recent
أخبار ساخنة

قصة فرحان جليب علي وهو يفوز بجائزة اليانصيب الاولى؟

Site Administration
الصفحة الرئيسية

قصة فرحان جليب علي وهو يفوز بجائزة اليانصيب الاولى؟

حدث ضجت في مدينة شهربان حين أنتشر خبر مفادة أن واحداً من ابنائها يفوز بجائزة اليانصيب الاولى وهو فرحان جليب علي كانت مفاجئة من العيار الثقيل. حيث بدأ المولعين بالبطاقات يأملون أن يبتسم له الحظ ويربحون الجائزة مثل بطل قصتنا المرحوم فرحان جليب علي.

هذا الذي دونه من على جداره في الفيسبوك الاستاذ الكاتب عامر كامل الخياط وهو يسرد سيرة أحداث وشخوص مرت من ذاكرته في مدينته شهربان. فوقع تحت طرق صرير بنانه تلك الاحداث في سلسلة مقالات ننقلها لكم .

مجلة شهربان الألكترونية- SHAHARBAN MAGAZINE
قصة فرحان جليب علي وهو يفوز بجائزة اليانصيب الاولى؟

العصامي هو ذلك الشخص الذي يعتمد في تكوين ذاته على قدراته الذاتية و بناء شخصيته بناء ً لائقا ً بوجوده في المجتمع الذي يعيش فيه. الذي يكسبها إحترام ومحبة الناس عبر ما ينثره على الناس من أخلاق ٍ حميدة. وسعيه دائما ً في دروب الخير ومساعدة الآخرين. هؤلاء كثر والحمد لله في مدينتنا في تلك الأيام الممتدة بين العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي.

جزء من سيرة فرحان جليب علي بطل المنشور.

ولعل واحد من هؤلاء الذين سنتناول سيرته في ليلتنا هذه , من الذين أحببتهم و أحترمتهم كثيرا ً. فهو الشخص الذي (كسر ظهره ) كما يقولون في المدينة على أولاد أخيه الذين تعرضوا لليتم وهم صغار و آل على نفسه أن يكون أبا ً لهم قبل أن يكون العم الطبيعي. فأقترن بأمهم و صار فعلا ً أباهم في حياتهم الجديدة.

هو سائق شاحنة يعمل في نقل حجارة الجبال المستخدمة في البناء و على خط كلار / دربنديخان. حيث ينقلها من هناك إلى شهربان وبعقوبة و بغداد حيث سادت موضة البناء بالحجر في تلك الفترة.

أستثمر مدخراته في شراء قطعة أرض في الحي العصري بحانب ملعب كرة القدم الترابي الواقع بين جدار المدرسة الإبتدائية و بين الملعب المشار إليه. وكان بين كل نقلة و أثنين يخصص واحدة لبيته الذي يحلم ببنائه وفق الخارطة التي وضعها في مخيلته. يكون قد أشتراها من تجميع حصصه من أجور النقلات السابقة و التي كانت تعادل الثلث الصافي .

تمكن بأناة وصعوبة من إيصال البناء إلى حد ما يطلق عليه تسمية ( الباتلو ) وتوقف عن الإستمرار في البناء لفترة طويلة. وذلك لأسباب عدة , منها تلبية حاجات ومتطلبات المنزل والأطفال الذين بدأوا بالنمو وصارت حاجاتهم في تزايد.

الطامحين لتحسين المعيشة والمدمنين على شراء بطاقات اليانصيب.

كان هذا العم مدمنا ً حاله حال الكثيرين من رجال المدينة الطامحين لتحسين أحوالهم المعيشية ومنهم والدي والعم المرحوم جاسم يوبة على شراء بطاقات اليانصيب الرسمي . هذا اليانصيب كان عدة أنواع أولها (يانصيب إنشاء المستشفيات) وثانيهما ( اليانصيب الوطني ) ومسميات أخرى ما عدت أتذكرها. كلها بسبب إندثارها والتقدم في العمر ومشاركتي في الحرب العبثية التي ملئت الذاكرة بأحداث مرعبة وكارثية. شعلت حيزا ً كبيرا ً منها بحيث غطى على أهمية قسم من أحداث المدينة المخزونة فيها.

وهذا اليانصيب كان له باعة يأتون من بغداد وهم يحملون لوحا ً من نشارة الخشب المصتعة (الفايبر) بطول قرابة المتر وعرض أكثر قليلا ً من عرض دفتر البطاقات , قرابة 20 سم يحملون عليه أحيانا ً من 10 إلى 15 دفتر بطاقات. وكان سعر البطاقة على ما تسعفني به الذاكرة 100 فلسا ً على الأرجح. والدفتر الواحد يحتوي عشر بطاقات. وكان أشهر هؤلاء الباعة واحد أسمه ( علي ) كريم العين اليسرى على ما أذكر .

