ثانوية المقدادية للبنات
صرح عالي وتاريخ مجيد في مدينة شهربان
بقلم ابن شهربان.
ثانوية المقدادية للبنات كانت صرح عالي وتاريخ مجيد في مدينة شهربان سلط الدكتور ابن شهربان الضوء عليها وصنع منها حياة جديدة.
قبل أن أكتب إي منشور ارجع لمخيلتي واغرق في تفاصيلها … حين جلست لأكتب منشوري أخذني خاطري كالعادة الى أيام الدرابين وشغبنا والى المدرسة والذهاب ركضاَ إليها واصواتنا تملئ دروبنا وتذكرت الصف والرحلات والسبورة وقوالب الطباشير والمسّْاحَة وطبعاَ المعلم …
هل ما زلتم تذكرون كم يفتخر وينفش الريش أيٌ منا حين يكلفه المعلم لمسح السبورة او يرسله الى الإدارة لجلب حاجة؟ … حتماً تذكرون شعور السلاطين عندما كان يكلفنا طرق ( دق ) جرس المدرسة لبدأ الفرص بين الدروس …
هل ما زلتم تذكرون مشاعر الزهو والفرح تلك لان المعلم اختارك دون غيرك لتمسح السبورة أمام الطلاب او تجلب له (العوده) من الإدارة؟ … في هذا الزمن المستعجل لو أعطوك سيارة جديدة لم تصل الى جزء من فرحة دق الجرس أو جلب الطباشير أيام زمان…
اشتاكيت للمدرسة والجرس والساحة
أطفال نركض ركض بس نشعر براحة
لا اعرف تماماً متى تم تأسيس أول مدرسه ابتدائيه للبنات في مدينة شهربان لكني متحقِّق بانها تأسست في زمن النظام الملكي في أربعينيات القرن الماضي.
لقد كانت تقع على شارع محلة الرمادية مقابل دائرة المستوصف الصحي والذي صار موقع دائرة ماء المقدادية …
تحولت هذه البناية فيما بعد الى متوسطه البنات … في بداية الخمسينيات وبعدها كانت مديرة المدرسة هي الست حسيبه جبور .
كان كادرها التعليمي يتكون من الست عدويه سلمان فدعم تدرس "معلمه للصف الأول مع الست نوريه خطاب … الست غربت معلمه للصف الثاني … الست وفيقه إسماعيل معلمه للصف الثالث ... الست ماجده عمران خوجه معلمه للصف الرابع ...
تعاونت عدة معلمات لتعليم طالبات الصف الخامس الابتدائي وهن … الست مديحه سلمان فدعم تعلم إنكليزي والست حسيبه جميل تعلم الإسلامية، والست حسيبه جبور تعلم رياضيات بالإضافة لوظيفتها كمديره للمدرسه …
لحد أعوام نهاية الأربعينيات لم تكن هناك مدرسه متوسطه للبنات في شهربان؟
وقد كانت حين تنهي الدراسة الابتدائية من بنات شهربان تواجه ثلاثة خيارات هي:
الجلوس في البيت وانتظار الزواج. او الذهاب الى بعقوبه لإكمال الدراسة أو التسجيل في متوسطة المقدادية المختلطة التي تم افتتاحها في العام ١٩٥٠ ...
لذلك فان عدد بنات شهربان الائي اكملن الدراسة المتوسطة والثانوية لحد أواسط أعوام الخمسينيات قليل جداً وقد لا يتعدى عشرين طالبه …
وهن اللواتي شكلن نواة الهيئة التعليمية النسائية في شهربان التي أثمرت عن إلاف من الكوادر النسائية للعقود التي تلت.
في نهاية أعوام الأربعينيات وبداية الخمسينيات وبعد إلحاح شديد من أهالي شهربان بان يكمل أولادهم الدراسة المتوسطة في شهربان من دون الذهاب الى بعقوبة افتتحت متوسطة المقدادية المختلطة في العام ١٩٥٠، كان قائمقام مدينة شهربان في حينها هو السيد عبد الوهاب الخطيب .
