recent
أخبار ساخنة

شتان بين من يعمّر ومن يدمّر: مفارقة بين زيارات ترامب وقآني

Site Administration
الصفحة الرئيسية

شتان بين من يعمّر ومن يدمّر: مفارقة بين زيارات ترامب وقآني

المشهد الخليجي والعراقي في مرآة الزيارات السياسية: تبدأ المفارقة من حيث تبدأ النوايا. حين زار الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية، حمل معه وفدًا لا يقل أهمية عن الرئاسة نفسها، وفد من كبار رؤساء الشركات العالمية والتكنولوجية والاقتصادية، وكأن السياسة قد تحوّلت إلى بوابة استثمار وتحالفات اقتصادية تعيد تشكيل المنطقة. لم تكن الزيارة مجرّد مجاملة دبلوماسية أو خطاب بروتوكولي، بل كانت أشبه بمؤتمر اقتصادي عالمي على أرض عربية، يرسّخ الشراكة ويخلق فرصًا تعود على الأجيال القادمة.

شتان بين من يعمّر ومن يدمّر: مفارقة بين زيارات ترامب وقآني
شتان بين من يعمّر ومن يدمّر: مفارقة بين زيارات ترامب وقآني

في الجهة المقابلة، حين زار إسماعيل قآني — خليفة قاسم سليماني — العاصمة بغداد، لم يحمل معه وفودًا استثمارية أو خططًا لإعمار البلاد، بل رائحة البارود وعناوين الغموض، ونوايا سياسية تسعى لاستمرار النفوذ الإيراني في العراق، لا لبناء الدولة بل لتقويضها من الداخل.

في وقت تتطلع فيه دول الخليج لبناء المستقبل واستثمار الطاقات، نرى العراق يُستنزف سياسيًا واقتصاديًا تحت عباءة النفوذ الإيراني، ويُحرم من دوره الطبيعي كدولة ذات سيادة.

بين السياسة والبزنس.. ترامب يزور السعودية

زيارة ترامب للسعودية لم تكن حدثًا عابرًا، بل تحوّلت إلى محطة تاريخية في العلاقات بين الرياض وواشنطن. اصطحب ترامب معه وفدًا من رؤساء كبرى الشركات الأمريكية مثل لوكهيد مارتن، وجنرال إلكتريك، وإكسون موبيل، وأمازون. لم يكن الوفد مجرد حضور صامت، بل شارك في اجتماعات وصفقات تم الإعلان عنها في مؤتمر "الرؤية السعودية-الأمريكية"، الذي أسفر عن عقود بمليارات الدولارات.

الرسالة كانت واضحة: الولايات المتحدة ترى في الخليج بيئة استثمارية واعدة، والسعودية تقود تحولاً اقتصاديًا حقيقيًا عبر "رؤية 2030"، وهي الرؤية التي جاءت كخطة إنقاذ وتنمية تفتح الباب أمام التحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متنوع ومستدام.

لم يقتصر الأمر على الاقتصاد فقط، بل شمل أيضًا ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب والتعاون التكنولوجي والتعليمي. وهنا يبرز الفارق الجوهري: السياسة في هذه الزيارة لم تكن أداة للهيمنة، بل وسيلة لتوسيع الشراكة والفرص.

قآني في بغداد.. مشروع موت أم نفوذ؟

في الطرف الآخر من الصورة، جاءت زيارات إسماعيل قآني إلى بغداد بلا ضجيج اقتصادي، ولا حضور لأصحاب المصالح الدولية، بل جاءت حافلة باللقاءات الغامضة مع قادة الميليشيات وأحزاب السلطة الموالية لطهران. لم يوقّع قآني اتفاقيات، ولم يعلن عن مشاريع تنموية، بل اكتفى بتأكيد "دعم إيران لاستقرار العراق"، وهو تصريح بات مستهلكًا ومتناقضًا مع الواقع.

الزيارات المتكررة لقآني غالبًا ما تسبق أو تلي أحداث أمنية أو سياسية حساسة. وكأن زيارته ترتبط بتوزيع الأدوار داخل العراق لا أكثر، وتوجيه دفة القرار العراقي نحو أجندة خارجية لا تمثّل مصلحة الشعب.

لا نرى في زيارات قآني أي بشائر للبناء أو التقدم، بل تمثل استمرارًا لنهج التدخل الذي بدأه سليماني وانتهى باغتياله على يد الطيران الأمريكي، ليخلفه قآني في مهمة أقل صخبًا وأكثر خفاءً، لكنها تحمل نفس الهدف: ضمان بقاء العراق رهينة لنفوذ طهران.

