قراءة في كتاب
حرب احتلال العراق
الجزء التاسع
مواقف واهداف الاطراف المؤيدة والمعارضة للحرب
اللواء الطيار الركن الدكتور
علــــــوان حسون العبوسي
مواقف واهداف الاطراف المؤيدة والمعارضة للحرب موجز للفصل الرابع الحلقة / 9...
قوى التحالف والدول المؤيدة للحرب ضد العراق:-
الولايات المتحدة الامريكية
بالرغم ان الرئيس بوش قد حصل على تفويض من الكونكرس بشن الحرب على العراق ولكن الاعلام الامريكي والصحافة اظهرت موقفاً معارضاً قوياً للحرب.
حتى انه بدأ ان الصحافة الامريكية اخذت دور ممثلي الشعب غير الرسميين المعارضين للحرب بعدما اعطى ممثلو الشعب الرسميون (الكونجرس) تفويضاً للرئيس بوش بشن الحرب.
فقد شهدت الاسابيع الاخيرة في الصحافة الامريكية سيلاً من التحليلات المناهضة للحرب وأرسلت معظم الصحف الامريكية مراسلين الى بغداد وارسل هؤلاء تقارير تصور بالتفصيل الحالة الصعبة التي يعيشها الشعب العراقي.
كما ان معظم التحليلات انصبت على مدى جسامة الخسائر في الارواح التي ستصيب الامريكيين في حال نشوب حرب وتأثير ذلك في الرأي العام الامريكي.
الموقف البريطاني
الموقف البريطاني كان اكثر تشددا للحرب على العراق، فالقوات البريطانية تعمل جنباً الى جنب مع القوات الامريكية في الخليج لفرض العقوبات الدولية على العراق.
وقد قدم رئيس الوزراء البريطاني في اكثر من مناسبة معلومات وافتراءات يحسبها دقيقة عن اسلحة الدمار الشامل التي يملكها العراق وعن الاخطار التي يمكن ان تنجم عن استخدامها.
وبغرض دعم الموقف الامريكي ضد العراق قدم توني بلير اواخر ايلول (سبتمبر) 2002 الى مجلس العموم البريطاني تقريره الشهير ضد الرئيس صدام حسين.
الذي اوضح فيها ان العراق سيكون قادراً على انتاج سلاح نووي خلال عام او عامين، وان الرئيس العراقي لايزال حريصاً على تطوير اسلحة الدمار الشامل، وبإمكانه نشر اسلحته البيولوجية والكيمياوية في مدة تقل عن الساعة.
ومنذ صدور ذلك التقرير بدأت طبول الحرب ضد العراق تقرع بشدة في واشنطن وارتفعت اصوات المعارضة الفرنسية والروسية والصينية ، وهددت واشنطن عندئذ بالقيام بنزع اسلحة العراق سواء قبلت الامم المتحدة بالشروط الامريكية ام لم تقبل .
الموقف الاسباني
قدم السيد خوزيه ماريا رؤيته عن الازمة العراقية الامريكية من خلال ما نشره في جريدة الحياة في 15/ 3/ 2003 التي توضح وجهة النظر الاسبانية في تأييدها للولايات المتحدة واهم ما تضمنه:-
• أن مرور أكثر من ثلاث أشهر على مصادقة مجلس الامن للقرار 1441، وهو القرار الذي يتيح امام نظام صدام حسين الفرصة الاخيرة لنزع اسلحته وكما يطالب بذلك المجتمع الدولي منذ 12 عاماً.
لكن النظام العراقي يواصل نهجه بعدم القيام بواجباته المتعلقة بنزع اسلحته وإن الرئيس صدام حسين لايزال يتلاعب تلاعباً متزايداً القسوة بالمفتشين وبالمجتمع الدولي.
• ان القرار 1441 يشكل مطالبة المجتمع الدولي من صدام حسين بالتخلي عن اسلحة الدمار الشامل الحالية والمستقبلية ، كما ان القرار يشير الى الفرصة الاخيرة امام العراق للقيام بعملية نزع اسلحته.
• ان نزع اسلحة الدمار الشامل والتوصل الى احراز تقدم في الصراع العربي- الاسرائيلي هما اهم التحديات التي يواجها المجتمع الدولي واكد على مشاركة اسبانيا وكما شاركت في قضية الشرق الاوسط في مؤتمر مدريد ولن تدخر جهداً في تحقيق هذين المقصدين.
الموقف الفرنسي
علقت آمال كثيرة بمواقف كلا من "روسيا و"الصين و"فرنسا و"المانيا في مطلع الازمة العراقية لمعارضتها السياسة الامريكية ومشروع الحرب على العراق.
