هل غادرنا زمن النومي حلو؟
بقلم: خوام الزرفي.
النومي حلو: رحلة مع ذكرى زاهية: كان "النومي حلو" رمزًا للطبيعة الجميلة وذكرى متأصلة في تاريخنا الزراعي، ولكنه الآن يختفي شيئًا فشيئًا، تاركًا وراءه تساؤلات: هل غادرنا النومي حلو للأبد أم أن هناك أملًا لعودته؟
هنالك أختلاف بين الوفاة والموت؟ هل مات النومي صاحب مذاق حلو أم غادرنا مثلما غادرتنا مواقف وشخوص وذكريات الى غير رجعة. لم نستطع الحفاظ عليها لان إيقاع الحياة قد تغير اصبحنا نستورد أكثر مما ننتج؟ الاغتراب عن الوطن أم الاغتراب داخل الوطن. الاغتراب عن الوطن أم الاغتراب داخل الوطن.
هل غادرنا زمن النومي حلو؟ |
الموت توقف القلب والرئتين وبعد دقيقتين تلحقها كل أجزاء الجسم! أحياناً الوفاة توصف مثل النوم {الله يتوفى الأنفس حين موتها}. هل مات النومي حلو وانقرض حاله حال الأشياء الجميلة في بلد الجمال أم حاله مؤقته .
الموت نهاية كل شي حتى الذكرى مجرد طيف يمر للحظات وليس حقيقة وجود!!هل تتشابه بالطبيعة طريقة الموت عند المخلوقات بالطبيعة وحيوان ونبات! وهل يتذكر الحيوان والنبات مثلما تأكل الذكرى الإنسان وتحرق دمه.
النومي حلو بين الذكرى والانقراض.
النومي حلو كان حاضرًا في كل بستان وعلى ضفاف الأنهار، مثّل ثمرة الفقراء بجمالها الفريد وطعمها الذي يجمع بين العسل والمرارة. كان بمثابة جسر بين الناس والطبيعة، لكن الآن يبدو أنه اختفى من مشهدنا الزراعي كما اختفت العديد من الأشياء الجميلة في هذا الوطن.
الحمضيات في منطقتنا التي تعيش في ظلال النخيل من برد الشتاء ولهب الصيف أكثرها البرتقال. يأتي بعد البرتقال النومي حلو سابقاً ومن ثم اللالنكي والنومي حامض وهو بأعداد قليلة.
ترافق تلك الحمضيات أنواع أخرى فمنها الرارنج ويطلق عليها (النارنح) وكذلك شجرة الاطرنج (فقط المربى) والهندي الذي يشبه نغانيغ السمك. حينها كنا لانعرف المسميات الحديثة الآن؟ كان النومي حلو فاكهة الفقير ويباع بالوزن (الچارك) ليس مثل أخوه البرتقال يباع بالعدد؟
النومي حلو: ثمرة الذكريات ومرثية الزمن
عُرفت شجرة النومي حلو بشموخها وأغصانها الأفقية التي يسهل الوصول إليها. كانت تحمل ثمارًا ذهبية بلونها وطعمها الفريد، الذي كان يُعتبر أفضل من الماء في القضاء على الظمأ. لكن أين تلك الشجرة الآن؟ هل هي ضحية لعوامل الطبيعة أم إهمال الإنسان؟
ثمرة النومي حلو تميل الى اللون الأصفر الفاتح أو الغامق حسب تعرضها للشمس أو الظلال مع تفاوت الطعم للسبب أعلاه. إما عسلا أو تخالطه مروره لا تشعر بها إلا بعد نهاية تناولها.
أوصاف النومي حلو:
- لونها: أصفر فاتح أو غامق حسب تعرضها للشمس.
- طعمها: يجمع بين الحلاوة والمرارة، ويترك شعورًا منعشًا لا يُنسى.
- ملمسها: ناعم وأنيق، يعكس أصالة طبعها.
شجرة النومي حلو: ضحية التغيرات المناخية والاجتماعية.
مثلما اختفت بساتين النومي حلو، يبدو أن التغيرات المناخية والاقتصادية لعبت دورًا رئيسيًا في اختفائها. استوردنا الفواكه بدلاً من زراعتها محليًا، مما أدى إلى تراجع زراعة النومي حلو وغيرها من الأشجار الأصيلة.
