"وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب"
التحدّي المعنوي الفكري الشعري الخالد؛ وليس بالتّحدّي الجسدي الخبيث الفاني- كريم مرزة الأسدي، قصيدة تتـزعْزعُ الدّنْيا/ متكونة من خمسة وخمسون بيتاً على (البحر الكامل):-
مالتْ عليكَ الحـــادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
لنْ ترْكعَ الهاماتُ حتّى حتفها
خسئ الذي والى سواكَ ويركعُ
يا موطني قدْ كان أمسكَ ساطعاً
إنْ زلَّ يومكَ، ذا غدٌ فستسطعُ
يا موطني كمْ ذا حسبتكَ جنّتي
منْ بعدِ أرضِك كلُّ أرضٍ بلقعُ
روعاً لنفحكَ ، إذ يطلُّ صباؤه
يهبُ الحياةَ وأنتَ أنتَ الأروعُ
هذي هـي البيداءُ شرعٌ تُربُها
وطنٌ يوحّدنا ، وضـادٌ يجمع
لغةٌ تفيضُ بها الخواطرُ لمحةً
تأتي القوافي،والقريضُ يقطّعُ
يكفيكَ فخراً أنْ تهـزُّ قوادماً
كالنسرِ يشـمخُ للسـما، إذ يقلعُ
يا حنكة الدّهـرِالذي في أعصـر
قـد كان وتـرَ زمانهِ لا يشفعُ
يا كربلاءَ السبطِ ، كوفةَ جندِهِ
يا أيّــــــها الزهدُ (البطينُ الأنزعُ)(1)
يا عصرَهارونٍ، حضارةَ بابلٍ
يا أرضَ عبقرَ،إذ يــــحلّ (الأصمعُ)(2)
للهِ أــــتَ ، وللمعــين نميـرهُ
لتفيض والأحـرارُ حــولك تـكرعُ
يستكثرون عليكَ مجداً،مجدهمْ
يبنى على مجدٍ،ومجدكَ مصنعُ
مالتْ عليكَ الحادثاتُ وتبـدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيـا ولا تتزعْزعُ
كـم يــــخدع الـــدنيا جهـــامٌ كاذبٌ
زان الــــــجهامَ لنـاظريهِ مشعشعُ
مـــا بـــــين داعشَ والمراسيمِ التي
رُسمتْ لهم، باعوا العراقَ،وبُوْيعوا
أنّــى لكــــم تستعبدون حــــــــرائرا؟!
نهجٌ مــن(الفاروق) أنْ تـتورّعــوا (3)
أخلاقهم مـــاتتْ ، وماــتَ ضميرهمْ
يا بئس مــــــــا فقد اللئامُ وشيّعوا
قد شيّعوا كـلّ المروءة و النّهى
إنّــــــا لها ، ولكلّ خيـرٍ منبعُ
(لا تطــــربنّ لطبلها فــــــطبولها
كانت لـــــغيركَ قبلَ ذلكَ تقرعُ) (4)
مالتْ عليكَ الحادثاتُ وتبـدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا،ولا تتزعْزعُ
*********************
زعــــمَ الردى أنّ العـراقَ مرابعٌ
ابشـرْ بوحدة شعبنا يا مربعُ !! (5)
يــــتهافتون عليكَ ضيعةَ عـــاجزٍ
يا ويلهم لـو أدركوا ما ضيّعوا
زمــــــــنٌ يشيبُ لـهُ الوليدُ فظاعةً
كمْ من رؤوسٍ في العراقِ وتقطعُ !
( ومشت تصنفنا يد مسمومــة
متسنّنٌ هـــــذا وذا متشــيع) (6)
ما زالــــتِ القتلى تـمـجّ دماءها
وبقى كعهدكَ -يا جريرُ-الأفظـعُ (7)
العـــــدلُ شيمتنا، ورحمةُ أحمدٍ
سُـورُ الكتابِ بهـا يطلّ المطلعُ
إيهٍ!!! بني الإسلام هــذا دينكمْ
بالسلم قدْ حيَّ العبادَ ، ويشرعُ
مالتْ عليكَ الحادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
يا موتُ:إن الموتَ حقٌ للفدا
مهد الهدى،قيمَ الشهادةِ نرضعُ
إنْ فاضتِ الأرواحُ من أجسادها
سيّانَ تـــهجعُ مبسماً ،أو تــدمعُ
عــــاشَ الشهيدُ بأرضهِ وسمائهِ
روحاً ترفرفُ بالعلالي تنصـعُ
سهلاً كصحراء العـراق بساطةً
وإذا يـجدُّ الـجدُّ ،أنـت الألــمعُ
مــــالتْ عليكَ الحادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
(جيشُ العراقُ ولمْ أزلْ بك مؤمناً
وبأنّك الأملُ) الـــــــــذي لا يخدعُ (8)
يا خالقَ الإبداعِ في سلمٍ، وفي
حربٍ تكرُّ لها،وغيركَ يهرعُ
(حمل الفرات بها إليك نــخيله
ومشى بدجلة)،والفيافي تُقطعُ (9)
(هذا العراق وهذه ضـرباتهُ)
من قبل ألفٍ قلبـــهُ لا يُخلعُ (10)
للــــــــــعزِّ خيطٌ واللبيـبُ يبينهُ
ما الفرق بيــن الذلِّ إلاّ أصبعُ
مالتْ عليكَ الحـــادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
يا أيّها الشّعبُ الــــذي يتوجّـعُ
ممّن يعيشُ بتخمــةٍ ويـــشـبّعُ
عــاثـوا tساداً بالبلاد وأهـلها
فلكلّ لــصٍّ في لصوصهِ مطمعُ!
