مدفع طرد الطيور وخسائر شركات الطيران العالمية.
اليوم نتحدث عن مدفع طرد الطيور وما تسببه من خسائر شركات الطيران العالمية ولتحقيق الحفاظ على الحياة البرية, wildlife conservation, وعدم قتل الطيور فقط ابعادها عن المطار والطائرات. موضوع اخر للكاتب العيد وعملية انقاذ طائراتV.VIP
يوميات مسيطر جوي هي سلسلة من القصص التي مرت من خلال تجربة الحياة والعمل أكتبها، مدفع طرد واخافة الطيور حكاية مضحكة، وخسائر شركات الطيران العالمية السنوية بسبب الطيور.
من خلال فترات العمل الطويلة تمر حالات كثيرة منها الحزينة ومنها المضحكة ولكنها تبقى محفورة في الذاكرة لأنها قصص من الحياة، تمر فيها كثير من الأحداث ترافقها الجدية في العمل.
لابد أن تخللها بعض الأخطاء أو التراخي بعد نهاية من العمل المتعب والمستمر من الصباح الباكر الى حد المساء وعودة أخر طلعة مظله جوية قبل الغروب، لكن هو هذا مجال العمل فيه من يتعلم من الأخطاء ويقوم بتصحيحها.
الطيور المعلم الأول لطيران الإنسان.
الطيور هي المعلم الأول للإنسان ليخترع الطائرة ويسبر أغوار السماء فقد راقب الإنسان قديماً الطيور كيف تحلق في السماء بحريه وباحتراف لذلك حاول الإنسان أن يطير مثل الطيور في السماء.
لكن محاولاته باءت بالفشل وكانت للقصة التاريخية لعباس بن فرناس حين أراد تقليد طيران الطيور، لكن محاولته فشلت وأودت بحياته، لكن بعدها تم اختراع الطائرة وتطور عالم الطيران والسرعة الهائلة في تقدم عالم الطيران.
خطر الطيور على الطائرة.
ان أصلب جزء في جسم الطيور هي مناقيرها، وأخطر المناقير، هو منقار اللقلق، وطير الزاغ الأسود، والنوارس واكثرها طيور مهاجرة, migratory birds تنشد في فترة الربيع.
قصة الميك 21 وسرب الزازير؟
من المفارقات التي كادت أن تجعل سرب الزرازير المهاجرة migratory birds (تلك الطيور التي تتجمع باعداد كبيرة على شكل غمية سوداء، وبحركات مفاجئة، صعوداً الى الاعلى، ونزولاً الى الاسفل، واليمن والشمال) ان تسقط طائرة صديقي جمال.
عندما كان النقيب الطيار جمال عمر جميل عائداً بطائرته الميك-21 بعد أكمل واجب الدورية القتالية (مظلة جوية) صادفه اسراب الزرازير متواجدة في تلك المنطقة.
عند المرور فوق تلك الطيور صعد سرب من الزارزير بشكل مفاجئ الى الاعلى، دخل صديقي في ذلك السرب من الطيور(عمل فيهم مجزرة) أصطدم بتلك الطيور.
كانت النتيجة النهائية من الاصطدام، انتشار الدماء على زجاجه الدرع الأمامية فأصبحت قطعة دم حمراء مما أدت الى انعدام الرؤيا الأمامية للطيار.
اصبح صديقي الكابتن جمال في وضع محرج ولكنه تمكن من النزول بصعوبة بعد أن قام ضابط السيطرة الجوية بتعليمات الطيران الآلي التي ساعدته على النزول بواسطة النزول المراقب بسلام.
ضرب المثل لتلك الطيور الصغيرة في بيت شعر من التراث العربي:
إن الزازير لما طار طائرها
توهمت أنها صارت شواهينا
الطير المتعب وأنبوبة البيتوت؟
حادثة قام طير متعب بعملها لا يمكن لاحد أن يصدقها ولكنها بالفعل حصلت. لو كان هنالك الهواتف الذكية والتقطت صورة او فيديو لما حصل لنالت أكبر المشاهدات لأنها مواقف غريبة ومضحكة.
قال اللواء الطيار الركن قيس ربيع ؛ حين كنت أروم الإقلاع وأنا في حالة الاستعداد وأقوم بفحص الطائرة لحظات وأنا أشاهد طير متعب أتى ووقف على عمود جهاز البتوت الأمامي للطائرة.
ضحكت من الموقف الغريب الكل تهرب من الطائرة وهذا الطير ذو الحظ البائس الذي يجد مكان غير هذا. لم نكن نعرف بعد إنفلونزا الطيور دفع ضاغطة الوقود الى الأمام وتركت الطير يواجه مصيره.
طبيعة الطيور وتأثيرها على شركات الطيران العالمي:
من عادات الطيور والحيوانات البرية , wild animals أنها تبحث عن أماكن خاليه من الناس، ولتوفر الحبوب والحشائش التي تقتات عليها.
لذلك فان اكبر فسحه خاليه من الناس هي المطار، ما بين المدرج وطريق الدرج ومناطق التقرب للمطار، مما تؤثر على الطائرات التي تتقرب الى المدرج للنزول أو الإقلاع.
هذه من المراحل الصعبة في الطيران؛ وطبيعة الطيور الطائرة عندما تحس أن هنالك خطر قادم أليها تقوم بالانحدار الى الأسفل وبما أن الطائرة هي في حالة انحدار مما قد يتسبب في اصطدام الطائرة بالطيور.
لقد أدت الى حوادث كارثية عالمياً وتقول أحصائيه عالميه أن الخسائر التي تتحملها صناعة الطيران المدني من 4-5 مليار دولار أمريكي سنوياً.