لكن ما ان تصاعدت الازمة حتى فقد معظم العرب ومعسكر مناهضة الحرب الكثير من الاطمئنان للموقفين الروسي والصيني، وبرزت فرنسا والمانيا باعتبارهما الاكثر جدية وتماسكاً في وقوفهما بوجه الهيمنة والابتزاز الامريكي.
وقد لعب الفرنسيون دوراً هاماً في تعديل مشروع قرار مجلس الامن 1441 بحيث أصبح للمراقبين ولمجلس الامن الحق في تقدير الموقف العراقي ومدى تعاونه واستعداده للتخلص من اسلحة الدمار الشامل بمصداقية تامة.
الموقف الالماني
لم يختلف الموقف الالماني كثيراً عن الموقف الفرنسي في معارضة الهيمنة الامريكية على الاحداث في العالم وإخضاعها لدول العالم المختلفة لسيطرتها وتحقيق مطامعها ومصالحها في آن واحد.
فالموقف الالماني يعتمد بالأساس على إعطاء مهلة كافية للمفتشين لنزع أسلحة الدمار الشامل إن وجدت والحل السلمي للمشكلة.
كما تعارض المانيا الولايات المتحدة في ماياتي(الهيمنة الامريكية على مسار الاحداث العالمية، تخوف المانيا من احكام سيطرة امريكا على مسار الاحداث لمصلحتها فقط، سيطرتها على منابع النفط ،...الخ)
الموقف الروسي من الازمة العراقية الامريكية
تعتبر روسيا من الدول ذات العلاقات الجيدة مع العراق، وكانت من اكبر الدول المصدرة للسلاح للعراق، وقد استمرت هذه العلاقة في اطار تسلسل الاحداث التي مرت بها دول المنطقة عبر حربي الخليج الاولى والثانية.
يجدر القول ان الدبلوماسية الروسية حذرت الساسة العراقيين مراراً من خطورة سياستهم التي ينتهجونها باتجاه المماطلة بعملية التطبيق الكامل لقرارات مجلس الامن الدولي ومن ان الولايات المتحدة يمكنها القيام بعملية عسكرية ضد بغداد.
ويجدر القول ان الدبلوماسية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظلت سياستها مع العراق متينة ومتزنة في تقديم الدعم المعنوي والسياسي.
حاولت روسيا عدم انفراد الولايات المتحدة الامريكية بغزو العراق دون غطاء دولي وقرار الامم المتحدة في اطار سعيها لتحقيق الحل السلمي للازمة العراقية الامريكية.
كما سعت روسيا من جراء تحالفها مع المانيا وفرنسا من خلال مجلس الامن عدم استصدار قرار جديد بعد القرار 1441.
هذا وقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية الضغط على روسيا بكافة الوسائل لموافقتها على تمرير قرار جديد من مجلس الامن يخول لها استخدام القوة ضد العراق تارة بالوسائل الدبلوماسية وتارة بالوسائل الاقتصادية.
الموقف التركي
يُعد الموقف التركي من الأزمة العراقية شديد الخصوصية، بحكم أن تركيا حليف مهم للولايات المتحدة الأمريكية، وعضويتها في حلف الناتو، وبها أهم قاعدة جوية للناتو وهى (أنجرليك) في جنوب تركيا.
وفي الوقت ذاته كان الموقف التركي شديد التحفظ إزاء ضرب العراق، لخشية أنقرة من أن يؤدي ذلك إلى تطورات لا تنتهى بقيام دولة كردية شمال العراق، يكون لها امتداداً مع أكراد جنوب تركيا، حيث ينشط حزب العمال الكردستاني .
الموقف الايراني
لاشك ان حرباً امريكية ضد العراق يتم من خلالها اسقاط نظام الرئيس صدام حسين وتدمير القوات المسلحة العراقية والبنية الاساسية العراقية يصب في مصلحة ايران.
لكون العراق يعد منافسها القوي في تحقيق اطماعها وهيمنتها الفارسية على منطقة الشرق الاوسط وهو حلم خميني عند عودته من باريس عام 1979 في تنفيذ مخطط تصدير الثورة الخمينية للعالمين العربي والاسلامي.
مما ادى نشوب الحرب العراقية الايرانية 1980-1988 ادت الى خسائر جسيمة للبلدين بالأرواح والمعدات وانهيار كبير لاقتصادهما.
إلا أن روح الانتقام والحقد الإيراني المتأصلة من العروبة بشكل عام والنظام العراقي بشكل خاص كانت هي التي تحكم السياسة الإيرانية.
