للحقيقة وقت ان تاخر كشفها، فقدت التاثير والاهتمام ولم تعد درس يتم التعلم منها، لا تكون ادلة ادانة لمن شارك في احداثها التدميرية، ولا تساهم في تسقيطهم واخراجهم من التاريخ لانهم اما ان يكونوا قد خرجوا من الحياة او خرجوا من السلطة.
الكثير من الاسرار خرجت بعد مرور عقود من الزمن على احداث غيرت وجه التاريخ واثرت في حياة شعوب، وفي وجود دول ونشر وثائقها بعد ان تكون في ذمة التاريخ ويكون جيل سحقته قد شاخ ومنه من قضى نحبه وقلة من جيل جديد يهتم بها ويتاثر بها.
الحروب والقرارات المصيرية، علاقة العراق الدولية بدول الجوار والازمات معها وسقوط الدولة العراقية والعنف الطائفي ودخول التنظيمات الارهابية وتاسيس اجنحة عسكرية للاحزاب ونشوء احزاب مسلحة وسقوط الموصل ومحافظات اخرى، الفوضى والازمات وغيرها من اسرار مضى عليها زمن واصبح الشعب له اهتمامات اخرى تتعلق بالمعيشة ومستوياتها وامور اخرى تتعلق بالامن والاستقرار والعناية بالابناء ومستقبلهم.
تعودنا على نمط انظمة سياسية وحكام يغطون على مساوماتهم وصفقاتهم السياسية ويعتبروها اسرار تخصهم وتعني السلطة وحدها، ويجب ان تحجب لدواعي امنية وضرورات مصالح عامة وانها لابد ان تبقى في ادراج مقفلة وخزائن مقفلة لان كشفها يؤدي لانهيار الانظمة والعملية السياسية.
ويبقى الكثير يحكم على من في السلطة وصنع القرار على انه هو من في المشهد وفي اوضاع حتمت عليه اتخاذ قرارات مصيرية وفرضت عليه قرارات مؤلمة، ويبقى في نظر الكثير وطني مخلص وقائد خاض صراعات ضد الاعداء، لم تمنحه الظروف فرصة لينهض بالبلد ويبني مستقبل افضل للشعب، منهم من اصبح اسطورة ورجل دولة من طراز خاص، لكن الحقائق تنكشف بعد زمن لا ينفع فيه الحكم ولن تتغير صورة ترسخت في الذاكرة الجمعية.كيف تغير وقت الحقيقة، أن تأخر كشفها
الحقيقة بغض النظر عن الوثائق والوقائع، هي بشكل عام تؤكد ان الكثير ممن حكموا العراق ويحكموه في المرحلة الراهنة مصابين بهوس السلطة، انها وحدها هي التي تجلب الجاه والثراء الغير طبيعي، هي وحدها تفتح لشاغليها صفحات التاريخ وتصنع اسطورة بها يبلغ اصحاب السلطة الخلود كأسماء.
الاسماء واغتيال العراق مازق تاريخي منذ اول من حكم العراق كولاية في صدر الاسلام وكعاصمة للخلافة حتى تاسست الدولة الحديثة وسقوطها الاخير والتي لم تزل غائبة وقد لا تعود من غيبتها.
لقد غيرت الاحداث طبيعة المجتمع وصدعت الحروب قيم واخلاقيات وصنعت جيل يؤمن بقيم اخرى وكثرت المآزق والمصائد والافخاخ في مسيرة اقوام بشق الانفس، صارت شعب وبشق الانفس اتفقت على انظمة حكم، كثر التعثر وكثرت الكبوات وتعدد السقوط حتى وصلنا الى مرحلة بالغة الخطورة من التزييف واغطية الوهم، وكل يرى نفسه بصورة رسمها لنفسه وكل يرى نفسه بمذهب وقومية وعرق ودين وعشيرة ومدينة ويراها وطن ودولة يمكنها ان تكون على قيد الوجود وتحقق له غاياته.
وكل يؤمن بجناح وكتلة وفصيل مسلح يرى فيه قوة تحميه لانه يتماثل مع معتقده ويرى في دولة من دول الجوار داعم وسند يتدخل ليدافع عنه مع وجود من ينبري للسلطة يقدم وعد وبرنامج ثم يقع في ذات المأزق بان الاوضاع صعبة واعادة بناء الدولة مستحيل ويجب ان نتكيف وندير الازمة بما يبقي اقل قدر من الامن والاستقرار.
لو كانت المهمة سهلة لاوكلت لاحد الساسة المعروفين او بقى من في السلطة لينجزها وقد جرى البحث وكان الاختيار الصعب لان المهمة صعبة لكن الاحداث تتكرر والضحية نفسها هي الدولة ولا ينفع كشف الحقائق.
الذهاب الى مقال أخر للكاتب من هنا