غنيت حبك"بغداد"
قصيدة الشاعر
الدكتورغزوان علي ناصر
غنّيتُ حبَّكِ فــي أحــــــلى تلاحـيني
(يا دجـلــــــــةَ الخيرِ يا أمَّ البَّساتينِ)
غنّيتُ حبَّكِ والأجفــــانُ نازفـــــــةٌ
والعشقُ يملؤني والشَّوقُ يشجيني
يا دجلــــــــةَ الخيرِ لا مستكِ عاديةٌ
ودمتِ سفـــــراً عظيمـاً للمضامينِ
تلكَ المعالـــمُ والألواحُ شاهــــــدةٌ
تروي المــــآثرَ في رقمٍ من الطِّينِ
مِنْ قبلِ آشــــورَ والأثارُ شـاخصةٌ
تحكي الشَّواهـــدُ عنْ مجدِ الميامِينِ
مِنْ بابلَ الفخرِ قد قامـتْ حضارتُنا
مِنْ سومرٍ نحنُ أحفـــادُ المطاعينِ
كنَّا الشُّموسَ فما تَخفى طــــوالعُنا
ندكُّ في زحفِنا وكــرَّ الثَّعــــــــابينِ
مرَّتْ بكِ العادياتُ السُّودِ صامـــدةً
تزهينَ كالوردِ في أعـراسِ تشرينِ
يا دجلةَ الخيرِ ما(هــانتْ مطامحُنا)
إنْ جارَ في ظلمــهِ حكمُ السَّلاطينِ
في كلِّ معتركٍ تزهــــــــــو فيالقُنا
واسمُ العـــــراقُ بهيٌّ في الميادينِ
نهوِّنُ الخطـبَ فـــي صبرٍ ونركبُهُ
ونهزمُ المـــوتَ في عـزمٍ وتمكينِ
يا دجلــــةَ الخيرِ يا أنغـــامَ قافيتي
ويا مراحــــاً بكأسِ الحبِّ يسقيني
يا مـــاءكِ العــــذبَ سلسالٌ منابعُهُ
تلهـو بموجاتهِ سـربُ الحساسينِ
وتمرحُ الغيدُ زهـــــواً في مراكبهِ
مثلُ المــــــلائكِ في ظلِّ الرَّياحينِ
مِنْ كلِّ غيداءَ قد أرختْ ذوائبهـــا
فــــوقَ النُّهودِ التي مثلُ الفناجينِ
تكــادُ تحضنُهــــــا الأضلاعُ ذائبةً
مِنْ شدَّةِ الوجــدِ تصلى كالبراكينِ
والنَّاسُ مــــا بينَ مفتونٍ ومفتتنٌ
والقلبُ ما بينَ مأسورٍ ومطعــونِ
يا عـــذبةَ الرُّوحِ ياحلمــاً بذاكرتي
ياعطرَ ليمونةٍ ياسرحـــــــةَ التينِ
ناديتُ موجَكِ والأسحـارُ تطربُني
والجرفُ ساهٍ وبالأضواءِ يغريني
ما أروعَ الضوءُ منساباً ومنكسراً
والمــــــوجُ يقفزُ رقصاً كالدَّلافينِ
يهزنُي الشَّوقَ مثلَ النَّخلِ مرتعشاً
يسّاقطُ الشِّعرُ تمراً لـــــو تهزيني
وكمْ على الجرفِ قد غنّيتُ مِنْ وجعٍ
وبتُّ أرقــــــــبُ كفّاً منكِ تؤويني
وددّتُ لو نسمةٌ عــذراءُ تحملُني
إلى مياهكِ حيثُ المـوجُ يطويني
بغــدادُ ما سكرتْ بالخمرِ أوردتي
وغيرُ مائكِ لا مــــــاءٌ سيرويني
ماذا ببغدادَ مِنْ حسنٍ ولو فقـــدتْ
مدائنُ الأرضِ عنهـــا لا تعزيني
مدائنُ الأرضِ عنهـــا لا تعزيني
واختصَّكِ اللهُ دونَ الخلـقِ قاطبةً
مِنْ قبلما عُــــرفتْ كلُّ الدَّواوينِ
يا دجلةَ الخيرِ قد عاثَ الفسادُ بنا
حتّى غدا الكونُ سجناً للمساكينِ
نحنُ اليتامى ملوكُ الحزنِ يا وطني
دارتْ بنا الأرضُ دوراتِ الطَّواحينِ
اللهُ أكبرُ ياعمـــــــــراً نضيقُ بهِ
لا شيءَ فيهِ سوى حزنِ العناوينِ
تحكَّمتْ زمرٌ بالعـــدلِ كافـــــــرةٌ
لمْ ترقبِ اللهَ في قلبِ المـــوازينِ