حكموا وما حكموا بعدلٍ يُرتجى
طاغـــــوتهمْ قدْ شطّروهُ ولعلعوا
(كثرت دوائــــرهم وقــــلّ فَــعالها
كالطبل يـــــكبُر وهو خالٍ ) يقرعُ (11)
(عـــــــلمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمّـــــةٍ)
زيفٌ على المعنى الصحيحِ وبرقعُ (12)
(المجد يــــحتقر الــجبان لأنـه
شرب الصدى وعلى يديه المنبع) (13)
(قـــــــــــد كان للعرب الأكارم دولة
من بأسها الدول العظيمة) تخضعُ (14)
مالتْ عليكَ الحـــادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
خمسون عاماً قد صففنا جُهْدها
وجهادها دمّـــاً لمـنْ يتـــــربّعُ
نــحنُ- وإنْ طالَ البعادُ - بقربهم
ولسانُ حال الشعبِ لا يتضعْضعُ
نــرمي تـفاهـات الـحياة لأهـلها
وطنٌ يُبـــاعُ ، وعينُ غيبٍ تدمعُ
مالتْ عليكَ الحـــادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
يا أيّها التصحيح،صحّح ما خفى
مــن سابقيكَ، لديكَ شعبٌ مرجعُ
إيّــاكَ والتقسيم تـــــــــفرقةً لِما
لغمتْ لجمعٍ ، والهدى ما يُجمعُ
سجّلْ لتاريخٍ وأجيــــالٍ عُــــلاً
نحنُ الأبـــــاةُ بذي الحيا نتبرّعُ
زهد (الإمام) ، وعدل(فاروق) الورى
وشهادةُ (السبطِ) الـــــــذي نتطلّع
مالتْ عليكَ الحـــادثاتُ وتبدعُ
تتـزعْزعُ الدّنْيا، ولا تتزعْزعُ
الشاعر العراقي : كريم مرزة الأسدي
- (1)البطين الأنزع هو نعت للإمام علي (ع) ، يقول السبط بن الجوزي: (ويسمى علي (ع) البطين لأنه كان بطينًا من العلم، وكان يقول لو ثُنيت لي الوسادة لذكرتُ في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم حمل بعير، ويسمى الأنزع لأنه كان أنزع من الشرك ) ، ويعتبر إمام الزاهدين في الإسلام، عاش حياته كلها متقشفاً زاهداً ، وتأثر به الصحابة الكبار كأبي ذر وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر وحذيفة اليمان ، المهم لماذا لم ينهج نهجه كبار رجال السلطة في عراق اليوم ؟!!!
- (2) (الأصمع ) ، إشارة للأصمعي ، وهو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي ، ولد وتوفي بالبصرة (121 - 216 هـ / 740 - 831م) ، راوية العرب الشهير ، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان ، بزغ نجمه في العصر العباسي الأول منذ عصر المنصور حتى وفاته أواخر عصر المأمون ، وكان نجماً في عصر الرشيد .
- (3) إشارة لقول الخليفة عمر بن الخطاب ( رض) الشهير " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) ، وقصة ابن عمرو بن العاص مع ابن القبطي المصري معروفة ، وابن الأكرمين والسوط .. وتسامح الخليفة كثيرا مع أهل الكتاب وكنائسهم وأديرتهم ومعابدهم ، الإسلام دين تسامح ورحمة وعدل ، وإلا كيف انتشر ؟ وكيف وصل إلينا المسيحيون واليهود والمندائيون والإيزيديون إلينا عبر العصور الإسلامية ؟ وكيف هجروا واستبيحت أموالهم وديارهم ، وهدمت كنائسهم ومعابدهم هذه الأيام على يد داعش ، وباسم الإسلام ؟!!!!
- (4) ، (6) ، (13) : تضمين لأبيات الوائلي من قصيدة له في مؤتمر الادباء العرب الخامس/بغداد/ (رسالة الشعر) 1965..من الكامل أيضاً مطلعها:
لغد سخي الفتح ما نتجمع *** ومدى كريم العيش ما نتوقع
- (5) ، (7) إشارات وتضمين لبيتي جرير مع تباين الاستعارات والمدلولات:
- (8)، (9) ، (10) : تضمين لأبيات الجواهري من قصيدته ( جيش العراق ..) التي نظمها الجواهري عقبى ثورة 14 تموز 1958 م ، الأبيات هي :
- (11) ، (12) ، (14) :تضمين لأبيات الرصافي من قصيدته ( أنا بالسياسة والحكومة أعرف):
**********************
مع تحيات
كادر مجلة شهربان الثقافية