recent
أخبار ساخنة

أنيسيّات: قصة الاسم ومعانيه وواقع التحولات في سوريا.

Site Administration
الصفحة الرئيسية

 أنيسيّات: قصة الاسم ومعانيه وواقع التحولات في سوريا.

بقلم الاستاذ أنيس السعيدي.

تحمل الكلمات والقصائد أحيانًا قصصًا أعمق مما يبدو على السطح، تمامًا كما حملت قصيدة البردوني معاني غير متوقعة لنزار قباني. في هذه المقالة، نغوص في تفاصيل أنيسيّات، ونكتشف تأملات عن الاسم، المعاني، والمواقف التي شكلت الأحداث من حوله. هكذا تكلم أنيس.

أنيسيّات: قصة الاسم ومعانيه وواقع التحولات في سوريا.

 أنيسيّات: قصة الاسم ومعانيه وواقع التحولات في سوريا.


القصيدة التي أذهلت نزار قباني.

( يامال الشام )‏ ...  بعد أن انتهى شاعر اليمن العظيم عبد الله البردوني من إلقاء قصيدته في مهرجان ( أبو تمام ) في موصل ‎العراق سبعينيات القرن الماضي ، جاء نزار قباني إليه يخاطبه : نعتذر ياأستاذ عبد الله أننا قرأنا قصائدنا وأنت موجود ، رده البردوني : ولماذا تعتذر؟

فأجابه نزار : لأنك قلت كل ما نريد أن نقوله ولم نقدر ، عاد يسأله البردوني : من أنت ؟ قال : أنا نَزار ، أخجله البردُّوني : قل نِزار ، وليس نَزار لأن النَّزر هو الشيء القليل جداً ! ضحك نِزار ثم ختم :

--   اليوم عرفتُ اسمي !!

قصة الاسم: من أنيس إلى أنيسون.

تظهر أهمية الاسم عندما يُكشف عن معانيه الحقيقية. أخبر أحد الأصدقاء المؤلف أن اسم "أنيس" يعود أصله إلى "أنيسون"، مشروب الآلهة في الميثولوجيا القديمة. هذه المعلومة أثارت اهتمامه، ليكتشف عمق الاسم الذي اعتبره مجرد وصف اجتماعي في البداية.

اتصل بي صديقٌ فيسبوكي من صنعاء متحررٌ من لوثة الأديان والخرافات يخبرني يتابع منشوراتي شغفاً بالغاً حتى وصفني ملياً بالأعجوبة ، داخلني عجُبٌ واصابني الغرور العراقي المعروف ولم أتذكر عليّ بن أبي طالب شوهد يحمل صخرةً على كاهله فانكروا يبرر : أعجبتني نفسي فأردت أن أذلها ، بها يقلده متولي الشعراوي وزير الأوقاف أيام السادات، يترك استقباله يغدو عامل طينٍ مجاناً. 

رغم ذلك تراجعت عن خيلائي أدعي تواضعاً : طبعاً ياأستاذنا ولهذا سُمّيتُ أنيساً ، يباغتني : أتعرف مامعناه ؟ قابلته واثقاً من قولي : الذي يؤنس الناس بحديثه أو مجلسه أو قلمه ، أو بالعراقي يقال له : كشكولي ، صدمني : لا ياسيدي ، اسم أنيس قادمٌ من أعماق التاريخ ، من أنيسون ، شراب الآلهة ، لاذلك المعنى الساذج الذي يتناقلونه الجاهلون ، شكرته على طريقة الجميل نزار قباني :

اليوم عرفتُ اسمي ، أنتم اليمن تصححون لنا معاني الاسماء.

التحولات السياسية: سقوط بشار المفاجئ.

لا يمكن فصل التحولات السياسية عن تأثيرها في المنطقة. انهيار النظام السوري بقيادة بشار الأسد حدث في ظرف أيام، مما أثار تساؤلات كثيرة عن الأطراف المشاركة في هذا السقوط السريع. هل كان مخططًا أمريكيًا روسيًا مشتركًا؟ أم أن هناك دورًا إيرانيًا خفيًا؟

لست معنياً بتاريخ سوريا القديم أو الحديث ، أو منذ قيامها جمهوريةً حديثة ، ولابتاريخ حكامها آخرهم أو أخراهم الأسد ، فهذا له مبحثٌ آخر إذا استوجبت الضرورة خوض غماره لاحقاً ، ولكن توقفتُ عند الأيام الأخيرة لسقوط بشار فيلماً سينمائياً.

طبعا سيناريو إزاحته عن كرسي الزعامة متوقعاً أو منتظراً خطوةً آتيةً بعد غزة وجنوب لبنان والحديث عنها ذو شجون ، ولكن مالم يرد في ذهني أن يسقط بهذه السرعة أو السهولة ، كنت أتوقع استمرار الحرب شهوراً يرافقها تخريبٌ للبنى التحتية.