تم بناء هذه المدرسة المتوسطة المختلطة من تبرعات أغنياء أهل شهربان أنداك ... حيث تم بنائها على ارض واسعة تبرع بها الشهرباني المعروف السيد توفيق شاه محمد تقع في بداية قرية سلامه ( وهي حاليا مدرسه ابتدائيه ) ...
كان عدد طلابها عند افتتاحها يصل الى خمسين طالب فيما كان عدد الطالبات في افضل مواسمها لا يزيد عن عشرين طالبة وقد عرفتهن بالاسم ...
متوسطة المقدادية المختلطة كانت عباره عن طرمه طويله تغطي عدد من الصفوف المتلاصقة ويفصلها عن غرفة الإدارة ممر يفضي الى مدخل المدرسة والشارع العام ... بجانبها ساحة مقسمه الى قسمين منفصلين ... واحده للطلاب والثانية للطالبات ...
كان النظام هو عند انتهاء الفرصة يدخلن الطالبات أولا ثم بعد دقائق يدخل الطلاب قصار القامة او الأصغر عمرا. من الطلاب الذكور لتلك المتوسطة العتيدة.
أديب شهربان الأول الاستاذ سليمان البكري …علاء جاسم (أصبح أمر حماية وزارة الدفاع في عهد عبد الكريم قاسم واستشهد عام ١٩٦٣) … الشاعر جاسم درويش … الدكتور أكرم الهلالي وشقيقه الدكتور خالد وشقيقتهما أنيسه … السيد اسعد محمد رضا( كانت أخته سعديه في نفس الصف وحين كانت ترفع يدها لتسأل المدرس يثور عليها ويهددها بالتركية التي كانا يتحدثان بها) …
السيد شدهان إبراهيم الكاظم ( ربما هو أول طالب قروي ... حيث كان يأتي من قريته الى شهربان على دراجه) … كان الطلاب والطالبات يتعاملون كأخوة وكانهم عائله واحده الله يرحم أيام زمان (يكولون ليش تحنون للماضي !!) ...
أما الكادر التدريسي لأول متوسطه ( مختلطه ) في شهربان فهم ... "الاستاذ احمد نجم الدين من بعقوبة مدير المدرسة ( متخرج من جامعه الإسكندرية ) وكانت زوجته الست فضيلة نجم الدين ( مصرية ) تدرس الرسم والأعمال … الاستاذ ميخائيل جرجيس مدرس اللغه العربية ... الاستاذ محمد نجيب (من الموصل) ... مدرس انكليزي .. الاستاذ عثمان ابا أيبان بغدادي مدرس انكليزي .. الاستاذ مدحت عبد الكريم مدرس رياضيات (من السليمانيه) والده كان مدير شرطه المقداديه ...
الاستاذ طارق الاعظمي (من الاعظميه) مدرس الاجتماعيات ... الاستاذ فاضل سلطان المهداوي معلم منسب لتدريس الرياضة وهو من وجهاء المقدادية ... الاستاذ خطاب عمران معلم منسب لتدريس اللغة ألعربيه ... الاستاذ احمد الوردي .. الاستاذ احمد المختار...
لم أتوصل الى تاريخ استحداث متوسطة المقدادية للبنات.
لكني عرفت أحداثها أبتداءً من العام ١٩٦٠. كانت المدرسة في وقتها عباره عن بيت صغير في محلة الرمادية وكانت مديرتها الست إم هاله هي زوجة قاضي شهربان آنذاك … في العام ١٩٦٣ انتقلت الأستاذة آم هاله الى بغداد فاستلمت الأستاذة ماجده بابان إدارة هذه المتوسطة حيث كانت احدى كوادر التدريس فيها.
لم تستحدث ثانوية المقدادية للبنات إلا في العام ١٩٦٦... ففي هذا العام فتحت الأستاذة ماجده بابان الصف الرابع لتتحول المتوسطة الى ثانويه لأول مره في تاريخ شهربان.
وقد فتحت الأستاذة ماجده بابان الصف الخامس في العام التالي ١٩٦٧… لتكتمل صفوف ثانوية المقدادية للبنات ولكن الفرع الأدبي فقط ... لمن كانت ترغب الفرع العلمي عليها الدراسة خارج شهربان او في أعدادية المقدادية للبنين.
