الدولة العراقية من سلطنة العنف الى عنف السلطة من خلال تسخير السقاوات وتوظيفهم لخدمة وحماية نهج السياسة والاحزاب الى صعودهم لهرم السلطة لتتحول السلطة الى سلطة شقاوات. **
عرف المجتمع العراقي الشقاوات عندما تلاشت السلطة وصعف القانون عبر التاريخ منذ دويلات الاسلام حتى تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عهد الملوك. **
وقد هيمن الشقاوات على الاحياء والمدن كقوة غير شرعية لها عرفها تحمي وفق الدفع بالاتاوات ( الخاوة ) وتوسعت وطغت على السكان والقانون بشريعتها الغابوية واتسعت في فترات وازمنة ومناطق ليكون الشقاوات قتلة مأجورين ينفذوا للمتصارعين المتنفذين والاحزاب المتنافسة واحياناً للسلطة بعمليات خارج القانون. **
اصبح الشقاوات ظاهرة في فترة الخمسينات من القرن الماضي وعظمت خطورتها حين وظفت لمصلحة السياسة والاحزاب المتصارعة التي حاولت الهيمنة على المشهد السياسي واستخدمت الشقاوات لتصفية الخصوم وحماية انشطتها السياسية من عنف احزاب منافسة.
وشهدت مناطق الكرخ والرصافة في بغداد عمليات عنف الشقاوات ضد تجمعات الاحزاب وانشطتها وقد وظف حزب البعث عن طريق ( على صالح السعدي ) شقاوات الفضل والرحمانية والدوريين والتكارتة ومحلة الذهب والبتاويين والعلاوي من امثال ( جبار كردي وستار كردي وخالد دونكي وحمودي الاقجم وباسم معيدي ) وكان يديرهم سعدون شاكر ومحمد فاضل وكريم الشيخلي ووهاب كريم وهم من كوادر حزب البعث ثم وظفهم صدام حسين في جهاز حنين الامني فيما بعد.
كذلك عمل الشيوعيين والقوميين لمواجهة عنف الشقاوات بضربهم بشقاوات مناطق هيمنتهم.
حتى استلم البعثيين السلطة في انقلاب 1963 وكان الحرس القومي هو سطوة الشقاوات وعنفهم على الخصوم والمنافسين والمجتمع بعمليات قتل واغتيالات واسعة وكيدية وبدواعي مصالح وتنافس حتى تمكن الجيش بدفع من بعض قيادات البعث التي وجدت ان الشقاوات ومن يديرهم سيبتلعونهم ويستحوذوا على السلطة.
وبعد انقلاب 1968 تولى صدام حسين وناظم كزار وسعدون شاكر ومحمد فاضل تصفية الشقاوات ومعهم قيادات المرحلة السابقة وعناصرها المسماة العناصر الصدامية للتخلص منهم حيث بدئوا يشكلون خطر على سلطة الانقلاب ويتحدوهم بكشف تاريخهم وعمليات اغتيال واسرارها. **
وقد مثلت سلطة العراق فيما بعد من هم بقايا تلك الظاهرة من الذين تمكنوا من تصفية منافسيهم في الايام السوداء ليدفنوا تاريخها وظلت التصفيات متمثلة بانتقال سلطة العنف لتكون عنف السلطة.
وقد انعكست الظاهرة على سلوك وقرارات السلطة لتستمر المقامرة والتهور والمغامرة وتكون سياسة دولة ادت لحروب حيث انعكس سلوك اولائك الاشخاص على سياسة الدولة وقراراتها حتى سقط العراق في هاوية الاحتلال.
وقد اصبح بعدها العراق محكوم بشكل اوسع بسلطة سقاوات هذا الزمن وهم مليشيات جدد يمثلون شقاوات معاصرة بمجاميع مسلحة مسيسة هي اذرع مسلحة لاحزاب السلطة وتحت مسميات مشرعنة وهذا ما يعيق اعادة بناء الدولة المدنية الحديثة وعودة العراق الى وضعه الطبيعي كدولة لها وظيفة ضمن العالم والمنطقة تمثل مجتمع وسلطات شرعية.