آفة تعاطي المخدرات" الحشيشة1" قصة الشلة.
من أكبر التحديات التي يواجهها العراق اليوم هي ,آفة تعاطي المخدرات وظواهر ,ادمان المخدرات لم تقتصر على الحشيشة بل ظهرت أنواع منها ,مخدرات الكريستال. بالاضافة الى قلة مصحات ,علاج الادمان.
ضعف الرقابة الحكومية والعقوبات الرادعة لتجارة ,المخدرات أدت الى رواج تجارتها. ونعود الى الماضي في قصة من الواقع حول الحشيش, وقصة الشلة. لروايتها كما هي.
من أين تأتي الحشيشة وما تأثيراتها.
الحشيش وتسميته بالقنب هو ليس "بوابة المخدرات" ولكن يمكن أن يسبب الإدمان. مثل أي مادة أخرى.
هناك ثلاثة عوامل تساهم في الإدمان: البيئة وعلم الوراثة والشخصية. إذا كنت عرضة للإدمان بسبب جيناتك أو بسبب شخصيتك. فإن الحشيش سيزيد من فرص الإصابة بالإدمان.
- يمكن أن يؤدي الحشيش (القنب) أيضًا إلى نوبة ذهانية لدى شخص مهيأ وراثيًا لمرض انفصام الشخصية أو الاضطراب ثنائي القطب.
- كما أنه يزيد من القلق لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق مثل اضطراب القلق العام والرهاب الاجتماعي.
- ومع ذلك ،فقد أظهرت الأبحاث أن الماريجوانا الطبية فعالة في علاج الألم في المرضى الذين يعانون من السرطان والإيدز - وهي كذلك.
العلاقات العراقية الايرانية ستينيات القرن الماضي.
في عهد الأخوين عارف بين 5 أيلول 1963 و حتى 17 تموز 1968 شهدت العلاقات الدبلوماسية بكافة أوجهها مع إيران الشاه عصرها الذهبي.
وكانت لمدينة المقدادية (شهربان) خير شاهد على ذلك الأوج والتألق , فكانت قوافل الزوار الإيرانيين للعتبات المقدسة. الكاظمية والنجف وكربلاء وسامراء مصدر ازدهار للحركة التجارية في المدينة.
كانت مقهى المرحوم " كريم كله " محطة توقف الباصات القادمة من إيران والمغادرة لها بعد إنهاء المراسيم , لتناول وجبات الطعام الثلاث وكانت تعتبر أكبر محطة استراحة على الطريق الدولي الرابط بين البلدين .
وقد كانت الحركة فيها من الكبر بحيث أن ثمة مخبزين في المدينة كانا متفرغين لإنتاج الخبز للمقهى, وقد بلغت الصرفيات في أحد الأيام ما مجموعه أكثر من ألفي رغيف فقط من مخبز المرحوم " حسين الوندي " الكائن في الحي العصري.
كنا صغارا ً أيامها وفي طور المراهقة وكانت المقهى تستهوينا للتمتع بالنظر إلى الجمال الذي من الله به على النساء الإيرانيات.
عندما زار وفد رسمي كبير طهران بدعوة من الشاه وكان ضمنه وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش.
قدمت قيادة الجيش الإيراني هدية لرئيس أركان الجيش آنذاك " اللواء إبراهيم فيصل الأنصاري " عبارة عن 50 باص مرسيدس من النوع المتوسط و 25 باص كبير سعة 50 راكبا ً.
من إنتاج المصانع الإيرانية للسيارات لاستعمالها في نقل الضباط والمراتب من بيوتهم إلى المعسكرات . وعندما مر هذا الموكب عبر المدينة خرجنا جميعا ً لاستقباله ونحن نلوح بأيدينا فرحين.
هذه الباصات كان قسم منها لا يزال مستعملا ً في أعوام الثمانينات في معسكر التاجي عندما استدعيت لأداء خدمة الاحتياط.
عندما طلب الإيرانيون السماح بمرور قافلة لهم تحمل الصناديق الذهبية الجديدة لضريحي الإمامين " موسى الكاظم ومحمد الجواد " في الكاظمية التي تبرع بها مواطنيهم.
مر الموكب أيضا ً ليلا ً من مدينتنا بسلام وهدوء, إلا أن الأخبار وردت في اليوم التالي عن حدوث مشاكل عند مرور الموكب في منطقة الأعظمية.
وقيام المرافقين للصناديق بترديد شعار " ماكو ولي إلا علي .. نريد قائد جعفري " رغم ذلك الجو المتنامي في الود بين حكومتي البلدين .
هذه الأجواء من العلاقات الجيدة بين البلدين سهلت الأمر الذي ستكون فيه مدينتنا معبرا ً لتجارة الحشيش ومرتعا ً خصبا ً للإدمان عليه بين شبان المدينة و شيبها آنذاك.
والأخطر منها كان مادة الترياق التي كان الكثير من شيب المدينة مدمنين عليه, وقد أدى ذلك بأحدهم إلى الموت أيامها.
وفي تلك الأجواء أيضا ً كنت أؤدي امتحانات الدراسة المتوسطة وكان لزاما ً علي الخروج والمذاكرة سيرا ً على الأقدام بمحاذاة الحديقة العامة الكبرى في المدينة.
