ملاك بساتين مدينة شهربان
بقلم ابن شهربان
في بحث قدمه الاستاذ الباحث والكاتب والبروفيسور ابن شهربان عن ملاك بساتين شهربان واختار في الجزء الثاني من البحث" عائلة بيت الاورفلي تلك العائلة التي تمتلك بساتين سميت بأسم العائلة.
سمعنا كثيراً بهم .. والبعض منا يعرف بان لهم املاك واطيان في مدينة شهربان واغلبنا يعرف بان لهم بستان اسمه بستان الاورفلية وعلى حافة شارع المحطة شُيد مسجد اسمه جامع الاورفلي ..
لكن ربما اغلبنا لم يرى أحداً منهم والقليل منا يعرف من هم وكلائهم .. وأنا في صباي كنت اظنهم احد العوائل الشهربانيه القديمة والثريه وقد غادروا مدينة شهربان قبل ان أولد.
علمت الان بان الحاج عدنان نشأت الاورفلي أحد رموز هذه العائلة العريقة قد سكن مدينة شهربان قبل ان ينتقل الى مدينة بغداد .
أورفه (الرها)...مدينة عربية جميلة لها حكاية مؤلمة مثل حكاية الاحواز او حيفا او الاسكندرونة ..
مدن معظم سكانها من العرب لكنها صارت خارج البلدان العربية بفعل ظلم الجغرافية وتعسف الحروب وسقوط إمبراطوريات واقطار ..
اورفا مدينة عربية من ضحايا الحرب العالمية الأولى .. هي حاليا مدينة تركية تقع قرب المثلث العراقي السوري التركي الى الشمال الشرقي من مدينة حلب تبعد عن الحدود السورية بحدود ٥٠ كيلومترا ..
العديد من المصادر التاريخية تشير الى أنها كانت تابعة الى ولاية الموصل ولكن بعد سقوط الامبراطورية العثمانية واقتسام تركتها أصبحت تابعة للدولة التركية ..
اغلب سكان اورفا ومن حولها هم من القبائل العربية ومازالوا يتكلمون اللغة العربية ومازالوا يمارسون نفس العادات العربية في الاعراس والاعياد وباقي المناسبات الدينية.
وانا باستمرار ادخل على مواقعهم للتمتع بمضائفهم و بدبكاتهم وأغانينهم التي مازالت على نفس النمط القديم لم تتغير وتشبة عاداتنا ايام الزمن الجميل .
بيت الاورفلية المشهورين في العراق وخصوصاً في مدينة بغداد ومحافظة ديالى والذين سمعنا كثيرا بهم في شهربان وقصباتها على الخصوص لكننا لم نرى احداً منهم هم اصلاَ من منطقة أورفة ..
اسرة عربية الأصل تنتمي الى عشيرة عبادة العدنانية القريشية سكنت مدينة الرها (أورفة) ومنها أخذت لقب الاورفلية ..
في العام ١٨٦٣م، عميد ومؤسس الاسرة الاورفلية في العراق قدم الى مدينة بغداد مع السلطان العثماني مراد الرابع حينما قاد حملته لتحريرها من الاحتلال الفارسي وقد كان الاورفلي قائداً لأحد فصائل الجيش العثماني ..
بعد انتهاء المهمة اختار البقاء فاستقر في بغداد منطقة الحيدرخانة ومع تقادم حقب السنين تكاثرت العائلة وتوسعت في مدينة بغداد ..
في العام ١٨٨٢م احد احفاده، وهو السيد عبد الرحمن بن علي اشترى ارضاً قرب ساحة التحرير/ حي السعدون حالياً وزرعها باشجار النخيل والحمضيات وعرفت لاحقا " بستان الاورفلي".
الذي قسمته العائلة فيما بعد وحولته الى حي سكني قرب ساحة التحرير؛ يمتلك أحفاده فيما بعد اراضي شاسعة في بغداد وديالى ومنها بساتينهم في مدينة شهربان؛ هناك في بغداد احياء كاملة باسمهم مثل محلة الاورفلية وغيرها ..