ترامب في الرياض: كيف تتحول السياسة إلى استثمار؟

زيارة ترامب فتحت شهية الاستثمارات الأمريكية في الشرق الأوسط، وغيّرت نظرة واشنطن إلى المنطقة من كونها مجرد منطقة نفط وصراعات، إلى شريك اقتصادي حيوي. تم توقيع اتفاقيات تتعلق بالبنية التحتية، الدفاع، الصحة، الطاقة، والتعليم، إضافة إلى اتفاقيات شراكة في قطاع الذكاء الاصطناعي والبرمجيات.

أحد أبرز نتائج الزيارة كان إنشاء "المجلس الأمريكي-السعودي للتعاون الاستراتيجي"، الذي أصبح منصة لتنظيم المشاريع المشتركة ومتابعة تنفيذها، وجذب الشركات الكبرى للاستثمار في السعودية، وخلق مئات الآلاف من فرص العمل.

لم يكن ذلك محض صدفة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي متكامل يربط السياسة بالاقتصاد، ويجعل من العلاقة مع الولايات المتحدة نقطة ارتكاز لنمو داخلي، لا تبعية خارجية.

قآني في بغداد: مشروع هيمنة أم استثمار دموي؟

على عكس النموذج الأمريكي، لا تملك إيران ما تعرضه على العراق سوى البارود والعقيدة. لم تأتِ زيارة قآني بأي خطة لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحروب والميليشيات. لم نرَ شركات إيرانية عملاقة تُعلن عن مشاريع تنموية في العراق، بل على العكس، تتهم طهران مرارًا بتشجيع الفساد والسيطرة على مفاصل الدولة عبر ميليشيات مسلّحة.

تاريخيًا، لم تبنِ إيران سوى السجون والميليشيات والمقابر الجماعية في كل بلد دخلت فيه. وهذا ما يتكرر في العراق منذ 2003 حتى اليوم. فكل زيارة لقآني تليها تحركات لكتائب مسلحة، أو قرارات حكومية مشبوهة، أو اغتيالات تطال النشطاء والمستقلين.

لذا، فالسؤال لم يعد: ماذا تحمل زيارات قآني للعراق؟ بل: كم من الوقت يحتاج العراق ليتحرر من آثارها الكارثية؟

الفرق في الرؤية: حكومات تسعى للتنمية وأخرى للتمكين الطائفي 

في جوهر كل نظام حُكم، توجد رؤية تحكم سلوكه وتوجه قراراته. إن الفرق بين دول الخليج التي تسعى لبناء المستقبل، وبين الحكومات العراقية المتعاقبة التي تقبع تحت تأثير الأحزاب الطائفية والميليشيات، هو فرق في الفلسفة قبل أن يكون في الإمكانيات. فدول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر، أدركت مبكرًا أن الثروة لا تعني شيئًا إن لم تتحول إلى استثمار في الإنسان والبنية التحتية والتنمية الشاملة. ولهذا وضعت خططًا طموحة مثل رؤية 2030 السعودية، ورؤية 2050 الإماراتية، وكثّفت من الاستثمارات في التعليم، التكنولوجيا، الطاقة النظيفة، والسياحة.

أما في العراق، فقد تحوّلت الدولة إلى ساحة لتقاسم النفوذ بين الفصائل المسلحة، وأداة بيد قوى إقليمية لا تؤمن بدولة المؤسسات. الأحزاب الموالية لإيران لا تنظر إلى الحكم كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية، بل كغنيمة لتوسيع سلطتها وتمكين أذرعها المسلحة. فكل وزارة تُدار بعقلية الولاء لا الكفاءة، وكل مشروع يُمرر بتفاهمات سياسية لا بخطط اقتصادية. النتيجة؟ بنية تحتية مدمرة، بطالة مرتفعة، وشباب يهاجر أو يُدفن في مقابر المجهولين.

بينما الخليج ينجز مشاريع بمليارات الدولارات لخلق فرص العمل وتنويع مصادر الدخل، نجد العراق عاجزًا عن توفير كهرباء مستمرة، أو ماء صالح للشرب، رغم موارده الطبيعية الغنية. وهذا الفرق في الرؤية هو ما يصنع الفرق في المستقبل.

