العلامة الأستاذ الدكتور
محمود غناوي الزهيري
رموز شامخه من مدينة شهربان
Ibin Shahraban AH
نتناول اليوم شخصية ورمز عراقي من الطراز الاول ورمز شامخ من مدينة شهربان الا وهو العلامة الاستاذ الدكتور محمود غناوي الزهيري.
جميع ابطال منشوراتي الشهربانيه السابقة هم اشخاص اعرفهم تعاملت معهم أو رأيتهم هناك في مدينة عشقي الا بطل موضوعي الحالي.
فاني لم اراه او التقي به يوما من الأيام لكني كنت شغوفاَ بسماع اخباره او التطلع الى صوره الشخصية التي كانت تعرض باستمرار في الصحف والمجلات العراقية المختلفة...
كنت مهووس بتتبع أخباره كونه بالنسبة لي يمثل قصة نبوغ شهربانيه سابقة لعصرها بدأت في عهد الكتاتيب والملالي .
علماً بان عمر الحكومة العراقية الأولى في تاريخ العراق يبدأ في العام ١٩٢٣م وأن أول تشريع للجنسية في العصر الحديث كان عام ١٩٢٤م.
ولد الراحل محمود غناوي الزهيري في ناحية شهربان في لواء ديالى في العام ١٩١٦م.
حين بلغ سن الخامسة من عمره أرسله والده الشيخ غناوي عيادة الزهيري الى الكتاتيب (تعليم الملالي آنذاك لعدم وجود مدارس بعد أو لقلتها).
مباشرةً بانت ملامح الذكاء غير العادي لدى هذا الطفل الصغير حيث أخبر الملا والده، بأن الطفل محمود سريع الحفظ وهو يتفوق على أقرانه بشكل ملحوظ وواضح وضوحاً تاماً، في تلقي الدروس ونصحه أن يسجله في المدرسة على الرغم من عدم بلوغه سن السادسة وهو العمر اللازم التسجيل في المدارس ...
والده الشيخ أخذ بنصيحة الملا وأخذه إلى المدرسة الابتدائية الوحيدة في شهربان في بداية العشرينات من القرن الماضي والتي وافقت على تسجيله في الصف الأول الابتدائي، لكن لم يحصل ذلك الا بعد ان اجتاز الاختبار بنجاح باهر الذي أجرته له إدارة المدرسة.
ثم تخرج هذا الطفل الموهوب من المدرسة الابتدائيه وهو بعمر أحد عشر عاماَ، لعدم وجود مدرسة متوسطة في لواء ديالى أرسله والده الشيخ للدراسة في مدينة بغداد ليسكن في دار أحد أقرباء له ...
أنهى الدراسة المتوسطة وتخرج منها بتفوق، ومباشرةَ دخل دار المعلمين الابتدائية في الاعظمية، لكي يتخرج منها بتفوق وتم تعيينه معلماً في مدرسة ابي الخصيب الابتدائية في لواء البصرة ....
في العام ١٩٣٦م قدم استقالته من الوظيفة لكي يلتحق بأول بعثة دراسية عراقيه أرسلتها حكومة العراق في زمن الملك غازي الاول الى مملكة مصر للحصول على الليسانس من جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً).
في نفس ذلك العام تزوج من إحدى بنات عمومته وهي كريمة الشهرباني المعروف الحاج توفيق سلطان عجاج الزهيري ...
في نهاية العام ١٩٤٣م تم تعيينه مدرساَ في دار المعلمين العالية وبقي فيها إلى العام ١٩٤٧م حيث استقال من وظيفته ليعود من جديد الى مملكة مصر من أجل دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة فؤاد الأول ...
في نهاية العام ١٩٤٩م حصل على الماجستير على اطروحته الموسومة (الأدب في ظل بني بويه) ... لاهميتها الأدبية وأصالتها فقد حولت أطروحته المتميزة إلى كتاب منهجي في مصر وقد طبعته/ ووزعته مطبعة الأمانة المصريه.
بعد إكمال دراسة الماجستير التحق مباشرة على دراسة الدكتوراه في الأدب العربي بنفس الجامعه وحصل عليها في العام ١٩٥١م عن اطروحته الموسومة (نقائض جرير والفرزدق).
ثم أصبح عميداً لنفس كليه الملكة عالية للبنات واستمر بهذا المنصب لغاية الشهر الثاني من العام ١٩٥٨م .
أثناء عمله عميداً وأستاذاً لهذه الكلية الملكة عالية للبنات، حظي بلقاء العائله المالكه للعراق، وذلك أثناء زيارتهم لكليته ...
