قصيدة
ضاقت بنا الأرض
للشاعر الدكتور
غزوان علي ناصر
كتبت هذه القصيدة ~ ضاقت بنا الارض ~ عندما هاجر الهاربين من جحيم الاجواء الغير مستقرة ، الرعب والخوف من الموت الذي يتربص خلف الجدران في الازقة والحارات والشوراع، من المفخخات طلباً لحياة كريمة في بلاد مستقرة وأمنه، فكانت رحلتهم محفوفة بالمخاطر لان دخولهم الى أوربا بصورة غير شرعية، يعبرون البحر بمراكب بدائية، هنا حصلت الكارثة، الهاربون من الموت الى الموت، يغرقون في البحر ومن ضمنهم أقارب الشاعر، تألم كثيراً فكتب هذه القصيدة قئلاً:
مرارة
مرارةُ الغــــــربةِ السّوداء تسحقُنا
ما عـــــــادَ شيءٌ من الدّنيا ليغرينا
إنّا شربنا كؤوس الدّمعِ طافحـــــةً
يختالُنا الحـــزنُ كالطّاعـــونِ يفنينا
احــــزانُنا شجرُ الصُّبارِ محترقـــــاً
أبكـى السّمـــاء(ولمْ يبكِ السّلاطينا)
مشرَّدونَ عن الأوطــــــــانِ أرهقنا
ظلـــمُ المنافي الذّي قد راحَ يشقينا
قهرُ الطّغاةِ عن الأحبابِ أبعــــــدنا
مضيّعــــــــونَ نأتْ عنّا مـــــرامينا
تنمّروا ولسانُ الحــــالِ يفضحُهــم
ومن حقدِهمْ مسخوا صاروا ملاعينا
تدرّعوا في ثيابِ الدّينِ من دجـــلٍ
صلّـــــوا زناةً وقد أمسوا شياطينا
تباً لهــم لعنةُ الرّحمـــنِ تمحقهــم
إذ طالما قد عتوا فأضحوا فراعينا
أحلامُنا لافتاتُ الحـــزنِ نحملهــــا
أنّى اتجهنا وشمرُ القمــــعِ يقصينا
نحوَ السّماء مددنا الكفَّ ضارعــةً
يا رحمــــــــةَ اللهِ قد مــاتتْ أمانينا
يا رحمـــــــةَ اللهِ هلّي في نواظرِنا
قد أظلمَ الكـــــونُ والأسفارُ تدمينا
في كلِّ شبرٍ بهذي الأرضِ شاهــدةٌ
تروي حكاياتُ حـــزنٍ عـنْ مآسينا
طوالعُ الصّبحِ قدْ عـــــادتْ بخيبتنا
مغــــاربُ الشّمسِ قدْ أدمتْ مآقينا
في مطلعِ الفجرِ كانَ الفجـرُ يبكينا
صُبّرٌ ولا مديةٌ هـــــــزّتْ نواصينا
في مشرقِ الأفقِ كمْ ضجّتْ مواجعنا
لكنّنا مــــا انحـنتْ أعـــناقنا أبـــدًا
حصادة
وكمّاشةُ الهمِّ حـــــدَّ النّزفِ تؤذينا
وأن ترَ الصّعوَ قد حاكى الشّواهينا
يا نورسَ البحرِ ضاعَ العمرُ في سفرٍ
فهــلْ تعــــــــودُ لنا الدّنيا تصافينا
وأنتَ يا بحــــرُ خـذْ اشلاءنا مزقًـا
فليسَ غيرُكَ عندَ المــــــوتِ يبكينا
ما بينَ موتينِ قـد ضــاعتْ أغانينا
يا صبرَ أيوبَ حينَ الشّوقُ يصلينا
يا صبرَ أيوبَ حينَ الصّوتُ يوقظنا
صـــوتُ الأحــبّةِ كـــالأمطـارِ يأتينا
مستنفــراً مثل صــدرِ الأمِّ يحضُننا
فيزهرُ الصّوتُ في الأضلاعِ نسرينا
تلكَ المنافي قبورٌ كيفَ نعشقُهـــــا
نحـــنُ اليتامـى بنا ضــاقتْ منافينا
وكلّمــــا لاحَ برقٌ في نواظــــــرِنا
قلنا ســــــــــلامٌ من الأحبابِ يأتينا
وكلّمــــا لألأتْ شمسٌ بمشرقِهــــا
قلنا شعـــــــاعٌ باسم اللهِ يهــــدينا
نحنُ الغـريبَ وكم يشجى الغمامُ لهُ
نحنُ الحمائمَ تبكي المــاءَ والطّينا
ياسُفْنُ عودي بنا للأهلِ راجعــــةً
صوتُ الحبيباتِ عـنْ بعـــدٍ ينادينا
للذهاب الى قصيدة اخرى للشاعر من هنا