النفاق الاجتماعي: جدلية "صاحب الوجهين" وتأثيرها على حياتنا.
بقلم الكاتب خوام الزرفي.
ما هو النفاق الاجتماعي؟ النفاق الاجتماعي أو ما يعرف بظاهرة "صاحب الوجهين" هو سلوك يتمثل في ازدواجية الشخصية التي تجعل الفرد يتصرف بوجه أمام الآخرين ووجه مختلف تمامًا في مواقف أخرى. هذه الظاهرة ليست مجرد سلوك عابر، بل تعبر عن اضطرابات نفسية أو تجارب مؤلمة مر بها الشخص.
النفاق الاجتماعي: جدلية "صاحب الوجهين" وتأثيرها على حياتنا. |
صاحب الوجهين" جدلية الازدواجية. النفاق الاجتماعي في حياتنا. إن لم يكن الله في قلبك فلا تبحث عنه؟ الازدواجية عباره عن اضطرابات نفسيه يمكن للشخص أن يتحول الى شخص آخر في لحظه وهذا يعلل على أنه حاله مر بها الشخص في حياته نتيجة حدث عاطفي أو سلوكي أو نفسي. الازدواجية أصبحت من سمات الحاضر الذي نعيشه يتلقاك بوجه وله وجه آخر(صاحب وجهين).
أسباب انتشار النفاق الاجتماعي.
انتشر صاحب الوجهين والنفاق الاجتماعي كفوضى بعد الاحتلال عندما اختلط الحلال بالحرام. حتى بات من يمتلك فكره وانت مخالف له لابد أن يكون هو الأفضل بدون دليل قاطع.
- الأحداث العاطفية أو النفسية: قد يتحول الشخص إلى مزدوج الشخصية بسبب صدمات نفسية أو تجارب عاطفية عميقة.
- التغيرات المجتمعية: أدى تراجع القيم والمبادئ الأخلاقية في المجتمعات إلى تفشي النفاق، خاصة مع تغليب المصالح المادية على المبادئ.
- غياب الوعي: الإعلام والوعظ الديني كانا دائمًا صمام أمان لتوجيه الأفراد، ومع غيابهما برزت السلوكيات المزدوجة بشكل أوضح.
وقد تجد أحدهم علمانيا وقد ينتقد مظاهر معينه لا بل يمكن أن تعتبره ملحداً في أحيان كثيره وفي أي حالة انفعال تجده طائفيا عنصريا أكثر من النازية في سلوكها.
ديمقراطياً ومؤيد لحقوق المرأة ولكنه "استاليني في سلوكه داخل البيت. ما يحب أن يراه في الغير لا يستسيغ ذلك في بيته. إفلاطونياً في خلقه ضعيفاً في شهواته. يدعي القرب إلى الله (في قلبه) يوعظ ويرشد ويوجه ولكنه فاسدا حد النخاع في سلب المال العام والخاص.
في نزواته (زير نساء) وهو لا زال يتكلم عن العفة والشرف. ويتمثل بقول عنتره (اغض الطرف عن جارتي). الازدواجي أو المتملق يكون تفكيره عاطفياً فيما يحبهم. عقلانياً فيما يكره لإظهار مثالبهم حتى اذا كان دليله واهي.
الذين يرتاح لهم يبرر أفعالهم منحاز بدون دليل. أما مع الخصم ومن يخالفه الرأي. فلا وازع يردعه أو خلق اجتماعي. التوازن بين العقلانية والعاطفة مفقود في تحكيم السلوك أو الموقف لمثل هكذا شخص.
ملامح صاحب الوجهين.
- عدم الاستقرار: لا يثبت على موقف واحد.
- التملق والمديح المبالغ: يميل إلى مدح الآخرين بهدف تحقيق مصالحه.
- التهجم غير المبرر: يعادي الآخرين لأسباب واهية، ويتخذ مواقف عدائية حين يُحرج.
- ازدواجية الأخلاق: يظهر بمظهر الفضيلة علنًا بينما يمارس عكسها في الخفاء.
النفاق الاجتماعي وتأثيره على العلاقات الإنسانية؟
النفاق يؤدي إلى تدمير الثقة بين الأفراد. يظهر ذلك بشكل جلي في العلاقات الاجتماعية حيث يصبح من الصعب التمييز بين الصادق والمنافق، مما يؤدي إلى تفشي حالة من الريبة وانعدام الأمان بين الناس.النفاق السياسي والاجتماعي في مجتمعنا
بعد الحروب والتغيرات السياسية الكبرى، اختلطت القيم وأصبح من السهل على البعض أن يظهر بمظهر المثقف أو المتدين بينما يمارس عكس ذلك. أمثلة ذلك:
- ادعاء الديمقراطية: يتحدث عن حقوق المرأة في العلن لكنه يمارس سلوكيات استبدادية داخل منزله.