دور إيران التخريبي مقابل الحراك الاقتصادي الخليجي

من أكثر ما يلفت الانتباه في هذه المقارنة بين الخليج والعراق هو طبيعة الدور الخارجي في كل حالة. في الخليج، تأتي الدول الكبرى من الشرق والغرب لتبني شراكات اقتصادية واستراتيجية: أمريكا، الصين، ألمانيا، اليابان، وكلها تبحث عن فرص في سوق واعد ينمو بسرعة. تسعى هذه الدول لتحقيق المصالح المتبادلة: استثمار مقابل أمن واستقرار. أما في العراق، فإن الدور الإيراني يقتصر على تفكيك الدولة لصالح تمكين ميليشيات تتبع لـ "ولاية الفقيه"، وهو مشروع أيديولوجي لا يؤمن بالحدود ولا بالدولة الوطنية.

إيران لا تقدم للعراق أي نموذج تنموي يُحتذى به، بل تعمل على تكرار نموذجها: دولة خاضعة لمؤسسات موازية تملك السلاح وتتجاوز على القانون، وتُدار بعقلية أمنية قمعية. فبدل أن تساهم طهران في بناء المدارس والمستشفيات، نجدها تموّل الحسينيات والمليشيات. وبدل أن ترسل مستثمرين، ترسل رجال استخبارات.

الفارق الجوهري بين الحراك الاقتصادي الخليجي والدور التخريبي الإيراني يكمن في أن الأول يعزز سيادة الدولة، بينما الثاني يُضعفها ويجعلها رهينة لصراع إقليمي لا يخدم سوى مشروع الهلال الطائفي الذي ينهار تحت ضربات الشعوب ووعيها المتزايد.

إلى متى يبقى بعير قآني على التل؟ العزلة الإيرانية وصداها في العراق

إيران اليوم ليست كما كانت قبل عشر سنوات. فالدولة التي كانت تصدّر مشروعها الأيديولوجي إلى أربع عواصم عربية، باتت تعاني من حصار اقتصادي، وغضب شعبي داخلي، وانهيار في عملتها، وعزلة سياسية متزايدة. فبعد عقوبات أمريكا، وخروج الشركات الأوروبية من السوق الإيراني، وانكشاف دورها التخريبي في سوريا واليمن ولبنان، لم يعد لطهران سوى أن تتشبث بما تبقى لها من نفوذ في بغداد.

لكن هذا النفوذ بدأ يتآكل. فالشعب العراقي بات أكثر وعيًا بخطورة هذا التدخل، وأصوات الاحتجاجات في أكتوبر 2019 كشفت عمق الرفض الشعبي لكل ما له علاقة بإيران. وسقوط سليماني كان ضربة معنوية كبيرة لمشروع "الهلال الشيعي". ومع بقاء قآني على التل، أي في موقع المتفرج الذي ينتظر أوامر الولي الفقيه، بدأت أدوات إيران في الداخل العراقي تفقد فعاليتها، وبدأ الحلفاء أنفسهم يُراجعون حساباتهم.

العراق دولة عظيمة بمواردها وإنسانها وتاريخها. لكنه اليوم يعاني من احتلال غير معلن، يمثله قآني وأتباعه الذين يسيرون بالبلاد إلى حافة الهاوية. إلى متى؟ سؤال يطرحه العراقي البسيط، ويخشى أن يجد له إجابة دامية إن لم يتحرك الوعي الشعبي والوطني.خيارات الشعب العراقي أمام ارتهان القرار

الشعب العراقي اليوم أمام مفترق طرق. إما أن يستمر في الصمت، فيتغوّل النفوذ الإيراني وتتحول بغداد إلى "نوتيلا" تابعة لقم، أو أن ينتفض مجددًا ليعيد للدولة هيبتها وسيادتها. الإرادة الشعبية هي الفيصل الوحيد القادر على كسر هذا القيد، تمامًا كما كسرت شعوب أخرى قيد الاستبداد والوصاية الأجنبية.

الشعب العراقي لا يفتقر للبطولة ولا للتاريخ، بل يفتقر لقيادة سياسية حقيقية تعبّر عن تطلعاته وتكون حرة من التبعية الخارجية. عليه أن يُعيد بناء ثقة داخلية وطنية تتجاوز الطائفة والمنطقة والحزب، وتُعيد تعريف الدولة العراقية ككيان موحد يخدم الجميع.

المواجهة لن تكون سهلة، فقآني لا يحمل وردًا في زيارته، بل مشاريع دموية، وأموالًا تُصرف على الخراب لا البناء. لكن التاريخ أثبت أن الشعوب حين تقرر، لا يقف أمامها أحد، لا بعير ولا بعيري!

