واجبات فوق العادة
"الواجب الخامس"
الجسر الجوي مع يوغسلافيا وفرنسا
داود سلمان الشويلي
اثناء الحرب العراقية الايرانية "1980-1988" زادت الحاجة الى تزويد العراق بالأسلحة، والأعتدة، والمعدات العسكرية، من شتى دول العالم.
عدا الكيان الصهيوني الغاصب "اسرائيل"، فقد كانت جوازات سفر العراقين مؤشرا فيها هذه الملاحظة وقد أزيلت في الجواز الحالي!!!.
وكذلك عدم اعادت طائراتنا القاصفة "الباجر" التي كانت تقضي فترة الفحص الدوري العام لها في الاتحاد السوفيتي (Over all تعمير شامل للطائرة) إلا بعد سنوات.
وقد كان الانفتاح على السوق العالمي، عدا اسرائيل، في السبعينيات لاستيراد السلاح، والذخائر، والمعدات، أفضل قرار اتخذته القيادة وقتذاك.
فكان أن أقيم جسر جوي بين العراق وفرنسا، والعراق ويوغسلافيا، والعراق وايطاليا، والعراق وجيكسلوفاكية، والعراق ومصر، وهكذا تنوعت مصادر السلاح ومستلزماته لادامة المعارك في جيهات القتال.
فالطائرات من الاتحاد السوفيتي وبأنواعها، ومن فرنسا، كذلك، الميراج. أما الذخائر والمعدات فقد كانت من شتى دول العالم والتي تتوافق مع طائراتنا، وأسلحة دروعنا. فالعراق يستورد أفضل ما تنتجه الصناعة الحربية في العالم.
أما عن الجسر الجوي مع يوغسلافيا، والذي نستورد من خلالها ذخيرة المدافع والدروع.
فقد أصبح الطريق لها بالنسبة لنا نحن الطواقم الجوية في طائرات النقل الجوي العسكري مثل خط سيارات علاوي الحلة – باب الشرقي.
كنا نصل للعراق مساءا من يوغسلافيا ونعود اليها في فجر اليوم التالي، أو نذهب فجرا ونعود في اليوم الثاني بعد الظهر، وطائراتنا محملة بالذخائر المختلفة.
مرة طلب مني أحد الضباط اليوغسلاف أن نؤجل تحميل طائرتنا بالحمولة الى اليوم الثاني وذلك لوجود طائرة ليبية تحمّل الذخيرة ذاتها لتنقلها الى ايران، وقد أرانا الطائرة حيث يبعد وقوفها حوالي400 متر عن وقوف طائرتنا اليوشن.
هذه العملية معروفة لنا، اذ ان الدول التي نشتري منها السلاح والمعدات العسكرية تبيعها لنا ولايران في الوقت نفسه.
حدث هذا الأمر مرة ثانية في فرنسا أيضا، فقد كانت هناك طائرة عربية (ليبية أو سورية) تحمّل ذات المعدات الحربية من الشركة الفرنسية في الوقت نفسه الذي نحمل تلك المعدات من الشركة الفرنسية ذاتها في طائرتنا.
ان الشركات هذه تسلمنا أوراقا مكتوبا فيها ان الشركة لا تتعامل مع اسرائيل، إلا اننا نعرف انها تتعامل معها ولكننا نغض الطرف عن ذلك لحاجتنا الى الاسلحة والمعدات من هذه الدول.
لعدم وجود صناعات حربية في العراق إلّا القليل الذي لا يسد الحاجة في إدامة حرب طالت ثمان سنوات.
كنا نهبط في مطار الشركة، أو هكذا بدا لنا، التي نستورد منها بعض المعدات الفرنسية في مدينة"شتاغو" أو "شيتاروس" حسب اللفظ، كما اتذكر.
وفي المدينة كنا ننزل في فندق شبه قديم، بخمسة نجوم، نظيف ومرتب رغم قدمه، إلا ان مفاتيح غرفه تتدلى من ميدالية خشبية مثل جندي الشطرنج، منحوت عليها النجمة السداسية التي كانت شعارا للكيان الصهيوني.
فما كان من رأينا، نحن الطاقم، إلّا أن نخبر القيادة بذلك، فكتب الكابتن تقريرا يشرح ذلك، وخاطبت القيادة الجانب الفرنسي وكان رد الجانب الفرنسي، الشركة التي اتفق العراق معها في توريد الذخائر.
هو: "ان هذا الفندق هو أفضل فنادق المدينة، وهو خمسة نجوم، واذا أراد الجانب العراقي تغييره فليخبرنا". فسكتنا على مضض.
النجمة السداسية للذي لا يعرفها هي رمز لاسرائيل، وفي الوقت نفسه هي وحدة زخرفية مستعملة كثيرا في الاسلام مثل الفاصلة بين آية وآية في القرآن، وهي فوق هذا وذاك من عناصر الطبيعة، لهذا سكتنا عنها في الفندق الذي ننزل فيه.
وقد اثير في التسعينيات قضية العمارة المصممة بشكل النجمة السداسية لمن يراها من فوق، وهي العمارة التي على الطريق السريع "محمد القاسم" بعد منطقة الباب الشرقي في بغداد، وهي تتكون من جزئين كل جزء يمثل نصف نجمة.
وأثارت احدى نائبات البرلمان ما بعد عام 2003 قضية وجود النجمة في مزججات أضرحة الأئمة، وتناست هذه النائبة انها وحدة زخرفية عربية ودينية اسلامية.
ان حديثي عن الجسور الجوية مع دول أوربا وبين النجمة السداسية، وهي نجمة موجودة في الطبيعة قبل النبي اليهودي داود، هو حديث له علاقة بالشركات التي تورد لنا الأسلحة، والمعدات، والذخائر، وبالوقت نفسه تورده لكل دول العالم بما فيها اسرائيل.
هذا ليس غريبا علينا، فالسلاح، والذخائر، والمعدات، هي في السوق معروضة لمن يشتري، ولا يمكن لأحد ان يمنع أحد من شراء هذه المادة.
وقد فضحت عند سقوط الطائرة الارجنتينية في تموز عام 1981، التي اسقطتها الدفاعات السوفيتية عند دخولها الاجواء السوفيتية خطأ، والطائرة هذه واحدة من جسر جوي اسرائيلي – ايراني ومحملة بمواد حربية "صواريخ، وقطع غيار" من اسرائيل الى ايران بما سمي "فضيحة ايران غيث" أو "ايران – كونترا".