حرب تشرين 1973" من مذكرات النقيب الطيار خلدون خطاب بكر.
الجزء الأول.
مدونة عن مشاركات الجيش العراقي الباسل في حرب تشرين ١٩٧٣ من مذكرات النقيب الطيار خلدون خطاب بكر آمر السرب الأول - في القوة الجوية العراقية.
تسلط هذه المدونة الضوء على مشاركة القوة الجوية العراقية ودورها الفعال في حرب تشرين على الجبهة السورية للفترة من 8 تشرين1 1973أول لغاية وقف إطلاق النار في 22 تشرين 1 منه.
مذكرات النقيب الطيار خلدون خطاب قد تم أستلال هذا الجزء من الكتاب المخطوط الخاص بحياة الفريق الطيار الركن خلدون خطاب الشخصي والمهني. لا يزال هذا الكتاب لم يرى النور ففية من الاحداث التي تتعلق بتاريخ العراق الحديث.
المقدمة من مذكرات حرب تشرين1973.
.١. كما هو معروف للذين عاصروا الفترة التي تلت انتكاسة الأمة العربية في 5حزيران عام 1967في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب.
بعد فشل جميع الوساطات الدولية وأشهرها وساطة الأمريكي "روجرز " لإجبار هذا الكيان على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بعد الحرب ...
حيث عمل الكيان الصهيوني ومن وراءه الولايات المتحدة على استغلال حالة الضعف والانتكاسة التي حلت بالعرب لفرض شروط وخلق واقع جديد.
من خلال استغلال منطوق قرار مجلس الأمن المرقم 242 والذي ينص في ديباجته بعد ترجمته من الانكليزية إلى العربية ( على انسحاب إسرائيل من أراض محتلة .... إلى آخره) بدلا من ( الانسحاب من الأراضي المحتلة ... إلى آخره ) والفرق بين المنطوقين واضح جداً.
وان هذا يعطي للصهاينة المبررات للتملص من تطبيق القرار موضوع البحث وفق ما تقره الشرعية الدولية وقوانين الأمم المتحدة التي تحرم الاحتفاظ بالأراضي المستولى عليها بالقوة .
.٢. إزاء هذا الواقع المرير والتأمر الاستعماري الصريح على الحقوق العربية وعلى رأسها قضية العرب المركزية فلسطين وحق شعبها السليب منذ اغتصابها بمؤامرة تقسيمها عام 1948.
وبهدف تجنب تكريس واقع الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية المحتلة وإزاء تزايد ضغط الشعب العربي لتحرير الأراضي المحتلة وإزالة آثار نكسة 5 حزيران67.
كان لابد من دول المواجهة المعنية مباشرة بالقضية (مصر وسوريا العربية) من إعداد العدة والاستعداد لخوض جولة صراع مسلح رابعة في مواجهة الكيان الصهيوني لتحرير الأراضي العربية المحتلة وفق مفهوم ( إن الذي يؤخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة ) !...
وهو مفهوم اثبت صحته عبر الحقب التاريخية والشواهد على ذلك كثيرة منها نضال شعبي الجزائر وفيتنام في تحرير بلديهما من المحتلين الغاصبين بقوة السلاح.
أو وفق مفهوم اضعف الإيمان (بالعمل على تحريك الجمود الذي طرأ على عملية تنفيذ قرار مجلس الأمن ذو الصلة بالانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة نتيجة حرب حزيران عام 1967 والذي وصل في الواقع إلى طريق مسدود).
٣. يبدو إن قادة القطرين العربيين المصري والسوري قد أدركا وبشكل لا يقبل الشك أن الكيان الصهيوني المغتصب لم ينفك عن السعي لكسب مزيد من الوقت لترسيخ واقع الاحتلال ومد جذوره في الأراضي العربية المحتلة بعد حرب حزيران.
والمتمثلة في بناء مستوطنات غير شرعية وإنشاء القواعد العسكرية والعمل على تغيير ديموغرافية المناطق العربية المحتلة بحيث يصعب مع مرور الزمن مواجهة هذه التغييرات.
