مملكة أشنونا
شذا العبيدي
مملكة إشنونا هو الإسم القديم لتل أسمر الأثري ، وهي إحدى ممالك الدولة السومرية وكان مركزها في تل أسمر الواقع حاليا في محافظة ديالى شمال شرق بلاد سومر قرب مدينة بعقوبة في العراق ، تاريخها يعود إلى الفترة (2028) ق م و شيدت بين نهري دجلة و ديالى ، وتحيطها سفوح جبال زغروس الشرقية ، حيث كانت عاصمة لدولة تدعى واروم
لقد ذكر العالم الآثاري طه باقر أن قانون مملكة أشنونة الذي عثر عليه في تل حرمل هو أقدم القوانين التي جاءتنا من العراق القديم ، وكان يعرف قانون حمورابي أو مسلو حمورابي إلى زمن قريب بأنه أقدم شريعة في تاريخ البشر ، ثم يدل هذا الرأي بعد إستكشاف أجزاء من قانون سومري يعود إلى الملك لبت عشتار فأصبح قانون تل حرمل أقدم شريعة كشف عنها البحث حتى الآن الذي يسمى قانون مملكة إشنونة ، وقد ظلت هذه الدويلة قائمة إلى أن ضمها حمورابي إلى دولته الكبرى عام 1761 ق م
قانون أشنونا أو قانون بلاد بلالاما نحو عام 1930 ق م هو متقدم على قانون حمورابي بحوالي نصف قرن من الزمن ، و بلالاما هو ملك لمملكة إشنونة ، و عثر على القانون في لوحين من الطين في حفريات آثار تل حرمل ، ولم يكتشف علماء الآثار سوى إحدى و ستين مادة فقط من مواد القانون ، و يظهر أن مشرعها كان قد إهتم ببعض المسائل الإجتماعية ومن ذلك وضع حد أدنى لإجور العمال و تسعير بعض السلع و تقسيم المجتمع إلى طبقات ثلاث هي :
ـــ الأحرار
ـــ المسكينوم
ـــ العبيد
و المواد القانونية التي عثر عليها في منطقة تل حرمل ( قرب بغداد الجديدة ) في العراق عام 1945 م من قبل طه باقر العالم الأثري ، و تحتوي المواد القانونية أحكام مختلفة في السرقات و الإعتداء و الديون و الأحوال الشخصية و الإجور و الأسعار و البيع و الشراء إلى غير ذلك من الشؤون القانونية وبما أن القانون المكتشف في تل حرمل أقدم زمنا من حمورابي بنحو قرنين فيكون أقدم شريعة كشفها البحث حتى الآن
اللوحين الهامين يتضمنان شريعة قديمة مدونة باللغة البابلية و تبين أنهاوضعت قبل شريعة حمورابي ب 50 عاما و أطلق عليها قانون إشنونا لأنه لم يعرف إسم واضعها لحد الآن ، القوانين مكتوبة بالآكدية و تتألف من لوحين أ و ب في 1948 م قام ألبرخت كتية من جامعة بل بترجمتهم و نشرهم ، كذلك رئوفن يارون من الجامعة العبرية في القدس قسم المخالفات في قوانين إشنونا الى خمس طوائف :
ــ السرقة و المخالفات المتعلقة بها
ــ الحجز الكاذب
ـــ إعتداءات جنسية
ــ جراح جسدية
ــ أضرار من ثور هائج وما شابه
في محافظة ديالى هناك تلال مبعثرة تتفيأ بحرارة الشمس و تستظل بضوء القمر ... هي بقايا مملكة إشنونا .... جلال صمتها يوحي بصورة جلية عما إحتوته من كنوز ثمينة ..... مكتبات عامرة برقم طينية فيها من المعادلات الجبرية و النظريات الهندسية ما سبقت فيثاغورس و إقليدس بألف عام على الأقل ومن المرور بالتاريخ القريب و إكتشاف اللوحين المدونين باللغة السامية البابلية و يسبق شريعة حمورابي بقرن و نصف القرن ، و حضارة هذه المنطقة في العصر الحجري المعدني و شملت الأراضي الخصبة بين مثلث دجلة و ديالى و سفوح مرتفعات زاجروس شرقا و تعد من الدويلات المهمة في العصر البابلي القديم ، وقد جاورت دولة أشنونا