في أغسطس 2002، أعلنت إيران رسمياً وقوفها على الحياد حال اندلاع الحرب، وأنها ليست على استعداد للدخول في مغامرة غير مضمونة العواقب.
لكن جرت اتصالات سرية بين واشنطن وطهران، في أوائل ديسمبر 2002 في باريس تم بمقتضاها سماح إيران للمقاتلات الأمريكية والبريطانية باستخدام الأجواء الإيرانية في حال تعرضها لوسائل الدفاع الجوي العراقية.
فضلاً عن تقديم إيران معلومات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية ووسائل إيصالها الصاروخية، وفي ذات الوقت استضافت إيران مؤتمراً للمعارضة العراقية جاء تحضيراً لما سيجري بعد احتلال العراق.
في هذا الصدد يذكر الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي سفير العراق في ايران لغاية الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق ما يأتي:-
قبيل احتلال العراق بنحو ستة أشهر كانت الاستعدادات الإيرانية الرسمية تجري بمنتهى السرية على المستويات كافة، فيما كان الغزو الأمريكي المرتقب هو القضية المركزية على صفحات جرائد طهران ودورياتها واعلامها الفضائي وإذاعاتها الموجهة.
بالوزن السياسي المكثف نفسه كانت مراكز البحوث الحكومية تنشغل بمناقشة دوافع الحرب المحتملة والتنبؤ بنتائجها.
انخرط رجال الحوزات الدينية في معمعة التوصيف والتحليل، وكان كل فريق يضع تصوراته المستقبلية من منطلقات خاصة تعبر عن رأيه العقائدي أو تعكس رؤيته الإيديولوجية.
ووسط هذه الأجواء المتأججة بالأفكار والنظريات وحمى السجالات واختلاف وجهات النظر، ما بين الأفندية والمعممين، يفاجأ المراقب وقد يصاب بالذهول حين يكتشف أن جوهر الصراع بين القوى السياسية بيمينها ويسارها يكمن فقط في النقاط الفنية.
نحو حجم التدخل وكيفياته، التوقيتات قبيل، وأثناء الحرب أسلوب استغلال مدخلات الغزو الأمريكي المرتقب على العراق.
بعبارة أخرى إن القوى الحكومية والحزبية كافة لا خلاف بينها على جدوى غزو العراق، هي كانت تخشى فقط المتغير الطارئ الذي يلزم تراجع الولايات المتحدة عن عزمها تحت الضغط الأممي المناهض للحرب.
فتضيع فرصة موت الخصم العنيد، وعندما أدركت ولاية الفقيه من خلال اجتماعاتها مع الأمريكيين والأوروبيين أن الحرب على العراق واقعة لا محال وأن العد التنازلي لساعة الصفر قد يبدأ في أي وقت.
سارعت إلى إعداد خطط التسلل وصممت مناطق النفوذ وطبقاً لذلك راحت تهيئ المعارضة وتنظم حركتها باتجاهين:-
الأول~ تهيئة رجال الدين والمرجعيات والأحزاب الموالية لولاية الفقيه وهذا هو الجزء الأكثر أهمية لتكريس النفوذ الإيراني ذي الطابع الشعوبي من ناحية والقضاء على القوى العروبية من ناحية أخرى، وجعل منطقة جنوب العراق رأس سهم لمحاربة العشائر العربية.
الثاني~ ركَّزت فيه على تقوية علاقاتها وتوطيدها بالعناصر والتنظيمات العلمانية أمثال أحمد الجلبي ومن هم على شاكلته وقيادة حزبي الطالباني والبارزاني.
إن أول ما يلفت النظر عند تأمل سلوك الدولة الإيرانية تجاه العراق، إن لإيران مصلحة راسخة وهدفاً ثابتاً في منع العراق من التحول مرة أخرى إلى دولة قوية تناطح إيران أو السعي إلى الحد من قدرتها على مد نفوذها وتحقيق أهدافها في الخليج العربي بنحو خاص.
ذلك هو أبرز ما تعلمته إيران واستنبطته من دروس حرب الثماني السنوات، فالدولة الإيرانية تحرص الآن أو مستقبلاً على أن لا تصل إلى حكم العراق أي قوة ذات موقف وطني مستقل أو ذات رؤى واستراتيجيات طموحة.
تعمل من أجل تقوية العراق والعروبة، وبعبارة أخرى: إن إيران تأخذ بالفكرة القائلة إن ضعف دولة الجوار إنما يعنى قوتها هي، وإن قوة دولة الجوار يحولها إلى دولة تهدد الأمن القومي الإيراني.