لذلك كان لابد من عمل عسكري موحد ومنسق لإفهام الكيان الصهيوني المعتدي ومن يقف وراءه، بأن العرب قادرون إذا ما وحدوا صفوفهم على استرداد حقوقهم بالقوة مادام المجتمع الدولي لا يذعن إلا لهذا المنطق وهكذا كانت فاتحة حرب 6 تشرن عام 11973.
٤. تلخصت فكرة العمليات خلال حرب تشرين من وجهة نظر القيادتان السورية والمصرية بتنفيذ تعرض إستراتيجي واسع ومنسق على القوات الصهيونية في الجبهتين المصرية والسورية.
وذلك بقيام القوات المسلحة المصرية بتنفيذ عملية إقتحام عزومة بهدف تدمير (خط بارليف الحصين) والاستيلاء على رؤوس جسور بعمق 10 إلى 15 كم على الضفة الشرقية من قناة السويس.
وتكبيد العدو الإسرائيلي اكبر خسائر ممكنة مع الاستعداد لصد هجمات العدو المقابلة المتوقعة والتهيؤ بعد ذلك لتنفيذ أي مهام قتالية لاحقة في عمق سيناء المحتلة.
منها تطوير الهجوم والاندفاع شرقا باتجاه المضايق اعتماداً على تطورات الموقف وردود فعل العدو حينها ..
وفي نفس الوقت تنفذ القوات العربية السورية تعرضاً لغرض إقتحام دفاعات العدو الحصينة ومنها خط (الون) في المنطقة المحتلة من ارض الجولان والعمل على تدمير القوات الإسرائيلية المتحصنة فيه.
والاندفاع غربا باتجاه (نهر الأردن وبحيرة طبرية) وإقامة خط دفاعي عند حدود النهر والبحيرة لصد الهجمات المقابلة للعدو بعد استكمال تعبئة قواته الاحتياطي (التي تستغرق تعبئتها بين 48 إلى 72 ساعة)...
وكان من المتوقع بعد ذلك وحسب تقدير القيادتين المصرية والسورية أن تبادر الدول الأعضاء في مجلس الأمن لإيقاف إطلاق النار بين الطرفين العربي والصهيوني وذلك بعد أن تكون القوات العربية المشتركة قد خلقت واقعا جديدا على الأرض.
مما يعيد الأزمة التي طال زمنها إلى بؤرة الاهتمام العالمي , وإعادة الحق إلى أصحابه استنادا إلى الشرعية الدولية وقوانين الأمم المتحدة.
مساهمات الجيش العراقي في حرب تشرين 1973
وهذا أمر يخص تصور القيادتين المصرية والسورية في حينها ويتعلق كذلك بالكتمان بهدف تحقيق المفاجأة الإستراتيجية وهي مبدأ مهم من مبادئ الحرب لغرض تحقيق النصر.
إلا أن القيادة العراقية وحال اندلاع الحرب قررت المشاركة وبأكبر جهد عسكري ممكن لإيمانها بقومية المعركة ووحدة المصير.
وان الجيش العراقي الباسل كما هو عهدناه مستعد دوماً للدفاع عن أية ارض عربية تتعرض للعدوان فهو جيش كل العرب وليس للعراق وحده.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن كل من القيادتين السياسيتين العراقية والمصرية وقبل اندلاع حرب تشرين موضوعة البحث بستة أشهر.
قد نسقتا واتفقتا على إرسال قوة طائرات مقاتلة قاصفة نوع (هوكر هنتر) وبلغ حجم القوة (جناح طيران مؤلف من 24 طائرة يقودها طيارون ذوي كفاءة عالية ومن خيرة طياري القوة الجوية العراقية).
ولقد تمركز هذا الجناح في إحدى القواعد الجوية المصرية في دلتا النيل وأصبح تحت إمرة القيادة الجوية المصرية اعتبارا من أوائل نيسان1973.
ويجدر بالذكر انه ومن خلال جناح طيران (الهوكر هنتر) المشار اليه فان الجيش العراقي ساهم ومنذ الدقائق الأولى لهذه الحرب مع أشقائه المقاتلين العرب المصريين الأبطال في اقتحام دفاعات العدو الجوية في سيناء.
