كانت المدارس مراكز ابحاث فكريه| عن تجربتي الشخصية.
مدارس الفكر، تلك المعابر الفكرية التي تشكّلت بأشكالٍ متعددة عبر العصور، وقد عُرفت بأنها مراكز للتعليم والتثقيف، إلا أنها في الواقع تجاوزت حدود الفصول الدراسية لتصبح مساحات للبحث والتفكير العميق. تجربتي الشخصية في هذه المدارس، كانت رحلة مثيرة للاكتشاف والتأمل، حيث جمعت بين التعليم الرصين والتفاعل الفكري المستمر. من خلال هذه المقالة، أرغب في استعراض رحلتي داخل هذه المراكز الفكرية، وكيف أثّرت على تطور فكري ومسار حياتي بشكل عميق.
المدارس في لواء ديالى وخاصه البعيده او التي ينفى اليها السياسيون مركز اشعاع وتفاعل وتلاقح حتى بين الافكار المتصارعه. او التي لا تلتقي في ساحات العمل الجماهيريه لتباعد الرؤى واختلاف المناهج لهذه الافكار!!! ولكن عند الطبقه الوحيده الواعيه وهم المعلمين يكون الحوار ايجابي والنقد مبني على اسس الاحترام بين الافكار!!؟
كان الحوار (احترام الاصول قبل العقول) وكل من هو واعي ويعرف الاصول لا يجرح مشاعر الاخرين مهما حملوا من فكر او دافعوا عن قضيه هم مؤمنين بها!!؟؟
إشراقة الاكتشاف: رحلة دخولي إلى عالم المدارس الفكرية.
في لحظة ما من حياتنا، نجد أنفسنا أمام بابٍ جديدٍ ينتظر فتحه، باب يقودنا إلى عوالم لم نكن نعرف عنها الكثير، عوالم مليئة بالأفكار والتحديات والاكتشافات المثيرة. لقد كانت إشراقة الاكتشاف تلك اللحظة بالنسبة لي، عندما دخلت عالم المدارس الفكرية. كانت هذه الرحلة ليست مجرد تغيير في المنهج الدراسي، بل كانت مغامرة فريدة من نوعها، شكّلت تجربتي ونموي الشخصي.
- الفضول الدائم الذي دفعني لاستكشاف عوالم جديدة والتعمق في المعرفة.
- لقاءات محفزة مع أساتذة وزملاء يشتركون معي في شغفهم بالتعلم والاكتشاف.
- التحديات التي واجهتها في فهم مفاهيم جديدة وتحليل الأفكار المعقدة.
- اللحظات الفاصلة التي أثرت في تغيير وجهة نظري وإضافة أبعاد جديدة لفهمي للعالم.
- استكشاف مختلف المجالات العلمية والإنسانية التي أثرت في تشكيل رؤيتي وهويتي.
بعد كل هذه السنوات من رحلة الاكتشاف داخل عالم المدارس الفكرية، أدركت بوضوح أن الاكتشاف ليس مجرد هدف يمكن تحقيقه وإنما هو عملية مستمرة تستمر مع نمونا وتطورنا. فهي تجربة لا تنسى ولا تنتهي، حيث تبقى ذكرياتها وتأثيراتها معنا طوال الحياة، تشكلنا وتثرينا وتحفزنا على استمرار البحث والاكتشاف في كل مرحلة جديدة من حياتنا.
رحلة التحول: كيف غيّرت المدارس الفكرية وجهة نظري ومفهومي عن العلم والمعرفة؟
رحلة التحول داخل المدارس الفكرية لم تكن مجرد سلسلة من الدروس والمحاضرات، بل كانت تجربة تغيير جذري في طريقة تفكيري وفهمي للعلم والمعرفة. من خلال هذه الرحلة، تعرّفت على أبعاد جديدة من العلم والفلسفة، وتحدثت معها تحولات في وجهة نظري ومفهومي الشخصي عن هذين الجانبين الحيويين من الحياة البشرية.
- تحديث المفاهيم القديمة واعتناق مفاهيم جديدة تمثلت في توجهات جديدة نحو فهم العلم والمعرفة.
- الاستكشاف العميق لمجالات مختلفة داخل المدارس الفكرية، مما أدى إلى توسع وتعمق رؤيتي العلمية والفلسفية.
- التواصل مع مجموعة متنوعة من الأفراد ذوي الاهتمامات والخلفيات المختلفة، مما أثر على تحولات فكرية ملموسة.
- استخدام الأساليب البحثية المتطورة والمناقشات النقدية في المدارس الفكرية، مما ساهم في تعزيز قدرتي على التفكير النقدي والتحليلي.
- تجارب العمل العملية والتطبيقية داخل المدارس الفكرية، التي ألهمتني لتطبيق المفاهيم والنظريات في الواقع العملي.
في نهاية هذه الرحلة، يمكنني بكل ثقة القول إن المدارس الفكرية غيرت بالفعل وجهة نظري ومفهومي عن العلم والمعرفة بشكل كامل. إنها لم تكن مجرد تجربة دراسية، بل كانت رحلة تحول حقيقية في طريقة تفكيري وفهمي للعالم من حولي. ومع أن الرحلة قد انتهت، فإن تأثيرها يستمر في حياتي اليومية، حيث أجد نفسي أتطلع دائمًا إلى المزيد من الاكتشاف والتعلم، وذلك بفضل تجربتي الثرية داخل المدارس الفكرية.