جورج تنيت .ايران تدعم الحرب على العراق.
كانت ايران تقف على الحياد من الحرب على العراق ولكن ذلك في الباطن، لكنها تنتظر اللحظة المناسبة لتكشف موقفها الحقيقي.
ففي الصفحة 400 من كتاب (في قلب العاصفة) يذكر مدير المخابرات الامريكية (CIA) جورج تنيت ما يأتي:-
وعدت الولايات المتحدة بتسليم كمية كبيرة من الاسلحة الى الفصيلين الكرديين الرئيسيين شمال العراق لكي ينضما الى القتال بفعالية.
لم يكن الحصول على الاسلحة يثير مشكلة، لكن ايصالها الى هناك هو المشكلة بعد رفض الاتراك عبور الاسلحة عبر بلدهم.
استأجرت (CIA) عدة طائرات نقل كبيرة لكن رفضت كل البلدان المجاورة التي طلب منها حقوق المرور في اجوائها.
فغضب الاكراد من التأخير واخذوا يسالون مراراً وتكراراً اين الاسلحة التي وعدتمونا بها؟
لم يكن لدينا جواب مرضي! أخيراً في شباط 2003 قبل نحو شهر من بداية الحرب قال ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني المحلي (لطوم سي) رئيس فريق جهاز الارتباط الامريكي في شمال العراق بمدينة السليمانية (لا عليكم ) ذُهل طوم عندما شاهد شاحنات تصل الى مستودع على بعد خمسين قدم من مقره واطناناً من الاسلحة التي سلمها الحرس الثوري الايراني الى الاكراد.
الموقف الاسرائيلي
لم يكن غريباً ظهور دور الكيان الصهيوني في كل حدث سياسي او عسكري او اقتصادي او ثقافي يلقي بظلاله على المنطقة العربية ولا نبالغ العالم كله.
فهذا الكيان ينظر للعراق على انه من اهم مفاتيح الابواب المغلقة في الشرق الاوسط وهذا ما اكده التقرير الذي اعده معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية العليا في تل ابيب بالتعاون مع مركز السياسة الامنية في واشنطن في عام 1996 تحت عنوان(استراتيجية اسرائيل الجديدة لعام 2000 ).
واخطر ما ورد بهذا التقرير عبارة ان الطريق الى الشرق الاوسط يمر ببغداد وتعني رسم سياسة المنطقة وتغيير معالمها بما يتناسب مع وجهة النظر الامريكية الاسرائيلية يجب ان ينطلق من بغداد.
عليه فان الاستراتيجية الاسرائيلية الراهنة بعد الاحتلال هو ممارسة دور سياسي في العراق من خلال الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال خولهما قرار مجلس الامن 1483 في 22 مايو / ايار 2003 بمنحهما وحلفائهم سلطات غير محدودة في ادارة وحكم العراق.
حيث يعد هذا القرار تكريس واضح للاحتلال بشكل رسمي وبمثابة رؤية اسرائيلية صرح بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني ارييل شارون الذي اعتبر الحرب على العراق بداية عصر جديد.
قبل فترة وجيزة من بدء العمليات العسكرية، تكررت إشارات عن وجود قوات نخبة إسرائيلية وعملاء للمخابرات الإسرائيلية في مناطق عدة من العراق لاسيما في المنطقة الكردية بشمال العراق وفي غرب العراق الأمر الذي سبب حرجاً للإدارة الأمريكية.
التي طلبت من إسرائيل عدم نشر أي معلومات عن الحرب في العراق لاسيما بعد أن أشارت تقارير لوجود مستشارين إسرائيليين في مركز القيادة الوسطى الأمريكية في (السيلية) بقطر.
يقدمون خدمات استشارية للقوات الأمريكية والبريطانية ناهيك عن تقارير أخرى أشارت إلى تدريبات مشتركة بين قوات إسرائيلية وأمريكية ووجود أسلحة ومعدات إسرائيلية في أيدي القوات الأمريكية، أبرزها طائرات من دون طيار إسرائيلية الصنع.
المصادر
- الفريق الركن ياسين فليح المعيني : جيش في الذاكرة.
- علي عبد الجليل علي : الحرب على العراق – رؤيا توراتية يهودية : منتدى سور الأوزبكية :دار اسامة للنشر والتوزيع : عمان - الاردن : الطبعة الاولى : 2004 : ص 8.
- الاستاذ الدكتور عبد الستار الراوي : سفير العراق في ايران : وقائع من الدور الايراني في احتلال العراق :ولاية الفقيه والخليج العربي : موقع وجهات نظر.