مدير الشرطة
العقيد جاسم محمد جمعة الخيلاني
رموز وأعيان مدينة شهربان الزمن الجميل
بقلم / إبن شهربان
سرقوا الوطن منا وصرنا غرباء داخل حدودة أو في المهاجر وها نحن نكتب عنه ونرثيه وكأنه وطن مات قبل ألف عام ..
لقد صادروا حاضرنا ونحن مازلنا احياء نرزق .. كنا معا في الخير وفي الملمات .. ان مات احد كل المدينة تعرف وتحزن وان تزوج احد كل المدينة تطرب .. كنا بعشرات الالوف لكنا قلب واحد نقف ضد الجاني ونساند المحتاج ..
كان هناك مصطلح يسمونه الفزعة ~ بان معظم اهل الدربونة يساعدوك ان بنيت سياج او عمرت بيتك .. الفرعة يعني جيرانك واصدقائك يهبون دون ان تطلب .. والغريب الذي يزور شهربان لم يكن يحتاج خارطة او جي بي اس (GPS) ~ أن كنت تبحث عن عنوان أحد أسأل اول شخص يصادفك سيدلك على اي بيت تريد ومستعد يمشي وياك ويوصلك لهم ..
من شدة تقاربنا وتألفنا كنا نعرف أسماء كل أهل شهربان رجالا ونساءَ .. ما هو السفر والترحال ~ لسنا بحاجة له ~ فنحن نعيش في جنة شهربان ~ ونحن الذين لم نكن نعرف معنى السفر والهجرة وزعونا على خارطة العالم ~ فصار كل واحد منا تحت نحمة ..
يندر ان تجد أي بلد في العالم خالي من شهرباني مغترب تغربنا بعد ان كنا نعد ايام الاسبوع يوم يوم حتى يأتي الخميس وحين يحل يوم الخميس كنا نستيقظ مبكرين ونختلق ألف عذر كي نحصل على ساعة او ساعتين مأذونية من جهة الدراسة او العمل ونترك كل شيئ ونرجع لولايتنا مبكرين ..
بعدها الباصات لم تعبر جسر مهروت والركاب تحزم حقائبها ولوازمها استعدادً للنزول ~ فلكل دقيقة حساب ~ لاحظ الشوق .. خليها بحظ من فعلها
الغالين أبناء جيلي الموزعين في بقاع الدنيا ..
اليوم موضوع منشوري هو رمز شهرباني متميز علم من اعلام زمن شهربان الجميل ..
لولا هذا المنشور القصير لتم نسيانه ولربما اختفى اثره مثل المئات من اعيان مدينة عشقنا والذين انقب عنهم اليوم بازميلي/ قلمي المتواضع في كل مكان .. وأتحمل بسببهم بعض الكلام المر ~ وكما كتب لي أحدهم يقول (أنت مهتم بأجيال الدومنة والطاولي والمخمورين) .. لكل شخص شيئاً من الجنون ~ انا اعرف نوع جنوني ومقتنع به.
بطل منشوري انسان شهرباني مهاب ولد وترعرع في بيت عز وجاه ودين .. تعلم القراءة والكتابة وقراءة القرآن على يد والده الملا قبل دخول المدرسة فسبق أبناء جيلة بعدة سنين وحين سجل في المدرسة الابتدائية لم يقبلوه قبل ان يصغر عمره عامين ليس هذا فقط إنما "طفروه" مباشرة الى الصف الثاني .. ثم تسلق سلم المجد درجة درجة فابدع في مهنته التي تنقل بسببها في العديد من مدن العراق
مدير الشرطة العقيد جاسم محمد جمعة الخيلاني
مواليد شهربان / المقدادية – قرية العزية للعام ١٩٢٥.. له اخ واحد هو المرحوم الحاج كامل محمد جمعه الخيلاني وله ست شقيقات.
في العام ١٩٣٧ دخل المدرسة الابتدائية في شهربان بعد ان تم تصغير عمره سنتين وقد رُحٌلْ الى الصف الثاني مباشرة لكونه يجيد القراءة والكتابة حيث كان والده ملا ورجل دين يعلم الأطفال القراءة والكتابة وقراءة القرآن كما كان سائدا آنذاك وحتى بداية القرن المنصرم .. لقلة المدارس وان وجدت فهي في المدن الرئيسية.
