مشروع امريكا في العراق
فقط مشروع الانتخابات
لم يكن امام الادارة الامريكية وجيشها مؤشر لتقدم مشروعها في العراق غير الانتخابات واساساً لم يكن لامريكا مشروعاً في العراق ولذلك اصبحت الانتخابات العراقية مشروع امريكا ومقياس لها.
تدعي امريكا من خلال انجازها لانتخابات سريعة الطبخ بانها تتقدم لبناء الديمقراطية في العراق مع ان الاوضاع المتدهورة اكدت وتؤكد ان العراق لا يمضي لديمقراطية حقيقية وناضجة، باسس صحيحة بل يمضي لعنف يتعاظم ويزيل بقايا الدولة ومؤسساتها حتى اصبحت الانتخابات غاية وليس وسيلة لغاية بناء دولة.
اكتشفت الادارة الامريكية بانها تورطت في غزو العراق وباحتلاله، انزلقت نحو مستنقع اسقط قوتها ونموذجها ويهدد نفوذها في المنطقة وخسارتها لحلفائها.
لذلك ركزت على انتخابات شكلية باسوء المعايير وادنى المواصفات وسط اجواء لا تصلح لاجراء انتخابات يمكن ان تلبي ابسط شروط النزاهة والاستقلالية.
تعتمد قيمة الصوت الانتخابي وارادة الناخب بحرية الانتخاب يشارك فيها الجميع بفرص متكافئة بعيداً عن التاثيرات الطائفية والعنصرية والسلطوية يمكنها ان تنتج سلطات وحكومة تتطابق مع معتقد المجتمع في بناء دولة مدنية هي السمة الاساسية للعراق كبلد ومجتمع.
كان الاستهداف للناخبين لدفعهم بتحدي واصرار لممارسة ديمقراطية ظلت تسوق بان الانتخابات هي الحل للخلاص والانقاذ من الفوضى والعنف لبناء نظام ديمقراطي وحكومة قوية بالقانون والمؤسسات.
تكررت الممارسة مرات ومرات وبنفس الاسلوب وبذات النتائج التي يتذرع الفائزون بالاوضاع، من عنف وارهاب وتدخلات قوى دولية واقليمية، ووجود شركاء معارضين وهي مبررات تدحض ادعائاتهم بان الانتخابات مقياس للنجاح.
ظلت الانتخابات مرتكزة على عملية سياسة تنتج سلطات ضعيفة لا تسعى لبناء دولة بل سلطة شرعيتها ضعيفة لوجود رفض من مكونات وفئات وشرائح وقوى داخلية واقليمية مما دفع السلطة التي تنتجها الانتخابات الى البحث عن دعم خارجي.
لانها سلطة شجعت على نمو غير متوازن في ادارة الدولة وهذا دفع لاعاقتها واحتمالات سقوطها في اي لحظة مما يعني فشل للمشروع الامريكي الذي يزعم بناء دولة ديمقراطية.
بعد صعود الديمقراطيين في امريكا قرر اوباما الانسحاب الاخلاقي ولم يكن سوى انسحاب من تورط باسلوب التراخي والتراجع عن مزاعم التقدم الامريكي في العراق وبمؤشر الانتخابات الواهم فكان التراخي والانسحاب اسوء من التورط واخطر منه.
اجريت انتخابات 2010 وابعدت الكتلة الفائزة لتؤكد زيف مقياس الانتخابات وعند انتخابات 2014 حاولت امريكا انقاذ ماء وجهها بعد تدهور الاوضاع في المنطقة والعراق وسيادة الفوضى التي تهدد النظام العالمي...
فكان سقوط الموصل واجتياح داعش صعقة للعملية السياسة وللانتخابات بها عادت امريكا باسلوب اخر بعيد عن التورط وقريب من الوجود بشرعية الطلب من قبل الحكومة العراقية كمنقذ من السقوط في فخ الارهاب.
جرت اسوء انتخابات في سنة 2018 بمقاطعة تكاد تكون شاملة الا ان حكومة ترضية سياسية ودولية تشكلت بتاثير قوي لايران، وضعيف لامريكا.
فبدأ موقف امريكي ودولي اخر بمعتقد ان الانتخابات ليست مؤشر نجاح فالبيئة غير ملائمة واحزاب السلطة تتلاعب بالبيئة الامنية ليتاح لها التلاعب بالنتائج وهذا افقد الانتخابات المعايير الدولية وافقدت قيمة الصوت.
سقطت حكومة الترضية باحتجاجات تشرين ليدخل العراق منعطف جديد ومصيري، دفع امريكا وحلفائها الاوربيين للبحث عن مقياس اخر للحكم على الاوضاع.
نفس الانتخابات التي كانت مؤشر لنجاح امريكا ولا تملك غيره اصبحت وستصبح الانتخابات وسيلة للحكم بفشل الطبقة السياسية في بناء دولة وترويض جيل جديد لن يقبل الا بانتخابات تفرز طبقة سياسية جديدة قادرة وبرغبة واستعداد وقدرات لبناء الدولة وليس عملية سياسية.
الانتخابات القادمة قد تفضي لمتغير مهم يؤدي لتشكيل حكومة انتقالية هي الاقرب لحكومة انقاذ وطني صنع بيئة تصلح لبناء دولة تتطابق مع معتقدات المجتمع الطامح للمدنية ودولة المؤسسات والعدالة والحقوق والواجبات وتمهد بعد تنقية البيئة لانتخابات تفرز جيل من سياسيين وطبقة جديدة تفرز وتزيح كلما علق بالدولة من زعماء عنف وفساد...