واجبات فوق العادة
"الواجب الثالث"
الى فرنسا لمرافقة طائرات الميراج
داود سلمان الشويلي
بعد أن وضعت الحرب أسسها ومرتكزاتها العسكرية في الجبهة على الحدود الشرقية للعراق، بين العراق وإيران.
بدأت جحافل القوات الأرضية، والجوية، والبحرية، تكتوي ليل نهار في إتونها، صار من اللازم علينا نحن منتسبي الخطوط الجوية العسكرية (طائرات انتينوف - أن/26، وطائرات اليوشن / 76) ان نعمل بما يديم ساحة المعركة، وكذلك انتصاراتها على الحدود الشرقية، بالأعتدة والأجهزة، وبنقل رجالها داخل العراق.
كنت أنا ضمن أفراد (طواقم) سرب/43 لطائرات اليوشن/76 الذين عدنا من دورة في الإتحاد السوفييتي على الطائرة آنفة الذكر في الشهرالعاشر من عام 1979، وشكّلنا السرب نهاية هذا العام، وقمنا بالتدريبات، ولم يمضي عام إلّا وقامت الحرب المذكورة.
كانت أول رحلة لي الى خارج العراق هي إلى فرنسا في بداية الحرب، لمرافقة الدفعة الأولى من طائرات الميراج، وطاقمها الجوي والأرضي الذين يتدربون عليها في إحدى مدن فرنسا.
كانت طائرتنا اليوشن قد طليت بألوان وشعار الخطوط الجوية الأردنية (عاليا)، الحمراء، ولا أعرف ان كان هناك اتفاق مسبق على ذلك أم لا، بين الحكومتين.
وقد حملنا في الطائرة سيارة تزويد الطائرات بالأوكسجين، وسيارة الهواء، وطرنا إلى أحدى المدن الفرنسية، وكان فيها مجموعة من الضباط الطيارين، والضباط المهندسين، والمراتب الفنيين العراقيين، وقد انضموا في دورة على طائرات الميراج الفرنسية.
كان واجبنا مرافقة طائرات الميراج الأربعة، الأولى، والإتيان بأفراد السرب المشتركين في الدورة إلى العراق، وان الشركة المصنعة لهذه الطائرات تدرّب على الطائرات نفسها أفراد الطاقم من العراقيين.
وقد رافقتنا طائرة لنقل المسافرين صغيرة نوع – كما اتذكر- جت ستار، حملت مجموعة من ضباط القوة الجوية الكبار الذين خططوا للرحلة.
يوم 27 ك2/ 1981 وفي المدينة الفرنسية (مونت دي مارسان ) كان طاقم السرب الذي سيتشكّل في العراق ينتظرنا، تم إنزال السيارات التي تزود الطائرات بالأوكسجين والهواء إلى أرض مطار تلك المدينة...
وتزودت الطائرات بهاتين المادتين وعادت العجلات مرة ثانية إلى الطائرة، وركب معنا الضباط الطيارين والضباط المهندسين والمراتب الفنيين الذين كانوا في فرنسا في دورة على هذه الطائرات، فيما قاد طيارون فرنسيون الطائرات الأربعة نوع ميراج.
طرنا إلى مدينة يونانية، كما أتذكر هي أثينا، قاعدة كالاماتا، نزلنا في أحد مطاراتها العسكرية، ذهبنا إلى الفندق.
وفي صبيحة اليوم التالي 31 كانون الثاني، عدنا إلى المطار، وكان في هذا المطار كلية القوة الجوية اليونانية، وجدنا ان (البيتوت) مستقبل الضغط للطائرات الفرنسية (معوج) (مرفوع للأعلى) (كان في الكلية طلبة ايرانيين وليبيين كما سمعنا) وجرى حوار مطول بين أعضاء من شركة داسو الفرنسية المصنعة لطائرة الميراج الذين رافقونا بطائرة بيضاء اللون صغيرة خاصة بهم، وبين الجانب اليوناني حول ذلك.
أصلّح الفنيون الفرنسيون وضعية البيتوت، وطارت الطائرات متجهة إلى قبرص، نزلنا في مطار (لارنكا) الدولي في قبرص.
كان المطار خاليا من أي شخص، سوى أفراد عراقيين مسلحين وقد حفروا ملاجيء في المطار وكمنوا فيها بأسلحتهم، شاهدت أحدهم يحمل سلاح آر بي جي متموضع في مكان ما قرب طائرتنا.
أنزلنا سيارات تزويد الطائرات بالأوكسجين والهواء إلى أرض المطار لتزويد طائرات الميراج بهاتين المادتين، فيما كانت طائرة نقل عراقية أخرى تنتظرنا وهي تحمل سيارات الوقود (الباوزر) التي زودت طائرات الميراج الأربعة بالوقود.
امتطى الطيارون العراقيون صهوة طائرات الميراج وطاروا بها، عاد الطيارون الفرنسيون الى فرنسا.
طرنا من وراءهم، واتجهنا إلى العراق، إذ نزلنا ليلا في قاعدة فرناس الجوية في الموصل.
هنا تفترق تحليلات الصحف والمجلات العربية والأجنبية عن هذه الرحلة.
إذ ينقل مراسل مجلة العربي العربية الذي أبعد وبقية الصحفيين من المطار ووضعوهم القبارصة في فندق بعيد عنه.
يقول: ان طائرات النقل الموشومة بعلامة الخطوط الجوية الأردنية (عاليا) التي كانت ترافق طائرات الميراج اتجهت إلى الأردن.