أما عن والدي فكنت أراه يتأنى في إختيار الرقم الخاص بالبطاقة ويشتري واحدة من هذا الدفتر ثم يعبر إلى الدفتر الذي يليه. وهكذا فتكون حصيلته قرابة 4 بطاقات صحيحة و5 إلى 6 أنصاف بطاقة ., حيث يمكنك شراء البطاقة كاملة أو نصف.

وإذا ما حصل وفازت بطاقة من الدفتر بالجائزة الأولى البالغة في حينه 7500 دينار فإن التسعة الباقية تسمى ( شمل ) و تربح لقائيا ً 100 دينار للواحدة و هكذا الأمر بالنسبة للجائزة الثانية و الثالثة اللواتي تكون قيمهن أقل و شملهن بالتبعية سيكون أقل من شمل الأولى.

لكن عمي المرحوم جاسم يوبه فقد كان يشتري دفاتر أحيانا ً من علي و لا أتذكر أنهما فازا بشيء سوى أن والدي ذكر ذات مرة بأنه ربح 100 دينار من الجوائز الصغرى التي تتراوح أقيامها بين 500 و 50 دينار.

ضجة في مدينة شهربان وفوز صاحب البطاقة بالجائزة الاولى.

لكني لم أكن أعرف أن المرحوم ( فرحان الحاج علي الجاسم الجبوري) المعروف بالتسمية (فرحان جليب على) يشتري بطاقات اليانصيب. إلا عندما حدثت ضجة سببها قدوم البائع علي القادم من بغداد على جناح السرعة.

بحثا ً عن صاحب الحظ السعيد الذي فازت بطاقته بالجائزة الأولى ليستلم منه إكراميته المعهودة.. لم يطل الأمر حتى ذاع الخبر في المدينة أن الجائزة كانت من حصة المرحوم فرحان. فكانت قصة العم فرحان جليب على وهو يفوز بجائزة اليانصيب فكانت الجائزة الاولى هي من حصته وسط تدهشة الجميع.

من أوائل الأفعال التي قام بها المرحوم فرحان إنه تخلص من مهنة السائق الأجير ليتحول إلى مهنة السائق المالك. فأشترى لوري فولفو حديث ليعمل هو به.

وثانيهما أنه ابتدأ بإكمال الأعمال الباقية في بيته , ثم أقسم مع نفسه على أن يستخرج منها نسبة مئوية يهديها لضريح الإمام العباس ( ع ). فكانت بحدود 325 دينارا ً في وقتها كما حسبها له أحد الشيوخ .

كان محرم و عاشوراء قد مضيا , فما كان عليه إلا إنتظار زيارة الأربعين.

عندما أقترب موعدها ذهب إلى حسينية المقدادية و بلغ الشيخ المرحوم جعفر العتابي بأن ينقل أثقال الموكب مجانا ً كتبرع منه لذكرى إستشهاد الإمام الحسين ( ع ). و كان الموكب كمسؤولية بعهدة الشيخ المرحوم محمد عباس الشلال شيخ قبيلة تميم في المدينة. كان مسؤولا ً عن التموين ووسائل النقل وإدارة الموكب في كربلاء.

انطلاق الموكب والطباخين والمرحوم فرحان سبقونا.

إنطلق المرحوم فرحان قبلنا بليلة هو والطباخين ليحجزوا مكانا لنا هناك قريب من الضريحين و في الصباح التالي إنطلق الموكب بثلاث سيارات مارسيدس 18 راكب و لقد كنت ضمنه رغم معارضة الوالد الشديدة لذلك !! و السبب واضح من المحاورة التالية :

- بابا  آني أريد أروح لكربلاء بالموكب . 

- أي بابا .. هاي من يمته و جاي .. نويت أتصير شيعي ؟ 

-  لا بابا ليش هو الحسين بس مال الشيعة ؟

- لك لا بابا مو هذا قصدي .. هسه أيكولون عليك ديتلوك .. 

- هاي شلك بيهه بابا يعني أختك .. عمتي الجبيرة هم دتتلوك !! 

- لك .. أدبسز أشلون تحجي على عمتك هيج .. ليش شمسويه هيه ؟ 

- مو كل سنة تطبخ هريسة وتوزع للعالم .. مو مشاركة بمصاريف القراية مال النسوان . 

- لك إبني آني أخاف عليك. 

- منيش تخاف بابا؟ 

- لك أنت راكب راسك .. روح أيطبك مرض .. وإذا متت راح أكول إبني شهيد القنادر . 

وهذه قصتها قصة .. فالشارع الرابط بين الإمامين من الضيق بمكان أنه لا يتحمل سير سيارتين جنب بعض , فكيف بمئات الآلاف من البشر المتدافعين .. و هذا ما حصل في العام الذي سبق .. إذ سقط شيخ كبير في السن و شابين يافعين ولد و بنت على الأرض نتيجة التدافع و توفى الجميع نتيجة الدوس بالأقدام . 

