لازلنا في عصور ما قبل التاريخ كدولة بمجتمعها وسلطاتها لكن ما يغطي علينا هو ذلك المظهر المتحضر زيفاً لكن الروح حجرية والسلوك بدائي.
ما يجعلنا ضمن الحاضر هو اموال النفط التي تغطي على عوراتنا الكثيرة وعيوبنا الازلية واختلالاتنا السرمدية.
لازالت اعراف العصر الحجري تحكمنا وان تقدمنا قليلاً نصل الى العصبية القبلية واعرفها.
لازالت الصراعات مقياس للبطولة والحروب بوصلة للوطنية والتهور مؤشر للشجاعة والعنجهية علامات للرجولة والخلاف مجال للظهور والاختلاف شكل للتميز.
لازال المال المنهوب والمستحوذ عليه بالسرقة والفساد اهم وسائل الثراء والدافع للتعالي والتباهي.
لازال الوصول للحقوق عن طريق المحسوبية والرشوة ولازال المعمرون في المناصب ثابتون بالقوة والنفوذ والدفع لمن يوزع مغانم السلطة بالمحاصصة.
لازالت عقدنا هي التي تحكمنا وتستقر في الارواح وتنتقل بالجينات الوراثية ولازالت عقد التاريخ شاخصة اكثر من معالم الحضارة وصروح المدنية واهم من العلم والتطور ولازلنا ندرسها ونُدّرسها ونكتبها ونؤلف فيها كتب ودراسات وابحاث ونهتم بها اكثر من حاضرنا واكثر من محاولة معرفة المستقبل وفهم مستلزمات الوصول له.
لازلنا منهكين نجهد انفسنا لمعرفة من هو اولى بالخلافة ونختلف حولها وحول معرفة ما دار في السقيفة التي شغلت التاريخ واستولت على الحاضر وتزحف نحو المستقبل باهتمام اوسع مع انها حدثت قبل اكثر من 1400 سنة وبأمد زمني اقل من ساعة.
لازلنا في هوس حول مَن قتل مَن في احداث التاريخ لكي نضع من يختلف معنا في خانة القاتل ونثأر منه لقتلى التاريخ الغابر.
لازلنا نتقصى اسرار واشخاص الفتنة الكبرى ونعمل على اعادة مشهدها بشخصيات من الحاضر تتقمص دورهم وتتبنى مواقفهم وتعتنق معتقدهم ونلتف حولهم في خندقين لكي نعيد التاريخ في محاولة لتغيير نتائجه رغم انها لا تتغيّر لكنها تغيرنا وتعيدنا لعصور ما قبل التاريخ وذلك يشعرنا بنشوة وراحة واسترخاء بسبب بساطة ذلك وقربه من عقولنا ويتلائم مع سعتها.
هذا سر تخلفنا وتراجعنا وسيكون سبب فناء دولنا وفنائنا كما كان فناء شخصيات ودول الفتنة الكبرى وما نتج عنها وسبب تاخر فنائنا هو وجود الطاقة تحتنا وحين تكون الطاقة البديلة وتتوفر سنزول حيث لا مكان في المستقبل وسنكتشف ان التاريخ عالم افتراضي ليس له واقع ملموس ولا يصلح للمستقبل.