حيث كان طيارو جناح الطيران العراقي في مصر في طليعة التشكيلات الجوية التي نفذت الضربات الجوية الشاملة على مواقع العدو الصهيوني في سيناء المحتلة منها:
مراكز القيادة والسيطرة للدفاع الجوي في منطقة الطاسة والمطارات في (تمادا) و (رأس نصراني) و( الميلز) ومواقع بطريات صواريخ ارض / جو نوع (هوك) ومركز القياده للعدو في العريش...
كما ساهموا بضرب مدفعية ودروع العدو في الطلعات الجوية اللاحقة من الحرب ولغاية وقف إطلاق النار..
سير الاحداث
٦. كنت ساعة اندلاع الحرب في ان واحد على الجبهتين المصرية والسورية ظهيرة 6 تشرين 1973 برتبة نقيب طيار.
وحينها كان قد تم تعييني حديثا بمنصب آمر السرب الأول المتمركز في قاعدة أبو عبيدة الجراح في الكوت. وتالف السرب من 18 طائرة نوع (سوخوي٧ مقاتلة/هجوم ارضي).
وان تجهيز القوة الجوية العراقية بهذا النوع من الطائرات جاء في حينها بهدف توحيد أسلحة الجيوش العربية وخاصة تلك التي تعتمد التسليح الشرقي.
وذلك بناء على توصيات من الجامعة العربية في حينها وتطبيقا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك، وان الغاية من ذلك هو تحقيق المرونة في إمكانية استخدام طائرات القوات الجوية للأقطار العربية من القواعد الجوية العربية المحيطة بفلسطين المحتلة وتخفيف الأعباء اللوجستية (الفنية والإدارية).
بما يساهم في السرعة والمرونة المطلوبة في رد الفعل في مواجهة القوات الصهيونية المعتدية التي تعتمد أساسا على سلاحها الجوي في تحقيق مأربها العدوانية , وهذا ما لمسناه خلال مشاركة أسرابنا على الجبهة السورية ...
٧. صادف يوم 6 تشرين 73 يوم العاشر من رمضان المبارك وكان القمر في تربيعه الثاني والسرب يمارس تدريباته الروتينية الليلية.
وكنت في حينها أمارس طلعة تدريب مع احد طياري السرب بطائرة مزدوجة المقعد , وقبل انتهاء الوقت المحدد للطلعة استلمت نداء من السيطرة الجوية للقاعدة بوجوب إلغاء جميع المهام التدريبية والعودة فورا إلى المطار ..
وبعد النزول توجهت مباشرة إلى مقر القاعدة الجوية والتقيت آمر القاعدة المقدم الطيار محمد جسام الجبوري.
وبلغني بأمر هجوم كل من الجيشين العربيين السوري والمصري المباغت على جبهتي سيناء والجولان المحتلتين سبقتها ضربات جوية شاملة على قوات العدو في كلا الجبهتين اشترك فيها جنا ح طيران (الهوكر هنتر) العراقي المتمركز في مصر.
وان طليعة القوات العربية الباسلة اقتحمت دفاعات وتحصينات العدو الصهيوني في الجولان المحتل ( وخط بارليف )على الضفة الشرقية من قناة السويس ...
وفي مواجهة هذا الموقف فأن القيادة السياسية العليا في العراق وانطلاقا من التزامها القومي تجاه قضايا الأمة العربية وفي مقدمتها قضية العرب المركزية ( فلسطين ) وارض الجولان وسيناء المحتلتين.
وبعد التنسيق مع القيادة في القطر السوري الشقيق قررت وضع كل قدرات العراق بكافة أبعادها العسكرية والبشرية والاقتصادية والسياسية في خدمة معركة المصير الواحد وفي مقدمتها تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.
وان الأوامر الشفوية قد صدرت لتهيئة أسراب القوة الجوية الفعالة للمشاركة على الجبهة الشرقية لإسناد عمليات الجيش العربي السوري وتشكيلات الجيش العراقي الذي تقرر اشتراكها في المعركة وإننا بانتظار الأوامر التحريرية للحركة خلال 24 ساعة ...
وحينما غادرت مقر القاعدة باتجاه السرب انتابني شعور غامر لا يوصف وقلت في نفسي لقد حان الوقت في تحقيق حلمنا ونيل شرف المشاركة الفعلية والمباشرة في أول عملية لتحرير الأرض العربية من دنس الصهاينة وهو حلم طالما راودنا منذ تطوعنا في الجيش...