من زملائه في المدرسة في نهاية العشرينات من القرن المنصرم السيد موفق سعيد لفته والدكتور مظفر زبير والسيد مصطفى عمران اغا والسيد عدنان ابراهيم الأمين وكان مدير المدرسة (المقدادية الابتدائية) آنذاك الأستاذ شعبان رمزي الداغستاني ومن المعلمين المربي سعيد علوان الفحل والمربي خطاب عمران اغا (وهم نواة التعليم الحديث في شهربان).
في العام ١٩٤٢ أنتقل الى المدرسة المتوسطة في بعقوبة وسكن في القسم الداخلي الملحق بالمدرسة .. حيث ان العديد من طلابها هم من مدن لواء ديالى الاخرى وهي المدرسة المتوسطة الوحيدة في ديالى آنذاك.
في العام ١٩٤٧ تم قبوله في اعدادية الشرطة – الدورة الرابعة بتزكية من السيد شمس الدين خالص الداغستاني .
في العام ١٩٤٩ تخرج من اعدادية الشرطة بدرجة مفوض وعين بوظيفة مأمور مركز في لواء المنتفك (الناصرية) براتب قدره ٨ دنانير (ما يقارب ٤.٥ مليون بسعر دينار العراقي الحالي !!) .. مأمور مركز وظيفة قيادية مهمة جدا في ذلك الزمن.
في العام ١٩٥٤ تزوج من السيدة تماضر سعيد لفتة القرغولي ابنة الوجيه الشهرباني سعيد افندي (باش كاتب محكمة شهربان وكان من تجار التبغ آنذاك في سوق شهربان القديم) ..
هي اخت المرحوم المحامي عبد الكريم سعيد لفتة والمرحوم المحاسب القانوني موفق سعيد لفتة والمرحوم العميد فاروق سعيد لفتة والمرحوم يعرب سعيد لفتة القرغولي مدير شركة الخشب والحديد في لواء كركوك.
بداية حياته الوظيفية عمل بدرجة مأمور مركز في عدد المدن العراقية حيث بدأها في مدن الجنوب العراقي.
عقيد الشرطة جاسم محمد جمعة الخيلاني له خمسة من الابناء ( ولدان بمنتهى الكمال وثلاثة بنات ~ هنَْ ثلاثة نخلات شهربانبات سامقات )
العقيد جاسم محمد الخيلاني شخصية معبأة بالقيم والمثل الإنسانية بأرقى معانيها ..
لقد كانت علاقة مثالية تكللت في بناء اسرة مترابطة متحابة متوازنة في علاقاتها مع القريب والغريب .. وما لفت انتباهي انه لم يخفي وهو الرجل الشرقي ~ مشاعره تجاه زوجته وعلمت حين فارقت الحياة فإن أخر كلمات نطق بها وهو يودعها " لقد خسرت الصديقة الغالية قبل ان أخسر الزوجة والحبيبة " .. من النادر سابقاَ ان تجد رجل يبوح على العلن بما اباح هذا الرجل الفارس ..
الرجولة في أسمى معانيها .. وهذا ليس بغريب عليه فهو صاحب كاريزما نافذة وترك اثراً اينما حل او عمل .. انه رجل يحمل كل خصال الفرسان.
نحن لسنا متعنصرين مناطقيا لكننا نعشق مدينتنا وشاختها وبساتينها وعطر القداح وورد الارجوان في اشجار رمانها، ونفتخر بأعلامها ورموزها ويحتلنا الحنين لبوابات مدارسنا وملاعب الطفولة ودروب عشقنا وتراب الدرابين ..
ندرك تماما بان حبنا للوطن يبدأ من شوارع شهربان .. وان كان العراق لوحة جميلة~ فإننا نفتخر بان مدينتنا هي أحد ألوان ذلك القوس قزح الفسيفسائي الجميل.
أصدقائي الغالين أهل شهربان ..
حيوا هذا الرمز الشهرباني فهو مازال يتمتع بكامل الصحة والعافية وهو في الخامسة والتسعين من العمر أطال الله عمرة .. انه يتمتع بذاكرة ممتازة ومحيا اجتماعي باهر ورجل متكلم .. سوف يمر على مشاعركم .. لنغرس شتائل الفرح حوله
السيد العقيد جاسم محمد جمعة الخيلاني .. أبن شهربان يقف في بداية الطابور وتحية عسكرية.
الانتقال الى مقال اخر للكاتب من هنا