العراق يمر بفترة شاذة وغريبة لا تشبه أي حالة في أي بلد ولا أي فترة في التاريخ والحاضر.
فلا هي أسلام سياسي وأحزاب دينية تقف على السلطة. ولا هي مدنية مجتمع يواجهها. ولا هي صراع بين متأسلمين وعلمانيين. ولا بين ليبراليين وراديكاليين ولا بين قوميين وأمميين. أنها صراعات وانقسامات كما جاء في مقال سابق.
العراق يمر بفترة شاذة وغريبة.
انقسامات كأنها تقطيع أوصال وسحقها فالجزء منقسم ووصل الآمر الى اضطراب الفرد الواحد وعدم انسجامه مع نفسه. وينقلب في اليوم الواحد مئة مرة بين مواقف متذبذب. هي مواقف شاذة وغريبة يمر فيها العراق بفترة عدم وضوح الرؤيا.
ذلك نتيجة حكم الإسلام السياسي المتأزم في تكوينه. فهو ينتقل من مواجهة الأنظمة السياسية وهو في ادعائه بانه معارضة تستند للشرع الإلهي. وحين يصل للسلطة يواجه المجتمع الذي يراه مشركاً وجاهلي ويستحق قتاله لتغييره بغزوات وفتوحات.
الإسلام السياسي لكي يستمر بالسلطة وبمشاريعه المتباينة وفق المذاهب.
يسعى الإسلام السياسي لتقسيم المجتمع واللجوء للعنف والهيمنة على الثروات والموارد تحت ذريعة دعم مشاريعه الذهبية. فكلما تحاصر لجأ إلى المذهب لتعبئة البسطاء. وكلما تضايق لجأ إلى الطائفة لجر اتباعه خلفه في عنف طائفي يتجاوز فيه ازمته على حساب بلد وشعبه.
ويتناسى اتباع الإسلام السياسي فترتهم الطويلة في السلطة. دون أن يقدم أي خدمات للمذهب. الذي يدعي انه جاء من اجله ويدعي انه يمثله في السلطة. وفي المقابل لا يوجد ثبات للمجتمع متأتي من معرفة عميقة لما جرى ويجري. رغم معاناة سنوات طوال من عنف وقتل وفقر وجوع وبطالة وضياع وفوضى. وقلة حيلة وانعدام خدمات وفقدان أمل نتيجة فقدان الثقة بكل من هم في السياسة والسلطة.
فبمجرد تصريح احد أقطاب الطائفية حول حق مكون وحق مذهب. يخرج ناشط ويهيج متظاهر ويهرج معتنق مذهب ويصرخ منتمي لمشروع طائفي. ويشهر سلاحه موالي وما أكثرهم. كل يدعي انه هو الصحيح كله والحقيقة بكاملها وهو النزيه الوطني الملتزم وغيره خوان عميل فاسد.
هذا الواقع المشوه لن يؤدي الى أي حالة صحية ولا بناء بل يزيد الهدم والمرض ونتيجته الفناء الحتمي. فان لم يعي المجتمع ما يمر به العراق بفترة شاذة وغريبة ونتاج هذا الواقع الشاذ. فان الفناء قريب من بلد وشعب لا يعرف الى أين يمضي وماذا يجب أن يفعل وأين يقف ومع من.