لو أنَّهم شربوا من مــاءِ دجلتِها
لما تخفّــــــوا بجلبابِ الشَّياطينِ
تاريخهم صحفٌ بالعارِ طافحـــةٌ
همْ ساسةٌ إنّمـــــا شبهُ الدَّكاكينِ
تحصَّنوا مِنْ وراءِ الجندِ واختبؤا
نصطادهُم جُــرُذاً مثل الشَّواهينِ
يقتِّرونَ عـــلينا المــالَ مِنْ سفهٍ
وفي المــــــلاهيَ بذلٌ بالملايينِ
أكلّما قامَ هــــذا الشَّعبُ منتفضاً
رميتمُ النَّاسَ في جرْمِ الصَّهايينِ
أكذوبةُ البعثِ ما عــادتْ تخوِّفُنا
بل أنتمُ البعثُ يا نسلَ المـلاعينِ
كرامةُ المرءِ يحيا غيرَ مُمتهــنٍ
لا أنْ يعيشَ على لطعِ المواعينِ
يا دجلــــةَ الخيرِ يا أمَّ المساكينِ
نشكو إلى اللهِ أصحــابَ العثانينِ
شكو عمائمَ مَنْ في ديننا لعبوا
أحكـــامهُم مثلُ تخبيطِ المجانينِ
أحكـــامهُم مثلُ تخبيطِ المجانينِ
أصيحُ حدَّ انقطاعِ الصَّوتِ يا أسفاً
حتّى متى تخدعونَ النَّاسَ بالدِّينِ
عمـــــائمُ الحقِّ ما ذلّتْ لطاغيةٍ
لحقِّ ثارتْ على جورِ القوانينِ
ولمْ تداهـنْ على زيفٍ ولا دجلٍ
ولمْ تبعْ دينَهـــــا غدراً بصفِّينِ
ما عادَ في الأرضِ مسؤولٌ نعاتبهُ
فالأرضُ تصرخُ قالتْ مَنْ سيحميني
ما عادَ في الأفقِ نجمٌ كي نسامرهُ
مُذْ شيَّدَ السَّيفُ سلطانَ الفراعينِ
مُذْ شيَّدَ السَّيفُ سلطانَ الفراعينِ
متى سترتاحُ هذهِ الأرضُ منْ فتنٍ
فينعمُ الأهــــلُ في رغدٍ وفي لينِ
ما بالُ بغــدادَ تشقى وهي صابرةٌ
كأنَّهــــــــــــــا ذُللتْ مثلَ البراذينِ
ألقتْ بيارقَهــــــــا للجورِ خاضعةً
فصارَ دجلتُهـــــا مِنْ نبعِ غسلينِ
فصارَ دجلتُهـــــا مِنْ نبعِ غسلينِ
كيفَ استكانتْ إلى الأوغادِ طائعةً
والأمرُ آلَ إلى علجٍ ومأفــــــــونِ
والأمرُ آلَ إلى علجٍ ومأفــــــــونِ
يا دجلةَ الخيرِ يا بغــــدادَ معـذرةً
لكنّهُ الغيظُ يضـرى بي ويصليني
لكنّهُ الغيظُ يضـرى بي ويصليني
أجلُّ تربكِ أنْ يغفــــو على ظمــأ
وأنْ تنامي على الأشواكِ والهونِ
وأنْ تنامي على الأشواكِ والهونِ
أجلُّ شمسكِ أنْ تخبو مشاعلُهــا
أو يعتلي قَزَمٌ شمُّ العـــــــــرانينِ
أو يعتلي قَزَمٌ شمُّ العـــــــــرانينِ
فالجائعونَ إذا شبَّتْ عزائمُهـــــم
ثاروا وفي خطوهِم جمرُ الكوانينِ
ثاروا وفي خطوهِم جمرُ الكوانينِ
آتونَ نطرقُ بابَ الموتِ في كبرٍ
حتّى نلــــفُّ بعــزٍّ في الجثامينِ
حتّى نلــــفُّ بعــزٍّ في الجثامينِ
ونركبُ الخطبَ ما نخشى عقاربُهُ
لو حزَّتِ الرُّوحُ أطرافَ السَّكاكينِ
لو حزَّتِ الرُّوحُ أطرافَ السَّكاكينِ
تسعَّرَ الجرحُ حتّى صارَ ملحمةً
بما تفجَّــــرَ منْ دمــــعٍ لمسكينِ
بما تفجَّــــرَ منْ دمــــعٍ لمسكينِ
يا دجلةَ الخيرِ قد هلَّتْ بشائرُنا
بيضُ الصَّوارمِ مصداقُ البراهينِ
بيضُ الصَّوارمِ مصداقُ البراهينِ
للذهاب الى قصيدة اخرى للشاعر من هنا
