المتتبع لشؤون الاقتصاد العراقي بامكانه ان يشخص الخلل في نموذجه والمشاكل المزمنة في هياكله وقد بلغ الخلل اقصاه بعد 2003 نتيجة التوجه العشوائي لاقتصاد مشوه لم ينتقل من الاقتصاد الباحث عن نموذج الى نموذج واضح محدد يواكب المتغيرات الدولية.
لم يكن الاقتصاد العراقي اشتراكياً ولا رأسمالياً بل كان اقتصاد سلطة الدولة القوية التي تدير الاقتصاد بشركات عامة وقطاع عام لم يبني قطاع خاص رديف قوي يقف على قدميه ليساهم في حلول لازمات العراق نتيجة الحروب والحصار.
حين فرضت الاوضاع توقف الدعم للشركات العامة اتجهت الحكومة الى خصخصة عوامل الانتاج الا انها توجست من بيعها الى قطاع خاص خارج الحكومة فدفعت بشركاء ثانويين يعملون لصالح اشخاص من الدائرة الضيقة للنظام الحاكم انذاك ولم يتحقق العلاج ولم يتشكل النموذج الواضح للاقتصاد.
بعد 2003 لم يحدد الدستور ملامح النموذج الاقتصادي ولم يبني هياكله بل نوه للانتقال الى الاقتصاد الحر ودعم القطاع الخاص دون تشريع حزمة قوانين تدعم هذا التوجه وتضع ضوابطه وتؤسس بنيته الاساسية.
دعمت امريكا شريحة الموظفين والطبقة السياسية لبناء هيكل حكومي يمثل المؤسسات الراعية للسلطة وضاعفت رواتب الموظفين ومنحت الطبقة الحاكمة رواتب خرافية واسرعت في احالة مشاريع لمقاولين طفو على سطح المرحلة المضطربة وبالاعتماد على مترجمين عراقيين وعلى دوائر الدولة لكن الاحالات افتقرت للدقة ولم تعتمد القوانين النافذة والضوابط التي تنظم الاحالات فانتشر الفساد وتضخمت النفقات دون وجود ايرادات وموازنة.
العنف كان يضرب في هذه المحاولة ويضرب اسفل الجدار للضغط والاجبار لتغيير الاولويات من الاقتصاد الى الامن ولم تتمكن الحكومات من بناء امن قوي وبخطوط متوازية مع الاقتصاد والخدمات فانهارت الاوضاع.
زادت نسب الفقر والبطالة وانعدام الموارد وتدني الخدمات وعدم جدوى المشاريع وعدم وجود خطط تنمية واستثمار واقعي صحيح لما كان ينفق من مبالغ.
استمر تدهور الاجراءات الحكومية وعدم دقتها وضخ اموال في مجاري مجهولة ضاعت في فساد وعدم جدوى وسط انعدام التنظيم والرقابة.
اصبح الاقتصاد هو اقتصاد ازمات ورأسمالية الكوارث مع حالة ايقاع الاضرار كلها مرة واحدة نحو الشرائح الدنيا للمجتمع.
فهناك قرارات تعيد الاقتصاد للاشتراكية بالدعوة لتمليك الارض واعتماد القطاع العام وشركاته وهناك توجهات لدعم القطاع الخاص وزجه في بيئة واحدة ونشاط واحد مع القطاع العام.