الاستثمار في المستقبل مقابل الاستثمار في السلاح

حين تتأمل المشهد العربي اليوم، تجد أن هناك معادلتين متناقضتين تمامًا. معادلة الخليج التي تقوم على الاستثمار في الإنسان، وتحويل الثروات إلى مشاريع تنموية ضخمة؛ ومعادلة العراق-الإيرانية التي تقوم على الاستثمار في السلاح والميليشيات والولاءات العابرة للحدود.

دول الخليج تخصص ميزانيات هائلة لبناء مدن ذكية كـ"نيوم" و"الرياض الجديدة"، وتنفق على التعليم العالي والابتكار، وتشجّع رواد الأعمال والمشاريع الناشئة. إنهم يفكرون في الـ50 سنة القادمة، ويخططون لما بعد النفط، بينما العراق غارق في ديون متراكمة وفساد مستشرٍ، ولا يزال يفكر كيف يدفع رواتب موظفيه.

الفرق ليس فقط في التمويل، بل في الذهنية. دول الخليج تقودها حكومات ذات رؤية، تدير الأمور بعقلية المؤسسات، وتُحاسب المسؤول. بينما العراق، للأسف، تديره أحزاب طائفية، تتقاسم الوزارات كغنائم حرب، وتُسيّر مؤسسات الدولة وفق منطق المحاصصة لا الكفاءة. لذلك ترى الفارق الصارخ بين ناطحات السحاب في دبي، والانفجارات اليومية في بغداد.

بين نوتيلا بغداد ونيوم السعودية

لنأخذ مثالين رمزيين. "نيوم" المدينة الذكية التي تعكف السعودية على بنائها في شمال غرب البلاد، مشروع سيغيّر وجه المنطقة، ويجعلها واحدة من أكثر المناطق جذبًا للاستثمار والسياحة والتكنولوجيا عالميًا. مدينة تعتمد على الطاقة المتجددة، وتوفر بيئة معيشية رقمية ومستدامة، وتطمح لأن تصبح مركزًا عالميًا للابتكار.

في المقابل، نسمع عن "نوتيلا بغداد"، وهو تعبير ساخر بدأ ينتشر للإشارة إلى تلك المشاريع الشكلية التي لا تتجاوز طلاء الأرصفة أو تعليق أضواء تزيينية، فيما تعيش معظم مناطق العاصمة في ظلام دامس، وسط تدهور البنية التحتية، وغياب الخدمات الأساسية.

الفرق بين نيوم ونوتيلا ليس فقط في التمويل، بل في النية. نية تعمير وبناء مستقبل في الأولى، ونية خداع وتسويق زائف في الثانية. النتيجة أن الشباب الخليجي بدأ يرى مستقبله في بلده، بينما الشباب العراقي يهاجر، أو يفكر في الانتحار، أو ينخرط في ميليشيا لأنه لا يرى بديلًا.

مستقبل العراق بين فكي التبعية والفرصة

رغم كل هذا السواد، فإن العراق لم يمت، بل لا يزال ينبض بالأمل. أرض الرافدين لا تزال تملك أعظم ما تملكه الأمم: الإنسان. الشباب العراقي اليوم أكثر وعيًا، وأكثر جرأة في المطالبة بحقوقه، وأكثر تحررًا من الخطاب الطائفي الذي دمّر البلاد.

الفرصة لا تزال قائمة، لكن يجب أن يُكسر القيد الإيراني، ويُعاد بناء الدولة من جديد. يجب أن تعود سيادة القرار العراقي، وأن تُحلّ الميليشيات، وتُبنى مؤسسات الدولة وفق معايير الكفاءة والنزاهة.

كما يمكن للعراق أن يكون مركزًا اقتصاديًا وتجاريًا يربط الخليج بالشام، ويستعيد دوره الحضاري التاريخي كجسر بين الشرق والغرب. لكن ذلك لن يحدث ما دام القرار مرتهنًا بيد قآني، والسلاح خارج سلطة الدولة.

العراق ليس هشيمًا.. بل وطن يستحق الحياة

من الظلم أن نختزل العراق في مشهد الدم والدخان. فهو بلد الأنبياء، والحضارات، والعلماء، والشعراء. بلد أنجب السيّاب والمتنبي والجواهري، بلد أول قانون وأول مكتبة. بلد لا يموت، لكنه يئن تحت وطأة الفساد والارتهان.

