واجبات فوق العادة
"الواجب الأول"
الانتقال الى الأردن
بقلم / داود سلمان الشويلي
قبل يوم الرد العراقي على العدوان الإيراني على العراق يوم 22/ 9 /1980، غادرت طائراتنا اليوشن/76 مطار بغداد الدولي الى قاعدة كلية القوة الجوية في تكريت. بقينا هناك عدة أيام.
بعدها جاءت الأوامر لنا بأن نطير الى الأردن، وهكذا طرنا اليها، ووصلنا الى المطار الدولي في عمان.
بعدها طرنا الى قاعدة الشهيد موفق السلطي الجوية في "الزرڴة - الزرقاء" الأردني والذي بناه العراق، وفي الوقت نفسه وصلت طائرات الخطوط الجوية العراقية بطواقمها الكاملة. بقينا هناك عدة أيام.
في اليوم الأول أخذنا الأردنيون الى منطقة سياحية تناولنا فيها طعام العشاء، ثم عدنا.
في اليوم الثاني أو الثالث غادرتنا الطائرات المدنية الى مطار عمان، وجاءت طائرة نقل عسكرية من العراق واصطحبت معها الطيارين والملاحين الى العراق، وبقيت أنا وطاقم فني والطائرات في "الزرڴة" لمدة شهر كامل تقريبا.
زار القاعدة الملك حسين فدعاني قائد القاعدة الأردني لحضور مؤتمر يقيمه الملك حسين للضباط، وقد حضرت المؤتمر الذي تحدث فيها الملك عن التحشدات السورية على حدود الأردن، وكذلك عن عدم وجود رواتب للموظفين الأردنيين مما دعاهم الى الإستدانة من شركة الخطوط الجوية الأردنية "عاليا"، وشركة الفوسفات، وشركة البيبسي كولا.
في هذا المؤتمر اشتركت أنا في النقاش عن العدوان الايراني على العراق، والتحشدات السورية على الحدود الأردنية بعد أن قدمت نفسي كضابط عراقي إذ سلمت على الملك حسين بعد ان أجلسني بقربه، وتبادلنا الحديث.
وأنا في هذه القاعدة الأردنية طلبني قائد القاعدة وأخبرني ان الرئيس القائد صدام حسين ستنزل طائرته في القاعدة، وكان قد حضر مؤتمر القمة العربي في الأردن.
نزلت الطائرة الهيليكوبتر للرئيس، ونزلت طائرة الهيليكوبتر الأردنية التي كانت تقل الأمير الحسن، فقدمت نفسي كضابط عراقي، والواجب المنوط بي، الى الرئيس، وتبادلنا السلام.
فسألني الأمير الحسن ضاحكا:
لماذا قلت انك ضابط عراقي؟ أجبته: سيدي الأمير هذا فخر لي ولنا نحن العسكريون أن نقول ذلك ونحن نخوض هذه الحرب.
بعدها غادر الرئيس الى العراق بطائرة هيليكوبتر عراقية جائت من العراق.
مسك الأمير الحسن بيدي وأخذني الى مقر أحد الأسراب الأردنية، وجلسنا نتحدث عن العراق والحرب، بعدها ودّعنا الأمير وغادر بطائرته الهيليكوبتر الى عمان.
خصص لي دارا في القاعدة، وخصص آخر للمراتب الفنين العراقيين.
وكنت أتناول وجبات طعامي مع الضباط الأردنيين في المطعم المخصص للضباط.
صادقت أثنين من الضباط الأردنين، وهم من المهندسين، أحدهما م. أول مهندس (أحمد عبد الرحمن خليفة)، والثاني م.أول مهندس (عواد سلامة).
في يوم ما اصطحبني الصديق م. الاول عواد سلآمة الى مدينة الزرقه (الزرڴه)، وعرّفني على صاحب مطعم أردني هو الصديق (عبد الله الكناني).
في اليوم الثاني، وهو يوم جمعة، 14 / 11 / 1980ذهبنا، أنا وم. أول عواد، وصاحب المطعم عبد الله الكناني، وشخص سوري اسمه احسان، في سفرة بسيارة الصديق عواد، زرت فيها مدن أردنية، وزرت نهر الأردن، وشاهدت ضريح الجندي المجهول في عمان.
في قاعدة "الزرڴة" كانت ترافقني رواية "الحرب والسلام" لدستيوفسكي، فأهديتها الى ضابط أردني يقرأ الروايات فقدم لي "قرآن" بحجم صغير داخل صندوق صغير.
بقيت شهرا كاملا في هذا القاعدة. جاء طاقم عراقي ونقل الطائرات الى قاعدة عسكرية آخرى، وهي قاعدة الملك فيصل بن عبد العزيز في قضاء الجفر في محافظة معان، جنوب الاردن.
هذه القاعدة جديدة الانشاء، وروى لي أحد الضباط الأردنيين ان إسرائيل، وقبل إفتتاح القاعدة أرسلت طائرات الى هذه القاعدة لأنها قريبة منهم وعملت ملامسة أرض المدرج والاقلاع وتسمى هذه العملية بلغة الطيران "Tach and go".
بقيت شهراً أنا والمراتب فيها، إذ زار الملك حسين القاعدة أيضا وأقام مؤتمرا لضباطها عن التحشد السوري حضرته.
في قاعدة الشهيد موفق أجروا انذارا عاما للعاملين في القاعدة، لمعرفة جاهزيتهم لتنفيذ الأوامر. طلب مني قائد القائدة أن أرافقه خلال فترة الانذار.
دقت صافرة الانذار، كل أخذ مكانه، في هذه الاثناء صعد أحد الجنود على تركتور مع السائق وكانت تسير بسرعة فسقط ومات، وكان هذا ضحية الانذار هذا.
عدت الى العراق، بعد أن انقطعت عن عائلتي أكثر من شهرين وهم لا يعرفون شيئا عني.
عندما وصلت الى العراق، والى سربي في المطار الدولي، الجانب العسكري، في الليل كانت هناك إحدى طائراتنا تريد الذهاب بواجب الى قاعدة علي بن أبي طالب، في الناصرية، فرافقتهم اليها للوصول الى عائلتي.
بت في غرفة ضابط ركن القاعدة، وفي الصباح سمعت من حديث الضباط مع ضابط الركن ان جمعية مساكن الضباط وزعت أراضي على الضباط.
ذهبت الى عائلتي، وفي اليوم الثاني راجعت البلدية ووجدت أسمي في قوائم المشمولين بالأراضي.
مقال أخر للكاتب من هنا
بقلم الكاتب والروائي والناقد
المهندس داود سلمان الشويلي