- ازدواجية الدين: يدعي الالتزام الأخلاقي والديني لكنه متورط في الفساد وسوء الأخلاق.
النفاق في الانتخابات: صورة عارية للواقع
تظهر ظاهرة النفاق بشكل أكبر خلال الانتخابات، حيث يعِد السياسيون وعودًا براقة للناخبين، لكن بمجرد الوصول إلى السلطة، يختفي الالتزام بما وعدوا به.
كيف نحمي أنفسنا من النفاق الاجتماعي؟
- التمسك بالقيم الدينية: يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذو الوجهين).
- تعزيز الوعي المجتمعي: من خلال الإعلام والتربية والتعليم.
- محاسبة النفس: يجب على كل شخص أن يكون صادقًا مع نفسه قبل أن يكون صادقًا مع الآخرين.
دعاء للتخلص من النفاق
اللهم أبعد عنا أصحاب الوجهين، واحفظ بلادنا من كل شر، واجعلنا من الصادقين الذين ينطقون الحق في كل الظروف.
أهمية الصدق في بناء المجتمعات.
الصدق ليس مجرد قيمة أخلاقية فردية، بل هو الأساس الذي تبنى عليه العلاقات الإنسانية السليمة والمجتمعات القوية. عندما يكون الصدق حاضرًا في الأفعال والأقوال، تصبح الثقة متبادلة بين الأفراد، مما يساهم في تعزيز الانتماء والاستقرار الاجتماعي.
على النقيض، النفاق الاجتماعي يضعف النسيج المجتمعي ويجعل العلاقات هشة وقابلة للانهيار عند أول اختبار. لذا، فإن الالتزام بالصدق يتطلب وعيًا ذاتيًا قويًا ورغبة حقيقية في تطوير الذات والتحرر من أي سلوكيات مزدوجة.
كيف يمكن مواجهة النفاق الاجتماعي؟
-
التربية الأخلاقية:
تبدأ مواجهة النفاق من الأسرة، حيث يجب على الوالدين غرس قيم الصدق والإخلاص في نفوس الأبناء منذ الصغر. -
تفعيل دور الإعلام:
الإعلام له دور كبير في تسليط الضوء على مخاطر النفاق الاجتماعي وأثره السلبي على الأفراد والمجتمعات. -
القدوة الحسنة:
يجب أن يكون القادة والمسؤولون قدوة في الصدق والشفافية، لأن سلوكهم ينعكس مباشرة على سلوك المجتمع. -
الرقابة الذاتية:
يجب على كل فرد أن يحاسب نفسه باستمرار ويتجنب السلوكيات التي قد تدفعه للتلون أو التملق لتحقيق أهداف شخصية.
النفاق وتأثيره على الحياة المهنية.
النفاق الاجتماعي لا يقتصر على العلاقات الشخصية فقط، بل يمتد ليشمل بيئات العمل. في كثير من الأحيان، نجد موظفين يتظاهرون بالإخلاص والتفاني في العمل بينما يضمرون نوايا سلبية أو يسعون لتحقيق مصالح شخصية على حساب الآخرين. هذا النوع من السلوك يخلق بيئة عمل غير صحية تؤدي إلى فقدان الثقة بين الزملاء وتراجع الإنتاجية.
الدين الإسلامي وموقفه من النفاق؟
الإسلام يرفض النفاق بكل أشكاله، سواء كان اجتماعيًا أو دينيًا أو سياسيًا. وقد حذر القرآن الكريم والسنة النبوية من عواقب النفاق، مشددين على أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار. يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) [النساء: 145].
كما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصف المنافق بثلاث صفات رئيسية، قائلاً:
(آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان).
خاتمة: نحو مجتمع أكثر صدقًا.
النفاق الاجتماعي آفة تهدد استقرار المجتمعات وتماسكها. ومع ذلك، يمكننا مواجهة هذه الظاهرة من خلال التمسك بالقيم الأخلاقية وتعزيز ثقافة الصدق في جميع جوانب الحياة. دعونا نعمل معًا لبناء مجتمع يرتكز على الشفافية والإخلاص، حيث تكون العلاقات قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.
دعوة للتغيير:
لنكن جميعًا جزءًا من الحل. لنبدأ من أنفسنا ونبني بيئة قائمة على الصدق، فالمجتمعات التي تتحلى بالصدق هي المجتمعات التي تزدهر وتحقق التقدم الحقيقي.
الخلاصة: النفاق الاجتماعي ظاهرة تهدد تماسك المجتمعات وتدمر العلاقات الإنسانية. الحل يبدأ من الفرد ومن تعزيز القيم الأخلاقية والدينية في المجتمع. علينا أن نكون صادقين في مواقفنا، وأن نتجنب التملق والنفاق لنساهم في بناء مجتمعات قائمة على الصدق والاحترام المتبادل.