مواكب تردد ألم نكسة 1967 حافلة بروح الثورة.

لقد كانت أياما ً حافلة بروح الثورة العارمة فهاهو عام بأكمله قد مضى على تكسة حزيران 1967. التي أضافت جروحا ً وآلاما ً في جسد الوطن العربي ككل. لكنها أيقظت روح التمرد في قلوب كل الوطنيين الشرفاء.

فما أذهلني هناك هو سعة أعداد حلقات المواكب فموكب الكاظمية كان مؤلفا ً من قرابة 80 حلقة. وكنت أتنقل بينها أجمع من كل حلقة الورقة التي كتبوا الردة التي يلطمون صدورهم عليها. وهم يعطونها لي دون خوف أوجل مثلا ً كأن أكون عميلا ً للأمن.

وتلك الردات قد جمعتها بعد عودتنا في دفتر طلبه صديق مني فلم يرجعه لي وأنقطعت أخباره هو عني بعد إنقلاب 17 تموز. لكني لا زلت أتذكر مطلع أولاها الذي يقول :

للكفاح وللنضال  .. للنضال وللعمل .

الكاظمية بموكب الحرية .. الله وأكبر يا على .. حيدر.

وكذلك ردات موكب الرميثة الباسلة التي كانت تصرخ بصراحة : 

كل يوم تعقد إجتماع الدولة ... مرت سنة وإحنة على هالذلة. 

 أتريد منا مجهود ... وماندري هذا المجهود ... للحرب لو للفرهود .

فرحان جليب علي يطلب منا مرافقته للايفاء بنذره.

بينما أنا راجع للموكب إذا بالمرحوم فرحان يقف قبالتي وهو يشاور بيده أن أقترب مني :

 نعم يا إبن العم ! 

- أنعم الله عليك .. شوف آني سألت أحسن وكت تخف  بيه الزيارة للعباس ( ع ) . 

- أي و أشكالوا ؟ 

- كالوا وره الثنتين باليل . 

- و المطلوب ؟ 

- المطلوب أنت وعادل شكري أريدكم ويايه  حتى أكدر أذب الفلوس بالشباج , 

- زين أحنه شنسوي ؟ 

- أتسوولي طريق بين الزوار . واحد منا وواحد منا حتى أكدر أوصل لأن يكلك بالإزدحام نشاله هواي . 

- حتى إهنا .. الله وأكبر . 

- لك يكلك يكصون  الجيب بالموس .!!

- ماكو هيج شي .. بس تدلل . 

المفاجئة عند الدخول الى الضريح؟

في تمام الساعة الثانية ليلا ً كنا الثلاثة  ندخل الضريح و مباشرة ً أبتدأنا أنا وعادل بإزاحة الزوار عن يمين و يسار المرحوم و وصلنا الشباك و إذا به يقول : 

- يلله خل نرجع ليوره . 

- ليش خير ؟ 

- إرجعوا و ما عليكم . 

- رجعنا , تأمر أمر . 

جلس على عتبة باب الضريح و أخذ يهذي بكلمات عندما سمعناها كدنا ننفجر من الضحك لولا حرمة المناسبة و إذا به يقول : 

- يا أبو فاضل يا عيني , لو طايف عليه بالنوم و آني بشهربان , و كايللي ما ريدهن , آني مو بحاجتهن , جان وزعتهن هناك عالفقارة , النوب متحامي عليهن مناك لهنا , وجابلي أثنين بعورة حماية ويايه , و تالي بحضرتك أنضرب جيب و يروحن بخت السرسرية . 

خرجنا أنا و عادل بالهرولة بحثا ً عن مكان يمكن أن يكون مخفي عن الأعين حتى نتمكن من الضحك على وصفه لنا بالبعورة , ولكن أول من قفصنا كان المرحوم وهاب بشير و عندما عرف بالموضوع صرنا مادة للتندر في كل الموكب , حتى محمد ( ميمو ) سائق الشيخ محمد العباس لم نسلم من لسانه اللاذع , و الذي سيكون لنا حديث عنه يوما ً ما . 

بأنتهاء المراسم عدنا إلى المدينة التي غادرتها بعد سنة و أنقطعت عنها للدراسة في بغداد و من ثم الإستقرار هناك ولم أتابع لإخباره رحمه الله ولا أوضاع العائلة بعده . 

توفي العم فرحان جليب علي في يوم الجمعة 22 ايلول عام 1972. مليون رحمة و نور لروحك الطاهرة العم فرحان الشيخ علي الجاسم .

الكاتب عامر كامل الخياط.

google-playkhamsatmostaqltradent