بلاد عيلام و بلاد آشور و بلاد أكد مما جعلها ذات أهمية خاصة في تاريخ حضارة وادي الرافدين ، و تأثيرها الحضاري و الإقتصادي بالجهات الشمالية الشرقية و بلاد سومر و أكد من الجنوب حيث إلتقت حضارة وادي الرافدين بالتأثيرات الثقافية الآتية من الجهات الأخرى لذا تميزت حضارة هذه المملكة بخصائص محلية إضافة إلى طابع حضارة وادي الرافدين العامة ، ومن الخصائص المحلية أسماء بعض الآلهة و أسماء ملوكها و حكامها لا سيما في فترة العهد البابلي القديم ، فبعضها أسماء سامية و بعضها من أصول عيلامية حورية ، وكانت مملكة أشنونا تابعة إلى ملوك الدولة الأكدية ثم من بعد فترة الحكم الكوتي الى ملوك سلالة أور الثالثة ، ثوجد في منطقة ديالى بعض المواقع الآثارية التي تمثلت فيها الحضارة السومرية بصورة جلية وتل أسمر و خفاجي و إشجالي وتل أجرب ، حيث عثر فيها على مخلفات جميلة من العصور السومرية الأولى والتي تسمى بعصور فجر السلالات 2900 ـ 0432 ق م أو عصر دويلات المدن السومرية ، وقد عثر في معبد والإله آبو على تماثيل وبعض المخلفات المعمارية تعود لسلالة أور الثالثة ( 2125 ــ 5202 ) ق م منها معبد سن و قصر الحاكم و معبد عشتار كتيتوم ، وعند إنهيار دولة سلالة أور الثالثة عادت البلاد ثانية إلى عصر دويلات المدن ، وهذا يسمى بعصر إيسن ـــ لارسا ( 2025 ــ 3671 ) ق م وهما دويلتان قويتان تأسستا في جنوبي العراق و تضاف لهما دويلة بابل ، و مركزها مدينة بابل و دولة إشنونا و عاصمتها في موقع تل أسمر في المناطق الواقعة على الحدود العراقية السورية حاليا ، و كانت المدينة عبارة عن معهد علمي كبير عثر فيه على أكثر من ثلاثة آلاف رقيم طيني مكتوب بالمسمارية و آثار كثيرة أخرى إحتوت الرقم على قوائم بأسماء المدن و الجبال و الأشجار و الحيوانات و معاجم باللغة السومرية و الأكدية و أهمها قاطبة كانت الرقيم التي إحتوت على المسائل الرياضية و الجبرية و الهندسية و فيه الرقيم المعروف الذي إحتوى على النظرية الهندسية التي عرفت فيما بعد بنظرية فيثاغورس و أخرى بنظرية إقليدس في حل المسائل الهندسية بالطرق الجبرية وهي أقدم من فيثاغورس و إقليدس بألف عام على الأقل ، كذلك عثر على المتواليات العددية بأرقام كبيرة جدا و كذلكعلى قوانين مهمة جدا عرفت ب ( قوانين مملكة إشنونا ) التي سبقت قوانين حمورابي بنحو قرن و نصف من السنين ، و يؤكد الآثاريون أن كنوزا أثرية مازالت تتوسد ثرى أرض مابين النهرين وإن ما أكتشف حتى الآن لا يشكل إلا نسبة قليلة جدا وهو تأكيد على عمق و أصالة حضارة العراق ، أما تاريخ التنقيبات الآثارية لمملكة إشنونا أستغرقت ست مواسم ( 1930 ــ 1936 ) و أنتج الكشف عن جملة من المدن و المباني وجود عدد من القرى الأثرية وهي :
ــــ تل أسمر
ــ تل خفاجي توتب
ــ تل أشجالي نيريتم
ــ تل حرمل شديم أو شادويوم
ـــ تل الضباعي زارلوا
ــ تل أجدب تل عقرب