لقد أقام حفلا تشريفياً لهم في مبنى الكلية وهم؛ ملك العراق المرحوم فيصل الثاني وخطيبته المرحومة الأميرة جليلة والمرحوم ولي العهد الأمير عبد الإله خال الملك فيصل ورئيس الوزراء المرحوم نوري سعيد باشا وعدد من الوزراء ...
انشغل في هذه الفترة في الإدارة والتدريس وإلقاء المحاضرات ليس فقط في كلية الملكة عالية للبنات إنما في باقي الكليات والمعاهد في مدينة بغداد.
ومنها "معهد المعلمين العالي الذي تحول فيما بعد إلى كلية التربية "وكلية الحكمة في الزعفرانية (والتي كانت الجامعة الأمريكية سابقاً أساتذتها من الرهبان الأمريكيين حاليا هي معهد التكنولوجيا بغداد ) ... فضلا عن كونه رئيساً / عضواً في العديد من اللجان الثقافيه والادبيه لوزارة المعارف ....
إلا أن أفضل أثر تركه الأستاذ الجليل هو اشتراكه المتميز مع عمالقة الأدب والعلم في تلك السنين ..
ومنهم الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري عميد كلية الآداب والتربية في وضع قانون جامعة بغداد وذلك في العام ١٩٥٦م ...
وله يعود جزء من الفضل في واقع جامعة بغداد الحالية مؤسساتياً وتشريعاً ولوائح ومؤسسات وكليات ومراكز بحوث متخصصة.
وبعدها في العام ١٩٦١م نقل الى منصب مدير عام التعليم / في وزارة المعارف في عهد وزيرها القدير آنذاك العميد الركن اسماعيل ابراهيم العارف ...
بعد ان تم الغاء كلية التربية وكلية اللغات في جامعة بغداد ودمجها بكلية الآداب أصبح الأستاذ الدكتور محمود غناوي الزهيري عميداً لكلية الاداب واستمر في هذا المنصب الى ان وافاه الاجل المحتوم في العام ١٩٧٦ إثر مرض عضال .....
لقد تتلمذ وتخرج على يدي المربي الجليل محمود غناوي الاف من طلبة الجامعة خلال مسيرته التربوية والتعليمية لمدة امتدت لأكثر من أربعين عاماً.
لقد أعاد ولده الدكتور المحامي غزوان محمود غناوي طباعة هذا الكتاب مؤخرا في عمان/الاردن ...
المربي الجليل محمود غناوي هو من مؤسسي اتحاد الكتاب والادباء العراقيين.
لقد وافاه الأجل في العام ١٩٧٦م إثر مرض عضال ... وقد تم تشيع جثمانه في حفل مهيب حيث تم حمله من داره الى كلية الاداب وسجيَّ هناك ليتسنى لزملائه اساتذة جامعة بغداد والمئات من طلابه لألقاء النظره الاخيره على عميدهم الراحل.
بعد ذلك تم دفنه في مقبرة الامام المقداد حيث خصصت وزارة الأوقاف قطعة من أرض المقبرة لدفنه فيها وحصل ذلك في عهد وزيرها السيد عبد الستار الجواري ..
ثم شيدت عائلته قبة على قبره مازالت موجودة إلى اليوم (لي امنيه ان يصل اليها من يسكن قرب الامام المقداد ويصورها لي... فقد ضاعت الصور مع صفحتي الأصلية المغيبه).
مازلت اتذكر بألم وحسرة صبيحة يوم الثامن من كانون الأول عام ١٩٧٦م حيث كنت وقتها طالب ماجستير في كلية العلوم/بغداد، وكنت معيداً ومحاضر في الدروس العملية (المختبرات) في القسم العلمي بكلية التربيه / بغداد القريبة من كلية الآداب حين وصلنا نبأ وفاة العلامة محمود غناوي الزهيري.
تميز النابغة الأستاذ الدكتور محمود غناوي الزهيري بصفات أخرى غير الأدب والتدريس والثقافة ومنها الرياضية.
فقد كان رياضياً بارعاً في العاب الساحة والميدان وتوج بطلا في جامعة بغداد في العاب الزانة ونال الجائزة الاولى فيها، وهو ماهر في كرة الطائرة وغيرها من الألعاب.
لكن ما لامس قلبي هو تواضعه وانسانيته النادرة في عهد "الباشوية و"البكاويه و"البهاوية و"المعالي والارستقراطية والطبقات والتشريفات.
لكنه كان شخصاً شهربانياً متميزاَ ومعروفاً على صعيد العراق وكان قريب من معظم شخصيات الحكم في العراق.
رئيس فخذ الچقاچقه في شهربان هو الشيخ منير عبود غناوي (ابن أخ الراحل محمود غناوي) ..
الراحل له ولد واحد وهو الدكتور المحامي غزوان غناوي (دكتوراه في القانون المدني) المقيم حالياَ في ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وله بنتان هما:-