العراق بحاجة إلى مشروع وطني جامع، يعيد له روحه ودوره. مشروع يُلغي الحواجز الطائفية، ويُعلي مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب أو المذهب أو العِرق. وهذا لن يتحقق إلا إذا اتحدت إرادة الشعب، وخرج من عباءة التبعية، وقال: "كفى".

حينها فقط، يمكن لبغداد أن تنافس الرياض، ويمكن للمثنى أن تُشبه أبوظبي، ويمكن لنينوى أن تتفوق على الدوحة. نعم، الأمر ممكن. فقط حين نؤمن أن العراق يستحق أن يعيش، لا أن يُستعمل كأداة في صراع الآخرين.

شتان بين من يعمّر وبين من يدمّر

  نعود إلى العنوان، إلى المفارقة الجارحة التي تختصر كل المقال: شتان بين من يعمّر لأجل أجياله، ويبني، ويخطط، ويخوض شراكات تنموية؛ وبين من يدمّر، ويستغل الشعوب، ويزرع الكراهية والتقسيم والخراب.

الفرق لا يحتاج إلى محللين ولا خبراء. يكفي أن تقارن صورة ترامب في الرياض وسط رجال الأعمال، بصورة قآني في بغداد بين زعماء الميليشيات. الأولى ترمز إلى الرخاء والشراكة، والثانية ترمز إلى الظلام والدم. الرهان الحقيقي هو على وعي الشعوب، فحين تستيقظ، لا يمكن لأي قآني أو حتى ولاية فقيه أن توقفها.

العراق بين حلم النهضة وكابوس النفوذ

العراق اليوم يقف على مفترق طريق لا يحتمل التردد أو الغموض. ما بين حلم نهضة كانت ممكنة، وكابوس نفوذ خارجي يستنزف كل مقومات الدولة، يُطرح السؤال الكبير: إلى متى سيبقى العراق ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية؟ إلى متى سيبقى القرار السيادي يُصاغ في طهران ويُنفذ في بغداد؟ إلى متى ستظل الميليشيات تملك من السلطة ما لا تملكه الدولة نفسها؟

شتان بين من يطمح لبناء مستقبل، وبين من يُسخّر الحاضر لخدمة أجندات عقائدية متحجرة. دول الخليج تنظر للأمام، وتستثمر كل يوم في الإنسان والبنية التحتية والمستقبل. في المقابل، يُركّز من يتحكم في القرار العراقي على البقاء في السلطة بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن.

لكن الأمل لم يمت. لا يزال العراق يملك فرصة، لكنه بحاجة إلى أن يتحرر أولًا من أسره الطائفي، ومن سيطرة الأجندة الإيرانية، ومن طبقة سياسية لا ترى في الوطن سوى غنيمة. فقط حين يستعيد العراقيون زمام المبادرة، يمكن للبلد أن ينهض من جديد، ويصبح شريكًا في النهضة لا شاهدًا على الانهيار.

العراق ليس تابعًا لأحد. إنه قلب الشرق، ومنبع الحضارات، ومصدر الإبداع. يستحق أكثر من أن يُحكم بالوكالة أو أن يتحكم في مستقبله "بعير على التل" لا يرى من الوطن سوى غنائم السياسة.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

لأنه يتجاوز الإطار الدبلوماسي ويتغلغل عبر الميليشيات والأحزاب الطائفية، مما يُفكك مؤسسات الدولة ويقوّض سيادتها، ويعطل التنمية والاستقرار.

. ".

ترامب زار السعودية برؤية استثمارية واقتصادية مدعومة برجال أعمال عالميين، بينما قآني يزور العراق لإدارة نفوذ عسكري وأمني دون أي رؤية اقتصادية أو تنموية.

نعم، إذا توحد الشعب، وظهرت قيادات وطنية صادقة، وتم تحييد السلاح خارج الدولة، وتعزيز سيادة القانون، فبإمكان العراق استعادة قراره السيادي.

أبرزها الفساد، السلاح المنفلت، الولاءات الخارجية، الطائفية السياسية، وغياب المشاريع التنموية الواضحة في ظل حكومات متعاقبة بلا رؤية. .

بفصل الدين عن السياسة، وحصر السلاح بيد الدولة، وإعادة هيكلة النظام السياسي، والاستفادة من الخبرات الخليجية في الإدارة والاقتصاد، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية. .

google-playkhamsatmostaqltradent