خصوصا بعد أن تم إضافة الصف السادس الى التعليم الثانوي عموما عام ١٩٧٠ حيث كانت الثانويات في العراق قبل ذلك العام تنتهي عند مرحلة الصف الخامس ... عند افتتاح الصف الرابع والخامس في ثانوية المقدادية للبنات لم يكن هناك كادر تدريسي نسائي كافي.
لم يكن هناك خيار غير الاستعانة بالمدرسين الذكور في ثانوية المقدادية للبنات فاستعانت بعدد منهم ومنهم الراحل الاستاذ الجليل الراحل حسيب وهيب النعيمي وكان في وقتها مدير ثانوية المقدادية المسائية للبنين.
الأستاذة والمربية المشهورة "ماجده بابان" هي ليست من مدينة شهربان أصلا ... إنها من بغداد وان أول تعيين لها في حياتها الوظيفية كان في متوسطة المقدادية للبنات عام ١٩٦٠ التي صارت مديره لها في العام ١٩٦٣ واستمرت الى العام ١٩٧٧.
لقد تبنت الأستاذة ماجده بابان شهربان عشاً لها واقترنت بأحد أعلام شهربان وهو المربي الجليل الراحل حسيب سيد وهيب النعيمي وانجبت منه أولاد برره … ومازالت تعيش الى الآن في شهربان.
- أولها منظرها المهاب فهم من سكنة محلتي الحرية قبل أن ينتقلوا الى حي المعلمين، كنت أراها في الطريق حين كانت تذهب كل يوم الى ثانوية البنات. الست ماجده بابان لم تكن امرأة عاديه هي سيده مهابه ومنظرها شامخ وتحس بانك أمام امرأة حديديه من مقام سيدات المجتمع العالمي من وزن ماركريت تاتشر او أنديرا غاندي او ايلينو روزفلت او نانسي ريغان أو مادلين إولبرايت … وأكاد اجزم … لو كانت الست ماجده بابان في مواقعهن فإنها ستؤدي رسالتها مثلن وربما افضل.
- ثانيها - خبرتها التدريسية والتربوية والإدارية الفائقة إنها كانت مربيه وإدارية من الطراز الأول وقد ساهمت بشكل واضح ومتميز بتربية وتعليم وإعداد معظم إن لم يكن جميع الكادر النسوي في مدينة شهربان .. من موظفات ومعلمات ومدرسات ومهندسات وطبيبات وكوادر طبيه وفي شتى التخصصات الأخرى ... السيدة ماجده بابان ساهمت في تربية وتهذيب معظم بنات شهربان لما كانت تملكه من شخصيه حديديه وعيون ثاقبه وهيبه مخيفه فلقد كانت جميع طالبات الثانوية طوال سنين خدمتها يحسبن ألف حساب لها ... فهي كانت بمنزلة الأم الصارمة لكل واحده فيهن.
- ثالثها - السيدة ماجده بابان قائدة مجتمع من الطراز الأول ... لقد فرضت شخصيتها وهيبتها في مدينة شهربان ولم يستطيع احد من كان وطوال خدمتها مهما كان موقعه الوظيفي او الإداري او السياسي إن يؤثر على منهجها التربوي المتميز وطريقتها العسكرية الفريدة في الإدارة لأكبر مؤسسه تعليميه نسائيه في شهربان ~ في زمن كان غيرها من مديري مدارس شهربان يعاني المؤثرات الحزبية والسياسية.
الى كل طالبة درست في ثانوية المقدادية للبنات خلال الخمسة عقود الماضية ... الى كل مدرسات المدرسة والموظفات كان هذا المنشور… اعرف بانه سيكون نغزه راس الدبوس للعودة بكن الى تلك السنين الأثيرة الى مواقفها وذكرياتها
الى الأستاذة الجليلة ماجدة بابان… الى الأستاذة المعاونة ( إم شيماء ) التي تتابع هذه الصفحة بانتظام… الى مديرات ومعاونات ومدرسات وموظفات ثانوية المقدادية للبنات المتعاقبات ~ الأحياء منهن والأموات .. اقف باحترام وتحية عسكرية