بطريقه مباشره أو غير مباشره في أصلاح التلفيات الناجمة عن أصطدام الطيور وكسر زجاج الطائرات أو نفاذها الى المراوح أو أصطدامها بأجنحة الطائرات مما يتسبب في أعاقة الطائرات.
تطور فكر الإنسان بطرق طرد الطيور من دون قتلها.
في الأيام الخوالي، كان الإنسان يفكر في الأساليب التي ابتكرها لطرد الطيور والحيوانات البرية من المناطق التي يزرعها. لذلك ابتكر دمية على شكل إنسان يصنعها لتقليد شكل الإنسان أثناء وقوفه، لذلك تتخيله الطيور على أن الذي يقف هو إنسان.
تسمى في العراق (خراعة خضره) وعند المصريين تسمى (خيال المئاته) وبذلك تضرب الأمثال للرجل الذي ليس له من الأمر شيء لا يحل ولا يربط. وبالإضافة الى هذا الابتكار القديم ابتكرت طرق أخرى منها الفخاخ بأنواعها.
يحكى في الآثر أن غراباً يعلم أبنه على عدم الاقتراب من الإنسان. لإنه يغدر به فقال له؛ يا بني أن رأيت أنساناً ينحني الى الأرض فتوقع أنه يلتقط حصاة ليرميك بها؟ فقال الابن لابيه يا أبتي وأن كان حاملاً الحصى في جيبه. فقال الغراب؛ يا أبني أذهب فأنت أدهى من أبيك.
مكونات مدفع بطرد الطيور والحيوانات البرية.
بسبب تأثير الطيور على الطيران ابتكرت الشركات مدفعاً صوتياً للطيور وللحيوانات البرية لغرض أبعادها عن المطار أو مناطق تقرب الطائرات للمطار والمزارع والحقول.
يتكون جسم المدفع ونظامه مما يأتي:-
- علبة أسطوانية مقسومة نصفين ويوجد فاصل بينهما الجزء الأعلى يملاً بالماء والجزء الأسفل فيه مادة الكاربون الصناعية وصنبور ماء يتحكم في عدد نقاط الماء التي تقع على الكاربون.
- مما يؤدي تفاعل الماء الى تكون غاز أول أكسيد الكاربون التي تستخدم لدى سمكرية السيارات في أيقاد شعلة ألاستليين.
- الغاز يذهب إلى بالون بلاستيكي ويكبر هذا البالون نتيجة امتلائه بالغاز فترفع نابض فينطلق الغاز بقوة.
- يكون التوقيت حسب سرعة قطرات الماء التي تتفاعل مع الكاربون وتتراوح مدتها بين (5 -15) دقيقه أو أكثر كلما قلت قطرات الماء كلما يزداد الفارق الزمني بين الانفجارات.
مدفع طرد الطيور وليلة كركوك المرعبة.
هنالك قصة عن مدفع طرد الطيور وتلك الليلة المرعبة التي تعرضت لها مدينتنا العزيزة كركوك وأهلها الطيبون. يقوم المسيطر بالتفتيش الصباحي للمدرج قبل بداية الطيران يوميا وبعد التفتيش تقوم مفرزة بتوزيع مدافع الطيور بعد تجهيزها الى أماكن قريبة من المدرج وعند التفتيش المسائي يتم جمعها الى المخزن.
بعد يوم شاق ومتعب من العمل ولابد أن يحصل هنالك تراخي أو هفوات تحصل هنا أو هناك أو نصاب بداء النسيان. حصل هذا الأمر الذي لازال في الذاكرة عالق في قاعدة الحرية سنة 1983 (قاعدة كركوك) فترة الربيع.
تمتاز مدينة كركوك بأنها تقع ضمن الخط المطري الجيد في العراق لذلك يكون فيها الربيع متوفر بكثرة لذلك ترى عيني الناظر الى قطعة خضراء سواءً من الجو أو من برج السيطرة.
وترى العين مساحات خضراء مابين المدرج وطرق الدرج لا بل المطار وكركوك مكسوةٌ باللون الأخضرالبهيج للنفس العليلة وتشرح الصدور ويشعرها بالسعادة. تتجمع الطيور في تلك الواحة الخضراء بكثرة من العصافير، والحمام، والدراج في بدايات النهار عند مدرج المطار الذي هو باتجاه 33-15 حسب الاتجاه المغناطيسي.
بعد الاستفسار من سواق السيطرة المسؤولين عن توزيعها وجمعها وعدد المدافع الموجودة في المخزن تبين أنهم قد نسوا احد المدافع في مكانة من جهة المدرج 33 المقارب والمتداخل للمدينة ومنطقة 90 وقريب أيضاً الى مقر محافظة التأميم.
لكن المشكلة ليست في نسيان المدفع وصوته المزعج، لكن المشكلة أن العراق في تلك الفترة يخوض حرباً مع ايران ومدينة كركوك مدينة مهمة عسكرياً وسماع مثل هذه الاصوات تؤدي الى القلق بان العدو يقصف المدينة.
سكون الليل والهدوء الصامت تسمع اصوات الانفجارات بصورة جيدة الى مسافات بعيدة، لقد كان هذا المدفع المختفي بين الحشائش والادغال بقي يطلق صوت المدفع وكأنه صوت حقيقي.
دخلت المدينة بالإنذار ليلة كاملة؛ بسبب هذا الإهمال ولكم أن تتصورو! مدى الرعب الذي حصل عند الأهالي" كان السبب نسيان المدفع المخفي بين الحشائش ولونه بلونها.
لكم أعتذاري أيها الناس الطيبين من اهالي كركوك الكرام وعن تلك الليلة التي تسببنا في أزعاجكم وخوفكم من الذي حصل من نسيان واهمال.