بقياسات مختلفة
راسم العكيدي
المتتبع لاهتمام العراقيين بشؤون بلادهم ومطاردة كل صغيرة وكبيرة بالنقد الهدام والاستخفاف حتى لما هو ايجابي وسط كم هائل من السلبيات يتصور ان الجميع يحمل روح وطنية ويسعى لبناء بلده والبحث عن ما هو ايجابي وتشجيعه والبناء عليه.
السؤال الاهم هو اذا كان الجميع داخل وخارج السلطة يبحث عما هو ايجابي وبنّاء فمن هو السلبي والهدام ؟
المشكلة ان هناك ازدواجية في السلوك ناجمة عن مزاجية وتناقض مواقف وفضول واسع يصل الى التدخل في تخصصات دقيقة لا معرفة ولا معلومة لمن يتدخل بتفاصيلها.
الكل يرتدي ثوب وطني فضفاض وينتقد ما لا يعجبه ولا يتماشى مع مزاجه وبدافع مصلحة ذاتية حتى اختلطت الاراء بالافكار بالنظريات بالتطبيق بالتخصص بالمعرفة بالمعلومة بالمعتقد الديني بالطائفية بالعنصرية بالنهج بالشرع بالسياسة بالثقافة بالجهل بالتعليم بالصحة بالاقتصاد بالمال والاعمال بالخدمات بالمشاريع بالمتطلبات بالحقوق بالواجبات بالعلاقات الاجتماعية بالعشائرية بالعلاقات الزوجية ونتج مزيج خطير يتفجر كل حين ليمنع الاستقرار والامن والتطور.
فالجميع وضع نفسه رقيباً قاضياً شرعياً سياسياً مشرعاً هادياً واعظاً معترضاً رافضاً مانعاً معيقاً غير راغباً ولا راضياً يرى نفسه مختلفاً متفوقاً ذكياً يصلح لكل زمان ولكل مهمة ومهنة وتخصص وعارفاً معرفاً معروفاً شيخ حكيم مسؤول يجب ان يكون له رأي وتاخذ استشارته وخبرته وبشكل معتمد وملزم ويفرض ما يقول.
وان لم يأخذ رأيه فله حق النقض والاستئناف والانقلاب والتمرد وحمل السلاح واعلان الاحكام العرفية والمحاكمات السريعة والحكم بالاعدام رمياً بالرصاص حتى الموت لمن يخالفه الرأي ولا يعجبه.
والكل يريد ان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وان ينفذ امره ونهيه وبوجوب دون تاخير ودون اعتراض وان يجلد من يرى انه خالف ويرجم حتى الموت من يعتقد انه خرج عن سلطته التي اختار نفسه لها واختارها لنفسه.
هذا شعور ناجم عن خوف نام تحت القوة واضطر للسكوت والتملق والقبول والرضا بكل ما لم يقتنع به وصفق له وصدقه رياءً ونصره وهو يعلم انه باطل ورغم انه يخالفه باطناً ومتأكد انه خطأ وحين زال الخوف بزوال القوة حول كل ذلك الخوف الى اندفاع متهور تصوره شجاعة وهي انفلات بنفس منطق تصديق الكذب والخوف من قوة متهورة والحكم الصحيح على الخطأ.
ولان الكثير بشكل مباشر او غير مباشر يتطوع ليكون ادوات هدم للدولة لصالح العامل الخارجي ويمكّنه من الوصول لاهدافه باقل التكاليف واسهل جهد وابسط وسيلة...
الذهاب الى مقال اخر للكاتب من هنا