بعد وصولي إلى مقر السرب عقدت مؤتمرا بحضور معاون السرب وآمري الرفوف ومهندس السرب الأقدم، وأبلغتهم بفحوى التبليغ الشفوي لآمر القاعدة.
وأمرت بإيقاف طلعات التدريب الروتينية وبذل أقصى الجهود لتهيئة السرب للحركة إلى القواعد الجوية السورية وان تكون الطائرات والمعدات والتجهيزات الفنية الساندة والطيارين والفنيين جاهزين لذلك خلال 24 الساعة القادمة.
كما تم إيقاف كافة الإجازات عدا المرضية منها واستدعي المجازون والملتحقين بدورات من ضمنهم ضباط دورة الأركان ,
في اليوم التالي تم انجاز كافة أعمال الصيانة المطلوبة للطائرات ومعداتها قبل انقضاء فترة الأربع وعشرون ساعة المقررة وان الذي طمأنني أكثر هو أن القوة الجوية السورية مجهزة بنفس نوع طائرات السرب الاول العراقي "سوخوي ٧".
لذلك كنت مطمئناً ان تهيئة الطائرات في القواعد الجوية السورية سوف لن تواجه معاضل فنية جدية يمكن ان تؤثر سلباً على استحضاراتنا لغرض سرعة زج السرب في المعركة ...
كما تكامل التحاق منتسبي السرب وخاصة الطيارين منهم ، وتم إلحاق عدد من الطيارين القدماء من خارج السرب ومن ذوي الخبرة على طائرة (السوخوي7 ) تعزيزا لموقف السرب منهم.
والاستعانة بهم في قيادة التشكيلات في جبهة القتال واذكر منهم:
- الرائد الطيار موفق سعيد.
- الرائد الطيارصبري يعقوب.
- الرائد الطيار سامي الالوسي الذي أبلى بلاء يستحق الإعجاب،
- الرائد الطيارجودت النقيب.
- الرائد الطيارغصون عبدالوهاب.
- النقيب الطيارمحمد الرويشدي.
- النقيب الطيارمظهر محمد الفرحان.
وبذلك بات السرب بكافة عناصره على اتم الاستعداد للحركة الى الجبهة السورية اعتبارا من صباح يوم 8 ت1 وتنفيذ المهام القتالية التي سوف تناط به حال نزو ل نزول طائراته في المطار السوري الذي لم يكن قد تم تحديده بعد .
٨. تم إيجاز كافة الطيارين المعنيين بتنفيذ خطة تنقل السرب إلى المطارات السورية من قبلي (كآمر للسرب) وبجميع التفاصيل وفق (سياقات العمل الموحدة المعمول بها في قوتنا الجوية ، Standard Opertional Procedures).
مع التأكيد على الاجراءات الطارئة الواجب اتخاذها من قبل قادة التشكيلات أثناء عملية التنقل كاحتمالية تعرض تشكيلاتنا من قبل الطيران الصهيوني في الأجواء السورية.
أو تعرض مطار الوليد أو المطارات السورية خلال تنقل الطائرات أو أثناء نزولها لذلك تم التأكيد على وجوب تطبيق خطة الصمت اللاسلكي حسب سياقات العمل المتبعة في ظروف الحرب.
سير عملية تنقل السرب الاول من قاعدة الكوت الجوية الى الجبهة السورية.
٩. بعد استلام آمر تنقل السرب الأول التحريري من مقر قيادة القوة الجوية والذي حدد يوم صباح يوم 8 ت1 لحركة السرب بمرحلتين وفق السياق التالي:--
- أ. المرحلة الأولى : الإقلاع من قاعدة أبو عبيدة الجوية في الكوت بتشكيلات طيران متعاقبة , كل تشكيل مؤلف من أربعة طائرات والتوجه والنزول في قاعدة الوليد الجوية القريبة من الحدود السورية لغرض التزود بالوقود بأسرع وقت بما يكفي لاستمرار عملية النقل باتجاه القاعدة الجوية في سوريا ..