لقد برز من هذه الأسرة العريقة اشخاص من النساء والرجال عملوا في المجالات المختلفة منهم العسكريين والمدرسين والقضاة والمحامين والأطباء والصيادلة والمهندسين والاداريين والفنانين ودرس العديد منهم في خارج العراق وعادوا لخدمة العراق ..
لكن اكثر من نال شهره وجاه منهم هو السيد محمود سامي بك بن نجيب بن عثمان آغا الاورفلي وابنته السيدة التدريسية / الصيدلانية ساهرة الاورفلي.
ولد السيد محمود سامي بك بن نجيب بن عثمان آغا الاورفلي في دمشق سنة ١٨٨١م توفي والده وهو مازال في السادسة من العمر فكفله أعمامه ..
درس في الكلية العسكرية / اسطنبول ثم أكمل دراسته العليا وتخرج من كلية الأركان؛ التحق بالجيش التركي ثم الجيش العربي ثم انضم الى الضباط الأحرار الثائرين على حكم الاستعمار البريطاني وقام بتدريب ثوار ثورة العشرين على أستخدام الاسلحة وحفر الخنادق واساليب القتال ..
له عدد من المؤلفات والكراريس العسكرية ومنها "أسلوب تعليم نظامات الفصيل" الذي تم طبعه في بغداد عام ١٩٢٢م وهو من المواضيع التي تدرس في الامور العسكرية ..
الى جانب اللغة العربية كان يتقن اللغات الانكليزية والفرنسية والتركية والالمانية ..
وعند عودته الى بغداد وتأسيس الحكم الوطني في ١٠ /٨ / ١٩٢١ عين قائداً لأول فوج في الجيش العراقي" فوج موسى الكاظم" ومقره الثكنة الشمالية في بغداد...
كان برتبة مقدم ركن وصدرت الارادة الملكية بتصديق رتبته في الجيش العراقي وتم نشرها في جريدة الوقائع العراقية ..
في مختلف حقب الحكومات العراقية التي تعاقبت منذُ استقلال العراق في العام ١٩٢٠ عرضت عليه العديد من الوظائف والمناصب المرموقة في الدولة ومنها مناصب وزارية لكنه رفض العمل في حكومات غير وطنية يسيرها المستعمر الأجنبي ..
السيد محمود سامي الاورفلي كان عضوا في جمعية العهد العراقية التي تأسست في أواخر عام ١٩١٨ وحضر الاجتماع التاريخي الذي عقد في دار السيد نوري السعيد في محلة الشهداء ..
وهو ذلك الاجتماع الذي تم خلاله إعلان استقلال العراق بحدوده الطبيعية المعروفة وإعلان اتحاد العراق مع سوريا اتحاداً سياسياً واقتصادياً ونادى بالأمير "الملك فيما بعد" عبد الله بن الحسين ملكاً على العراق والأمير زيد نائباً للملك ..
بعد التقاعد اشتغل في الزراعة إذ اشترى قطعة أرض في اطراف بغداد وغرسها بالنخيل والأشجار وفي سنة ١٩٥٧ قام بتأسيس مدينة الاورفلية الجديدة على قطعة أرض تبلغ مساحتها ١٢٥٠ دونما تقع في أطراف مدينة الثورة ..
تم تقسيمها الى قطع سكنية وبيعها الى المواطنين بأسعار زهيدة وخصص جزءاً منها لبناء مسجد كبير باسمه ولكن وافاه الأجل قبل إكمال بنائه حيث تم إكماله لاحقاً ..
وربما في هذه الفترة الزمنية من حياته امتد وتوسع وتملك عدد من البساتين في شهربان وقراها.
السيد محمود سامي بك الاورفلي تزوج من ابنة عمته المرحومة سارة عبد الحميد "البزركان شقيقة السياسي المناضل علي البزركان أحد أعلام ثورة العشرين.
أنجبت له ولده البكر المحامي غازي الاورفلي والمربية الفاضلة لميعة الاورفلي مديرة الثانوية الشرقية للبنات في بغداد.
والصيدلانية ساهرة محمود الاورفلي (ولدت في بغداد يوم ٢٠ /٩ /١٩٢٨... درست مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها ثم أكملت كلية الصيدلة في العام ١٩٥١...