مع سقوط الضحايا بالجملة وتهديم المباني وتدمير قدرات الأطراف المتحاربة ، وكل هذا لم يحدث ، بل هي أيامٌ قلائل واختفى ذلك البشار ضبعاً مذعوراً ، ربما مخططٌ معدٌّ سلفاً بينه وبين الفصائل بتدبيرٍ أمريكي روسيًٍ إسرائيليٍّ وغير مستبعدٌ إيراني ليش لا؟

الانتقال السلمي للسلطة.

على عكس المتوقع، شهدت سوريا انتقالاً سلميًا للسلطة إلى جبهة تحرير الشام. لم تُراق الدماء كما هو شائع في الثورات، ولم تُستهدف المكونات الدينية أو المذهبية المختلفة. بل بدا وكأن هناك استراتيجية جديدة تهدف إلى كسب ثقة الداخل والخارج.

الانقلابيون الجدد لم يقتلوا مسؤولأً في السلطة ، ولابعثياً قيادياً أو صغيراً ، ولم يستهدفوا رموز النظام ، بل تعاونوا مع رئيس الوزراء في تسليم الدولة بسلاسةٍ وإمان ، لم يستهدفوا أياً من المكونات الدينية أو المذهبية المخالفة لهم ، لم يسرقوا ولم يستبيحوا مؤسسات الوطن ، ولم تجر الحواسم عندهم ، ولم يبدر منهم ماكنا نتوقع من قطع الرقاب ، أو ذبحٌ على الهوية والمعتقد.

ولا أعرف هل هذا تكتيكاً في بداية ثورتهم يعودون بعدها الى سالف عهدهم وتصبح دمشق النهار كابل أو قندهار ، أو ربما بفرض أمريكي عليهم حتى يقبلهم الآخرون ، أم أنه تبدل في الاستراتيج عندهم ، لابد لهم من تصحيح معادلات عصرهم ، ذلك ماستكشفه قوادم الأيام ، بجانب عدم نيتهم غزو بلاد الجوار كما أعلنوا ذلك.

تأثير السقوط على إيران والجوار.

بسقوط بشار الأسد، تقلص النفوذ الإيراني في المنطقة، موجهًا الأنظار نحو ميليشيات العراق والحوثيين. هذه الأحداث تشير إلى تحولات استراتيجية قد تُعيد تشكيل الشرق الأوسط بأسره.

لكن الذي اعتقده أنه بسقوط نظام بشار انتهى الوجود اللوجستي الإيراني ، ليتفرغوا بعدها لميليشات العراق يختمونها بالحوثيين. ورغم الانتقال السلمي للسلطة في سوريا الى جبهة تحرير الشام وظهور بوادر التعامل السلس مع بعض استحقاقاتها. 

يبقى مستقبل هذه البلاد وماحولها دول الجوار والشرق الأوسط وباقي الدول بعضها ماوراء البحار في قبضة المجهول يضرب التكهنات عرض الجدار ، وللمفاجئات حصةٌ لايمكن تجاهلها في هذا التغيير.

معنى الثورة: رؤية جديدة من أهل اليمن.

الثورة ليست فقط تغييرًا في السلطة، بل هي تغيير جذري في المفاهيم والقيم. يأمل الكاتب أن يقدم أهل اليمن مفهومًا أعمق للثورة، بعيدًا عن القوالب التقليدية التي اعتدناها في ثورات العرب. أو يصححوا لي معنى الثورة غير الذي عرفته كلاسيكياً عن انتفاضات الشعوب خصوصاً ثورات العرب.

أنا شخصياً لايهمني من يحكم دمشق ، إن كانت أسرة العجل ، أم أصحاب لحايا القمل ، ولكن مايقلقني هل تستمر سورية الوطن الجميل تشع حضارةً وفناً وجمالاً كما هي على مسار التاريخ ، أم تدخل نفقاً مظلماً كما انطفأت شعلة الإنسانية في أرض الرافدين.

ولا أعرف هل ستقف مايسترو الملائكة غادة حرب على قاسيون تقود فرقتها السماوية تصدح بترتيلها يامال الشام ، ياليتني كنت معها أقبلها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها ، بل أشم شعرها الساحر خصلةً خصلة ، وألعق صبغ أظافرها تتمايل أجنحة الملاك

ختام: دمشق ورمزيتها الأبدية دمشق ليست مجرد مدينة؛ إنها رمز للحضارة والجمال. يتمنى الكاتب أن تظل سوريا في مسارها التاريخي، مشعة بالفن والإنسانية، دون أن تطفأ شعلة الإبداع كما حدث في مناطق أخرى من المنطقة.

والماءُ يبدأُ من دمشقَ  فحيثما

أسندتَ رأسكَ .. جدولٌ ينسابُ

والدهرُ يبدأُ من دمشقَ وعندها

تبقى اللغاتُ .. وتُحفظُ الأنسابُ

...  هكذا تكلّم أنيس  !!

google-playkhamsatmostaqltradent