كيف شكّلت البيئة الثقافية والاجتماعية داخل المدرسة تجربتي الشخصية؟
كنت وحيداً في المدرسه وأقضي أوقاتي إما في دواوين القرية او أذهب الى البرية قريباً من الحدود كي نبحث عن الكمأ (الجمه) ونخرجها من الارض وهي وفيرة في بداية فصل الربيع الذي كانت أمطاره غزيره!!! (سنة حنطة المكسيباك المعفرة والتي فتكت بالفلاحين حين وزعتها الدولة وبدل أن يزرعوها قاموا بطحنها وأستخدامها كطعام)...
تم تعيين ثلاث معلمين من العاصمة بغداد!!! وفي هذه المدارس النائية والبعيدة عن المدينة ليس هناك مجال لعدم توفر الطرقات المعبدة ووسائط النقل لكي نتمكن من الذهاب والاياب، فقط كانت عطله نصف السنه ونهايتها لطول فترة الاجازه!! قلت لهم ارجعوا الى أهاليكم لمدة اسبوع، عند عودتكم على كل واحد منكم علية أن يجلب معه كتب تعبر عن قناعاته بالحياة (هذه المدارس لايصلها سوى من ليس له واسطه او معرفه).
عاد الاول وهو من الثوره وكان العام في بدايه 1971 وهو يحمل معه كتب ماركس ولينين، جارودي، جورج لوكاتش! والثاني يحمل كتب اقتصادنا وفلسفتنا وكانت هذه الكتب مسموح بقراءتها !! وأما الثالث فقد جلب معه كتب الرياضة وجلب معه كرة قدم!!.
تجارب التفاعل: اللقاءات والنقاشات التي شكّلت رحلتي داخل المدارس الفكرية.
بعد الدوام والغذاء نصنعه اثناء الفرص وبعد راحه يبدء النشاط ولدينا سبوره يكتب احدنا سطر من ما يؤمن به وكنا نستخرج من نهج البلاغه اقوال للامام علي كلها تدعوا للعلم واذكر منها!! (العلم مميت الجهل) او (لا عقل لمن لا ادب له) العلم قائد الحلم وكل واحد يبين على قدر ادراكه الخطوط التي تتعارض مع قناعاته.
باستثناء (فلسفتنا) كان صعبا علينا البحث فيه استفدنا من كتاب اقتصادنا في نقد الاقتصاد الراسمالي والماركسي حيث استطاع السيد الصدر(الله يرحمه) ان يتوغل باسهاب في تبيان الاخطاء التي وقعت بها الماركسيه والرائسماليه !!!! ووضع نظريه اقتصاديه اسلاميه بدلا عنها وكان المعلم بارع في رسم الخط الائلامي في الاقتصاد وكان اعتراضنا على قدر فهمنا (هناك قوانين وضعيه من تاسيس المملكه العراقيه تقف بالضد او هناك اقليات دينيه!!؟؟
اما الماركسي فكان اكثر منا عمقا في تفسير الديالكتك وجدليه التاريخ وتطورات المجتمعات بالضد من الاستغلال الطبقي وكنا نجد له او نبحث عن ما يعارض الماركسيه، فنحن مجتمع فلاحي والماركسيه تاتي للعمال، التي فيها يد عامله وكذلك معارضتها للدين، حيث هناك مقولة تعتبر الدين افيون الشعوب، ونحن شعب مؤمن اضافه الى ان الفكر الماركسي بعد لينين لم يظهر رجل بعده ليملاء الفراغ الذي تركه لينين وطبقته، وشي مهم فإن الوطنيه قد غلبت الامميه وخاصه في الحرب الكونيه الثانيه، حيث تقاتل الشيوعين الروس ضد الشيوعين الالمان!!
اما أنا الفقير الى الله الذي يعشق القوميه (القران عربي لغه الجنه عربيه) لم اكن امتلك المصادر التي تساعدني وتعينيني سوى الشعور بالقوميه وان الامه لو توحدت ((انكم امه واحده) لو توحدت لكان لها شان مثل ما بنيت من حضاره (رغم انني مبعد) لكن الانتماء العربي والشعور بوحدة الأمه بغض النظر عما لحق بي لم يغير قناعاتي!! الاشتراكيه العربيه ردة فعل للاشتراكيه الماركسيه (لان الاشتراكيه واحده) وليس هناك مصادر تساعدني وتعينني على مواصله النقاش او احمل سلاحا فكريا اقف به او اقنع الاطراف الاخرى !!؟؟
كانت الحوارات مجدية رغم اختلاف الفكر فكان ما آل بهم المصير.
اختلاف الفكر بيننا زاد من تقاربنا ولم نكن نشعر باننا في يوم ما ان احدنا قد اساء اوغضب رغم أني كنت اؤمن بـ(ان اضعف الثمار اسرعها سقوط من الشجر) .