واجبات فوق العادة
"الواجب الرابع"
جسور جوية للقاهرة ويوغسلافيا
داود سلمان الشويلي
كنا قد عدنا من الدول العربية التي توزعت عليها طائرات سربنا/43، والسرب الآخر/33.
فبعض الطائرات ذهبت مع طاقمها الى اليمن، وبعضها ذهب الى السعودية، والبعض الآخر ذهب الى الأردن، وكنت أنا ضمن طاقمها في الأردن.
ان الحرب، وبكل صفحاتها، بحاجة الى ديمومة ما تستهلكه من أسلحة وعتاد، ومعدات عسكرية، وقد كانت الحرب الايرانية العراقية مثل كل الحروب هي بحاجة ماسة لذلك، ولما كنا بلد غير مصنع لهذه الاسلحة، والأعتدة، والمعدات، سوى اليسير منها، فإننا نظل بحاجة الى دول متقدمة في هذا المضمار، وهذا ما حدث لنا.
كانت علاقاتنا مع مصر مقطوعة في فترة الحرب، فيما كانت سلطنة عُمان ما زالت تحتفظ بتلك العلاقات، كنا بحاجة لمن يبيعنا عتاد خاص بالمدفية الروسية وكانت مصر عندها هذه الأعتدة.
وفي صباح يوم ما سافرنا الى القاهرة، وكان خط رحلة طيراننا (Flight route) الذي نسلكه حسب تعليمات القيادة للطيارين والملاح هو خط الحدود الدولية بين الأردن، والمملكة السعودية حتى نصل الى البحر الأحمر، ونطير فوقه الى مصر، وبعدها من فوق الأقصر الى أن نصل الى مطار القاهرة الدولي، الجانب العسكري.
نعود في اليوم نفسه الى العراق، وبنفس خط الطيران.
بلغ الطياريين فيما إذا سألتهم المراصد الجوية الأردنية عن وجهة الطيران يدخلوا الأجواء السعودية ولا يجيبوا على النداء، وإذا سألتهم المراصد السعودية عن وجهة طيرانهم يدخلون الحدود الأردنيه ولا يجيبوا على النداء،.
هكذا ينتهي خط طيراننا، وكان في ذلك مخاطر كثيرة.
كانت العلاقات الدبلوماسية مع مصر مقطوعة كحال الكثير من الدول العربية بعد زيارة السادات لاسرائيل، وإنعقاد مؤتمر القمة العربي في بغداد، القمة التاسعة عام 1978، 1979، واتخاذ قرارا عربيا بقطع العلاقات مع مصر.
استمر الجسر الجوي طويلا، وفي احدى السفرات تعطلت طائرتنا، واتصل كابتن الطائرة بعد أن ذهب الى السفارة العُمانية، ومنها تلفن الى العراق حول العطل، وما نحتاج له من مواد "سبير بارت" للطائرة.
بتنا في الطائرة تلك الليلة حتى جاءت طائرة اليوشن الثانية وصلحت طائرتنا، وعدنا محملين بالقنابر الى العراق واستمر الجسر الجوي كل عصر يوم تذهب طائرة اليوشن الى مصر وتعود في اليوم نفسه.