ساعة الأمام الأعظم "الأعظمية" صناعة عراقية 100%.
ساعة الأمام الأعظم في "الاعظمية" أو ساعة الامام أبو حنيفة النعمان هي صناعة عراقية 100%. وهذا ما يميزها عن بقية الساعات التي تم نصبها! فقد سبقتها ساعة القشله بزمن بعيد وساعة الاماميين الجوادين عليهما السلام.
الساعة التي أرتبطت بكل مفردة من مفردات الحياة نظمت حياتنا، مواعيدنا، الساعة التي تنبض دون أن تسير بها الدماء. تسير وفق نظام محسوب بدقة متناهية، لاتختلف أن كانت كبيرة أو كانت صغيرة، الساعة تتكون من نفس الاجزاء والتروس.
أجزاءها "صندوق الزمبلك الذي يعطي قوة وعزم للحركة، الى "دولاب الدلال، الى "العقرب الذي يضبط الحركة بملامسة البندول، يترنح يميناً ويساراً قاطعاً الاشواط في نفس المكان ونفس الزمان تلك الثواني التي يعدها في كل شوط.
تتحرك عقارب الساعة بعد كل هذا الجهد من اجل نظرة اعجاب اليها، ونضبط ايقاع حياتنا يقضتنا الى نومنا وموعد لقاءنا. نعود لنرى قصة تلك الساعة التي تراها من شارع 20 لنتعرف بندولها كم قطع من الاشواط بالدقائق والساعات والايام والسنين.
مجلة شهربان الألكترونية- SHAHARBAN MAGAZINEأهداء ساعة الحضرة القادرية القديمة الى بناية الأمام الأعظم؟
تبدأ حكاية ساعة الاعظمية الى عام 1337هـ-1919م يوم أهديت ساعة الحضرة القادرية التي كانت منصوبة هناك في برج ساعة الحضرة عام 1316هـ/1898م. وقد تم استبدالها بواحدة اخرى كانت هدية من مسلمي الهند ذات اربع وجوه.
غير أن الساعة المهداة كانت عاطلة وقد تلفت أجزاء منها أثناء نقلها، أو لسبب اخر لربما ضياع جزء منها. حاولت دائرة الاوقاف في حينها لكن تلك المحاولات باْت بالفشل.
قررت مديرية الاوقاف الاعلان في الصحف المحلية في 17شباط 1921 تطلب ممن لديه الامكانية من ذوي الاختصاص لتصليح الساعة المشار اليها. ومراجعة أحد المتعهدين من ذوي الاختصاص مراجعة الدائرة، لم يتقدم أحد لهذه المهمة.
بعد أن علم الحاج عبدالرزاق محسوب الاعظمي بهذا الاعلان. وفي 19أذار1921راجع دائرة الاوقاف ليقوم بتصليح الساعة. بعد فحصها والكشف عليها وجدها غير صالحة.
أقترح الحاج عبدالرزاق محسوب على دائرة الاوقاف أن يقوم بتصنيع ساعة جديدة بدلاً عنها. وافقت على هذا المقترح وكتبت له كتاب بتاريخ 24 أذار1921 بالموافقة على قيامه بصنع ساعة جديدة.
بداية مشروع تصميم وبناء الساعة بيد عراقية؟
في 25 آذار1925 بدأ المشروع بالتنفيذ لصناعة أجزاء الساعة الجديدة في محل سكناه في محلة الشيوخ. مستفيداً من معمل الالات الزراعية التي يديرها هو وأولاده. بعد أن رسم الخطوط الرئيسية في ذهنه ووضع تصميماً لصناعة ساعة كبيرة مع هيكلها الخاص ذات اربعة اوجه بدلاً عن تلك الساعة ذات الوجهين.
أستغرق العمل لمدة 8 سنوات ونصف! لصناعة كل الاجزاء محلياً وبتلك القدرات البسيطة دون أي كلل أو ملل بمساعدة أبنائه محمد رشيد وعبدالهادي. وقد أنفق على هذا المشروع كثيرمن المال، تم أنجاز مشروع الساعة وأختبارها في يوم 1929/12/28.
تقدم الى دائرة الاوقاف لكي يبلغهم أن مشروع صناعة الساعة الجديدة. قد تم وأنه يريد تسليم الساعة متبرعاً بها دون مقابل هبة لوجه. على أن يقوموا ببناء برج مناسب لكي يتم تركيب الساعة في البرج.
رفضت أدارة الاوقاف تسلم الساعة؟ لانها لم تكن مقتنعة في أن يتمكن الحاج عبدالرزاق محسوب الاعظمي. وبتلك الامكانيات البسيطة أن تكون ساعة مشابه لمثيلاتها. مؤلم أن تصدر تلك النشكيك بالقدرات من دون أختبار.
بعد أن خاب أمل الحاج عبدالرزاق وفشل في اقناع الادارة بأستلام الساعة. قرر أن يقيم برجاً في داره بمحلة الشيوخ ويضع تلك الساعة العملاقة، بدأت الساعة بالعمل وكان الناس يسمعون دقاتها بأنتظام من بعيد.
ساعة الحاج عبدالرزاق محسوب في معرض بغداد الدولي.
كانت الساعة وأجزائها قد تم صناعتها دون أن يستورد أي جزء من أجزاء الساعة فقد كانت صناعة يدوية محلية عراقية. وقد اغتنم الحاج عبدالرزاق فرصة اقامة معرض ببغداد 1932 وعرض الساعة التي حازت الجائزة الاولى..وبقت تعمل في حدائق المعرض حتى اواخر شباط 1933 واعيدت الى المعرض بالاعظمية.
وافقت دائرة الاوقاف على تسلم الساعة ولكنها لم تضعها في جامع الامام الاعظم بحجة بناء البرج وبقت هكذا لمدة 26 سنة.
بعد 14تموز1958 تم بناء برج اسطواني بارتفاع 25م وتم إكساء البرج بالفسيفساء الازرق والابيض، وتم في سنة 1961 نصبت الساعة وبقيت تعمل بانتظام.
في عام 1973 قامت وزراة الاوقاف باكساء البرج بصفائح من معدن الالمنيوم المضلع باللون الذهبي، بقيت تلك الساعة منتظمة العمل حتى عام 2003م.
عندما تعرض العراق للغزو الامريكي وفي الايام الاولى من بداية إحتلال العراق، كانت هنالك مقاومة ضد القوات الامريكية أطلقت أحدى طائرات الغزو الامريكي صاروخ بأتجاه برج ساعة أبو حنيفة فأصاب بندول الساعة في يوم 10نيسان 2003م ..
قام ديوان الوقف السني وعدد من الشركات بإعادة ترميم البرج. فيما قام ثلاثة من عائلة محسوب كل من "د.صالح عبد الرزاق-"فؤاد رشيد عبد الرزاق-"حذيفة سالم عبد الهادي عبد الرزاق. وعلى مدى اشهر عدة بإعادة ترميم وتشغيل ماكنة الساعة وتصليح اجزائها المتضررة...وتم نصبها من جديد عام 2005م.
رغم التطور العلمي والتقني الذي يسير بخطى متسارعة لكن يبقى للتراث جمال وعبق لترى ما يصنع الانسان من المستحيل حياة.