عملت في جامعة بغداد حيث قامت بتدريس مادة الكيمياء الحياتية في كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة والعلوم والزراعة والتمريض معهد الطب الفني حتى تقاعدها عام ١٩٨١ زوجها الدكتور علي الزبيدي..
بعد الاحتلال الأمريكي لبغداد في العام ٢٠٠٣ تأثرت العائلة جداً وهاجرت الى دولة الامارات ومعهم السيدة ساهرة الاورفلي والتي بقت تنوح على العراق حتى وافاها الأجل في ٨ / ٥ / ٢٠٠٩ ودفنت هناك ~ خارج مدينة بغداد التي عشقتها...
السيد محمود سامي بك بن نجيب بن عثمان آغا الاورفلي متزوج من امرأة ثانية تركية الاصل هي السيدة مزين محمد شكري.
فأنجبت له المرحوم المهندس "علاء الدين الاورفلي والمرحوم المحامي "صفاء الدين الاورفلي والمرحوم "ضياء الدين الاورفلي.
ولم يبق من ابنائه الذكور على قيد الحياة سوى المهندس نظام الدين الاورفلي الذي يسكن حاليا في ولاية تنسي الامريكية ..
أما البنات فقد انجبت له السيدة مزين كل من السيدة "ساجدة والمحامية "ماجدة والسيدة "فائزة والسيدة "نجاة الاورفلي .
كما هو الحال مع أغلب وجهاء مدينة بغداد في القرن الماضي أمثال بيت الفارسية وعميدهم عزت الفارسي ..
كان للوجيه السيد محمود سامي بك بن نجيب بن عثمان آغا الاورفلي مجلس عامر في داره الواقعة في منطقة السعدون قرب مبنى القصر الأبيض يحضره الأدباء والشخصيات البغدادية والمسؤولين وطالبي الحاجات ..
انتقل الى جوار ربه بتاريخ ١٧ /٨ /١٩٦١ في فيينا العاصمة النمساوية ونقل جثمانه الى بغداد ليدفن في مقبرة العائلة في الشيخ معروف الكرخي ...
وقد جرى له تشييع عسكري مهيب شاركت فيه العديد من الشخصيات المدنية والعسكرية في مقدمتهم اللواء الركن أحمد صالح العبدي رئيس اركان الجيش والحاكم العسكري في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم .
أل الاورفلية عائلة عراقية كان لها دور مشرف في تاريخ العراق الحديث وكانت حاضرة في أحداثه قبل وبعد ان تشكيل العراق كدولة لها سيادة في العام ١٩٢١ ..
لقد أنجبت هذه العائلة العشرات من النساء والرجال الذين تبوؤا مناصب رفيعة او وظائف مرموقة وخدموا العراق ... ركزت وباختصار على أحد مشاهيرهم .. السيد محمود سامي بك بن نجيب بن عثمان الاورفلي ~ وزوجته السيدة سارة عبد الحميد البزركان وابنتة السيدة ساهرة محمود الاورفلي ..
لهذه العائلة الثرية أملاك وعقارات في بغداد وخارجها ولهم هنا في مدينة شهربان والقرى القريبة بساتين ومنها بستانهم الواقع بين شارع الرمادية وشارع محطة القطار/ أمام سافر.
وقد شيدوا مسجداً فيه على جوار شارع المحطة .. جامع الاورفلي .. وكيل بيت الاورفلية هم بيت السيد فؤاد سلمان (حاولت الوصول لهم ولم افلح)
ملاحظة:-
المعلومات المعروضة هنا هي مختصرة وغير شاملة لكل أفراد ال الاورفلية ومن عنده معلومات يضيفها هنا..
الموضوع ليس بحث علمي مرسل لتعضيد إنما هو منشور بسيط وملخص وانتظر اضافاتكم
المصادر:-
* ذاكرتي الشهربانية.
* جنان النعيمي باحثة في التاريخ والتراث (الكاردينيا).
* قحطان بن محمد نشأت عبد الرحمن الاورفلي (الاسرة الاورفلية في ماضيها وحاضرها)
<<سابق ... مقال اخر للكاتب ... لاحق>>