recent
أخبار ساخنة

الاقتصاد العراقي" والمشاكل المزمنة

Site Administration
الصفحة الرئيسية

الاقتصاد العراقي

والمشاكل المزمنة


بقلم / راسم العكيدي

المتتبع لشؤون الاقتصاد العراقي بامكانه ان يشخص الخلل في نموذجه والمشاكل المزمنة في هياكله وقد بلغ الخلل اقصاه بعد 2003 نتيجة التوجه العشوائي لاقتصاد مشوه لم ينتقل من الاقتصاد الباحث عن نموذج الى نموذج واضح محدد يواكب المتغيرات الدولية. 

لم يكن الاقتصاد العراقي اشتراكياً ولا رأسمالياً بل كان اقتصاد سلطة الدولة القوية التي تدير الاقتصاد بشركات عامة وقطاع عام لم يبني قطاع خاص رديف قوي يقف على قدميه ليساهم في حلول لازمات العراق نتيجة الحروب والحصار. 

حين فرضت الاوضاع توقف الدعم للشركات العامة اتجهت الحكومة الى خصخصة عوامل الانتاج الا انها توجست من بيعها الى قطاع خاص خارج الحكومة فدفعت بشركاء ثانويين يعملون لصالح اشخاص من الدائرة الضيقة للنظام الحاكم انذاك ولم يتحقق العلاج ولم يتشكل النموذج الواضح للاقتصاد. 

بعد 2003 لم يحدد الدستور ملامح النموذج الاقتصادي ولم يبني هياكله بل نوه للانتقال الى الاقتصاد الحر ودعم القطاع الخاص دون تشريع حزمة قوانين تدعم هذا التوجه وتضع ضوابطه وتؤسس بنيته الاساسية.

دعمت امريكا شريحة الموظفين والطبقة السياسية لبناء هيكل حكومي يمثل المؤسسات الراعية للسلطة وضاعفت رواتب الموظفين ومنحت الطبقة الحاكمة رواتب خرافية واسرعت في احالة مشاريع لمقاولين طفو على سطح المرحلة المضطربة وبالاعتماد على مترجمين عراقيين وعلى دوائر الدولة لكن الاحالات افتقرت للدقة ولم تعتمد القوانين النافذة والضوابط التي تنظم الاحالات فانتشر الفساد وتضخمت النفقات دون وجود ايرادات وموازنة. 

العنف كان يضرب في هذه المحاولة ويضرب اسفل الجدار للضغط والاجبار لتغيير الاولويات من الاقتصاد الى الامن ولم تتمكن الحكومات من بناء امن قوي وبخطوط متوازية مع الاقتصاد والخدمات فانهارت الاوضاع. 

زادت نسب الفقر والبطالة وانعدام الموارد وتدني الخدمات وعدم جدوى المشاريع وعدم وجود خطط تنمية واستثمار واقعي صحيح لما كان ينفق من مبالغ. 

استمر تدهور الاجراءات الحكومية وعدم دقتها وضخ اموال في مجاري مجهولة ضاعت في فساد وعدم جدوى وسط انعدام التنظيم والرقابة. 

اصبح الاقتصاد هو اقتصاد ازمات ورأسمالية الكوارث مع حالة ايقاع الاضرار كلها مرة واحدة نحو الشرائح الدنيا للمجتمع. 

الى الان ما يدور هو تبادل مواقع لمشتتين يقعون في متاهة دون ووجود سياسة عامة للدولة وخطط متخصصة بترابط تناسقي للوزارات بل رئيس حكومة يتخذ قرارات باجتهاده وسط مستشارين محاصصة متحزبين ووزراء لا خط شروع لهم ولا نقطة بداية ونهاية لمن سبقوهم لكي يبدئوا منها ويكملوا مع اصلاحات ومعالجات. 

فهناك قرارات تعيد الاقتصاد للاشتراكية بالدعوة لتمليك الارض واعتماد القطاع العام وشركاته وهناك توجهات لدعم القطاع الخاص وزجه في بيئة واحدة ونشاط واحد مع القطاع العام. 

هناك تشابك وتقاطع للقرارات والتوجهات بين قرارات تدعي الانتقال للاقتصاد الحر ومغادرة النموذج الاشتراكي ولكنها في ذات الوقت لا تتخلى عن نشاطات يمكن للقطاع الخاص القيام بها وباجراءات سوق تنافسي وحتى الشراكة بين القطاعين الخاص والعام تم تطبيقها باسلوب مشوه مدفوع بفساد واسع وواضح استغل النظرية واجتهد في التطبيق خارج الضوابط. 
لا يمكن الانتقال للاقتصاد الحر وسط نسبة عالية للفقر والبطالة وحالات التوظيف في القطاع العام واستمرار الشركات العامة الخاسرة ولا يمكن اعتماد قطاع خاص مبني ومعتمد على شراكة مع طبقة حاكمة فاسدة تتربص الانتقال والخصخصة لتملك الاقتصاد وعوامل الانتاج تحت ذريعة الانتقال لاقتصاد السوق والعملية تحتاج فتح الفرص لمشاريع خاصة بكل احجامها بسوق تنافسي يعيق الاحتكار ويمنعه ويخلق تنافس بسياسة سعرية وتسويقية تعتمد منطق ان الاحتكار قوة سريعة الزوال حين يكون السوق تنافسي وذلك يتطلب ادارة توازن الدولة في فترة انتقال سياسي واقتصادي ويخلق بيئة خالية من احزاب مسلحة تستولي على اي نشاط اقتصادي بهيمنتها على السياسة والدولة وفوقيتها على القانون...
<<سابق  مقال اخر للكاتب لاحق>>
google-playkhamsatmostaqltradent