شجرة النومي حلو تميل إلى أن تكون افقيه منفتحه يمكن للفلاح أن يقطع ثمارها بدون واسطه (الباكوره) لذلك تتميز بحرية الحركة. وكذلك عدم الصعود أعطاها ميزه باستثناء أن بين أغصانها يوجد أشواك (سن مدبب).
وجعه لسعة تلك الأشواك كلسعة العقرب عندما تقترب أوسع بدون أخذ حيطة أو بغيره التقرب أو الطمع! بشكل مغاير لشجرة البرتقال التي تكون أرستقراطية بشكلها العمودي والمرتفع.
النومي حلو في الفلكلور العراقي.
تغنى العراقيون بـ"النومي حلو" في أغانٍ شعبية لا تزال تعبر عن الحب والحنين. أغنية "يالنومي يالنومي حامض حلو" تحمل في طياتها معانٍ أعمق عن الزمن الذي كان فيه النومي رمزًا للخير والجمال.
وبقيت أغنية يالنومي يالنومي حامض حلو لا احد يعرف النومي؟ انت الشجرة الغالية صاحبة الغيرة من تغنى بك. چلچل على الرمان نومي فزعلي! الآن من يفزع لنا من الرمان؟ وأنت أنت حال الانقراض والرحيل وبين أنياب الموت والموت لا رجعه منه. هل غادرنا زمن النومي حلو أم مات ذكراها.
كانت آلهة الثمار تحرسها غمام من حرير قطرات الغسق تصلي على حواشي جوانبها صمتا خشيه وخشوع ! شجرة الليمون هل هي عاديات الزمن أم الطبيعة أم اشترك البشر بما أل عليك الحال من هلاك وانت بين أخواتك.
ثمار شجرة النومي حلو هي زاد الفقراء؟ كنت وارفة في كل البساتين وبالقرب من سواقي الأنهار لخصوصية طبعك. أين انت الآن يا ثمرة الفقراء؟
كنت بيد الفقير معشوقه بنعومتك وأناقة جلدك وطعمك المفتون! وانت بيده فاتنه عاشقه ضربت الصفرة خديكِ من كثر الانتظار! هل خلعت ثوب الصبا ليهجرك أحباءك أم كان هناك مأخذا اخر! يا مرثية وداع صامت عزف في روحك وتحملت عذابات النهاية.
الأسماء العلمية لأشجار الحمضيات المرتبطة بالنومي حلو.
- البرتقال: Citrus sinensis.
- النومي حلو: Citrus ujukitsu.
- الليمون الحامض: Citrus limon.
- لالنكي (يوسف أفندي): Citrus reticulata.
- الرارنج (النارنح): Citrus aurantium.
- الاطرنجا: Citrus medica.
هل يمكن إنقاذ النومي حلو؟
إن العودة إلى زراعة النومي حلو لا تعني فقط الحفاظ على تراثنا الزراعي، بل أيضًا استعادة جزء من هويتنا وثقافتنا. من خلال إعادة الاعتبار لهذا النوع من الأشجار والعمل على زراعتها بشكل مستدام، يمكننا أن نعيد النومي حلو إلى بساتيننا وحياتنا اليومية.
كانت آلهة الثمار تحرسها غمام من حرير قطرات الغسق تصلي على حواشي جوانبها صمتا خشيه وخشوع ! شجرة الليمون هل هي عاديات الزمن أم الطبيعة أم اشترك البشر بما أل عليك الحال من هلاك وانت بين أخواتك.
الخاتمة: هل مات النومي حلو أم غادرنا؟ النومي حلو لم يكن مجرد شجرة؛ كان رمزًا للوفرة والجمال والبساطة. غيابه يعكس تغيرات أعمق في مجتمعنا وطبيعتنا. إذا أردنا الحفاظ على إرثنا الزراعي، يجب أن نعيد الاعتبار لهذه الشجرة وأخواتها قبل أن يكون الفقدان نهائيًا.
يا أشجار منطقتنا يا أشجار جنة عدن ترحموا على آختكم النومية! ترى بعدها انت اللاحقون لأنه زمن الموت! الموت خير واعظ هل يحفزنا على إنقاذ طبيعة هي هبة الله لهذا الوطن.
بقلم ... خوام الزرفي.