- ب. المرحلة الثانية: بعد تزويد الطائرات بالوقود, يتم إقلاع تشكيلات السرب فورا باتجاه القواعد أو المطارات السورية على ضوء الإيجاز الذي سيقدمه ضباط ركن القوة الجوية في قاعدة الوليد الجوية..
- ﺟ. تكون الفاصلة بين تشكيل وأخر 45 دقيقة.
- د. تتبع التشكيلات خلال تنقلها من قاعدة الوليد , أسلوب الطيران الواطئ جدا تجنبا للكشف الراداري الإسرائيلي .
- ﻫ. يتم اعتماد الصمت اللاسلكي من قبل كافة التشكيلات الجوية أثناء التنقل ولغاية النزول في المطارات السورية
- و. وتضمنت خطة التنقل إسناد السرب بجهد من طائرات النقل الجوي نوع (أن 12).
١١. باشرت طائرات السرب الأول بالإقلاع من قاعدة أبو عبيدة الجوية بتشكيلات رباعية تباعا حسب خطة التنقل اعتبارا من ضحى يوم 8 ت1.
وكان آمر السرب في قيادة التشكيل الرباعي الأول ومعاون آمر السرب في التشكيل الرباعي الأخير وآمري الرفوف في قيادة التشكيلات ما بينهما لغرض إحكام السيطرة على عملية تنقل الطائرات بدأ من المقدمة وانتهاء بالمؤخرة.
وفور نزول التشكيل الأول في قاعدة الوليد الجوية التقى آمر السرب بممثل قيادة القوة الجوية في القاعدة العميد الطيار الركن نعمة الدليمي لاستلام التعليمات النهائية التي تخص التنقل باتجاه المطارات السورية.
حيث تم تبليغ آمر السرب بان تمركز وحدته سيكون في مطار دمشق الدولي الذي يبعد بحدود 80 كم عن خط الجبهة السورية في مواجهة العدو.
لذلك تم التأكيد على قادة التشكيلات بوجوب إتباع أسلوب الطيران الواطئ جداً، وان السرب وحال نزوله في المطار يكون بإمرة القيادة الجوية السورية لإغراض الحركات.
وقد تم تكليف العميد الطيار الركن نعمة الدليمي للاشراف على عمليات تنقل الاسراب العراقية وإعادة تمركزها في القواعد الجوية والمطارات السورية وبالتنسيق مع الجانب السوري.
ولقد اثنى حينها العميد الطيار نعمه الدليمي على معنويات طيارينا واعجب باستعدادهم وهمتهم العالية في الدفاع عن الأراضي والأجواء العربية مع اخوتهم المقاتلين العرب .
١١. حال تعبئة الطائرات بالوقود اللازم باشرت تشكيلات السرب الاول بالإقلاع تباعا من قاعدة الوليد الجوية تابعة خط الرحلة بأسلوب الطيران الواطئ جدا باتجاه مطار دمشق الدولي.
ووصلت تباعا وتكاملت أعدادها في مطار دمشق الدولي عصر نفس اليوم 8 ت 1973 ولقد تم نشر الطائرات بعد نزولها مباشرة في الملاجئ الكونكريتية الموجودة في أنحاء المطار.
تحسبا من الغارات الجوية المعادية التي كانت متوقعة بين دقيقة وأخرى، لحسن الحظ لم تصادف تشكيلاتنا أثناء وصولها مثل هذه الغارات.
إلا إننا كنا نسمع أصوات صفارات الإنذار التي تشير إلى حصول خروقات جوية للأجواء العربية السورية في تلك اللحظات ...
ووجدنا أن هناك سربين من أسراب القوة الجوية السورية في مطار دمشق الدولي مجهز بطائرات هجوم/ ارضي:
سرب مؤلف من طائرات سوخوي٧ والسرب الآخر تم تشكيله حديثا مؤلف من ( سوخوي 20). وهي طائرة بجناح متحرك مطورة عن طائرة سوخوي 7 وذات كفاءة عالية من ناحية الحمولة الحربية ومدى العمل والمناورة.
ولقد فوجئت حينما علمت أن آمر السرب هو الرائد الطيار علي الكردي الذي كنا معا في دورة تدريب على طائرة سوخوي 7 في روسيا عام 1967.