أشنونا هي قبيلة آمورية جاءت من بلاد الشام ضمن الموجة البشرية الأولى و إستوطنت المنطقة التي عرفت بإسمها و كونت إماره ، و مملكة إشنونا من المدن المهمة في العصر البابلي وتقع في مثلث الأراضي الخصبة المحصورة بين نهري دجلة و ديالى و أمتدت ضواحيها حتى حدود بغداد الحالية وقد كشف فيها زهاء 5000 لوح كتابي ، تشير النصوص أن منطقة أشنونا هي أول المناطق التي خرجت عن سلطة أور الثالثة في البينه الثانية من عهد آخر ملوكها آبي ــ سين ولموقعها المهم أصبحت في مقدمة الممالك التي سعت لإستقلال سلطة سلالة أور الثالثة أو ؟أ؟كد ( أتوريا ) آخر الحكام التابعين و قامت بإستبدال التقويم السومري بتقويم خاص بها مع ذلك عثر في تقاويم أشنونا على تقاويم تعود الى سلالة أور الثالثة أستخدمت في المدن التابعة لها كتقويم رسمي لأشنونا ، وقد أطلق حكامها على أنفسهم لقب ( خادم الإله تشباك ) بدل خادم ملك أور ، وكان قانون إشنونا الأصلي مدون على مسلة حجر ، وقد وردت المقدمة وقد نال منها التلف و لحقه بعض التشويه ، إن زمن اللوحين ليس بزمن واحد بل لها زمنان يؤرخان بها و ذلك لأن ثبت هذين اللوحين نسختان عن قوانين أقدم زمن و بذلك يكون لتاريخها زمان ، الأول هو عهد الإستنساخ أو النقل و الزمن الثاني هو عهد القوانين الأصلية ويبقى زمن الطبقة التي وجد فيها أي زمن إستنساخها و أن يستمر الى أكثر من قرنين من الزمان .
موقع من بلادي
تل أسمر
الاستاذ احمد اثار
يقع على بعد 30 كيلو متراً جنوب بعقوبة مركز محافظة ديالى ضمن ناحية أشنونا(بهرز) في القطعة المرقمة( 1 مقاطعة 21 تل أسمر) وهو تل مترامي الاطراف وهو بأبعاد 200 م طولاً و200 عرضاً واعلى نقطة فيه تتراوح بأرتفاع 3-4 م وتحيط به العديد من التلول التابعة له من جميع الجهات .وهو مركز مملكة اشنونا وهي المملكة التي قامت في المثلث المكون من الاراضي الخصبة مابين ديالى شرقا ودجلة غربا وتقع اطلالها على بعد 50 ميلا شمال شرقي بغداد وهي من اغنى الاقاليم التي ازدهرت في العصر الاكدي وفي عهد سلالة اور الثالثة ومن مراكزها الرئيسية تل خفاجي وأشجالي وتل أجرب وكذلك تل حرمل وتتبع كلها ادارياً الى محافظة بغداد حاليأ..عملت فيه بعثات تنقيبية لمواسم متعددة منها بعثة جامعة شيكاغو الامريكية سنة 1934 واخر تنقيب في الموقع كان في سنة 2002 بعثة تنقيب عراقية.
وكشفت التنقيبات فيه ولمواسم متعددة عن ادوار حضارية من بينها مايعود الى عصر فجر السلالات ,وأظهرت التنقيبات مجموعة من النصوص والوثائق المدونة وألواح طينية مثلت عقودا ووثائق تجارية وقانونية واقتصادية ورسائل وجملة الواح رياضية مهمة ونسخة من الشريعة التي يرقى زمنها الى أوائل العصر البابلي القديم (1900 ق م-1850 ق م) والتي عرفت بشريعة او قانون اشنونا,وكذلك فقد كشفت التنقيبات عن جملة معابد من عصر فجر السلالات خصص منها لعبادة الاله (ابو)أو (أيا) وتم الكشف كذلك عن مجموعة من الاختام الاسطوانية ومجموعة كبيرة من الدمى الفخارية.
ان موقعها الجغرافي الذي حدد بالنسبة الى بلاد الرافدين من مجاورتها لبلاد عيلام وبلاد آشور وبلاد أكد جعلها ذات اهمية خاصة في تاريخ حضارة وادي الرافدين
تميزت حضارة هذه المملكة بخصائص محلية بالإضافة الى طابع حضارة القطر العامة ومن هذه الخصائص المحلية اسماء بعض الالهة وعلى رأسها كبير الالهة المسمى (تشباك) وأسماء ملوكها وحكامها بعضها سامية وبعضها من اصول عيلامية وحورية وكانت منطقة اشنونا تابعة الى سيطرة ملوك الدولة الاكدية ثم بعد فترة الحكم الكوتي الى سيطرة ملوك سلالة أور الثالثة.