائية حادة اما الضربة الماحقة الخاطفة للقلب وموت الاذرع تلقائياً او بداية تفاوض على اتفاق جديد شامل للسلاح النووي والصاروخي والتدخل في شؤون دول المنطقة.
كل طرف يريد ان يخرج من نفق الفراغ المشحون ويدخل منطقة التفاوض بحدث قوي يعلي من سقف مطالبه ويعطيه قوة تستطيع لمزيد من المكاسب وتلك جعجعة على رؤوس وانوف الاذرع والوكلاء وهم يعلمون ولكنهم مسخرون.