وشعرت حينها بمدى صغر هذا العالم كما شعرت بان مصيرنا كأبناء لهذه الأمة المجيدة هو واحد مهما فرقتنا السياسات والاتجاهات وان قضيتنا واحدة مهما اختلفت الاجتهادات.
إلا أن الذي أحزنني وبعد مرور بضعة أيام استشهاد هذا البطل وهو يقود تشكيل لضرب مصفى حيفا انتقاماً لضرب المصافي في القطر العربي السوري.
ولقد ودعته حينما كان يهم لتنفيذ الواجب المقدس وكان بمعنويات عالية جدا كما هو عهدنا بكل المقاتلين العرب رحمه الله شهيدا وتغمده برحمته الواسعة وحشره مع الأولياء والصديقين انه سميع مجيب.
12. مع تكامل تنقل كافة الأسراب المقاتلة إلى القواعد الجوية في الجبهة السورية أصبح مجمل الجهد الجوي العراقي المفرز لإسناد عمليات القوات العربية في مواجهة العدو يوم 8 ت1 1973 كما يلي :ـــ
- أ. قوة من جناح طيران مقاتلات هجوم / أرضي نوع ( هوكر هنتر ) في جمهورية مصر العربية مؤلف من ( 24 طائرة ) تمركزت اعتبارا من يوم 8نيسان 1973 .
- ب. قوة ثلاثة أسراب مقاتلة/ متصدية دفاع جوي ( نوع ميج 21) مؤلفة من48 طائرة تمركزت في قاعدة الوليد الجوية ( وقاعدتي الضمير والناصرية السوريتين )
- ﺟ . قوة سربين مقاتلات هجوم / ارضي نوع سوخوي 7 مؤلفة من 36 طائرة تمركزت في مطار دمشق الدولي ) ومطار " بلي " القريب من العاصمة دمشق .
- د . قوة طائرات مقاتلة هجوم / ارضي نوع ( ميج 17) مؤلفة من (طائرات تمركزت في (مطار المزة ) القريب من دمشق.
- ﻫ . قوة سرب قاصفات إستراتيجية ( نوع تويو )16 مؤلفة من 10 طائرات متمركزة في قاعدة الحبانية
- و. قوة سربين نقل جوي مؤلف من طائرات ( أن12) و ( أن 24 ) للإسناد اللوجستي للأسراب المقاتلة ونقل القوات الخاصة والأسلحة ولتنقل القادة
١٢. وهنا لابد لي أن أشير إلى إن ثلاثة أسراب مقاتلة - متصدية عراقية مجهزة بطائرات ميج21 كان قد تكامل انفتاحها ، منها سرب في قاعدة الوليد القريبة من الحدود السورية وسربين في قاعدتي ( الضمير والناصرية ) السوريتين..
واعتبارا من ضحى يوم 7 تشرين1 باشرت هذه الأسراب بتنفيذ مهامها في تأمين الحماية الجوية للقوات العراقية البرية والجوية في طريق تنقلها إلى الجبهة من التدخلات المحتملة لطيران العدو.
كما ساهمت هذه الأسراب مع الأسراب المقاتلة السورية في التصدي للغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة. التي كانت تستهدف القوات العربية في الجبهة والقواعد الجوية والمطارات وكذلك علي المناطق الحيوية في العمق السوري.
مما حدد وبشكل ملموس من فعالية سلاح الجو الإسرائيلي ولقد استطاع طيارونا بالمشاركة مع أشقائهم الطيارين السوريين وبتوجيه من قبل مراكز السيطرة الرادارية للدفاع الجوي السوري.
ومن خلال الاشتباكات الجوية مع الطيران الصهيوني تم إسقاط العديد من طائرات العدو ووقوع طيارها بين أسير او قتيل.
عزيزي القارئ هنا تقع نهاية الجزء الاول. وفي الجزء الثاني نتحدث عن وصول التشكيلات الى المطارات السورية وبدأ العمشاركة في العمليات القتالية.
لقد تم تسجيل هذه المذكرات عن حرب تشرين 1973. تأتي أهمية هذه المذكرات لان كاتب هذه السطور هو أحد المشاركين في الحرب المقدسة. أرث للتاريخ والاجيال القادمة.