التي لا زالت تحمل التسمية العزيزة عليها " حديقة الزعيم " الممتدة من مدخل المدينة الغربي و التي تنتهي عند المدخل الشرقي لها.
كانت هذه الحديقة مقسمة إلى أجزاء ينتهي أكبرها عند دائرة البريد الحالية بساحة مستديرة ثم الجزء الثاني المنتهي عند قنطرة " الإنكليز ".الذي كان مقسما ً بدوره إلى ثلاثة أقسام.
الحشيشة 1 "وقصة الشلة.
أول مرة أتعرف إلى الحشيشة من تلك الشلة. فجأة ومن القسم الثاني من حديقة الزعيم خرج أحدهم مترنحا ً وهو يعبر سياجها الواطئ نسبيا ً.
وإذا به يستمر مندفعا ً في الشارع يروم العبور إلى الجهة الثانية. لكنه واظب على القيام بنفس حركة عبور السياج، رافعا ً قدمه اليمنى لخطوة ثم يرفع اليسرى بعدها.
يتبعه فريق من خمسة أعضاء يؤدون نفس الحركات وهم يعبرون الشارع وكأنها سياجات لا متناهية أمامهم .
عرفت من كان في المقدمة وقد كان المرحوم " صابر " ويليه " فاضل كندوري " ويتبعهم ثلاثة آخرون . وعندما سألت المرحوم " صابر " بعد يومين وكان صديقا ً عزيزا ً وأخا ً أكبر، ما هذه الحركات التي كنتم تؤدونها، هل هي بفعل الخمر؟
أجاب بالنفي قائلا ً كلا إنها بفعل الحشيشة...
فعندما عبرنا السياج الأول ظهر الثاني أمامنا و هكذا الثالث و الرابع و إلى آخره ولم نستفيق إلا على أصوات زمامير السيارات المارة . ودار بيننا الحوار التالي :
ماهي هذه التي تسميها الحشيشة ؟ هل هي شبيهة بالعرق ؟
اجابني كلا . إنها صلبة وليست سائلة.
كيف تتعاطونها إذن ؟
اجاب، إنها نبات القنب تجمع أزهاره وتعامل بالماء ثم تطبخ فتتحول إلى عجينة، تصنع منها كرات صغيرة، تترك لتجف، تكون شبيهة بلون التبغ.
تسمى كل منها أثناء البيع " حبة " تفرك لتتحول إلى ما أشبه بالطحين و تخلط مع التبغ في السيكارة و ندخنها كما ندخن السيكارة العادية.
هل تضعون حبة في كل سيكارة ؟
اجاب، كلا ... حسب مزاج المدخن , يمكن أن تضع حبتان أو ثلاثة في السيكارة لزيادة الإنتشاء .
وهل تباع مفردة ... أعني حبة واحدة في كل مرة ؟
اجاب، كلا ... يمكن أن تشتري حبة مفردة , ويمكن أن تشتري " تولة " وهي علبة تحتوي على عشر حبات , على العموم هي رخيصة نسبيا ً , ونحن للهزار وتلطيف الجو نسميها " طولة " وأنت تعرف معناها.
فضحكنا هههههههههههه ... الـ " طولة " تعني الإسطبل بالعامية.
وهل معنى ذلك إنك بتعاطي " الطولة " تصبح حصاناً ؟... هههههههههههه .
أجاب، نعم وكلا ... أنا لا أصبح حصانا ً بمعنى فقدان الوعي، لكني أصبح حصانا ً في مستوى قوة العمل والتحمل وأكون بكامل وعيي إن لم يكن هناك قليل من النقص فيه .
طيب... وهل هناك ضرر جسدي يتبع هذا الإنتشاء ؟
أجاب، نعم ... أنت بعد إنتهاء النشوة سواء بمرور الوقت أو بحادث مفاجئ , إذ يكفي سماع أي صوت عال ٍ " صفقة يد / زمور سيارة " لأن يفيقك من النشوة , وساعتها تشعر بنوع من الأنهيار في قواك العضلية يستمر لفترة من الوقت ثم يزول.
ولكن هذا الإنهيار العضلي ألا يسبب آلاما ً أو مضاعفات جانبية مستقبلا ً ؟
اجاب، - نعم ,.. ولكن التعلم عليها يجعلك مدمنا ً وأسيرا ً لها , وتجد نفسك منقادا ً لإبتياعها بدون أدنى سيطرة على النفس , وهنا يكمن خطرها , إذ إنك تجد نفسك محطما ً نفسيا ً وجسديا ً , وتشعر بأن المجتمع ينظر لك بعين الإحتقار.
- طيب يا صديقي العزيز و أخي الأكبر لماذا إذن لا تحاول الإقلاع عنها ؟
- لا يفيد الأمر اليوم فقد تشبع جسمي بها و أصبح في إحتياج دائم لها.
اليوم تطورت طرق العلاج من ادمان المخدرات فمنها نفسية والعلاج الترفيهي وأدارة الادوية الموصوفة. وكسر تلك العادات السيئة من خلال التدريب.
الى هنا ينتهي الحشيشة 1 وسوف ننشر الاجزاء البقية نباعاً.