من الموروث العربي
بقلم الاستاذ خوام الزرفي
أن الفائدة التي نتعلمها من التاريخ أننا نستفاد من تجارب الاخرين عند العودة الى الموروث التأريخي العربي والعالمي فنرى فية قصصاً واليوم نغوص في اعماق المسؤول والحلم.
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {لقد كان في قصصهم عبره لاولي الالباب}
يؤكد الله ان القصص التي وردت في القران الكريم هي عبره للناس منها يستنبطون الاحكام وفيها فائده للحياة، وفي حديث لرسولنا محمد صل الله عليه ويسلم يقول فيه (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
نعود لنخوض في أعماق الموروث العربي لنجد هنالك رجل حاز صفات بقيت خالدة في التاريخ هو "معد ابن زائده الشيباني" كان قائداً مقرباً في زمن الدوله الامويه، وغدا في الدوله العباسيه كان امير...
له صفات قل من حملها شجاعه لامتناهيه وكرم حاتمي ولكن هناك ميزه اعطت له صفه غير موجوده في الامراء وهي "الحلم" لنا في قصته مع الاعرابي دروس قيمه لايذكر التاريخ شاهد مثلها.
دخل عليه أعرابي مدفوعاً رهان 100بعير تدفع له أن اغاض الامير معد بن زائدة حين كان والياً على اليمن، دخل ذلك الاعرابي على معن أبن زائدة قائلاً له ابيات شعرهجاء:-
أتذكر إذ لحافك جلد شاة
وإذ نعلاك من جلد البعير
قال معن: أذكر ذلك ولا أنساه...
فقال الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك ملكًا
وعلمك الجلوس على السرير
قال معن: سبحانه على كل حال...
فقال الأعرابي:-
فلست مسلمًا إن عشت دهرًا
على معنٍ بتسليم الأمير
قال معن: يا أخا العرب السلام سنة تأتي بها كيف شئت...
فقال الأعرابي:-
سأرحل عن بلاد أنت فيها
ولو جار الزمان على الفقير
قال معن: يا أخا العرب إن جاورتنا فمرحبا بك، وإن رحلت مصحوب بالسلام...
فقال الأعرابي:-
فجُدْ لي يا ابن ناقصةٍ بشيءٍ
فإني قد عزمت على المسير
قال معن: أعطوه ألف دينار يستعين بها على سفره...
فأخذها الاعرابي وقال:-
قليل ما أتيت به وإني
لأطمع منك بالمال الكثير
قال معن: أعطوه ألفًا آخر...
فأخذها الأعرابي وقبَّل الأرض بين يدي الأمير وقال:
سألت الله أن يبقيك ذخرًا
فما لك في البرية من نظير
فقال معن: من قد أعطيناه على هجائنا ألفي درهم فأعطوه على مديحنا أربعة آلاف، فأخذ الأعرابي المال وانصرف شاكرًا له ومعجبًا بحلمه العظيم.
معن وبعض أهل الكوفة، بعد ان عيره ذلك الاعرابي بلحافه من جلد شاة ومن نعله من جلد البعير والجلوس على السرير قال له في الاخير- فجدلي يا ابنة ناقصة بمال- حتى في امه عيره من منا يتحمل مثل هذا.
الخالد معن وهو امير... ورغم ذلك اكرمه... هل تستطع ان توجه نقداً لمسؤول وحتى اذا كنت صاحب حق ... ان تنال منك شرر الحاشيه وليس المسؤول فقط، وتصبح حياتك جحيما بعد ان نطقت بالحق!!
في ميراثنا وديننا الكثير على تبني مثل هذه المواقف؛ يقول الامام علي (ع) العفو عنوان النبل، وشر الناس من لايعفو عن الزله، ومن لم يحسن العفو اساء الانتقام، التسامح من الاخلاق الجميله التي يتحلى بها الانسان فالتسامح جزء من العدل لا بل العدل كله.
في الشعوب امثله؛ مثل انكليزي~ اشرف الثار العفو، وهناك مثل فارسي ~ في العفو لذه لاتجدها في الانتقام.
من تاريخ العرب ان هناك وفداً وفد على عمر ابن عبد العزيز؛ الذي اشتهر بالعفو والحلم~ راى عمر ان الوفد يتقدمه شاب قال عمر:-
الم يوجد من هو اكبر منك ليتكلم... قال: له الشاب لو كانت بالعمر لكان هناك من يجلس مكانك... صمت عمر.
قام (الحبربشيه) الحمايه من يريد الفتك به! قال عمر: اتركوه لقد اخرسني الحق وانطقه!والله سبحانه وتعالى يذكر {خذ العفو وامر بالمعروف}.
هذه دروس لكل من يتولى مسوؤليه حتى لو كان رب اسره او عامل او معلم او قاضي او سلطه تنفيذيه وفي كل صفحات الحياة اليوميه؛ ليعدل ويسامح.
يذكر غاندي ان الضعيف لايمكن ان يسامح، ويقول اذ كان لديك غرور ان تتجاهلني انا لدي كبرياء تجعلني انسى من انت وهي رد على غطرسه المسؤول وتعاليه.
من امثله التاريخ ان احدهم قام وقال للخليفه عمر بن الخطاب~لو راينا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا... من اين نجد شجاعه هذا المواطن وحلم هكذا خليفه...ولو الاسلوب توارثناه بدل الحجه والدليل والبرهان، نتجه للعنف وسفك الدم.
نعيش ايام الشهر الفضيل دعوه للتسامح والعفو، وللمسؤول ايا كان نذكره بقول الله سبحانه وتعالى ((وقفوهم انهم مسؤولون)) يوم يقف الناس امام عادل ليأخذ الحق لمن ظلم ويعاقب الفاسد بما افسد وهدر دما ومالا.
المسؤوليه امانه وخدمه وليست التباهي والاستغلال والثراء، حفظ الله العراق واهله الطيبون ورمضان كريم لكل من مر على السطور وانتقد مابيها من لم يعجبه...
<<سابق ... موضوع اخر... لاحق>>